قصة الأميرة والبازلاء

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب هانز كريستيان أندرسن، والتي عكس من خلالها معنى عميق قد يكون أكثر مما تراه العين بشكل سطحي، وهي رؤية كل شخصية كونها هي ذاتها جزء من جوانب الذات الخفية التي تكمن داخل النفس البشرية.

قصة الأميرة والبازلاء

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الأمراء، هذا الأمير صال وجال في كافة دول العالم؛ وذلك حتى يبحث عن أميرة تناسبه ويتزوج منها، إذ أن ذلك الأمير كان يعيش في تلك الفترة وحيداً ولا يوجد له أحد من عائلته سوى والديه، وقد أراد أن تكون الأميرة التي سوف يتزوجها تملك مواصفات عديدة مثل أن تكون جميلة جداً وتتميز بحسن الخلق وأكثر شيء كان يركز عليه في مواصفات الأميرة التي كان يرغب بالارتباط بها هو أن تكون تلك الأميرة وحيدة لأهلها مثله تماماً.

وفي ذلك الوقت بينما كان الأمير يتجول في أسفاره الكثيرة والتي شاهد بها عدد كبير من الأميرات، وفي كل مرة كان يلتقي بأميرة كان يقال له من قِبل سكان المنطقة أن تلك الأميرة تعيش وحيدة مثله تماماً، وقد التقى بكثير من الأميرات اللواتي يتميزن بأصل ونسب عريق ومناسب له، ولكن الأمير في كل مرة كان يظهر وكأنه يوجد هناك شيء غير صحيح على وجه التمام ولا يشعره بالطمأنينة مع كل لقاء يقوم به مع أميرة.

وبعد تكرار ذلك الأمر بدأ الناس يتحدثون بأن الأمير يبحث عن شيء وفي ذات الوقت يبدو أنه في الحقيقة لا يريد العثور عليه، وفي الكثير من الأحيان كانوا يستهزؤون ويسخرون منه من خلف الأبواب المغلقة، وفي نهاية ترحال وأسفار الأمير قرر في النهاية العودة إلى قصره، وفي تلك الأثناء سيطرت عليه حالة من اليأس والإحباط؛ وذلك نتيجة طول بحثه عن الأميرة المناسبة دون جدوى، ولكن من داخله كانت رغبة الأميرة كبيرة جداً في العثور على تلك الأميرة.

وبقي الأمير على حالة حتى انتهى فصل الصيف وجاء فصل الخريف، وفي ليلة من الليالي بينما كان الأمير جالس يتأمل تساقط أوراق الأشجار هبت عاصفة قوية من جهة البحر، ومن ثم جلس إلى جانب موقد النار على كرسيه المفضل وأخذ بقراءة الكتب، وفي كل لحظة كانت العاصفة تشتد فالبرق يزيد أكثر فأكثر، والرعد من قوته كان يطق بالنوافذ حتى كادت النوافذ تتكسر.

وفي ذات الليلة بعد مضي ساعات بدأت العاصفة تهدأ شيئاً فشيئاً حتى وصلت دقات الساعة حد منتصف الليل، وهنا بدأ يعم الهدوء أكثر حتى أنه بشكل مفاجئ توقفت العاصفة، وفي لحظة ما سمع الأمير أن هناك صوت غريب طرق عند بوابة المدينة، لقد كان الطرق غير مزعج إلى حد ما، إلا أنه بدأ فيه إصرار، وقد سمع ذلك الصوت كافة سكان المدينة وبدأوا يتساءلون بين بعضهم البعض: يا ترى من أين كان قد جاء ذلك الصوت، والغالبية منهم كانوا قد أشاروا إلى أن هذا الصوت يشبه إلى حد كبير تلك العاصفة التي هدأت فجأة، وهنا أوصى الأمير إلى عدد من مستشاريه أن يقوموا بالذهاب عند بوابة المدينة ورؤية من أين جاء ذلك الصوت؟!.

وأول ما وصل جماعة المستشارين إلى مكان البوابة اندهشوا مما شاهدوا، إذ كانت تقف عند تلك البوابة أميرة، ولكن كانت الحالة التي هي بها مزرية ومأساوية للغاية، حيث أنها كانت قد هبت العاصفة وهي تسير في الطرقات مما تسبب في تبلل شعرها وملابسها، إلى وصلت إلى إتلاف حذائها وأصبحت كعوب رجليها خارج الحذاء، وهذا ما جعلها تصاب بعدة جروح بهما، وهنا سألها أحد المستشارين من تكون، فأشارت إليه أنها أميرة، وحينما سمع المستشار ذلك نظرة إليها نظرة استهزاء وسخرية من أعلى إلى أسفل وأخذ بالضحك بصوع عالي، وأول ما لاحظت استهزاء وسخرية المستشار أقسمت له أنها أميرة وأنها لا تكذب.

وفي تلك الأثناء قام المستشارون باصطحاب الفتاة وإيصالها إلى القصر، وأول ما وصلت الأميرة هناك التقت بالملكة، وعندما صرح المستشار أن تلك الفتاة تقول أنها أميرة أجابت الملكة بقولها: سوف نتأكد من ذلك الأمر في القريب العاجل، وهنا أمرت الملك أن يقوم الخدم بتقديم وجبة عشاء ساخنة إلى الأميرة، كما أمرتهم بإحضار ملابس نظيفة.

وبينما كانت الأميرة تتناول العشاء الساخن قامت الملكة بذات نفسها من أجل تجهيز الغرفة التي سوف تقيم بها الأميرة، وأول ما قامت به هو أنها عملت على إفراغ كل فراش السرير، وثم بعد ذلك قامت بوضع حبة واحدة من ثمار البازلاء في منتصف فراش السرير، وبعدها قامت بطلب من الخدم عشرين مرتبة وأخذت بوضعتهم فوق حبة البازلاء، ولم تضعهم بطريقة عشوائية، وإنما رتبتهم واحدة فوق واحدة بطريقة لائقة جداً، وفي نهاية تجهيزاتها للغرفة قامت بطلب آخر من الخدم وهو أن يحضروا لها عشرين وسادة من اللواتي يحتوين على الريش وأخذتهن وقامت بترتيبهن فوق المراتب، وأخيراً قامت ببعض الترتيبات والإجراءات في الغرفة وجهزتها بالكامل.

وبعد أن أتمت الأميرة عشاءها طلبت منها الملكة أن تقوم وتتجه نحو غرفتها من أجل الراحة، وفي صباح اليوم التالي حينما التقيا كل من الملك والملكة مع الأميرة رأوا أنها تبدو أسوأ حالاً مما كانت عليه حين وصلت للقصر، وهنا سألوا كيف كانت ليلتك هل وجدتي الراحة في النوم، فردت الأميرة وقالت: إن النوم على ذلك السرير غير مريح للغاية، وقد بدت أنها متعبة ومرهقة جداً، كما أشارت إلى أنها بالكاد تمكنت من إغلاق عينيها طوال الليل، كما تساءلت أنه لماذا يبدو ذلك الفراش هكذا فهو لا يشبه سريرها، ولا تعرف لماذا يبدو غريباً، وأوضحت أن نومها في تلك الليلة كان يبدو وكأنها مستلقية فوق حصاة صلبة، وبسبب ذلك كان جسدها به بقع سوداء وزرقاء وقالت: إنه لأمر فضيع وأجهشت بالبكاء.

وفي ذلك الوقت حينما سمعت الملكة هذا الكلام الذي نطقت به الأميرة أشارت إلى أنها بالفعل أميرة صادقة وحقيقية، إذ أنه من وجهة نظرها أن الأميرات هن فقط من بإمكانهن الشعور بوجود خطأ ما في فراشهن حتى لو كانت تحت عشرين مرتبة وعشرين سريرًا من الريش، فقد اعتدن على الحياة المريحة والفراش الهانئ والنعيم، وهنا قام الأمير بطلب يد الأميرة للزواج وعاشا حياة سعيدة.

المصدر: كتاب حكايات أندرسن - هانس كريستيان أندرسن - 1876


شارك المقالة: