قصة الأمير أحمد والجنية باريبانو - الجزء الرابع

اقرأ في هذا المقال


قصة الأمير أحمد والجنية باريبانو، (The story of Prince Ahmed and the fairy Paribanou) قصة قصيرة أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنية الزرقاء 1889.

الشخصيات:

  • الأمير أحمد.
  • الجنية باريبانو.

  • الوزراء.
  • الساحرة.
  • السلطان.

قصة الأمير أحمد والجنية باريبانو (الجزء الرابع):

مكث الأمير أحمد ثلاثة أيام فقط في ديوان والده السلطان، وفي اليوم الرابع عاد إلى الجنية باريبانو وبعد شهر من عودة الأمير أحمد من زيارة والده، فقد لاحظت الجنية باريبانو أن الأمير منذ أن حكى لها وصفًا عن رحلته وحديثه مع والده، وكان قد طلب في البداية إذنها للذهاب إلي والده وزيارته كثيرًا ولكن لم يعد يكرر هذا الطلب، ولم يعد يتحدث أبدًا عن السلطان، لذلك انتهزت الفرصة لتقول له ذات يوم: يا أمير أخبرني هل نسيت السلطان أبيك؟ ألا تتذكر الوعد الذي قطعته على نفسك في الذهاب لرؤيته كثيرًا؟ ثمّ أكملت: من ناحيتي لم أنس ما قلته لي عند عودتك، ولذا أردت تذكيرك حتى لا يمر وقت طويل قبل أن تنسى وعدك.
لذلك ذهب الأمير أحمد في صباح اليوم التالي لزيارة والده، وكان أكثر روعة ومعه موكب عظيم، واستمر لعدة أشهر حيث كان يقوم بزياراته باستمرار، ودائمًا ما كان يبدو أكثر ثراءً مما جعل بعض الوزراء المفضلين لدى السلطان، الذين حكموا على ثروة الأمير أحمد وقوته من خلال الحرس والملابس التي تدل على غناه، فاعتقدوا أن السلطان يغار من ابنه، قائلين إنه يخشى أنه ربما سيكسب ودّ الشعب بثروته ويخلعه عن عرشه.
ولكن كان سلطان جزر الهند بعيدًا عن التفكير في أن الأمير أحمد يمكن أن يكون قادرًا على فعل ضار لوالده، فكان دائمًا ما يرد على تلك الشائعات قائلًا: أنتم مخطئون ابني يحبني، وأنا متأكد من حنانه وإخلاصه، لأنني لم أعطه أي سبب ليشعر بالاشمئزاز والكره لي، لكن الوزراء استمروا في الإساءة إلى الأمير أحمد حتى قال السلطان: مهما كان الأمر، لا أعتقد أن ابني أحمد شرير للغاية كما تقنعوني بأنه كذلك، على أي حال، أنا أشكركم لنصائحكم الحسنة التي ربما سببها نواياكم الحسنة وخوفكم علي.
قال سلطان جزر الهند في نفسه: قد لا يعرفون الانطباعات التي تركها حديثهم في ذهني، الأمر الذي أثار قلقه لدرجة أنه قرر مراقبة الأمير أحمد، لذلك أرسل طلبًا لساحرة وقد طلب إدخالها من الباب الخلفي لقصره، وقال لها: عندما يغادر ابني القصر اذهبي على الفور، واتبعيه وشاهديه جيدًا لمعرفة مكان إقامته وأبلغيني على الفور، تركت الساحرة السلطان، وكانت تعلم المكان الذي وجد فيه الأمير أحمد سهمه، ذهبت إلى هناك على الفور واختبأت بالقرب من الصخور، حتى لا يراها أحد.
وفي صباح اليوم التالي خرج الأمير أحمد مع بزوغ الفجر من قصر والده السلطان، ولما رأته الساحرة قادمًا، تبعته بعيونها قريبًا من مكان إقامته حتى فقدته فجأة هو ورجاله، نظرًا لأن الصخور كانت شديدة الانحدار فقد كانت حاجزًا لا يمكن التغلب عليه، لذلك رأت الساحرة أنه لم يكن هناك سوى شيئين: إما أن الأمير جلس في كهف ما، أو مسكنًا للجن أو الجنيات.
عندئذ خرجت من المكان الذي كانت مختبة فيه وذهبت مباشرة إلى الطريق الأجوف التي تتبعتها حتى وصلت إلى أقصى الطرف، ونظرت بعناية من جميع الجوانب لكن على الرغم من كل اجتهادها لم تستطع أن ترى أي فتحة، ليس بقدر البوابة الحديدية التي اكتشفها الأمير أحمد والتي كان من المقرر فتحها فقط لرجال الجنية، وفقط لمن كان وجودهم مقبولًا من قبل الجنية باريبانو، رأت الساحرة أنه من غير المجدي بالنسبة لها أن تبحث أبعد من ذلك، كانت مضطرة للرضا عن الاكتشاف الذي حققته، وعادت لتخبر السلطان بما رأت.
كان السلطان سعيدًا جدًا بما حققته الساحرة من اكتشاف وقال لها: استمري بالمراقبة بالطريقة المناسبة؟ سأنتظر بصبر حتى تعودي بشيء جديد ولتشجيعها أعطاها هدية من الألماس ذات قيمة كبيرة، ولأن الأمير أحمد قد حصل على إذن الجنية للذهاب إلى بلاط سلطان جزر الهند مرة واحدة في الشهر، فإنّ الساحرة كانت على علم بموعد قدوم الأمير، وهي تعلم كذلك الوقت لذلك ذهبت إلى أسفل الصخرة وأختبأت من مرأى الأمير ورجاله وانتظرت هناك.
في صباح اليوم التالي خرج الأمير أحمد كالعادة عند البوابة الحديدية مع نفس الحرس كما كان من قبل، ومر بجانب الساحرة التي لم يكن يعلم أنها هناك، ولكنه فجأة رآها مستلقية ورأسها على الصخرة، و تشكو وتصرخ وكأنها تعاني من ألم شديد فأشفق عليها الأمير وأدار حصانه وذهب إليها وسألها ما الأمر الذي حدث معها، وماذا يمكن أن يفعل لها لمساعدتها.
نظرت الساحرة الماهرة إلى الأمير بطريقة حزيتة دون أن ترفع رأسها أبدًا، وأجابت بكلمات وتنهدات مكسورة كما لو أنها بالكاد تستطيع أن تلتقط أنفاسها بأنها ذاهبة إلى العاصمة، ولكن في الطريق إلى هناك لقد أصيبت بحمى شديدة لدرجة أن قوتها خذلتها وأجبرتها على الجلوس في الطريق وبهذه الكلمات الساحرة التي جعلتها تتظاهر بالمرض فقط لتعرف أين يعيش الأمير وماذا يفعل.
وعندما بذلت العديد من المحاولات العبثية للنهوض نزل اثنان من مرافقي الأمير عن خيولهما، وساعداها في النهوض وأركباها وراء أحدهم على الخيل وامتطيا خيلهما مرة أخرى، وتبعوا الأمير الذي عاد إلى البوابة الحديدية التي فتحها أحد حاشيته، وعندما جاء إلى ساحة الجنية الخارجية أرسل ليخبرها أنه يريد التحدث معها.
جاءت الجنية باريبانو بكل سرعة ولم تكن تعرف ما الذي جعل الأمير أحمد يعود قريبًا الذي لم يمنحها الوقت لسؤاله عن السبب ، فقال: يا أميرة أتمنى أن تتعاطفي مع هذه المرأة الطيبة، مشيرًا إلى الساحرة التي أوقفها اثنان من حاشيته، لقد وجدتها في الحالة التي ترينها فيها ووعدتها بالمساعدة التي هي في حاجة إليها، وأنا مقتنع بأنك لن تتخلى عنها بدافع صلاحك، أمرت الجنية باريبانو التي كانت تُثبت عيناها على المرأة المريضة المنتظرة طوال الوقت الذي كان الأمير يتحدث معها اثنتين من نسائها اللواتي تبعنها بأخذ المرأة وحملها إلى شقة في القصر والعناية بها جيدًا.
وأثناء تنفيذ المرأتين لأوامر الجنية صعدت إلى الأمير أحمد وهمست في أذنه، وقالت: يا أمير، هذه المرأة ليست مريضة كما تتظاهر وأنا متأكدة كثيرًا أنها محتالًة، عندها ستكون قد سببت مشكلة كبيرة لك ولكن لا تهتم بذلك، اقتنع أني انقذك من جميع الفخاخ التي ستنصب لك، اذهب وتابع رحلتك إن كلام الجنية هذا لم يخيف الأمير أحمد على الإطلاق.
قال: أميرتي بما أنني لا أتذكر أنني فعلت أو صممت لأذى أي شخص، لا أستطيع أن أصدق أن أي شخص يمكنه التفكير في فعل شيء لي، ولكن إذا كان لديهم ذلك فلن أتحمل على فعل الخير كلما لدي فرصة، ثم عاد إلى قصر والده، في غضون ذلك حملت المرأتان الساحرة إلى غرفة راقية للغاية، ومفروشة بأثاث غني وفي البداية أجلسوها على أريكة، وكان لحافها مطرزًا بدقة بالحرير وأغطية من أفخر أنواع الكتان وغطاء من القماش الذهبي.
وعندما وضعوها في الفراش لأن الساحرة العجوز تظاهرت بأن الحمى كانت شديدة لدرجة أنها لم تستطع أن تساعد نفسها على الأقل، خرجت إحدى النساء وعادت مرة أخرى مع طبق خزفي في يدها، ممتلئة ببعض الطعام والشراب التي قدمتها للساحرة بينما ساعدتها الأخرى على الجلوس، ثمّ قالت: اشربوا هذا الشراب إنه ماء ينبوع الأسود، وعلاج ممتاز ضد جميع أنواع الحمى مهما كانت سوف تجدين تأثيره في أقل من ساعة.
أخذتها الساحرة بعد الكثير من التوسل لها لكي تشفى، ثمّ في النهاية تناولت الطعام من طبق الخزف الصيني، وأمسكت إحدى الخادمات رأسها، وأشربتها الشراب وطلبت منها الاستلقاء والراحة مرة أخرى ثمّ قامت الخادمتان بتغطيتها، وقالت لها التي أحضرت لها فنجان الخزف قبل أن تغادر: استلقِ واحصلي على قسط من النوم إذا استطعت، سنترككِ، ونأمل أن نجد أنك شفيت تمامًا عندما نعود مرة أخرى بعد ساعة، ثمّ عادت الخادمتان مرة أخرى في الوقت الذي حددتا فيه موعد العودة، ووجدتا الساحرة مرتدية ملابسها وتجلس على الأريكة.
قالت الخادماتان: جرعة رائعة! ثمّ قالت: لقد نجح في شفائي في وقت أقرب بكثير مما أخبرتموني به، وسأكون قادرة على متابعة رحلتي، بعد أن أخبرت الخادمتان الساحرة عن مدى سعادتهما بشفائها بسرعة قامتا بالمشي أمامها، وقادتاها عبر عدة شقق، وكلها أكثر جمالاً من تلك التي كانت ترقد فيها ثمّ قدنها إلى قاعة كبيرة وهي الأكثر ثراءً وروعةً في كل القصر.
يتبع في الجزء الخامس..


شارك المقالة: