قصة الأمير الحنون أو (Prince Kindhearted) هي حكاية فولكلورية إيطالية للمؤلف جيامباتيستا باسيلي، تم نشرها في مجموعة “Il Pentamerone” لأول مرة في نابولي بواسطة Giambattista Basile، الذي يعتقد أنه جمعها بشكل رئيسي في جزيرة كريت والبندقية، أدرجها اندرو لانغ في كتاب الحكايات الأيطالية.
الشخصيات:
- الأمير طيب القلب.
- الخادم.
- الملك.
- الأميرة.
قصة الأمير الحنون:
كان يعيش هناك ملك لم يكن له إلا ابن واحد، وكان يُدعى طيب القلب، وعندما بلغ الأمير عشرين سنة ، طلب من والده الملك أن يتركه يسافر، أعده والده للرحلة وأعطاه خادمًا حقيقيًا لحراسته وبركته الأبوية، ثمّ أخذ الأمير إذنًا من أبيه، وامتطى حصانًا شجاعًا، وذهب إلى بلدان مختلفة ليرى العالم ويتعلم أشياء كثيرة، ويعود إلى الوطن رجلاً أحكم وأقوى.
وذات مرة عندما كان الأمير يسير ببطء في حقل صامت، أدرك فجأة نسرًا يسعى وراء وكان يحمل بجعة، كان النسر يمسك البجعة البيضاء بمخالبة الحادة، فأطلق الأمير النار من مسدسه وسقط النسر ميتاً، ونزلت البجعة السعيدة وقالت: أيها الأمير طيب القلب، أشكرك على مساعدتك، إنها ليست بجعة تشكرك، بل ابنة الفارس غير المرئي،أنت لم تنقذني من مخالب النسر، ولكن من الساحر الرهيب الملك كوشي.
سيدفع لك والدي جيدًا مقابل ما فعلت معي، تذكر كلما احتجت لشيء أن تقول ثلاث مرات: الفارس غير المرئي، تعال لمساعدتي! ثمّ طارت البجعة بعيدًا وودعها الأمير، ثم تابع رحلته، عبر العديد من الجبال العالية، واجتاز الأنهار العميقة وعبر بلدانًا أجنبية، وأخيراً وصل إلى صحراء عظيمة، حيث لم يكن هناك شيء يراه سوى السماء والرمال.
لم يعش أحد هناك، ولم يُسمع صوت حيوان قط، ولا نباتات تنمو هناك على الإطلاق وكانت الشمس مشرقة للغاية وحارقة بشكل رهيب لدرجة أن جميع الأنهار جفت، ولم تكن هناك قطرة ماء في أي مكان، الأمير الشاب المتلهف للذهاب إلى كل مكان ورؤية كل شيء لم يهتم بملاحظة مدى جفاف الأشياء، استمر في الذهاب أبعد وأعمق في الصحراء.
ولكن بعد فترة شعر بالعطش الشديد، من أجل إيجاد بعض الماء أرسل خادمه في اتجاه وذهب هو نفسه في اتجاه آخر، وبعد فترة طويلة نجح في العثور على بئر فنادى على خادمه: لقد وجدت وسيلة للحصول على بعض الماء ، وكان كلاهما سعيدًا، لكن سعادتهم لم تدم لأن البئر كانت عميقة للغاية ولم يكن لديهم شيء يصلون به إلى الماء.
قال الأمير للخادم: انزل، سوف أنزل بك إلى البئر بواسطة بعض الحبال الطويلة وستسحب بعض الماء، أجاب الخادم: لا، يا أميري أنا أثقل منك بكثير، ولن تتمكن يدا جلالتك من إمساكي، أنت ستمسك بالحبال، وسأنزلك في البئر، ثمّ قيّد الحبال حول الأمير الذي نزل إلى البئر، وشرب الماء البارد، وأخذ بعضًا منه للخادم وشد الحبال، كإشارة للخادم لسحبه مرة أخرى.
لكن بدلاً من أن يسحبه للخارج، قال الخادم: اسمع، أنت أيها الابن الملك! من أيام المهد حتى الآن تعيش حياة سعيدة، محاطًا بالرفاهية والحب، وأنا قد عشت دائمًا حياة البائس ،الآن يجب أن توافق على أن تكون خادمي، وسأكون الأمير بدلاً منك، إذا لم توافق، صلي صلاتك الأخيرة، لأنني سوف أغرقك، فقال الأمير: أنت خادمي المخلص، لا تغرقني لأنك لن تكسب شيئًا بموتي، ولن تجد أبدًا سيدًا جيدًا مثلي، وأنت تعرف ما هي عقوبة القاتل في الأرض وفي السماء.
قال الخادم: لا يهمني، دعني أعاني في السماء من عقوبتي، لكنني سأجعلك تعاني في هذا العالم، أجابه الخادم بذلك وبدأ يفك الحبال، فصرخ الأمير عندما رأى أنه جادًا في التخلص منه: قف! سأكون عبدك وأنت تكون أنت الأمير، سأعطيك كلمتي من أجل ذلك، فقال الخادم: لا أصدق كلمتك، أقسم أنك ستكتب ما وعدتني به الآن، لأن الكلمات تضيع في الهواء، وتبقى الكتابة دائمًا شهادة ضدنا.
فقال الأمير: أقسم على ذلك! فأنزل العبد في البئر ورقة وقلم رصاص، وقال للأمير أن يكتب ما يلي: حامل هذه الورقة هو الأمير طيب القلب، يسافر مع خادمه أحد رعايا مملكة أبيه، بعدما كتب الأمير ما طلبه الخادم في الورقة، نظر الخادم إلى المذكرة، وأخرج الأمير من البئر، وأعطاه ملابسه الرثة، وارتدى ثياب الأمير الغالية، ثم بعد أن استبدلوا الدروع والخيول، استمروا في رحلتهم .
بعد مسيرة أسبوع أو نحو ذلك جاؤوا إلى عاصمة مملكة معينة، وعندما اقتربوا من القصر، أعطى الأمير الزائف حصانه للخادم الزائف وأمره أن يذهب إلى الإسطبل، ودخل مباشرة إلى حجرة العرش وقال للملك: آتي إليك لأطلب اليد من ابنتك، التي يُعرف جمالها وحكمتها في جميع أنحاء العالم، إذا وافقت فستحصل على محبتنا وتبادل المصالح معنا، وإذا لم توافق فسنقرر الحرب عليكم.
نظر الملك مندهشًا وقال: أنت لا تتحدث معي بطريقة لطيفة على الإطلاق، ليس كأمير يجب أن يتكلم، ولكن قد لا تكون معتادًا في بلدك على الأخلاق الأفضل، والآن استمع إلي إذا أردت أن تكون زوج ابنتي المستقبلي، مملكتي الآن في أيدي عدو لي حيث أسر جنوده أفضل جنودي والآن يقتربون من عاصمتي، إذا قمت بإخلاء مملكتي من هذه القوات فستكون ابنتي مكافأة لك .
أجاب الأمير الكاذب: حسنًا، سأطرد أعدائك بعيدًا، لا تقلق إذا أتوا إلى العاصمة.، صباح الغد لن يبقى عدو واحد في أرضك، وفي المساء خرج من القصر، ودعا خادمه وقال له: اسمع يا عزيزي! اخرج إلى أسوار المدينة، واطرد القوات الأجنبية، وسأرد عليك هذه الخدمة، عن طريق رد ورقتك لك التي حلفت بها أن تكون لي عبداً، ارتدى الأمير الصادق الحنون درعه الفارس، وامتطى حصانه وخرج إلى أسوار المدينة ونادى بصوت عالٍ: أيها الفارس غير مرئي! تعال لمساعدتي!
قال الفارس الخفي : ها أنا ذا، ماذا تريد مني أن أفعل من أجلك؟ أنا مستعد لفعل كل شيء من أجلك، لأنك أنقذت طفلتي من كوشي الرهيب، فأظهر له الأمير الحنون القوات، وأطلق الفارس الخفي صفيرًا بصوت عالٍ وقال: يا حصاني الحكيم، تعال إلي بسرعة! ثمّ كان هناك صوت عظيم في الهواء، ورعد وارتجفت الأرض، وظهر حصان رائع عليه سرج ذهبي و من أنفه اشتعلت نار، ومن عينيه كانت شرارات ساطعة تتطاير، ومن أذنيه غيوم كثيفة من الدخان وكان هناك صوت عالي يقول: نحن قادمون.
قفز الفارس الخفي على الحصان وقال للأمير: خذ هذا السيف السحري وهاجم القوات من اليسار، وسأهاجمهم من اليمين على حصاني ذي الرجل الذهبي، وهاجم كلاهما الجيش حيث أصبح الجنود من اليسار يسقطون كالخشب ومن اليمين كانوا كذلك حيث لم يستطع الجيش بأكمله التصدي لقوة الفارس الخفي والأمير وفي أقل من ساعة اختفى الجيش بأكمله، ومنهم من بقي ميتا في مكانة و هرب بعضهم.
التقى الأمير الحنون والفارس غير المرئي في ساحة المعركة، وتصافحا بطريقة ودية، وفي دقيقة واحدة تحول الفارس الخفي وحصانه إلى لهب أحمر لامع، ثم إلى دخان كثيف اختفى في الظلام ثمّ عاد الأمير بهدوء إلى القصر.
في تلك الليلة شعرت الأميرة الشابة بحزن شديد في ذلك المساء ولم تستطع النوم وعندما كانت واقفة عند نافذتها، ومن هنا سمعت المحادثة بين الأمير والخادم، ثم رأت ما يجري خلف أسوار المدينة، كما رأت الفارس غير المرئي يختفي في الظلام، ويعود الأمير الحنون إلى القصر، ثمّ رأت الأمير الزائف يخرج من القصر، يأخذ درع الفارس من الخادم، والأمير الحنون يدخل الإسطبل للراحة.
وفي صباح اليوم التالي رأى الملك العجوز أرضه محررة من الأعداء، وشعر بسعادة بالغة، وقدم للأمير الكثير من الهدايا الثمينة، ولكن عندما أعلن خطوبة ابنته عليه، وقفت وأخذت يد الأمير الحقيقي الذي ساعد الخدم في تقديم الخدمة على المائدة، وقادته أمام الملك العجوز، وقالت: أبي وملكي العزيز، والجميع، أنتم الحاضرون هنا! هذا الرجل هو زوجي الذي أرسله الله إليّ.
ثمّ قالت: لأنه مخلصك، والأمير الحقيقي، والشخص الذي يسمي نفسه أميرًا، فهو خائن ورجل كاذب وغير أمين، ثم أخبرت الأميرة الجميع كل ما تعرفه وقالت: دعه يُظهر بعض الأدلة على أنه أمير بالفعل، فأعطى الأمير الكاذب للملك الورقة التي أعطيت له في البئر.
فتحها الملك وقرأ بصوت عالٍ: إن حامل هذه المذكرة، الخادم الكاذب وغير الصادق للأمير طيب القلب، يطلب العفو ويتوقع عقابًا عادلًا، وقد أعطي هذه المذكرة في البئر من قبل الأمير طيب القلب، بعد أن انكشفت حقيقته أمام الجميع أمر الملك بجره أمام الناس إلى الساحة وقتله بسبب كذبه وخيانته، لكن الأمير طيب القلب طلب من الملك العفو عنه وسامحه لعله يكون درسًا له في المستقبل. ثم تزوج الأمير بعد فترة من الأميرة وعاشا بسعادة.