قصة الأم المريضة الفقيرة

اقرأ في هذا المقال


قصة الأم المريضة الفقيرة أو ( The Poor Sick Mother) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب جول الصغير هنري، يحتوي هذا الكتاب على خمس حكايات شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف(Comtesse de Ségur) للناشر، شركة (Penn Publishing Company)

الشخصيّات:

  • الأم المريضة.
  • الجنيّة الطيبة.
  • هنري.
  • الديك.
  • الغراب.
  • الضفدع.

قصة الأم المريضة الفقيرة:

كانت هناك امرأة أرملة فقيرة تعيش وحدها مع ابنها الصغير هنري، لقد أحبته بحنان وكان ابنها فتى لطيف ومهذب جداً، وكان يطيع والدته في كل ماتطلبه ولا يعصي لها امراً، وعلى الرّغم من أنّه لم يكن يتجاوز السابعة من عمره، إلّا أنّه كان يحافظ على المنزل بينما كانت والدته الطيبة تعمل بجد ثمّ يغادر مع والدته المنزل لبيع عملها وشراء الطعام لنفسها وصغيرها هنري.

كان يشطف الأرض، ويطبخ، ويحفر ويزرع الحديقة وعندما يتم كل هذا يجلس لإصلاح ملابسه، أو حذاء والدته ولإعداد الكراسي والطاولات، وكان يفعل كل ما بوسعه لعون أمّه،كان المنزل الذي كانوا يعيشون فيه ملكًا لهم، لكنّه كان منعزلاً للغاية، أمام مسكنهم كان هناك جبل شاهق مرتفع لدرجة أنّه لم يسبق لأحد أن صعد إلى قمته، وإلى جانبه كان محاطًا بنهر متدفق، بجدران عالية ومنحدرات لا يمكن التغلب عليها.

كانت الأم وصغيرها سعداء ولكن للأسف! في يوم من الأيام مرضت الأم المسكينة، ولم يعرفوا أيّ طبيب ولم يكن لديهم إلى جانب ذلك المال لدفع ثمنه، هنري المسكين لم يعرف كيف يعالجها، لقد أحضر لها ماءً منعشًا باردًا لأنّه لم يكن لديه شيء آخر يعطيه إيّاها، وبقي ليلًا ونهارًا بجانبها وهو يأكل لقمة صغيرة من الخبز الجاف أسفل سريرها.

وكان ينظر إليها بحزن ويبكى، ازداد المرض يومًا بعد يوم، وفي النهاية كانت المرأة المسكينة في حالة احتضار تقريبًا، لم تستطع التحدث أو البلع ولم تعد تعرف هنري الصغير الذي كان يبكي على ركبتيه بالقرب من سريرها، كان يصرخ في يأسه: أيتها الجنيّة بينفسينت، تعالي لمساعدتي! أنقذي والدتي! وبالكاد نطق هنري بهذه الكلمات، عندما فُتحت النافذة ودخلت سيدة في ثياب جميلة وبصوت ناعم،

قالت له: ماذا تتمنى مني يا صديقي الصغير؟ لقد ناديتني، ها أنا ذا! صرخ هنري: سيدتي، أرجوكي، إذا كنت الجنيّة بينفسينت فأنقذي أمي المسكينة التي على وشك الموت وتركني وحدي في العالم، نظرت الجنيّة الطيبة إلى هنري برأفة شديدة وبعد ذلك، دون أن تنطق بكلمة واحدة، اقتربت من المرأة المسكينة، وانحنت عليها، وفحصتها باهتمام،

ثمّ تنهدت بعمق وقالت: ليس من سلطتي، طفلي المسكين أن أعالج والدتك، فحياتها تعتمد عليك وحدك، إذا كانت لديك الشجاعة للقيام بالرحلة التي سأشير إليها لك، فقال هنري: تكلمي يا سيدتي! أطلب منك أن تتحدثي! ليس هناك شيء لن أقوم به لإنقاذ حياة والدتي العزيزة، ردّت الجنية: يجب أن تذهب وتبحث عن نبتة الحياة التي تنمو على قمّة الجبل الذي تراه من هذه النافذة.

وعندما تحصل على هذه النبتة، اضغط عليها واعصرها في فم والدتك وستعود على الفور إلى حالتها الصحية، فقال هنري: سأبدأ على الفور، سيدتي، لكن من الذي سيهتم بأمي المسكينة أثناء غيابي؟ ثم قال وهو يبكي بمرارة: سوف تموت قبل عودتي، قالت الجنيّة: لا تقلق يا طفلي العزيز. إذا ذهبت للبحث عن نبات الحياة، فلن تحتاج والدتك إلى شيء قبل عودتك، ستبقى بالضبط في الحالة التي تتركها فيها.

ولكن يجب أن تجرؤ على الكثير من المخاطر وتحمل الكثير من الأشياء قبل أن تقطف نبتة الحياة، الشجاعة الكبيرة والمثابرة الكبيرة ضرورية من جانبك، فقال الفتى: لا أخشى شيئًا، سيدتي، لن تفشل شجاعتي ومثابرتي، قولي لي فقط كيف سأعرف هذا النبات من بين جميع النباتات الأخرى التي تغطي قمّة الجبل، قالت الجنيّة: عندما تصل إلى القمة، تحدث إلى الطبيب المسؤول عن هذا النبات، وأبلغه أنّني قد أرسلتك وسيعطيك فرعًا من نبات الحياة.

قبّل هنري يدي الجنية وشكرها بحرارة، وأخذ إذناً حزينة من والدته، وقبّل وجهها، ووضع بعض الخبز في جيبه وانطلق، بعدما ودّع الجنيّة باحترام، ابتسمت الجنيّة مشجعة الطفل المسكين الذي عقد العزم بشجاعة على صعود جبل خطير للغاية لدرجة أنّ أيًّا من أولئك الذين حاولوا ذلك لم يصلوا إلى القمة، سار هنري الصغير بحزم إلى الجبل الذي وجده أبعد بكثير ممّا بدا له.

بدلًا من الوصول في غضون نصف ساعة كما كان متوقعًا، سار بسرعة طوال اليوم دون أن يصل إلى قاعدته، وبعد أن قطع حوالي ثلث الطريق، رأى هناك غرابًا تمّ القبض عليه في فخ نصبه له صبي شرير، سعى الغراب المسكين عبثًا إلى تحرير نفسه من هذا الفخ الذي سبب له معاناة قاسية، فركض هنري إليه وقطع الحبل الذي قيّده وأطلق سراحه، طار الغراب المسكين بسرعة، بعد أن قال لهنري: شكراً يا هنري الشجاع، سأراك مرّة أخرى لن أنسى ما فعلته لأجلي.

فوجئ هنري كثيرًا بسماع الغراب يتحدث لكنّه لم يخفف من سرعته، بل انطلق اسرع من ذي قبل لينجز مهمته، وبعد ذلك بقليل بينما كان يستريح في بستان ويأكل لقمة من الخبز، رأى ديكًا يتبعه ثعلب وعلى وشك أن يأكله على الرّغم من محاولاته للهروب، مرّ الديك الخائف المسكين بالقرب من هنري الذي استولى عليه ببراعة، وأخفاه تحت معطفه دون أن يراه الثعلب.

واصل الثعلب بحثه عن الديك، مفترضًا أنّ الديك كان أمامه، ولم يتحرك هنري حتى كان الثعلب بعيدًا عن الأنظار تمامًا، ثمّ أطلق الديك فقال له بصوت منخفض: شكراً جزيلاً لك، هنري الشجاع، سأراك مرّة أخرى ولن أنسى أنّك أنقذتني يوماً، وبعد أن ارتاح هنري  الآن، قام واستمر في رحلته، وعندما تقدم مسافة كبيرة رأى ضفدعًا مسكينًا على وشك أن تلتهمه حيّة.

ارتجف الضفدع وشلّت حركته من شدّة خوفه ولم يستطع الحركة، تقدمت الحيّة بسرعة، وفتحت فمها الرهيب، فأمسك هنري حجراً كبيراً وألقاه ببراعة شديدة لدرجة أنّه دخل حلق الثعبان في اللحظة التي كان على وشك التهام الضفدع، قفز الضفدع الخائف إلى مسافة وصرخ: شكرًا جزيلًا لك هنري الشجاع على مساعدتك لي، سنتقابل مجدداً، وسأرد لك الجميل يوماً.

كان هنري الذي سمع من قبل صوت الغراب والديك يتحدثان، لم يكن مندهشًا الآن من كلمات الضفدع هذه واستمر في المشي بسرعة، بعد وقت قصير من وصوله إلى سفح الجبل، لكنّه شعر بضيق شديد لرؤية نهر كبير وعميق يجري عند سفحه، بحيث لا يمكن رؤية الجانب الآخر بصعوبة، فتوقف هنري للتفكير وكان إلى حد كبير في حيرة من أمره.

قال في نفسه على أمل أن يجد حلاً أو وسيلة لأخراجه من النهر: ربما أجد جسرًا أو قاربًا، اتبع هنري مجرى النهر الذي كان يتدفق بالكامل حول الجبل ولكن في كل مكان كان متسعًا وعميقًا بنفس القدر ولم ير جسراً ولا قاربًا، جلس المسكين هنري على ضفة النهر، يبكي بمرارة ولا يعرف ما يفعل، وفي لحظة يأس نادى بصوت حزين وقال: أيّتها الجنيّة بينفسينت، أيتها الجنيّة الطيبة، تعالي لمساعدتي أرجوكي.

ثمّ قال: ما فائدة أن أعرف أنّ هناك نبتة على قمّة الجبل ستنقذ حياة أمي المسكينة، إذا لم أتمكن من الوصول إلى قمته؟ وفي هذه اللحظة ظهر الديك الذي كان يحميه من الثعلب على حدود النهر، وقال له: لا تستطيع الجنيّة الطيبة بينفسينت أن تفعل شيئًا من أجلك، هذا الجبل خارج عن إرادتها، ولكنّك أنقذت حياتي وأرغب في إثبات امتناني وشكري لك.

ثم قال الديك: ارفع نفسك فوق ظهري يا هنري، وبإيمان الديك وقوة أرادته سـآخذك بأمان إلى الجانب الآخر، وأساعدك بالحصول على العلاج لأمّك الطيبة لم يتردد هنري، وقفز على ظهر الديك، متوقعًا تمامًا أن يسقط في الماء، لكن الديك حمله بخفة لدرجة أنّ ملابسه لم تكن رطبة أو حتى لمسها نقطة ماء، كما حمله الديك ببراعة على ظهره لدرجة أنّه شعر بالأمان كما لو كان يمتطي حصانًا.

وتمسّك هنري بقوة برأس الديك الذي أسرع بقوة أكبر، كان النهر واسعًا لدرجة أنّه كان يطير باستمرار قبل واحد وعشرون يومًا من وصوله إلى الشاطئ الآخر، لكن خلال هذه الأيام الواحد والعشرين لم يكن هنري نائماً ولم يشعر بالجوع ولا بالعطش، وعندما وصلوا، شكر هنري الديك بأدب شديد الذي قام بنفض ريشه بلطف واختفى.

بعد لحظة استدار هنري وكان مندهشاً لأنّه لم يعد من الممكن له رؤية النهر، قال هنري:  كانت جنيّة  الجبل بلا شك هي التي أرادت منع اقترابي من قمّة الجبل، ولكن بمساعدة الجنيّة الطيبة بنفسينت ، أعتقد أننّي سأنجح في مهمتي بعد، ثمّ انطلق ليكمل رحلته وينجز مهمته بنجاح.


شارك المقالة: