قصة الأم هولا

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأدب الألماني وهي من تأليف الأخويان جريم، وقد تمحور حديثها حول فتاتين من نفس الأب ولكن من أم مختلفة، وقد كان يتم التمييز بينهما إلى حد كبير، فمن كانت والدتها على قيد الحياة هي من كانت تحظى بمعاملة جيدة، ولكن في النهاية ابتسم القدر للفتاة الفاقدة والدتها وعاشت حياة سعيدة.

قصة الأم هولا

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول سيدة كانت تقيم مع ابنتيها اللتان تدعيان بيلا وستيلا، كانت ستيلا بالإضافة إلى ما تتمتع به من حسن الخلق فهي مجتهدة ونشيطة، بينما بيلا فقد كانت فتاة كسولة وتتميز بملامح قبيحة للغاية، وعلى الرغم من كل ما تتميز به ستيلا، إلا أن والدتها كانت تفضل شقيقتها عليها؛ والسبب الذي يكمن خلف ذلك هو أن ستيلا هي في الحقيقة ابنة زوجها وليست ابنتها.

ومن مبدأ أنها زوجة والدتها كانت تتسلط على ستيلا في كافة أعمال المنزل، وتولي مجمل اهتمامها إلى ابنتها، وبعد أن تنتهي ستيلا من أعمال المنزل كانت زوجة والدها توكل إليها مهمة الغزل، وتطلب منها أن تقوم بالغزل عند جانب البئر، وفي أحد الأيام بينما كانت ستيلا تقوم بغزل الملابس غرزت يديها ممّا تسبب في اتساخ خيوط الغزل.

وفي تلك اللحظة توجهت ستيلا نحو البئر من أجل غسيل الغزل من الدماء، وبينما كانت قد انحنت من أجل غسله سقط المغزل من بين يديها في البئر، وعلى الرغم من محاولتها في استخراجه، إلا أنها لم تقوى على ذلك، وهنا سرعان ما توجهت نحو والدتها من أجل أن تخبرها بما حصل معها، وحينما سمعت والدتها بذلك سرعان ما ثار الغضب بداخلها وقامت بتوبيخها وصرخت بوجهها قائلة: من أين سوف آتي بمغزل آخر؟ هيا اذهبي إلى البئر وأخرجي المغزل بأي وسيلة.

وهنا عادت الفتاة نحو البئر وهي تذرف الدموع؛ وذلك لأنها كانت في الحقيقة قد حاولت مرات عدة وجربت كافة الطرق الممكنة في محاولة إخراجه من البئر، ولكن دون جدوى، ولم يتبقى أي وسيلة أمامها سوف أن تنزل هي بنفسها وتخرجه، وبالفعل قفزت داخل البئر.

وحينما نزلت إلى أسفل البئر اندهشت مما رأت، حيث وجدت نفسها في وسط حديقة جميلة والشمس تسطع بأشعتها والأزهار تتناثر من حولها في كل مكان، ولم تعد تعرف أين هي متواجدة، وفي تلك اللحظة أخذت بالمسير داخل الحديقة وبعد مسافة قصيرة وجدت فرن للخبز أمامها، وكان به مجموعة من أرغفة الخبز اللذيذ، وفجأة صاحت تلك الأرغفة بأعلى صوتها وقالت: أيتها الفتاة الجميلة أخرجينا من الفرن، فنحن موجودون هنا منذ فترة وسوف نحترق.

وهنا استجابت الفتاة إلى طلب الأرغفة والتي تشكرتها على تعاونها معها، ثم بعد ذلك واصلت الفتاة مسيرها في الحديقة إلى أن وصلت إلى غابة، وقد كانت تلك الغابة ساحرة وبديعة، حينها تحدثت إحدى الشجيرات إلى الفتاة وقالت لها: هلمي أيتها الفتاة الجميلة واقطفي ثمار التفاح وكليه قبل أن يتساقط على الأرض ويفسد، وهنا قامت الفتاة بهز جذوع الشجرة حتى سقطت الثمار وقامت بجمعها في كومة واحدة وتركته وأكملت مسيرها.

وبعد لحظات قليلة وجدت أمامها كوخ، وقد كان في ذلك الكوخ سيدة عجوز وتلك السيدة تتميز بأسنان ذات شكل مرعب، وحينما شاهدتها الفتاة شعرت بالخوف والذعر، وسرعان ما حاولت الفرار، ولكن السيدة قامت بالنداء عليها وقالت: تعالي واقتربي مني يا صغيرتي ولا داعي للخوف مني، إن كان بإمكانك الاعتناء بي وبمنزل فإنني سوف ابقيك تقيمين معي للأبد وسوف أقدم لك كل ما تتمنينه، ولن أطلب مني أي شيء سوى طلب واحد وهو أن تقومي بوضع الريش على فراشي كل يوم حينما تهمي بترتيبه تماماً مثلما أفعل أنا، وتغطيه بالريش كما يغطي الثلج الأرض.

وفي تلك اللحظات وافقت الفتاة على طلب السيدة العجوز، والتي كانت تدعى هولا، وبالفعل اعتنت بها وبمنزلها جيداً، وفي كل يوم كانت تغطي فراشها بالريش تماماً كما طلبت العجوز، ومن الجهة الأخرى كانت العجوز قد اهتمت بالفتاة بشكل جيد وفي كل يوم تقدم لها أفخم وألذ أنواع الأطعمة، ولكن على الرغم من سعادة الفتاة بتلك الحياة الجديدة، إلا أنها كانت تشتاق إلى منزلها القديم.

وفي يوم من الأيام ذهبت الفتاة وطلبت من العجوز أن تعود إلى منزلها، وافقت السيدة العجوز على طلبها بعد أن أشادت بكل ما قامت به من أجلها، كما أثنت الفتاة على اهتمام العجوز بها، ثم بعد ذلك اصطحبت العجوز الفتاة إلى أحد الأبواب الذهبية الموجودة في الغابة وطلبت منها الوقوف على عتبته، وحينما تم فتح الباب سقطت كمية من الذهب إلى أن وجدت الفتاة نفسها قد تغطت بالمصاغ الذهبية من رأسها وحتى قدميها، وأشارت لها العجوز أن كل تلك المصاغ مكافأة لها على خدمتها، وبالإضافة إلى ذلك قدمت لها ذلك المغزل الذي سقط منها في البئر، ومن ثم قامت العجوز بإغلاق الباب، وإذ بالفتاة تجد نفسها أمام البئر بجانب منزلها القديم.

وفي تلك الأثناء حينما دخلت الفتاة إلى منزلها أصيبت كل من شقيقتها وزوجة أبيها بالدهشة مما شاهدن، حينها سألتها زوجة والدها وقالت: أين كنت طوال ذلك الوقت ومن أين لك كل تلك المصاغ الذهبية؟ فتحدثت الفتاة بما حدث معها، وفي تلك اللحظة نما الطمع داخل زوجة الأب، وقالت في نفسها: من الأجدر بي أن أقوم بإرسال ابنتي إلى البئر وسوف نصبح أثرياء، وبالفعل قامت وأعطت المغزل إلى ابنتها، وطلبت منها أن تتوجه نحو البئر وتجرح يديها بشوكة حتى تنزف الدماء منها، ومسحت الدماء بالمغزل وألقت به إلى داخل البئر ثم قفزت خلفه.

وأول ما وصلت بيلا إلى أسفل وجدت نفسها في ذات الحديقة التي نزلت إليها شقيقتها، وبدأت بالمسير إلى أن وصلت إلى فرن الخبز، وعندما طلبت منها الأرغفة أن تخرجهم من الفرن رفضت ذلك بقولها: لن أقوم بفتح الفرن على الإطلاق، فهذا الأمر قد يوسخ يداي، ومن ثم تابعت الفتاة مسيرها إلى أن وصلت إلى شجرة التفاح، وحينما طلبت الشجرة منها أن تقوم بقطف ثمار التفاح عنها والتخفيف من حملها، ولكن بيلا الكسولة المتقاعسة رفضت ذلك وبشدة، وقالت للشجرة: هل جنينتي، بالطبع لن أقوم بهز جذوعك؛ وذلك حتى لا يسقط التفاح فوق رأسي ويلمسني.

ومن ثم أكملت بيلا مسيرها حتى وصلت إلى منزل السيدة العجوز، وكانت قد سمعت عن أسنانها المرعبة من شقيقتها وهذا ما جعلها لم ترتعب من منظرها، وهنا طلبت منها السيدة أن تعمل لديها، وأخبرتها العجوز بما ينبغي عليها فعله، وفي اليوم الأول قامت بيلا بتغطية فراش العجوز كامل بالريش كما طلبت منها، وفي اليوم التالي الفتاة الكسولة بالملل والتعب فلم تكمل العمل، بينما في اليوم الثالث فقد قررت ألا تعمل أي شيء على الإطلاق وخلدت للنوم، وحينما توجهت العجوز لفراشها ولم تجده مغطى بالريش كالمعتاد شعرت بالغضب وذهبت تبحث عن الفتاة الكسولة في كل مكان والتي ما زالت غارقة في النوم، فقالت لها العجوز: أرى أنه من الأفضل أن تعودي من حيث جئت.

وهنا أحاطت السعادة بالفتاة الكسولة؛ إذ اعتقدت أنها سوف تحصل على المصاغ الذهبية كما حصلت عليه شقيقتها، لكنها حينما وصلت إلى ذلك الباب وجدت أكوام من الطين تسقط عليها، وقالت لها العجوز هذه هي مكافأتك على عملك، وفي النهاية ذهبت الفتاة الكسولة إلى منزلها وهي مغطاة بالطين، وقد أدركت أنها بسبب كسلها وتأجيلها للعمل جنت الطين بدلًا من المصاغ الذهبية.

المصدر: كتاب حامل الاكليل قصص مختارة من الأدب الألماني - إبراهيم أبو هشهش - 1969


شارك المقالة: