قصة الببغاء وبلوندين

اقرأ في هذا المقال


قصة الببغاء وبلوندين أو (Blondine and the parrot) هي قصة خيالية من كتاب الحكايات الشعبية الفرنسية الطويلة، وكل قصة لها عدة فصول، للمؤلف، (Comtesse de Ségur)، نُشرت عام 1920، للناشر: شركة (Penn Publishing Company)

الشخصيّات:

  • بوني بيتش.
  • بلوندين.
  • الببغاء.
  • الوردة السحرية.

قصة الببغاء وبلوندين:

مرّت ستة أشهر منذ أن استيقظت بلوندين من نومها لمدة سبع سنوات بدا هذا الوقت للأميرة الصغيرة فترة طويلة، وكان كثيرًا ما يحزن قلبها ذكرى والدها، وكان يبدو أن بوني بيتش وبومينون تعرفان أفكارها هذه دائماً، كانت بلوندين تتحدث ولكنّها كانت دائماً مشغولة بأفكارها باستمرار، وكانت تخشى الإساءة إلى بوني بيتش التي قالت لها: عزيزتي بلوندين، تحلي بالصبر، سترين والدك عندما تبلغين من العمر خمسة عشر عامًا.

إذا واصلت الحكمة والصبر صدقيني طفلتي العزيزة، ولا تشغلي نفسك بالمستقبل وقبل كل شيء لا تسعي إلى تركنا، وذات صباح كانت بلوندين وحيدة وحزينة للغاية، كانت تفكر في وجودها الغريب وحياتها التي لاتصدق وجودها بهذا الشكل، وفجأة انقطعت أفكارها بثلاث ضربات صغيرة ناعمة على نافذتها، وعندما رفعت رأسها، لاحظت ببغاء ذو ريش أخضر جميل وحلق وصدر برتقالي فاتح.

فوجئت بظهور طائر غير معروف لها تمامًا، وفتحت النافذة ودعت الببغاء للدخول، وكانت في قمة دهشتها عندما قال لها الطائر بصوت حاد: يوم سعيد يا بلوندين! أعلم أنّه في بعض الأحيان يكون لديك وقت مضجر للغاية، لأنّه ليس لديك من تتحدثين معه، لقد أشفقت عليك وأتيت للدردشة معك،لكنّي أترجاكي ألا تذكري أنك رأيتني أمام أحد، لأنّ بوني بيتش كانت ستقطع حلقي إذا عرفت ذلك.

فقالت بلوندين: لماذا أيها  الببغاء الجميل؟ بوني بيتش طيبة، إنّها لا تجرح أحد وتكره الأشرار فقط، فقال الببغاء: اسمعي يا بلوندين، إذا لم تعديني بإخفاء زيارتي عن بوني بيتش وبومينون، فسوف أطير بعيدًا على الفور ولن أعود أبدًا، فقالت بلوندين: نظرًا لأنك تتمنى ذلك كثيرًا، أيها الببغاء الجميل، فسأعدك بالصمت، دعنا نتحدث قليلاً، لقد مضى وقت طويل منذ أن أتيحت لي الفرصة للتحدث، وتبدو لي ذكيًا.

لا أشك في أنّك سوف تروق لي كثيراً، ثمّ استمعت بلوندين بفرح إلى حديث الببغاء المفعم بالحيوية الذي أشاد بجمالها وذكائها ومواهبها، كانت بلوندين مسحورة به، وفي غضون ساعة تقريبًا، طار الببغاء بعيدًا  ووعد بالعودة في اليوم التالي، وأصبح يزورها كل يوم واستمر في مدحها وتسليتها، وذات صباح ضرب النافذة وقال: بلوندين، افتح النافذة بسرعة! أحمل لك أخبار والدك، ولكن قبل كل شيء لا تصدري أي ضوضاء إلا إذا كنت تريدين قطع حلقي.

كانت بلوندين غارقة في الفرح، وفتحت النافذة بحماس وقالت: هل صحيح أيها الببغاء الجميل أنك أتيت لي بأخبار والدي العزيز؟ تكلم بسرعة! ماذا يفعل وكيف حاله؟ فقال الببغاء: والدك بخير يا بلوندين، لكنّه يبكي على خسارتك دائمًا، لقد وعدته بفعل كل ما بوسعي لإنقاذك من سجنك ولكن لا يمكنني فعل أي شيء بدون مساعدتك، قالت بلوندين: في سجني، عن أي سجن تتحدث.

لكنك تجهل كل الخير الذي أظهرته لي بوني بيش وبومينون، والجهود التي بذلوها على تعليمي، بكل حنانهن وتحملهن، وسوف يبذلن كلّ جهودهنّ ليجدنّ طريقة لإعادتي إلى والدي، ثمّ قالت: تعال معي، أيها الببغاء الجميل وأنا سأقدمك إلى بوني بيتش، تعال أرجوك، قال الببغاء بصوت حاد: آه! بلوندين، أنت أيتها الأميرة لا تعرفين بوني بيشي وبومينون، إنهن يكرهنني لأنّني نجحت في إنقاذ ضحاياهن منهن.

ثمّ قال: لن تري والدك مرة أخرى، بلوندين، لن تغادري هذه الغابة أبدًا، ما لم تكسري بنفسك السحر الذي يحبسك هنا، قالت بلوندين: أي سحر؟ أنا لا أعرف أي سحر وما مصلحة بوني بيشي وبومينون في إبقائي سجينًا؟ فقال الببغاء: أليس من مصلحتهن تسلية وحدتهنّ يا بلوندين؟ هناك تعويذة يمكن أن تدبر أمر إطلاق سراحك، إنها وردة بسيطة تجمعيها بنفسك، ستنقلك من منفاك وتعيدك إلى أحضان والدك المتألم على فراقك.

فقالت بلوندين: ولكن لا توجد وردة واحدة في الحديقة، فكيف يمكنني أن أجمع واحدة؟ قال الببغاء: سأشرح لك هذا في يوم آخر، بلوندين، والآن لا يمكنني إخبارك أكثر، لأنني أسمع بوني بيتش قادمة، ولكن لأقنعك بسحر ذلك تلك الوردة، اطلبي من بوني بيتش أن تعطيك واحدة لتري ما ستقول، غداً يا بلوندين سنلتقي، وطار الببغاء بعيدًا، وكان كلامه جيدًا ليتناثر في قلب بلوندين أول بذور السخط والجحود.

وبالكاد اختفى الببغاء عندما دخلت بوني بيش، وبدت بلوندين مضطربة للغاية، فسألتها: مع من كنت تتحدث، بلوندين؟ ونظرت بريبة نحو النافذة المفتوحة، قالت الأميرة: لا أحد يا سيدتي، فقالت بوني بيتش: أنا متأكدة من أنني سمعت أصواتًا في محادثة، فقالت بلوندين: لا بد أنني كنت أتحدث إلى نفسي، لم ترد بوني بيشي بأيّ رد، كانت حزينة جداً وسقطت الدموع من عينيها.

كما انخرطت بلوندين في التفكير بكلمات الببغاء الماكرة التي جعلتها تنظر إلى لطف بوني بيتش بشكل مختلف تمامًا، فبدلاً من أن تقول لنفسها أن بوني بيتش التي لديها القدرة على الكلام، والتي جعلت الغزلان البرّية ذكية، ووضعتها للنوم لمدة سبع سنوات، وخصصت سبع سنوات لطفلة صغيرة متعبة وجاهلة، وخدمتها كملكة، لا يمكن أن تكون مجرمة.

وبدلاً من الشعور بالامتنان لكل ما فعلته بوني بيتش لها، كانت بلوندين، للأسف قد آمنت بشكل أعمى بالببغاء، الطائر المجهول الذي لم يكن لديها دليل على شخصيته وصدقه، لم تتوقع أنّ الببغاء لا يمكن أن يكون لديه دافع محتمل للمخاطرة بحياته لتقديم خدمة لها، وصدقت بلوندين ذلك بسبب الإطراء الذي أغدقه عليها الببغاء، حتّى أنّها لم تتذكر بامتنان الوجود الحلو والسعيد الذي أمّنته لها بوني بيش وبومينون.

وعقدت العزم على اتباع نصائح الببغاء ضمنيًا، وخلال النهار قالت لبوني بيتش: لماذا ، سيدتي، لا أرى في حديقتك أجمل الأزهار والورود العطرة؟ اهتزّت بوني بيشي بشدة وقالت بصوت مرتجف: يا بلوندين، لا تسألي عن هذه الزهرة الأكثر غدرًا والتي تخترق كل من يلمسها! لا تتحدث إليّ أبدًا عن الوردة، بلوندين، لا يمكنك معرفة الخطر القاتل الذي تحمله هذه الزهرة لك!

كان تعبير بوني بيتش صارمًا وشديدًا لدرجة أنّ بلوندين لم تجرؤ على استجوابها أكثر، ومضى اليوم حزيناً بما فيه الكفاية، كانت بوني بيتش غير سعيدة و بومينون حزينة للغاية، وفي الصباح الباكر، ركضت بلوندين إلى نافذتها ودخل الببغاء في اللحظة التي فتحتها، وقال: حسنًا، عزيزتي بلوندين، هل لاحظت هياج وغضب بوني بيتش عندما ذكرت الوردة؟ لقد وعدتك أن أريكي الطريقة التي يمكنك من خلالها الحصول على إحدى هذه الأزهار الساحرة.

استمعي الآن إلى مشورتي وأفعلي ما سأقوله لك: اتركي هذه الحديقة وادخلي الغابة، وسأرافقك وسأوصلك إلى حديقة حيث ستجدين أجمل وردة في العالم!  فقالت بلوندين: ولكن كيف يمكن لي أن أغادر الحديقة؟ بومينون ترافقني دائمًا في مشي، قال الببغاء: حاولي التخلص منها، ولكن إذا كان ذلك مستحيلاً فاذهبي رغماً عنها فسألت بلوندين: إذا كانت هذه الوردة بعيدة، ألن تشعرا بغيابي؟

قال الببغاء: إنّها حوالي ساعة مشي، لقد حرصت بوني بيتش على فصلك قدر الإمكان عن الوردة حتى لا تجدي وسيلة للهروب من قوتها، فقالت بلوندين: ولكن لماذا ترغب في أسري؟ إنّها قوية للغاية ويمكنها بالتأكيد أن تجد متعة أكثر قبولًا من تعليم طفل جاهل، فقال الببغاء: كلّ هذا سيتم شرحه لك في المستقبل يا بلوندين، عندما تكوني بين أحضان والدك.

كوني حازمة بعد الإفطار، وابتعدي بطريقة ما عن بومينون وادخلي الغابة، سوف أراك هناك، وعدت بلوندين بهذا، وأغلقت النافذة خوفًا من أن تفاجئها بوني بيتش، وبعد الإفطار حسب عادتها دخلت الحديقة، وتبعتها بومينون على الرغم من بعض الرفض الوقح الذي تلقته من بلوندين، وعند وصولها إلى الزقاق الذي يؤدي إلى الخروج من المنتزه، وقررت بلوندين التخلص من بومينون.

قالت بصرامة: أتمنى أن أكون وحيدة، بومينون! ولكن تظاهرت بومينون بعدم الفهم، كانت بلوندين غير صبورة وغاضبة، لقد نسيت نفسها لدرجة أنّها ضربت بومينون بقدمها، وعندما تلّقت بومينون هذه الضربة المهينة، أطلقت صرخة من الألم وهربت نحو القصر، ارتجفت بلوندين وسارت بسرعة إلى البوابة، وفتحتها ودخلت الغابة، ثمّ انضم إليها الببغاء دون تأخير.

فقال الببغاء: تحلّي بالشجاعة، بلوندين! في ساعة واحدة وستحصلين على الوردة وسوف تري والدك الذي يبكي عليك، وعند هذه الكلمات، استعادت بلوندين قرارها الذي بدأ يتعثر، وسارت في الطريق الذي أشار إليه الببغاء الذي طار أمامها من فرع إلى فرع، ثمّ أصبحت الغابة التي بدت جميلة جدًا وجذابة بالقرب من حديقة بوني بيتش، أكثر وحشية وأكثر تشابكًا.

كاد العليق والحجارة أن يملؤوا الطريق، ولم تعد تسمع الأغاني الجميلة للطيور واختفت الأزهار تمامًا، شعرت بلوندين بالخوف، ولكن ضغط عليها الببغاء بلهفة للتقدم وهو يقول: أسرعي، بلوندين! الوقت يمضي! إذا أدركت بوني بيتش غيابك فلن ترى والدك مرة أخرى، كانت الفتاة المرهقة التي تكاد لتقط أنفاسها، وذراعيها ممزقة من شوك الغابة وأحذيتها في أشلاء، قررت الآن أنها لن تذهب أبعد من ذلك.

وعندها صرخ الببغاء: لقد وصلنا يا بلوندين، انظري! هذا هو السياج الذي يفصلنا عن الوردة، ورأت بلوندين عند منعطف في المسار سياجًا صغيرًا، ففتح الببغاء بوّابته بسرعة، كانت التربة قاحلة وصخرية ولكن شجيرة ورد رائعة ومهيبة مزينة بوردة واحدة والتي كانت أجمل من كل ورود العالم نمت في وسط هذه البقعة القاحلة، قال الببغاء: خذيها، بلوندين! أنت تستحقيها، لقد اكتسبتها حقًا!

استولت بلوندين على الغصن بلهفة وعلى الرغم من الأشواك التي اخترقت أصابعها بقسوة، إلا أنّها مزقتها من الغصن، كانت الوردة بالكاد تمسك بيدها بقوة، عندما سمعت موجة من الضحك الساخر، وسقطت الوردة من قبضتها باكية وقالت: شكراً بلوندين، لأنّك أخرجتني من السجن الذي احتجزتني فيه بوني بيتش، أنا جنيّتك الشريرة! الآن أنت ملك لي.

وهتف الببغاء: ها! ها! شكرًا يا بلوندين! يمكنني الآن استئناف شكل الساحر الخاص بي، لقد دمرت أصدقاءك لأنّني عدوهم اللدود! وبقول هذه الكلمات القاسية، اختفى الببغاء والورد، تاركين بلوندين وحيدة في الغابة.


شارك المقالة: