قصة التاجر والجني

اقرأ في هذا المقال


قصة التاجر والجني أو(The Story of the Merchant and the Geni) تظهر هذه القصة في أقدم مخطوطة محفوظة وهي إحدى القصص الأساسية في ألف ليلة وليلة، حيث تسائل المترجم أنطوان غالان كيف يمكن لحجر التمر أن يقتل جيني. قال Duncan B. MacDonald أنّ الجني مصنوع من النار وله جلد رقيق للغاية يمكن ثقبه بسهولة، أدرجها اندرو لانغ في كتاب ألف ليلة وليلة ( the Thousand Nights and a Night).

الشخصيات:

  • التاجر.
  • الجني.
  • الثلاثة شيوخ.

قصة التاجر والجني:

كانت شهرزاد تروي للأمير شهريار أنّ هناك تاجر في يوم من الأيام يمتلك ثروة كبيرة من الأرض والبضائع، وكذلك المال، وكان يضطر من حين لآخر للقيام برحلات لترتيب شؤونه. في أحد الأيام، اضطر إلى قطع شوط طويل من المنزل، امتطى حصانه، وأخذ معه محفظة صغيرة وضع فيها القليل من البسكويت والتمر، لأنّه اضطر إلى المرور عبر الصحراء حيث لم يكن هناك طعام.
لقد وصل دون وقوع أي حادث مؤسف، وبعد أن أنهى عمله انطلق في طريق عودته، وفي اليوم الرابع من رحلته، كانت حرارة الشمس شديدة جدًا وخرج عن طريقه للراحة تحت بعض الأشجار حيث وجد نفسه عند سفح شجرة جوز كبيرة ينبوعًا من المياه الصافية والجارية، ونزل وربط حصانه بغصن الشجرة وجلس بجانب النافورة بعد أن أخذ من محفظته بعض التمر والبسكويت.
عندما انتهى من هذه الوجبة المقتصدة، غسل وجهه ويديه في النافورة، وعندما كان يعمل على هذا النحو، رأى جنًا هائلاً، أبيض وغاضبًا يقترب منه، وفي يده سيف حيث صرخ بصوت رهيب: قم، ودعني أقتلك كما قتلت ابني!
وبينما كان ينطق بهذه الكلمات ويصرخ بشكل مخيف، أجابه التاجر مرتجفًا من وجه الوحش البشع بقدر رعبه من كلماته: للأسف، سيدي ما الذي يمكن أن أفعله بك لأستحق الموت، كرر الجني: سأقتلك، كما قتلت ابني، قال التاجر: ولكن كيف قتلت ابنك؟ لا أعرفه ولم أره قط، فسأل الجني: عندما وصلت إلى هنا ألم تجلس على الأرض؟ ألم تأخذ من محفظتك بعض التمر، وأثناء تناولها ألم ترمي بالحجارة؟
قال التاجر: نعم، لقد فعلت ذلك بالتأكيد، ثم قال العبقري: أقول لك إنّك قتلت ابني، فبينما كنت تقذف حولك حجارة التمر مر ابني، وضربه أحدهم في عينه وقتله، قال التاجر: آه يا ​​سيدي، سامحني! أجاب الجني: لن أرحمك، لكنّني قتلت ابنك عن غير قصد ، لذلك أناشدك أن تنقذ حياتي، قال الجني: لا، سأقتلك كما قتلت ابني، وهكذا أمسك التاجر من ذراعه، وطرحه على الأرض، ورفع سيفه ليقطع رأسه.
واحتج التاجر على ذلك، وندب زوجته وأطفاله وحاول بشفقة تفادي مصيره من الجني مع سيفه المرتفع، حيث انتظر الجني حتى انتهى لكنّه لم يتأثرعلى الإطلاق، في هذه المرحلة، رأت شهرزاد أن الوقت قد حان، وعرفت أنّ السلطان دائمًا ما كان ينهض مبكرًا جدًا لحضور المجلس، توقفت عن الكلام.
قالت دينارزاد: حقاً يا أختي، هذه قصة رائعة، أجابت شهرزاد: الباقي لا يزال رائعًا، وستقول ذلك، إذا سمح لي السلطان أن أعيش يومًا آخر، وأعطاني إذنًا لأخبرك به في الليلة التالية، قال شهريار الذي كان يستمع لشهرزاد بسرور، سأنتظر حتى الغد حيث يمكنني دائمًا قتلها عندما أسمع نهاية قصتها.
طوال هذا الوقت كان الوزير الأعظم في حالة رهيبة من القلق، لكنه كان مسروراً للغاية عندما رأى السلطان يدخل غرفة المجلس دون إعطاء الأمر الرهيب الذي كان يتوقعه، وفي صباح اليوم التالي، قبل الفجر قالت دينارزاد لأختها: أختي العزيزة، إذا كنتِ مستيقظة، أدعوكِ لتستمري في قصتك.
لم ينتظر السلطان أن تطلب شهرزاد إذنه حيث قال: انهي، قصة الجني والتاجر، لدي فضول لسماع النهاية، فواصلت شهرزاد القصة حيث حدث هذا كل صباح، أخبرت السلطانة شهرزاد القصة، وتركها السلطان تعيش لتكملها.
أكملت شهرزاد: عندما رأى التاجر أن الجني عازم على قطع رأسه، قال: كلمة واحدة أخرى أناشدك بها ، امنحني القليل من التأخير، فقط وقت قصير للعودة إلى المنزل وتوديع زوجتي وأولادي، وعندما أفعل هذا سأعود إلى هنا، سوف أجعلك تقتلني، قال الجني: لكن، إذا جعلتك تذهب، أخشى ألّا تعود وتخدعني.
أجاب التاجر: أعطيك كلمتي التي لن اغيرها، حتى أعود دون أن أفشل، سأل الجني: كم من الوقت تحتاج؟ أجاب التاجر: أطلب منك فترة لمدّة عام، وأعدك بأنني في اليوم الثاني عشر من الشهر، سأنتظر تحت هذه الأشجار لأسلم نفسي لك، وعلى هذا تركه الجني بالقرب من النافورة واختفى.
وبعد أن تعافى التاجر من خوفه ، امتطى حصانه وذهب في طريقه، وعندما وصل إلى المنزل استقبلته زوجته وأطفاله بفرح شديد، لكن بدلاً من احتضانهم، بدأ في البكاء بمرارة لدرجة أنهم سرعان ما خمنوا أنّ هناك شيئًا فظيعًا كان الأمر، فقالت زوجته: قل لنا، أرجوك ، ما الذي حدث وجعلك تشعر بهذا الحزن بدلاً من الفرح بلقائنا.
فأجاب الزوج: واحسرتاه! لدي عام فقط لأعيشه، ثم أخبرهم بما حدث بينه وبين الجني، وكيف أعطى كلمته بالعودة في نهاية العام ليقتل، وعندما سمعوا هذه الأخبار المحزنة كانوا يائسين وبكوا كثيراً واستمروا طوال الليل جميعهم يفكرون بطريقة للتخلص من هذا الموقف دون التضحية بحياة والدهم، ولكن دون جدوى، فحسب قول الوالد أنّ الجني كان مصرًا على قتله.
وفي اليوم التالي بدأ التاجر في تسوية شؤونه وقبل كل شيء دفع ديونه، ثمّ قدم الهدايا لأصدقائه وزكاة كبيرة للفقراء، و أطلق سراح عبيده وأعول زوجته وأولاده، وبقي طوال العام يفعل الخير في حياته، ويطلب السماح من الآخرين والدعاء له، وسرعان ما مضى العام، واضطر إلى المغادرة.
عندما حاول أن يقول وداعًا، كان حزنًا شديدًا وطلبت منه عائلته التخلي عن فكرة الذهاب للجني وأخبروه أنّ بإمكانهم الهروب لبلد آخر والسفر بعيدًا ولن يجده الجني ، ولكنّه رفض ذلك بحجة المحافظة على وعده الذي قطعه وكلمته التي نطق بها للرجل، وبصعوبة مزق نفسه من بين يدي العائلة.
وصل مطولاً إلى المكان الذي رأى فيه العبقري لأول مرة، في نفس اليوم الذي عينه، ثمّ ترجل، وجلس على حافة النافورة حيث كان ينتظر العبقري في تشويق رهيب وخوف وتردد، وبينما كان ينتظر هكذا، تقدم رجل عجوز، ولقد استقبلوا بعضهم البعض، ثم قال له الرجل العجوز: هل لي أن أسأل، يا أخي، ما الذي أوصلك إلى هذا المكان الصحراوي، حيث يوجد الكثير من الجناة والأشرار؟ أم لرؤية هذه الأشجار الجميلة حيث يتخيل المرء أنّها كانت مأهولة، لكنّه مكان خطير للتوقف فيه لفترة طويلة .
أخبر التاجر الرجل العجوز لماذا اضطر للحضور إلى هناك، ةوبعد سرد قصته التي استمع لها الرجل بدهشة، قال: هذه قضية رائعة للغاية ومشوقة، أود أن أكون شاهداً على مقابلتك مع الجني، ثمّ قرر أن يجلس بجانب التاجر وينتظر قدوم الجني.
وبينما كانوا يتحدثون، ظهر رجل عجوز آخر، تبعه كلبان أسودان، ثمّ حياهم وسألهم ماذا يفعلون في هذا المكان. أخبره الرجل العجوز الذي كان سيسافر إلى الهند بمغامرة التاجر والجني، لم يكد يسمع الرجل العجوز الثاني القصة حتى قرر هو أيضًا البقاء هناك ليرى ما سيحدث، جلس إلى جانب الآخرين، وكان يتحدث الجميع عندما وصل رجل عجوز ثالث.
سأل عن سبب حزن التاجر الذي كان معهم، حكوا له القصة، وقرر أيضا أن يرى ما سيمر بين الجني والتاجر ، فانتظر مع البقية، وسرعان ما رأوا من بعيد دخانًا كثيفًا، مثل سحابة من الغبار حيث اقترب هذا الدخان أكثر فأكثر، ثم اختفى مرّة واحدة وفجأة رأوا الجني الذي دون أن يتحدث إليهم، اقترب من التاجر وكان بيده سيف، وأخذه من ذراعه، وقال: دعني أقتلك كما قتلت ابني.
بدأ التاجر والرجال الثلاثة في البكاء والتأوه من الخوف لمصير التاجر المسكين، ثمّ ألقى الرجل العجوز الذي كان يجر الكلبين خلفه بنفسه عند قدمي الوحش وقال: يا أمير الجن، أتوسل إليك أن تخفف من غضبك وأن تستمع إلي. سأخبرك قصتي وقصة الكلبين اللذين معي، وإذا وجدتها أروع من قصة التاجر الذي توشك على قتله، أرجو أن تلغى ثلث عقوبته؟
تأمل الجني بعض الوقت، ثم قال: حسنًا ، أنا موافق على هذا، فقال الرجل: أترى هذين الكلبين؟ أنهما أخواي، عندما مات والدنا ترك لنا ميراث جيد من المال حيث سافر أخواي بعيدًا مع اموالهما، أما أنا فقد كونت تجارتي الخاصة التي أصبحت مزدهرة وناجحة، وبعد مرور فترة من الزمن، دخل متجري متسول مسكين بحالة رثة، وبعد تدقيق النظر اكتشفت أنه أحد أخوتي.

أخبرني أنه خسر أمواله ولم يعد لديه مايملك، فدعوته لمنزلي واعطيته من مالي الكثير وطلب منه ا، يبدأ حياته من جديد، وقد فعل ذلك وبدأت حياته تتغير، ثمّ بعد فترة من الوقت حدث أن أتى لمتجري متسول آخر وكان أخي الأصغرالذي بدد ثروته وماله وعاد مفلسًا لايملك شيئ، اشفقت عليه ثمّ أعطيته المال واجتمعنا معً ثلاثتنا وكنّا تجاراً ناجحين.
ثمّ خططنا بعد فترة من الزمن للسفر بحثًا عن مغامرة واكتشاف اشياء مثيرة، وعندما هبطنا على شاطئ أحد البلدان التقيت امرأة كانت فقيرة وترتدي الملابس البالية الرثة، فأخبرتني أنّها تريد الزواج مني وأنها ستكافئني إذا وافقت، فقبلت بعرضها ولم أطلب مكافأة لذلك، وبعد زواجنا أخذ أخوتي بالغيرة من وجودي مع زوجتي وإهمالي لهم، فخططوا لقتلي وأغرقوا سفينتي أنا وزوجتي.
ولكن زوجتي تحولت إلى جنية وقد حملتني خارج الماء وأخبرتني أن هذه مكافئتي للزواج منها، ثمّ حولت أخوتي لهؤلاء الكلاب وعندما كنت مارًا من هنا وسمعت قصة هذا الرجل قرّرت أن أخبرك قصتي لتحكم أيّها أقسى، فنظر الجني وقال: لقد ربحت، سوف أمنح الرجل حريته، أما قصتك فقد أثارت مشاعري وحزني.


شارك المقالة: