قصة التقويم الأول ابن الملك

اقرأ في هذا المقال


قصة التقويم الأول ابن الملك أو (The Story of the First Calender, Son of a King) هي حكاية خرافية من سلسلة الحكايات الشعبية من كتاب ترفيه الليالي العربية، تمّ اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، نشرت عام 1918، للناشر (Longmans، Green and Co)

الشخصيّات:

  • التقويم الأول ابن الملك.
  • الوزير.
  • زبيدة.

قصة التقويم الأول ابن الملك:

تحدّث التقويم الأول وأخبر قصته للسيدة زبيدة صاحبة المنزل وقال: لكِ أشرح سيدتي، كيف فقدت عيني اليمنى، وأنا أرتدي فستان التقويم، يجب أن تعرفي أولاً أنني ابن ملك حكم شقيق والدي الوحيد على البلد المجاور، وكان لديه طفلان، ابنة وابن، كانا في نفس عمري، وعندما كبرت، وتمّ السماح لي بمزيد من الحرية، كنت أذهب كل عام لزيارة قصر عمي، وبقيت هناك حوالي شهرين، وبهذه الطريقة أصبحت أنا وابن عمي صديقين حميمين للغاية، وكنا مرتبطين كثيرًا ببعضنا البعض.

في المرة الأخيرة التي رأيته فيها بدا سعيدًا برؤيتي أكثر من أي وقت مضى ، وأقام وليمة رائعة على شرفي، وعندما انتهينا من الأكل، قال لي: ابن عمي، لن تخمّن أبدًا ما كنت أفعله منذ زيارتك الأخيرة لنا! مباشرة بعد مغادرتك قمت بتعيين عدد من الرجال للعمل في مبنى من تصميمي الخاص، ولقد اكتمل الآن، وجاهز للعيش فيه أود أن أريك ذلك، ولكن يجب أولاً أن تقسم لي على شيئين: أن تكون مخلصًا لي، وأن تحافظ على سرّي.

طبعاً لم أفكر برفض أي شيء يطلبه، وأعطيت الوعد دون أدنى تردد، ثمّ أمرني بالانتظار لحظة، واختفى وعاد في لحظات قليلة مع سيدة ذات ثياب ثرية وذات جمال رائع، ولكن نظرًا لأنّه لم يخبرني باسمها، اعتقدت أنّه من الأفضل عدم الاستفسار، ثمّ جلسنا جميعًا إلى المائدة واستمتعنا بالحديث عن كل أنواع الأشياء، وفجأة قال لي الأمير: يا ابن عمي، ليس لدينا وقت نضيعه، كن لطيفًا لتوجيه هذه السيدة إلى مكان معين حيث ستجد قبرًا يشبه القبّة، تم بناؤه حديثًا.

لا يمكنك أن تخطئ في ذلك، ثمّ ادخلا كلاكما، وانتظر حتى آتي لن أطيل، وكما وعدته، فعلت ما قيل لي، ومددت يدي للسيدة ورافقتها على ضوء القمر إلى المكان الذي تحدث عنه الأمير، وبالكاد وصلنا إليه عندما انضم إلينا بنفسه، وهو يحمل إناءً صغيرًا من الماء، وفولًا وحقيبة صغيرة تحتوي على الجص، ومع الفأس بدأ على الفور في تدمير القبر الفارغ، وأخذ الحجارة واحدة تلو الأخرى وكدسها في زاوية.

عندما هدم القبر بأكمله شرع في الحفر في الأرض، وتحت المكان الذي كان فيه القبر رأيت باب مصيدة، وعند رفع الباب رأيت قمة سلم حلزوني،  ثمّ قال وقد التفت إلى السيدة: سيدتي، هذه هي الطريقة التي ستقودك إلى النقطة التي أخبرتك بها، لم تجب السيدة، لكنّها نزلت السلم بصمت، وتبعها الأمير، ثمّ نظر إلي وصاح قائلاً: ابن عمي، لا أعرف كيف أشكرك على لطفك، ثمّ ودعني وابتعد.

وقبل أن يغادر سألته: ماذا تقصد بذلك؟ أنا لا أفهم، فأجاب: لا يهم، ارجع إلى الطريق الذي أتيت إليه، لم يقل أكثر من ذلك، وفي حيرة شديدة عدت إلى غرفتي في القصر وذهبت إلى الفراش، وعندما استيقظت وفكرت في مغامرتي، اعتقدت أنّه لا بد أنّني كنت أحلم، وأرسلت خادماً لأسأل ما إذا كان الأمير يرتدي ملابس ويمكنه رؤيتي، لكن لما سمعت أنه لم ينام في المنزل انزعجت كثيرًا، وسارعت إلى المقبرة.

لسوء الحظ، كانت جميع المقابر متشابهة لدرجة أنني لم أتمكن من اكتشاف ما كنت أبحث عنه، رغم أنني أمضيت أربعة أيام في البحث عنها، ويجب أن تعلمي أنّ الملك، عمي كان غائبًا طوال هذا الوقت في رحلة صيد ، وبما أنّه لم يكن أحد يعلم متى سيعود، فقد قررت أخيرًا العودة إلى المنزل ، وترك الوزراء لتقديم الأعذار له حول غياب ابنه، مع أننّي كنت أتوق لأخبرهم بما حل بالأمير الذي شعروا بشأن مصيره بأكبر قدر من القلق المروع، لكن القسم الذي أقسمته أبقاني صامتًا.

عند وصولي إلى عاصمة والدي، اندهشت عندما وجدت مفرزة كبيرة من الحراس أمام بوابة القصر وقد أحاطوا بي مباشرة، وعندما دخلت سألت الضباط المسؤولين عن سبب هذا السلوك الغريب، فذهلت عندما علمت أن الجيش قد تمرد وقتل الملك والدي، ووضع الأكبر على العرش، علاوة على ذلك، بأوامره تم وضعي قيد الاعتقال، الآن، كان الوزير المتمرد يكرهني من قبل.

لأننّي ذات مرة، عندما أطلقت على طائر بقوسه، أصبت عينه بالصدفة،  بالطبع لم أرسل خادمًا على الفور لأقدم له أسفي واعتذاري، لكننّي قمت بهذا شخصيًا، وكان كل اعتذاري بلا فائدة، كان يعتز بكراهية لا تنضب تجاهي، ولم يترك أي فرصة لإظهارها لي، وبعد أن أوصلني مرة واحدة تحت قوّته شعرت أنّه لا يستطيع أن يظهر أي رحمة جاهي.

وكنت على حق، وبجنون الانتصار والغضب جاء إليّ في سجني ومزق عيني اليمنى، وهكذا فقدتها، لكنّ اضطهادي لم يتوقف هنا، بل حبسني في حقيبة كبيرة وأمر جلاده بحملي إلى مكان صحراوي وقطع رأسي، ثمّ ترك جسدي للطيور الجارحة، وتمّ وضع الحقيبة وأنا بداخلها، بناءً على ذلك على حصان ، وركب الجلّاد برفقة رجل آخر البلد حتى وجدوا مكانًا مناسبًا لهذا الغرض، لكنّ قلوبهم لم تكن قاسية كما بدت، وجعلتهم دموعي وصلواتي يترددون.

قال الجلاد أخيرًا: اترك المملكة على الفور، واحرص على عدم العودة أبدًا، لأنّك لن تفقد رأسك فحسب، بل ستجعلنا نفقد رؤوسنا، شكرتهما بامتنان ، وحاولت مواساة نفسي لفقدان عيني بالتفكير في المصائب الأخرى التي نجوت منها، وبعد كل ما مررت به، وخوفي من التعرف عليّ من قبل بعض الأعداء، لم يكن بإمكاني السفر إلا ببطء شديد وحذر، وأستريح عمومًا في مكان بعيد عن الطريق يومًا بعد يوم، وأمشي بقدر ما استطعت ليلاً، لكنني وصلت مطولا إلى مملكة عمي الذي كنت متأكدا من حمايته.

لقد وجدته في ورطة كبيرة بشأن اختفاء ابنه الذي قال أنّه اختفى دون أن يترك أي أثر، لكنّ حزنه لم يمنعه من مشاركتي همّي، واختلطت دموعنا  ثمّ قررت أنّه من واجبي أن أخلف القسم الرسمي الذي أقسمته للأمير، لذلك لم أضيع الوقت في إخبار عمي بكل ما أعرفه، ولاحظت أنّه حتى قبل أن أنتهي، بدا أن حزنه قد خف قليلاً، وقال لي: ابن أخي العزيز، قصتك تعطيني بعض الأمل، كنت أعلم أنّ ابني كان يبني قبرًا، وأعتقد أنه يمكنني العثور على المكان.

ولكن بما أنّه كان يرغب في الحفاظ على سرية الأمر، فلنذهب وحدنا ونبحث عن المكان بأنفسنا، ثمّ طلب مني أن أتنكر، وهرب كلانا من باب الحديقة الذي فتح على المقبرة، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى وصلنا إلى مكان اختفاء الأمير أو اكتشاف القبر الذي كنت أبحث عنه عبثًا من قبل، ودخلناها، ووجدنا الباب الذي يؤدي إلى السلم، ولكننا واجهنا صعوبة كبيرة في رفعه، لأنّ الأمير ربطه من تحته بالجص الذي أحضره معه.

ذهب عمي أولاً وتبعته، وعندما وصلنا إلى أسفل الدرج، صعدنا إلى غرفة ما قبل الانتظار كانت مليئة بدخان كثيف لدرجة أنه من الصعب رؤية أي شيء، ومع ذلك، مررنا عبر الدخان إلى حجرة كبيرة بدت فارغة تمامًا في البداية، كانت الغرفة مضاءة ببراعة، وفي لحظة أخرى رأينا نوعًا من المنصة في أحد طرفيها حيث كانت جثتا الأمير والسيدة، كلاهما محترقين، كما لو أنّهما قد تم جرهما من النار قبل اندلاعها وقد استهلكتهم تمامًا.

هذا المنظر الرهيب جعلني يغمى علي، لكن لدهشتي لم يُظهر عمي الكثير من المفاجأة مثل الغضب، قال: كنت أعرف أن ابني كان مرتبطًا بحنان بهذه السيدة التي كان من المستحيل أن يتزوجها أبدًا، حاولت قلب أفكاره ، وقدمت له أجمل الأميرات، لكنّه لم يهتم بأي منهن، وكما ترى فقد توحدوا الآن بموت رهيب في قبر تحت الأرض، ولكن، بينما كان يتكلم ذاب غضبه في البكاء، وبكيت معه مرة أخرى.

عندما تعافى وجذبني إليه، قال وهو يحتضنني: ابن أخي العزيز، لقد أتيت إلي لتحلّ محله، وسأبذل قصارى جهدي لنسيان أنّه كان لدي ابني يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة الشريرة، ثم استدار وصعد السلم، ووصلنا إلى القصر دون أن يلاحظ أحد غيابنا، وبعد فترة وجيزة، انفجر صخب الأبواق على آذاننا المندهشة، وفي الوقت نفسه، كانت هناك سحابة كثيفة من الغبار في الأفق تتحدث عن اقتراب جيش عظيم، غرق قلبي عندما أدركت أن القائد هو الوزير الذي خلع والدي، وجاء للاستيلاء على مملكة عمي.

كانت العاصمة غير مستعدة إطلاقًا للحرب، ورأيت أنّ المقاومة غير مجدية، فتحت المدينة أبوابها في الحال، وكافح عمي بشدة من أجل حياته، ولكن سرعان ما تم التغلب عليه، وعندما سقط تمكنت من الهروب عبر ممر سري، ولجأت مع ضابط كنت أعرف أنه يمكنني الوثوق به، كنت مضطهدًا بسبب سوء الحظ والحزن، وبدا لي أنه لم يتبق لي سوى وسيلة واحدة للسلامة، حلقت لحيتي وحاجبي، وارتديت ثوبًا من السهل علي السفر فيه دون أن أُعرف.

لقد تجنبت المدن حتى وصلت إلى مملكة الخليفة القوي الشهير هارون الرشيد، وعندما لم يكن لدي أي سبب آخر للخوف من أعدائي، كنت أعتزم القدوم إلى بغداد وألقي بنفسي عند أقدام سموه الذي شعرت أنه سيتأثر بقصتي الحزينة، وسيمنحني المساعدة والحماية، وبعد رحلة استغرقت بضعة أشهر وصلت مطولاً إلى أبواب هذه المدينة، كانت الغروب، وتوقفت قليلاً لأبحث وأقرر في أي طريق أقلب خطواتي.

كنت لا أزال أتناقش حول هذا الموضوع عندما انضم إليّ هذا التقويم الآخر، الذي توقف لييحييني، قلت: أنت مثلي تبدو غريبًا، أجاب بأنني كنت على حق، وقبل أن يقول المزيد جاء التقويم الثالث، وهو أيضًا وصل حديثًا إلى بغداد، وكوننا إخوة في المحنة، عقدنا العزم على إلقاء القرعة معًا، ومشاركة أي مصير لنا، وبحلول هذا الوقت، تأخر الوقت ولم نكن نعرف أين نقضي الليل.

لكن نجمنا المحظوظ بعد أن قادنا إلى هذا الباب، أخذنا حرية الطرق وطلب المأوى الذي أعطي لنا في الحال مع أفضل نعمة في العالم، هذه قصتي سيدتي، أجابت زبيدة: أنا راضي، يمكنك الذهاب متى شئت.


شارك المقالة: