قصة التقويم الثاني- ابن الملك

اقرأ في هذا المقال


قصة التقويم الثاني، ابن الملك (The Langs Fairy Books) هي سلسلة من 25 مجموعة من القصص الحقيقية والخيالية للأطفال لأندرو لانغ،وقصة التقويم الثالث، ابن ملك، رحلات السندباد السبع.

الشخصيات:

  • ابن الملك.
  • الجني.
  • الأميرة.

قصة التقويم الثاني، ابن الملك:

قال الشاب آدم مخاطبًا زبيدة: إذا أردت أن تعرف كيف فقدت عيني اليمنى، يجب أن أحكي لك قصة حياتي كلها، بالكاد كنت أكثر من مجرد طفل، عندما وجدني الملك والدي سريعًا وذكيًا بشكل غير عادي بالنسبة لعمري، وحول أفكاره إلى تعليمي، لقد تعلمت أولاً القراءة والكتابة، ثم تعلمت القرآن، وهو أساس ديننا المقدس والأفضل فهمه.
قرأت مع معلمي أفضل المعلقين على تعاليمه، والتزمت بتذكر كل أحاديث عن الرسول جمعت من صحابته، كما تعلمت التاريخ، ودُرست في الشعر، والتأليف، والجغرافيا، والتسلسل الزمني، وفي جميع التدريبات الخارجية التي يجب أن يتفوق فيها كل أمير، لكن أكثر ما أعجبني هو كتابة الحروف العربية ، وسرعان ما تجاوزت درجة أساتذتي، واكتسبت شهرة في هذا الفرع من المعرفة التي وصلت إلى الهند نفسها.
كان سلطان جزر الهند الذي كان لديه فضول لرؤية أمير شاب له أذواق غريبة، أرسل إلى والدي سفيراً محملاً بالهدايا الغنية ودعوة حارة لزيارة بلاطه، ولكن والدي الذي كان حريصًا بشدة على تأمين صداقة ملك قوي جدًا ، أصر على أن القليل من السفر سيحسن أخلاقي بشكل كبير ويفتح عقلي، وفي وقت قصير كنت قد انطلقت إلى الهند مع السفير، وكما كان واجبي، أخذت معي عشرة جمال محملة بالهدايا الغنية للسلطان.
كنا نسافر لمدّة شهر تقريبًا، عندما رأينا يومًا ما سحابة من الغبار تتحرك بسرعة نحونا، ولما اقترب منها وجدنا أنّ التراب اخفى خمسين لصا، وبالكاد كان عدد رجالنا النصف، ولأنّ الجمال أعاقتنا أيضًا، لم يكن هناك فائدة في القتال، لذلك حاولنا التغلب عليهم بإخبارهم من نحن وإلى أين نحن ذاهبون، لكن اللصوص ضحكوا فقط، وقالوا أنّ هذا ليس من شأنهم.
وبدون مزيد من الكلمات، هاجمونا بوحشية، فدافعت عن نفسي على الرغم من أنّني كنت مصابًا، لكن مطولًا رأيت أن المقاومة كانت ميؤوسًا منها، وأن السفير وجميع أتباعنا قد تم سجنهم، فوضعت نفسي على حصاني وركبت بأسرع ما يمكن، حتى سقط الحصان المسكين بسبب جرح في جنبه، فأوقعني على الأرض، فنظرت خلفي لأرى ما إذا كان قد تم ملاحقتي.
لكن في الوقت الحالي كنت في أمان، لأن اللصوص كما تخيلت، كانوا جميعًا متورطين في شجار على غنائمهم، وجدت نفسي في بلد جديد تمامًا بالنسبة لي، ولم أجرؤ على العودة إلى الطريق الرئيسي لئلا أسقط مرة أخرى في أيدي اللصوص، لحسن الحظ، كان جرحي بسيطًا وبعد أن ربطته قدر المستطاع، سرت بقية اليوم حتى وصلت إلى كهف عند سفح الجبل، حيث قضيت الليل بسلام، وأعددت عشائي من بعض الفواكه التي جمعتها في الطريق.
تجولت لمدّة شهر كامل دون أن أعرف إلى أين أنا ذاهب، حتى وجدت نفسي مطولاً في ضواحي مدينة جميلة، التي تمتعت بنبع وجداول متعرجة، إن سعادتي باحتمالية الاختلاط مرة أخرى بالبشر تضاءلت بعض الشيء فقد كان وجهي ويدي محترقين تقريبًا باللون الأسود، كانت ملابسي كلها بالية، وحذائي كان في حالة لدرجة أنّني اضطررت إلى التخلي عنها تمامًا.
دخلت البلدة وتوقفت عند محل خياط للاستعلام عن مكان وجودي، وعندما رأى الرجل حالتي، توسل إلى أن أجلس، وفي المقابل أخبرته قصتي كاملة حيث استمع الخياط باهتمام، لكن رده، بدلاً من مواساتي زاد من مشكلتي، فقال: احذر من أن تخبر أحداً بما قلته لي، فالأمير الذي يحكم المملكة هو أعظم أعداء والدك، وسوف يفرح إذا وجدك في قوته.
شكرت الخياط على مشورته، وقلت إنّني سأفعل كل ما ينصح به، وبعد ذلك لكوني جائعًا جدًا، أكلت بسرور من الطعام الذي وضعه أمامي، وقبلت عرضه بالسكن في منزله، وفي غضون أيام قليلة، تعافيت تمامًا من المصاعب التي مررت بها، ومن ثم تسائل الخياط عما إذا كان هناك أي شيء يمكنني القيام به من أجل رزقي، أجبته أنّني تلقيت تعليمي كأستاذ نحوي وشاعر، لكن موهبتي العظيمة هي الكتابة.
قال الخياط: كل هذا لا ينفع هنا، خذ نصيحتي، ارتدي معطفًا قصيرًا وبما أنّك تبدو قويًا، اذهب إلى الغابة واقطع الحطب الذي ستبيعه في الشوارع. وبهذه الطريقة ستكسب قوتك وستكون قادرًا على الانتظار حتى تأتي أوقات أفضل، وسيكون الفأس والحبل هديتي لك، كانت هذه المهمة مقيتة للغاية بالنسبة لي، لكنّني اعتقدت أنّني لا أستطيع أن أفعل خلاف ذلك.
لذا في صباح اليوم التالي انطلقت مع مجموعة من قاطعي الأخشاب الفقراء الذين عرّفني عليهم الخياط، حتى في اليوم الأول قمت بقطع ما يكفي من الخشب لبيعه مقابل مبلغ مقبول، وسرعان ما أصبحت أكثر خبرة، وجنيت ما يكفي من المال لسداد كل ما أقرضه لي الخياط، عملت في قطع الأخشاب لأكثر من عام، وفي أحد الأيام عندما تجولت يومًا ما في الغابة، ووصلت إلى فسحة خضراء حيث بدأت في قطع الخشب.
كنت أقوم بقطع جذر شجرة، عندما رأيت حلقة حديدية مثبتة في باب مسحور من نفس المعدن، سرعان ما أزلت الحلقة وسحبت الباب، ووجدت درجًا، قررت على عجل أن أنزل به، وعندما وصلت إلى القاع، اكتشفت أنّني كنت في قصر ضخم، مضاء مثل أي قصر فوق الأرض ، مزين بتيجان من الذهب، ثمّ أتت سيدة لمقابلتي، وكانت جميلة لدرجة أنني نسيت كل شيء آخر، وفكرت فيها فقط.
قالت السيدة: من أنت؟ رجل أم جني؟ أجبتها : رجل يا سيدتي، لا علاقة لي بالجن، سألت مرة أخرى: بأي حادث أتيت إلى هنا؟ أنا في هذا المكان الآن منذ خمسة وعشرين عامًا، وأنت أول من زارني، ثم أخبرتها من أنا، وكيف جئت إلى هناك.
قالت، مع تنهيدة عميقة: للأسف، يا أمير، أنا ابنة ملك جزيرة الأبنوس، الذي يجب أن تكون سمعت عنه، بناء على رغبة والدي لقد كنت متزوجة من أمير كان ابن عمي، ولكن في يوم زفافي اختطفني جني، وجلبت إلي هنا في حالة إغماء، و لفترة طويلة لم أفعل شيئًا سوى البكاء، ولم يتحمل الجني الاقتراب مني، لكن الوقت يعلمنا الخضوع، وقد اعتدت الآن على وجوده.
وإذا كانت الملابس والجواهر ترضيني، فأنا أمتلكها بكثرة، من عشرين عامًا، لقد تلقيت زيارة منه في كل عشرة أيام مرة، لكن في حال احتجت إلى مساعدته في أي وقت آخر، ما علي سوى لمس تعويذة تقف عند مدخل غرفتي، وعندها يأتي إلي مباشرة، ولكن يحتاج الأمر إلى خمسة أيام حتى زيارته القادمة، وآمل أن تشرفني خلال ذلك الوقت أن تكون ضيفي، لقد أذهلتني كثيرًا بجمالها لدرجة أنني لم أحلم برفض عرضها.
قدمت لي الأميرة وليمة من ألذ الأطباق وملابس هندية مطرزة، وفي اليوم التالي، عندما كنا نتناول العشاء لم أستطع الحفاظ على صبري بعد الآن، وناشدت الأميرة أن تكسر روابطها، والعودة معي إلى العالم الذي أضاءته الشمس، فأجابت: ما تطلبه مستحيل، لكن ابق هنا معي بدلاً من ذلك، ويمكننا أن نكون سعداء، وكل ما عليك فعله هو أن تغادر إلى الغابة كل يوم العاشر، عندما أتوقع حضور سيدي الجني، لأنّه غيور جدًا.
وعندما أجبتها أنّني أرى أن الخوف من الجني فقط هو الذي يجعلها تتصرف على هذا النحو، وأنّني أقسم رسميًا بالقضاء عليه، فنبهتني الأميرة على عدم لمس التعويذة، وقالت: إذا قمت بذلك، فسيكون الموت مصير لكلينا، أنا أعرف الجني أفضل منك، لكني وجهت ركلة واحدة إلى التعويذة، وسقطت إلى ألف قطعة.
بالكاد لمست قدمي التعويذة عندما أصبح الجو مظلمًا مثل الليل، وسمعت ضجيج مخيف واهتز القصر حتى أساساته، وفي لحظة فهمت ما فعلته، فقلت: أميرة!ماذا يحدث؟ صرخت الأميرة: واحسرتاه! اذهب، اهرب أو تموت، فاتبعت نصيحتها وصعدت السلم ونسيت حذائي، لكنّي كنت متأخرا جدا حيث فتح القصر وظهر الجني الذي كان غاضبًا.
نظر إلى الأميرة وسألها بسخط: ما الأمر، الذي أرسلته لي هكذا؟ ردت على عجل: ألم في قلبي، أجبرني على طلب المساعدة من هذه الزجاجة الصغيرة، وشعرت بالإغماء ، انزلقت وسقطت على التعويذة التي انكسرت، هذا كل شيء حقًا، قال الجني: أنت كاذبة ! كيف وصلت هذه الأحذية إلى هنا؟
أجابت: لم أرهم من قبل أبدًا، وقد أتيت في عجلة من أمرك لدرجة أنك ربما التقطتهم على الطريق دون أن تعرف ذلك، لهذا رد الجني فقط بالإهانات والضربات وسمعت آهات الأميرة، ولكنّي خلعت ثيابي الغنية وارتديت الملابس التي وصلت إليها في اليوم السابق و رفعت الفخ، ووجدت نفسي مرّة أخرى في الغابة، وعدت إلى صديقي الخياط، مع حمولة خفيفة من الخشب وقلب مليء بالخزي والأسى.
كان الخياط، الذي كان غير مرتاح لغيابي الطويل، لكنني بقيت صامتًا بشأن مغامرتي، وفي أسرع وقت تقاعدت إلى غرفتي ، وبينما كنت أغرق بحزني، دخل مضيفي ، وقال: هناك رجل عجوز في الطابق السفلي أحضر ملابسك ونعالك التي التقطها على الطريق، والآن أعادها إليك، كما اكتشف من أحد رفاقك حيث كنت تعيش ومن الأفضل أن تنزل وتتحدث معه بنفسك.
تغير لوني، وارتعدت ساقاي تحتي حيث لاحظ الخياط حيرتي، وكان على وشك الاستفسار لولا أن فُتح باب الغرفة، وظهر الرجل العجوز وهو يحمل معه حذائي، وقال: أنا جني ، ابن ابنة إبليس أمير الجن، أليست هذه الملابس وهذه الأحذية لك؟ دون انتظار إجابة، أمسك بي، وانطلق في الهواء بسرعة البرق، ثم بسرعة مماثلة نزل نحو الأرض.
عندما لمس الأرض ضربها بقدمه، ووجدنا أنفسنا في القصر المسحور، في حضور أميرة جزيرة الأبنوس الجميلة. لكن كم كانت تبدو مختلفة عما كانت عليه عندما رأيتها آخر مرة، لأنّها كانت ممددة على الأرض مغطاة بالدماء ، وتبكي بمرارة، صرخ الجني: خائنة! أليس هذا الرجل هو حبيبك؟ رفعت عينيها ببطء، ونظرت إلي بحزن، وأجابت ببطء: لم أره من قبل،أنا لا أعلم من هو.
صاح الجني: ماذا! تجرؤين على القول إنّه غريب عنك وهو ماسبب آلامك! فأجابت: ولكن إذا كان حقاً غريباً عني، فلماذا أكذب وأتسبب في موته؟ قال الجني وهو يسحب سيفه: حسنًا، خذي هذا واقطعي رأسه، أجابت الأميرة: للأسف، أنا أضعف من أن أمسك السيف، وافترض أن لدي القوة، فلماذا أقتل رجلاً بريئًا؟ قال الجني الذي التفت إليّ: وأنت، ألا تعرفها؟
أجبته عازمًا على تقليد الأميرة في إخلاصها.: كيف لي، وأنا لم أرها من قبل؟ قال الجني: اقطع رأسها، إذًا، إذا كانت غريبة عنك، وسأعتقد أنك تقول الحقيقة وسوف اطلق حريتك، أجبت: بالتأكيد، وأخذت السيف بين يديه ، وأرسلت إشارة للأميرة أن لا تخشى شيئًا، لأن حياتي هي التي كنت على وشك التضحية بها، وليس حياتها، لكن نظرة الامتنان التي أعطتها لي هزت شجاعتي، وألقيت بالسيف على الأرض.
قلت للجني: لا يجب أن أستحق العيش، إذا كنت جبانًا لدرجة أنّني أقتل سيدة ليست مجهولة بالنسبة لي فحسب، ولكنّها في هذه اللحظة نصف ميتة، افعل معي ما تشاء، لكني أرفض إطاعة أمرك القاسي، قال الجني: أرى أنّ كلاكما اتخذ قرارًا بشجاعة، لكنّني سأعطيك عينة مما قد تتوقعه، لذلك مع تمريرة واحدة من سيفه قطع يد الأميرة، التي فقدت الوعي لعدّة دقائق.
ثمّ قال الجني بصرامة: هذه هي الطريقة التي يعامل بها الجني المرأة التي خانته، إذا اخترت، يمكنني قتلك أيضًا، لكنّني سأكون رحيمًا، و أقنع نفسي بتغييرك إلى كلب، أو حمار، أو أسد، أو طائر أيهما تفضل، تمسكت بهذه الكلمات بشغف، لأنّها تعطيني أملاً ضعيفًا في تخفيف غضبه وقلت: أيها الجني! إذا شئتَ أن تنقذ حياتي، كُنْ كريمًا، وأعتذر عن جريمتي واسمع ما سأرويه لك عن قصة الجارتين، حيث بدا العبقري مهتمًا بكلماتي، وقال إنّه يود سماع قصة الجارتين.
بدأ الأمير سرد الحكاية للجني على أمل الخلاص أو الخروج من هذه الورطة بعد انتهاء قصته.


شارك المقالة: