قصة الجذر الذهبي

اقرأ في هذا المقال


قصة الجذر الذهبي أو (The Golden Root) هي حكاية فولكلورية إيطالية، تمّ نشرها ضمن مجموعة (Il Pentamerone) لأول مرة في نابولي بواسطة (Giambattista Basile) الذي يعتقد أنه جمعها بشكل رئيسي في كريت والبندقية، للمؤلف، جيامباتيستا باسيلي.

الشخصيات:

  • بارميتلا.
  • أخوات بارميتلا.
  • الرجل الأسود.
  • والدة الرجل الأسود.
  • أخوات الرجل الأسود.
  • المرأة العجوز.

قصة الجذر الذهبي:

كان هناك بستاني في يوم من الأيام كان فقيرًا جدًا لدرجة أنّه مهما عمل بجد، لم يستطع الحصول على الخبز لأسرته، لذلك أعطى ثلاث خنازير صغيرة لبناته الثلاث حتى يربينهم، ثمّ قادت الفتاتان الأكبر سناً وهما باسكوزا وكيس خنازيرهما الصغيرة لتتغذى في مرج جميل لكنّهما لم تسمحا لبارميتيلا، وهي الإبنة الصغرى بالذهاب معهما، وطلبتا منها الذهاب وإطعام خنزيرها في مكان آخر.

لذا دفعت بارميتيلا بحيوانها الصغير إلى الغابة حيث كانت الظلال صامدة في وجه هجمات الشمس، وأتت إلى مرعى كان يتدفق في وسطه ينبوع، ووجدت شجرة معينة بأوراق ذهبية، ثم اقتطفت إحداها، وأخذتها إلى والدها الذي باعها بفرح كبير بأكثر من عشرين سنتاً، وعندما سأل بارميتيلا أين وجدته، قالت: خذها، ولا تسأل أي أسئلة، إلا إذا كنت ستفسد حظك السعيد.

وفي اليوم التالي عادت وفعلت الشيء نفسه، وواصلت قطف الأوراق من الشجرة حتى جُردت تمامًا، وكأنّ رياح الخريف قد نهبتها، ثمّ أدركت أنّ الشجرة لها جذر ذهبي كبير، فذهبت إلى المنزل، وجلبت فأسًا لتعمل على اقتلاع الجذر من حول الشجرة، ورفعت الجذع بقدر استطاعتها، وجدت تحته درجًا جميلًا من الرخام، نزلت بارميتيلا التي شعرت بالفضول على الدرج.

وسارت عبر كهف كبير وعميق، ووصلت إلى سهل جميل، كان فيه قصرًا رائعًا حيث كان الذهب والفضة مليئاً تحت أقدامها، واللؤلؤ والأحجار الكريمة في كل مكان، وبينما وقفت بارميتيلا تتساءل عن كل هذه الأشياء الرائعة، دخلت إلى غرفة بها عدد من الصور، كانت الصور تمثل جهل الإنسان الحكيم المحترم، وظلم صاحب الميزان، وفي نفس الحجرة أيضا كانت مائدة رائعة معدة بأشياء للأكل والشرب.

جلست بارميتيلا التي كانت جائعة على طاولة لتناول الطعام، وبينما كانت تأكل دخل رجل أسود، وقال: ابقي هنا! ولا تمضي، لأنني سأجعلك زوجتي، وسأجعلك أسعد امرأة في العالم، على الرغم من خوفها، إلا أنّ بارميتيلا تشجعت، ووافقت على ما اقترحه الرجل، وتمّ منحها على الفور عربة من الماس، تجرها أربعة جياد ذهبية، بأجنحة من الزمرد والياقوت، وتمّ تزيينها حتى تبدو مثل الملكة.

وعندما حلّ الليل، قال الرجل لبارميتيلا: يا عزيزتي، اذهبي الآن للراحة في هذا السرير، لكن تذكري أن تطفئي الشمعة، ثمّ فعلت بارميتيلا ما قال لها، ولكن ما إن أغمضت عينيها حتى تحول الرجل الأسود إلى شاب وسيم، واستلقى للنوم، لكن في صباح اليوم التالي، قبل أن يحلّ الفجر، نهض الشاب وأخذ شكله الآخر مرة أخرى، تاركًا بارميتيلا مليئة بالدهشة والفضول.

ومرة أخرى في الليلة التالية عندما ذهبت بارميتيلا للراحة، أطفأت الشمعة كما فعلت في الليلة السابقة، وجاء الشاب كالمعتاد واستلقى للنوم، ولكن ما إن أغمض عينيه حتى نهضت بارميتيلا،  وأضاءت بأعواد الثقاب الشمعة مرة أخرى، ورفعت الغطاء، ورأت الفحم يتحول إلى طباشير، وبينما كانت تقف تنظر وتتأمل أجمل أقلام رصاص التي قدمتها الطبيعة على لوحة العجائب أمامها.

استيقظ الشاب وبدأ يوبخ بارميتيلا قائلاً: ويل لي! يجب أن أعاني سبع سنوات أخرى من هذه العقوبة اللعينة، ولكن ابتعدي! اركضي وأبعدي نفسك عن عيني! أنت لا تعرفين ما هو الحظ الجيد الذي فقدته، ثمّ اختفى من أمامها، غادرت الفتاة المسكينة القصر، ورأسها منحني على الأرض، وعندما خرجت من الكهف قابلت جنيّة قالت لها: يا طفلتي، أيتها الفتاة التعيسة، ستذهبين إلى المسلخ حيث ستعبرين جسر ليس أعرض من شعرة.

لذلك خذي هذه المغازل السبعة مع حبّات التين السبعة، وجرة صغيرة من العسل، وتلك السبعة أزواج من الأحذية الحديدية، وامش فيها دون توقف، بعد ذلك سترين سبع نساء يقفن على شرفة منزل ويدرن من فوق إلى أسفل إلى الأرض، مع خيط يربطنه على عظم شخص ميت، لذلك ابقي مختبأةً وعندما ينزل الخيط، أخرجي العظم وضعي في مكانه مغزلًا مغطى بالعسل، مع تين في مكان الزر الصغير.

وبعد ذلك بمجرد أن ترى النساء المغازل ويتذوقن العسل، ثمّ سيقلنّ: يا من جلبت لنا هذه الأشياء الحلوة أظهر! ثمّ يجب أن تجيبي: كلا، لأنكنّ ستأكلنني، فيقلن نقسم بالرعد والبرق أننا لن نأكلك! ثمّ تحلي بالشجاعة واظهري، لأنهنّ لن يؤذينك، وعندما سمعت بارميتيلا ذلك، انطلقت وسارت عبر التل والوادي حتّى نهاية سبع سنوات، وعندما وصلت المكان ففعلت كما نصحتها الجنيّة، وبعد أن أقسمن بالرعد والبرق، أظهرت نفسها وصعدت.

ثم قلنّ لها جميعًا: خائنة، أنت تسببت بجعل شقيقنا يعيش مرتين وسبع سنوات طويلة في الكهف بعيدًا عنّا، على شكل رجل أسود! ولكن لا تهتمي واسمعي ما يجب عليك فعله: اختبئي خلف هذا الحوض، وعندما تأتي والدتنا أخبريها أنّك جاهزة لفعل ما تريده، وعند حضور والدتهن أعطتها اثني عشر كيسًا من البذور المختلفة: البازلاء والحمص، والعدس، والبقوليات، والفاصولياء، والترمس، وخلطتها معًا.

ثم قالت لها: خذي هذه البذور وافرزيها جميعًا، وإذا لم يتم فرزهم جميعًا بحلول هذا المساء، فسوف أبتلعك مثل قطعة صغيرة، جلست بارميتيلا، بجانب الأكياس باكية، وقالت: كيف أصبح هذا الجذرالذهبي أصل الويلات لي! أصبح كل شيء أسود أمام عيني، لا يوجد أحد يساعدني، ولا يوجد أحد ينصحني، وفجأة ظهر الرجل الأسود أمامها.

ورأى حزنها فقال لها: ما الذي يجعلك تبكين هكذا؟ ثمّ أخبرته عن سوء معاملة والدته لها، ورغبتها في القضاء عليها، وعلى الفور نثر كل البذور على الأرض، وأطلق طوفانًا من النمل الذي شرع على الفور في العمل على تكديس كل البذور بشكل منفصل، كل نوع على حدة، وملأت بارميتيلا الأكياس بها، وعندما عادت العجوز  ووجدت المهمة قد أنجزت.

كانت في حالة من اليأس، وأعطتها قطع قماش وهي تكفي لاثنتي عشرة مرتبة، وطلبت منها بحلول المساء أن تمتلئ بالريش، فأحضر لها الرجل الأسود سحابة من الطيور ظهرت فجأة أظلمت الهواء، ورفرفوا أجنحتهم وتركوا ريشهم يسقط بسلال حتّى امتلأت المراتب كلها في أقل من ساعة، وعندما رأت العجوز أنّ المهمة أنجزت، انتفخت من الغضب.

فقررت بارميتلا الهرب، في هذه الأثناء ذهبت العجوز إلى النافذة، وصرخت إلى الباب: اسحق تلك الخائنة! لكنّ الباب أجاب: لن أستغل الفتاة المسكينة، ثمّ صرخت للحصان: دس على تلك الفتاة! فأجاب الحصان: دعي الفتاة المسكينة تمضي في طريقها، فقد أعطتني التبن، وأخيراً، نادت على الكلب: عض تلك الفتاة! لكن الكلب أجاب: لن أؤذي شعر رأسها، لأنّها هي التي أعطتني الخبز، ثمّ ظهر الرجل الأسود وقال لبارميتلا في طريق هروبها: هل تحبيني؟

ردت: نعم، وعند هذه الكلمات، احتضن بارميتيلا وقال لها: أنت جوهرة حياتي وقد أزلت سحري الآن، وفي صباح اليوم التالي تحول إلى شاب وسيم، وتزوج الشاب الوسيم من بارميتلا وعاشوا سعداء وراضين.


شارك المقالة: