قصة الحوائط الزجاجية

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتبة والأديبة آنا موراليس، وقد تناولت في مضمون القصة الحديث حول عادة طفولية بريئة كان يقدم الأطفال على لعبها طوال الوقت، ومن خلال تلك اللعبة البريئة قامت بوصف كمية المشاعر والأحاسيس التي تكنها لأحد الفتية، والذي وصفته بكامل المواصفات الجمالية التي تبدو بها تلك الفقاعات الزجاجية ذات الألوان السحرية، ولكن ذلك الفتى على الرغم من كل ما تشعر به تجاهه، إلا أنه لم يعلم ولو بجزء من تلك المشاعر.

قصة الحوائط الزجاجية

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول فتاة، حيث أن تلك الفتاة تقوم بسرد أحداث حدث معها في حياته، وقد كانت القصة بمثابة سيرة ذاتية لها، وأول ما بدأت به القول هو: على الدوام كان هناك شعور بداخلي يوحي إلي بأن هناك أمر غير مفهوم، وقد كان ذلك الشعور يراودني منذ أن كنت في مرحلة الطفولة، حيث أنه كنت في تلك المرحلة باستمرار أقوم باللعب في صنع فقاعات ضخمة إذ كنت أقوم بصنعها من خلال خلط الصابون بالماء، وقد كان ينتج عنها حوائط زجاجية هشة سرعان ما تفقع جراء احتكاكها بأي حاجز من الحواجز.

وقد كانت في بعض الأحيان حين أقوم بإضافة المياه الساخنة إلى الصابون ينتج عنه فقاعات ساخنة تتميز بألوان تناغمية ليس لها نهائية، وحين أقوم بالنفخ في تلك الفقاعات كنت أشعر بالرعب حين تتكون ضخمة وحجمها كبير وكيف أنها أول ما تخرج سرعان ما ترتفع عالية باتجاه السماء، إلا أنه وعلى الرغم من حالة الرعب التي أشعر بها، إلا أنه كان يجذبني ذلك الأمر وكأنني أحقق نجاح باهر أثناء ارتفاع تلك الفقاعات وهي تشكل حوائط ذات لون زجاجي.

وفي اللحظة التي كانت تلحق بها تلك الفقاعات إلى أعلى كنت أرغب بالنظر إليها من مسافة بعيدة بعض الشيء، وفي تلك اللحظة أعترف أنني كنت أشعر بالتوتر بعض الشيء لاختفائها عني بعيداً، وفي أحد الأيام كانت السماء مكسوة بعدد هائل من الغيوم، وكانت أشعة الشمس قد بدت تتلاشى وعلى وشك أن تبدو في ذلك الوقت من السنة عداد المفقودين، ولكن على الرغم من تغير الأجواء في ذلك اليوم، إلا أن ألوان الطيف كانت تظهر بشكل أكثر وضوحًا وشفافية، كما كانت تبرز بأنها مليئة بالقوة والحيوية والنشاط، ولكن حينما كان يحل الضوء الكثيف بالمكان، والذي بدوره كان يعكس بعض الظل، يبدأ الأمر وكأنه في حالة من الانسجام الكامل بين وجه امرأة جميلة تشكله تلك الفقاعات مع الألوان المتناسقة الرائعة في ذات الوقت.

وبعد فترة قصيرة وقعت تلك الفتاة في حب أحد الفتية، وقد كانت مشاعر الحب بداخلها جياشه إلى الحد الذي شعرت به أنها أصبحت روحها تندمج داخل روح ذلك الفتى، ولكن ذلك الفتى كان غامض بعض الشيء، وكانت الفتاة على الدوام تحاول جاهدة في التفكير لفك بعض الرموز الغامضة الخاصة بذلك الفتى، وقد كانت تقوم بذلك من خلال مجموعة من القصص والخرافات والأساطير التي تتميز بسرد بسيط وواضح وتتسلل إلى داخل القلوب بهدوء، ولكن بعد محاولات عدة أجرتها يبدو أنه من الواضح أنه لم يكن هناك أي حل، وقد كان يبدو لها أن الحل لم يبرز إلا من خلال ذلك الضوء الذي يتسلل عبر النوافذ الزجاجية.

وفي ذلك الوقت بدأ يتركز تفكير الفتاة على تلك اللحظات الحالمة التي كان يتخللها اللقاء الأول بينهم، حيث أن ذلك اللقاء كان قد حدث في كاتدرائية ليون، ومنذ ذلك اللقاء وقد تمنت الفتاة أن يستمر ذلك اللقاء إلى الأبد وأن لا تكون هناك له أي نهاية تماماً مثل الضوء الذي يشع وسط عالمنا ويعطينا القوة لمجابهة الحياة، إذ أنها كانت ترى في ذلك اللقاء حياة مليئة بالحماس والحيوية والنشاط والدفيء والاطمئنان، وقد أشارت إلى أن تلك الحياة لا تشبه أي حياة خارجية على الاطلاق، إلا أنه في لحظة من اللحظات انتهى ذلك الموعد، ولكنه لم ينتهي حبها له، وأوضحت أن حبه سوف يلازمها مدى حياتها، وسوف تبقى على الدوام تشعر أنه قريب منها.

ومنذ أن تركته في ذلك اللقاء وهي على يقين بأنها سوف تلتقي به من جديد حين يحل الليل وتخلد إلى تأملها في السماء الحالكة الظلام، كما أشارت على الرغم من أنه في ذلك الوقت من المساء يتم الاستعانة بالضوء الاصطناعي، إلا أنه سوف كذلك يتخلل تفكرها وتأملها، فالضوء الاصطناعي سوف يظهره بأنه صاحب وجه جميل ومشرق، وهي في الواقع كانت تراه بهذا الجمال والاشراق، وأوضحت أن ذلك الفتى قد اخترق حياتها، ولم يعد لديها أي بديل لتلك المشاعر والعواطف التي تسكن بداخلها.

وكانت تلك الفتاة باستمرار تشير إلى أن صورته الجميلة والتي احتفظت بها داخل قلبي لم تفارقها ولو للحظة، كما أنها طوال الوقت كانت تراقب تحركات ذلك الفتى من مكان بعيد، وكانت تتمنى على أن تتغلغل داخل روحه، وترغب في أن يظهر ما بداخله لها وكأنه صندوق المفتوح.

امتلكت تلك الفتاة مشاعر الحب كما سيطرت على كامل تفكيرها إلى أن أوصل بها الأمر إلى رغبتها في حمايته من الداخل ومن الخارج، إذ أرادت من خلال ذلك أن تحافظ على روحه من أي شيء يمسها، وكانت تتمنى لو أنها تتمكن من رفعه عن الأرض وترتفع به إلى أعلى إلى أن تصل إلى عنان السماء، فقد كان بداخلها يعادل النجوم في بريقها وجمالها.

كان ذلك الفتى يعمل في مجال الهندسة المعمارية ويبدو أنه شاب أنيق ومدلل، كما بدا مظهره الخارجي وكأنه جوهرة ثمينة ونفيسة، كما كان يتميز بشخصية ذات شموخ وكبرياء وتعالي، وقد كانت الفتاة باستمرار تتطرق للحديث عن التصاميم المعمارية التي يقوم برسمها، حيث أن تلك التصميمات كانت تجذبها إلى حد كبير من شدة دقتها وروعتها من جميع النواحي.

وفي النهاية أشارت الفتاة إلى أنه مهما تحدثت عن المشاعر والأحاسيس التي تكنها له، فإنها لا تتوصل إلى وصف جزء ولو بسيط من تشعر به اتجاهه، إذ بدت أنها في حالة هيام وحب يرفعان بها إلى السماء تماماً مثل تلك الفقاعات ذات الألوان السحرية الموجودة بين تلك الحوائط الزجاجية الشفافة، كما أوضحت أن تلك العواطف هي مشاعر حب حقيقية.

ولكن على الرغم من كمية المشاعر المفعمة التي تكنها الفتاة إلى ذلك الشاب، إلا أنه لا يعلم أي شيء عن تلك المشاعر التي تكنها له، وأخيراً أشارت إلى أن أمنيتها الأخيرة هو في أن يعلم ذلك الشاب عن مدى حبها له، ويسمح له بالدخول إلى قلبه والتغلغل فيه؛ وذلك من أجل أن ينير لها الحياة بأكملها.


شارك المقالة: