تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول واحدة من الراهبات التي دخلت إلى الدير في سن مبكر من عمرها، وقد كانت في ذلك الوقت هو السن المحدد لدخول أي فتاة والانتماء للدير، ولكن بعد فترة من إقامة الفتاة داخل الدير لم تروق لها الحياة فيه؛ وذلك بسبب القوانين والأنظمة الصارمة التي كانت متبعة به، وهذا ما دفع بها للهروب من هناك، واعتبر هروبها وسمة عار عليها.
الشخصيات
- الراهبة الصغيرة جون وليدز
- السقف المسؤول عن الدير
- الراهبة سيلي
- الراهبة ديسا كستون
قصة الراهبة التي زيفت موتها لتهرب من الكنيسة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في مملكة بريطانيا العظمى في القرن الثالث عشر، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك دير يضم عدد كبير من الراهبات، وقد كان الراهبات يلتحقن بالدير من عمر الرابعة عشر، وبالنسبة إلى هذا العمر كان من الصعب أن تكون هناك راهبة تلتزم بمهام عمل الراهبة، وتلك المهام لا تقتصر على فترة معينة أو محددة، وإنما يبدأ من أول دخول الراهبة إلى الدير وحتى نهاية حياتها، وفي ظل الظروف التي كانت سائدة في ذلك القرن القديم كانت الحياة داخل الدير تفرض كم هائل من الالتزامات القاسية على الراهبات.
وفي ذلك الدير كان هناك واحدة من الفتيات وتدعى جون ليدز، وقد التحقت في يوم من الأيام بواحد من الدير الموجودة في ذلك المكان وقد كان ذلك الدير يعرف باسم دير سانت كليمنتس وهو تابع إلى مدينة يورك التي تقع في المناطق الشمالية الغربية من مملكة بريطانيا، وفي الكثير من الأحيان كان يطلق على ذلك الدير اسم دير كليمنتشور، وفي الربع الأول من القرن الثالث عشر قامت جون بالادعاء بأنها مريضة، ومن خلال قيام مجموعة من الراهبات في الدير بمساعدة الفتاة جون تم إعلان بعد أيام قليلة من ادعاء جون المرض خبر وفاتها جراء إصابتها بمرض خطير.
وفي تلك الأثناء وخلال التجهيز إلى مراسم الجنازة قامت جون بصنع دمية تشبهها إلى حد كبير في الشكل والحجم وعلى ذات هيئتها الجسدية، وبدلاً من أن يتم وضع جسدها داخل التابوت قامت بمساعدة مجموعة الراهبات بوضع الدمية داخل التابوت، ولكن بعد مرور فترة وجيزة تمت الإشارة إلى أنه تم مشاهدة جون تتجول في شوارع إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة مدينة بيفرلي، وتلك المدينة كانت تبتعد عن المدينة التي يقع بها الدير على بعد حوالي ثلاثين ميلًا، وفي ذلك الوقت تم تبليغ الإدارة في الدير مما تسببت تلك الأخبار بإثارة ضجة كبيرة داخل الدير، وعلى إثر ذلك قام الأسقف المسؤول عن الدير بإعلان بأن جون أقدمت على فعل ذلك من تلقاء نفسها وبإيجاز من عقلها.
كما تم وصفها بأن تمتلك عقل خبيث ومخادع، كما أشار من خلال إعلانه أنه ما قامت به جون لا يمكنها فعله لوحدها، إذ أنه ليس لديها مقدرة كافية من القدرة على فعل ذلك، وإنما قام به بمساعدة مجموعة من الأشرار الذين يقطنون داخل الدير، وأوضح الأسقف أنه ما دفع بالراهبة للقيام بذلك هو أنه من أجل السير لتحقيق رغباتها وإرضائها، كما أشار إلى أنها بذلك التصرف الذي قامت به ابتعدت عن طريق الطاعة، وذلك ذنب لا يغفر بعد أن قامت بقطع عهودها مع الله وتخلصت من حياتها الدنيوية، وأنها بذلك أصبحت فتاة منبوذة وسيئة السمعة وسوف تبقى طوال حياتها تتحمل مساوئ ما فعلته.
وبعد أن تم التحقيق من قِبل مجموعة من المسؤولين في الأسباب التي دفعت بالراهبة جون أن تقوم بتزوير موتها، تمت الإشارة إلى أنه من المحتمل أن تكون دوافع جون أنها ربما لم تدخل إلى الدير طواعية من تلقاء نفسها ومن خلال قرار كانت مقتنعة به تماماً، وإنما التحقت بذلك الدير كراهية وإجبار ورغماً عنها، وفي أحيان أخرى تم التوضيح أنه من المحتمل أن تكون تلك الفتاة بسبب السن المبكر الذي التحقت به في ذلك الدير وهو سن صغير جدًا لتتخذ قرار دخول الدير.
ومن خلال ما قامت به الفتاة جون كان يبدو أن هناك كذلك العديد من الأسباب داخل الدير والتي دفعت بها لذلك؛ وذلك لأنه جون لم تكن هي الفتاة الوحيدة التي فرت من ذلك الدير، وإنما كان هناك قبلها فرت راهبتين سابقتين من ذات الدير، وكانت أول واحدة هربت من الدير راهبة تدعى سيسلي، وقد حدث ذلك في السنة الأولى من القرن الثالث عشر، وما دفعها للهروب في ذلك الوقت هو أنها تعرفت على مجموعة من الرجال الذين كانوا يقيمون في المرتفعات المجاورة للدير.
حيث أنها ذات يوم اتفقت معهم على أن يقوموا بانتظارها جانب بوابة الدير، وقد تمكنت من الفرار بعد ارتدائها لزي سيدة عادية وخرجت من البوابة على أساس أنها خبيرة ومسؤولة، ومن ذلك الدير توجهت على الفور نحو إحدى المدن والتي تعرف باسم مدينة دارلينجتون، وهناك عاشت برفقة أحد الرجال ويدعى جريجوري، والذي تزوجت منه فيما بعد واستمر زواجها منه فقط لمدة ثلاثة سنوات.
وبعد مرور عشر سنوات على هروب أول فتاة حدثت قصة هروب أخرى، وقد حدث ذلك حينما قام المسؤول عن بتنفيذ عقوبة بواحدة من الفتيات وتدعى ديسا كستون؛ والسبب في معاقبتها هو أنها قامت بارتكابها جريمة، وتلك الجريمة لم يتم الإعلان عنها في ذلك الوقت، ولكن رجح الكثيرون أنها أقامت علاقة مع أحد الرجال الذين كانوا يقيمون بجوار الدير، وعلى الرغم من أن الأسقف قد خفف عقوبة الراهبة، إلا أنه قام بوضع أعداد كبيرة من القيود الضخمة ومنعها من القيام بأي حركة.
كما أنها كانت في حال رغبت في قضاء حاجة كانت تتم مرافقتها من قِبل مجموعة من الراهبات، بالإضافة إلى ذلك تم منعها من استقبال أي زوار ولا أن تغادر المكان أبدًا إلا بصحبة الراهبات، وفي ذلك الوقت أصدر الأسقف قرار يقضي بمنع دخول أي فتاة يتجاوز عمرها الاثنا عشر عاماً إلى داخل الدير والانتماء إليه بعد تلك الواقعة، وعلى إثر تلك المعاملة القاسية والعنيفة التي تلقتها الراهبة ديسا كستون قامت بالفرار من الدير.
وفي العام التالي كانت حادثة هروب الفتاة جون، مع العلم بأن بعد هروب ديسا كستون أصدر الأسقف تعليمات صارمة قضت بمنع أي اختلاط بين الرجال والنساء داخل الدير؛ وذلك من أجل منع الشر والفضيحة الناتج عن ذلك الاختلاط، ولكن ذلك القرار الصارم لم يمنع جون من الهروب بعد ذلك.
العبرة من هذه القصة هي أنه حينما يشعر أي إنسان بأنه في مكان لا يناسبه ولا يستطيع أن يتكيف معه، فإنه يلجأ إلى عمل المستحيلات من أجل الابتعاد والفرار منه.