تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول فتاة مصارعة قامت بالعديد من جرائم القتل، وقد قضت عناصر الشرطة فترة طويلة حتى تم التوصل إليها؛ وذلك جراء انتحالها لشخصية ومهنة أخرى في بداية تعرفها على الضحية، وما كان غريب في جرائم تلك الفتاة أنها كانت تقتصر على فئة النساء ممن يتجاوزن سن الستين، تابع معنا عزيزي القارئ القصة للنهاية لنرى ما هي الدوافع التي دفعت بالبطلة للقيام بهذا النوع من الجرائم.
قصة السفاحة جوانا بارازا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة إلى دولة المكسيك، حيث أنه في يوم من الأيام كانت هناك فتاة تدعى جوانا وقد ولدت تلك الفتاة في منطقة إبازويوكان، وقد كانت تلك المنطقة هي واحدة من المناطق الريفية التي تقع في المناطق الشمالية من مدينة مكسيكو، ووالدة جوانا وتدعى السيدة جوستا كانت من السيدات المدمنات على تناول الكحول، وهناك العديد من سكان المنطقة الذين أشاروا إلى أن جوانا هي ابنتها من زواج غير شرعي، حيث تم الاعتداء عليها في أحد الأيام حينما كانت فاقدة لوعيها جراء تناولها كميات كبيرة من الكحول، وأنها كانت في كل مرة تنجب طفل من رجل مختلف، وطفلها الرابع والأخير كان من رجل غريب عن المنطقة.
وفي ذلك الوقت كان مجموع أطفال والدة جوانا هم أربعة، وذات يوم توفى أكبرهم متأثرًا بجروح بالغة، وقد حدث ذلك على يدي شقيقته جوانا، والتي كانت في وقتها في بداية احترافها لرياضة المصارعة والتي كانت شغفها وشغلها الشاغل، وقد أبدعت في تلك الرياضة حتى أنها تم إطلاق لقب عليها وهو لاداما ديل سيلينسيو، ويشير إلى معنى سيدة الصمت، وأكثر ما برعت به جوانا هو في رياضة لوشا ليبري، وهو أحد أشكال المصارعة التي في أصلها خرجت من دولة المكسيك.
ولكن كانت تلك المصارعة تقوم بالعديد من الأعمال الإجرامية المخالفة للقانون، وتلك الجرائم تُعنى بالقيام بقتل السيدات ممن بلغت سن الستين فما فوق، والغريب في الأمر هو أن كافة ضحايا من النساء وليس أية نساء، وإنما ممن يعيشن بمفرهن، وتلك الفئة كانت بمثابة صيد وفريسة ثمينة بالنسبة لجوانا، فقد كانت تقوم بضربهن وخنقهن ومن ثم تقوم بسرقتهن.
وبعد وقوع أكثر من ضحية كان المدعي العام في المنطقة ويدعى الرئيس برناردو يؤكد أنهم أمام قاتل ذو عقل لامع ويبلغ من الذكاء درجة فائقة، كما أنه حذر للغاية، وأضاف على ذلك أن القاتل لا يقوم بضربه للضحية إلا بعد أن يحصل على ثقة الضحية بالكامل، وفي إحدى المرات تم الاشتباه بأن القاتل قد يكون من المسؤولين في الحكومة، وأنه في كل مرة يتيح لضحاياه فرصة التسجيل في برامج الرعاية الاجتماعية.
كانت مسألة البحث عن جوانا هي أمر معقد للغاية؛ وذلك لأنها تتعارض مواصفاتها مع الأدلة الجنائية التي يتم العثور عليها في كل مرة في مسرح الجريمة، كما أنه في بعض الجرائم كان يتم الافتراض بأن القاتل هما شخصين وليس واحد بمفرده، وذات مرة ما كان غريب في الأمر ويثير الدهشة هو أن ثلاثة من الضحايا كان يمتلكن نسخة من اللوحة الفنية التي تعود للفنان الفرنسي جان بابتيست غروزي، وقد كانت تلك اللوحة يطلق عليها اسم الصبي ذو الصدرية الحمراء، وقد قام برسمها في القرن الثامن عشر.
لم يكن في يوم من الأيام قد شعرت جوانا بالندم على كافة تلك الجرائم التي ارتكبتها، فهي كانت تتميز بشخصية معقدة نفسية إلى درجة كبيرة، وكانت بسهولة تجد المدخل الذي يمكن من خلاله كسب ثقة الضحايا، وهو أنهم مثل والدتها تماماً، في حين أنها كانت تدور في فكرها أمر واحد فقط، ولكن هي في الحقيقة كانت تسعى من أجل تخليص المجتمع منهن.
ومن أجل أن تدخل إليهن من باب حاجتهن كانت جوانا تقدم نفسها لهن على أنها مسؤولة حكومية في مجال الرعاية الاجتماعية، مما جعل الضباط يتطرقون للبحث بين سجلات مسؤولي تقديم الرعاية، كما أنه كان يتم حصر القاتل في فئة الإناث، وذات مرة تبين من خلال التحقيقات أنه تم الاعتداء على مجموعة من فئة الأطفال.
وفي يوم من الأيام تلقت السلطات المكسيكية إفادات من مجموعة من الشهود بأن القاتل كان في أغلب الأوقات يرتدي زي خاص بالنساء، ولكن برر ذلك على أنه من المحتمل أنه كان يقوم بذلك من أجل سهولة الوصول إلى منازل الضحايا، وفي ذات يوم تم مشاهدة امرأة كبيرة السن بينما كانت تخرج من أحد منازل الضحايا وهي ترتدي بلوزة ذات لون أحمر، وهذا ما دفع رجال الشرطة للحصول على مجموعة من البصمات لأكبر عدد من السيدات المشتبه بهن في تلك القضية.
وفي إحدى المرات تم إلقاء القبض على مشتبه به ذكر، ولكن بعد فترة وجيزة تبين أنه ليس هو من قام بكافة تلك الجرائم التي بدأت تزداد يوماً بعد يوم، وبعد عدة شهور حدثت الصدمة الكبيرة للشعب المكسيكي الذين كانوا باستمرار يشيرون إلى أن المجرم ذكر، وأخيراً ظهرت المجرمة الحقيقية وهي جوانا وحينها كانت تبلغ من العمر ما يقارب على الثمانية والأربعون عامًا، وهي ما كانت من أشهر المصارعات من فئة النساء، وقد تم الوصول إليها بعد أن ألقى بمواصفاتها العديد من شهود العيان في عدد من جرائمها، إذ وصفوا أنها ذات مظهر رجولي، وفي البداية تم البحث عن قاتل مخنث، حتى أن تطابقت المواصفات في النهاية مع جوانا.
وحينما تم إلقاء القبض عليها وإجراء الفحوصات على بصماتها أشار ممثلو الادعاء في مدينة مكسيكو إن أدلة بصمات الأصابع ربطت بين جوانا وبين ما يفوق العشر جرائم قتل على الأقل في البداية، من بين ما لا يقل عن أربعين جريمة قتل تم نسبها إلى القاتل، وقيل أن المصارعة لم تعاند عناصر الشرطة وتعرقلها، وإنما على الفور اعترفت بمجموعة من الجرائم من بينها مقتل الفارو وثلاث سيدات أخريات، ولكنها مع ذلك نفت أن لها يد في كافة عمليات القتل الأخرى.
وأخيراً جاء ذلك اليوم الذي امتثلت به المصارعة أمام المحكمة، أشارت النيابة أنها كانت مسؤولة عن مقتل أربعين شخصًا، إلا أنها لم تعترف بذلك، وأشارت إلى أنه في الحقيقة كان الدافع لديها هو الكراهية المستوطنة بداخلها والتي كان السبب بها هي والدتها، إذ أنه منذ الطفولة ووالدتها تعاملها على أنها سيدة وحشية وعنيفة وكل ما كانت ترى سيدة في مثل سنها على الفور تعزم على قتلها، إذ أرادت أن تخلص المجتمع منهن، وبناءً على عدد التهم التي تلقتها جوانا من سرقات واعتداءات وقتل تم إصدار حكم بحقها بالسجن لمدة حددت بـ 759 عامًا، وفقًا لطبيعة القوانين المكسيكية.