قصة السفينة الوهمية ( The Phantom Vessel) هي حكاية شعبية صينية للمؤلف نورمان هينسدال بيتمان، حررها أندرو لانج عام (1919) في كتاب عجائب الحكايات الصينية.
الشخصيات:
- يينغ لو.
- الجني.
قصة السفينة الوهمية:
ذات مرة كانت سفينة محملة بالباحثين عن المتعة تبحر من شمال الصين إلى شنغهاي، ولقد هاجمتها الرياح العاتية والطقس العاصف مما تسبب في تأخرها عن الوصول، وكانت لا تزال على بعد أسبوع من الميناء عندما تفشى وباء عظيم على متن السفينة،كان هو الطاعون ومن أسوأ أنواعه حيث هاجم الركاب والبحارة على حد سواء، حتى مات عدد كبير من الركاب ولم يتبق سوى عدد قليل جدًا للإبحار بالسفينة، وبقيت السفينة تحت رحمة الرياح والأمواج تحركها بكل اتجاه.
من كل جانب كان يرقد الموتى، وكان سماع آهات المحتظرين أفظع، ومن بين جميع المسافرين، نجا صبي صغير يُدعى يينغ لو، حيث أخيرًا اضطر البحارة القلائل الذين كانوا يحاولون جاهدين لإنقاذ سفينتهم، إلى الاستلقاء على سطح السفينة، فريسة للمرض الرهيب وسرعان ما ماتوا أيضًا.
وجد ينغ لو نفسه الآن وحيدًا على البحر، و لسبب ما دون أن يعرف السبب، نجا حيث أنقذته جنيات البحر، ولكن بينما كان ينظر في رعب إلى الأصدقاء والأحباء الذين لقوا حتفهم، كان يتمنى أن ينضم إليهم، كانت الأشرعة ترفرف مثل الأجنحة المكسورة العظيمة، في حين انطلقت الأمواج العملاقة أعلى سطح السفينة، وغسلت العديد من الجثث في البحر وبللت جلد الطفل الصغير.
كان يرتجف من البرد، وسلّم نفسه من أجل الضياع وصلى للآلهة التي طالما أخبرته والدته عنها، أن تأخذه من هذه السفينة المروعة وتتركه يهرب من المرض القاتل، وبينما كان مستلقيًا هناك وهو يصلي، سمع صوتًا طفيفًا فوق رأسه حيث نظر لأعلى، ورأى كرة من النار تجري على طول ساحة بالقرب من أعلى الصاري، كان المنظر غريباً لدرجة أنه نسي صلاته وحدق بفم مفتوح.
ثمّ بدأت الكرة فجأة في الانزلاق أسفل الصاري، وكان يزداد حجمها طوال الوقت، لم يكن الصبي المسكين يعرف ماذا يفعل أو يفكر، فقال: هل كانت الآلهة، استجابة لصلواتي ترسل ناراً لإحراق السفينة؟ إذا كان الأمر كذلك، فسوف أهرب قريبًا، أي شيء سيكون أفضل من أن تكون وحيدًا على البحر.
ثمّ أقرب وأقرب جائت كرة النار، وعندما وصلت إلى سطح السفينة، حدث شيء غريب جدًا حيث تلاشى الضوء ووقف رجل صغير مضحك أمامه يحدق بقلق في وجه الطفل الخائف، قال أخيرًا، متحدثًا بصوت غريب جعل يينغ لو يبتسم تقريبًا: نعم، أنت الفتى الذي أبحث عنه، أنت يينغ لو، وأنت الوحيد المتبقي من هذه السفينة البائسة، قال هذا مشيرًا نحو الجثث الملقاة هنا وهناك حول سطح السفينة.
لم يستطع الطفل أن يقول شيئًا، لكنه انتظر في صمت متسائلاً عما سيحدث بعد ذلك، وبحلول هذا الوقت، كانت السفينة تتقلب وتتأرجح بعنف لدرجة أنها بدت وكأنها ستغرق وتنزل تحت أمواج الرغوة، ولن ترتفع مرة أخرى. حيث على بعد أميال كثيرة على اليمين، كانت بعض الصخور الخشنة عالقة من الماء، ترفع رؤوسها القاسية كما لو كانت تنتظر السفينة العاجزة.
سار الرجل ببطء نحو الصاري ونقر عليه ثلاث مرات بعصا حديد كان يستخدمها، فارتفعت الأشرعة ، واستقرت السفينة وبدأت في السير فوق البحر بسرعة كبيرة لدرجة أن النوارس سرعان ما تُركت ورائها بعيدًا، قال الغريب: هل تتذكرني؟ استدار فجأة وصعد إلى يينغ لو ، لكن صوته فقد في صفير الريح، وكان الصبي يعرف فقط من خلال تحريك شفتيه أن الرجل العجوز كان يتحدث، ثمّ انحنى بلحيتة الرمادية حتى وصل فمه إلى أذن ينغ لو: هل رأيتني من قبل؟ هز الطفل رأسه في البداية، ثم بينما كان يحدق عن كثب، بدا أن هناك شيئًا تعرف عليه حول الوجه المتجعد، فقال: نعم، أعتقد ذلك، لكني لا أعرف متى.
وبضغطة زر، أوقف الجنية هبوب الريح، ثم تحدث مرة أخرى إلى رفيقه الصغير: منذ عام مضى عبرت قريتك. كنت أرتدي الملابس البالية، وكنت أتسول طريقي على طول الشارع، في محاولة للعثور على شخص يشعر بالأسف من أجلي وللأسف! لم يستجب أحد لصرختي من أجل الرحمة.
لم يتم إلقاء قشرة في وعائي، كان كل الناس أصماء، والكلاب الشرسة دفعتني من باب إلى باب، أخيرًا عندما كنت على وشك الموت من الجوع، بدأت أشعر أن هناك قرية لا يوجد فيها شخص واحد جيد، عندها أنت فقط رأيت معاناتي، وركضت إلى المنزل وأخرجت لي بالطعام، ورأتك أمك التي لا قلب لها تفعل هذا وضربتك بقسوة، هل تتذكر الآن يا طفلي؟
أجاب بحزن: نعم، أتذكر، وتلك الأم ميتة الآن، للأسف! جميعهم ماتوا، والدي وإخوتي أيضًا، لم يبق أحد من عائلتي، فقال العجوز: لم تعرف، يا ولدي الذي كنت تقدم له الطعام في ذلك اليوم، لقد أعتقدت أنني متسول متواضع، لكن ها لم يكن رجلاً فقيرًا الذي أطعمته، لأنني أنا جني العصا الحديدية، وعندما كانوا يتحدثون عن الجنيات في الجنة الغربية ومغامراتهم هنا على الأرض كانوا يتحدثون عني.
أجاب ينغ لو: نعم، نعم، مرتجفًا نصفه من الخوف والنصف الآخر بفرح، لقد سمعت عنك مرات عديدة وكل الناس يحبونك لأعمالك الطيبة ، فقال العجوز: للأسف، لم يظهروا حبهم، يا صغيري، بالتأكيد أنت تعلم أنه إذا رغب أحد في مكافأة الجنيات على رحمتهم، فعليه أن يبدأ في القيام بأعمال من نفس النوع بنفسه. لا أحد سواك في كل قريتك أشفقوا عليّ وأنا أطلب المساعدة، فلو علموا أنني جني، لكان كل شيء مختلفًا، وكانوا سيقدمون لي وليمة ويتوسلون لي من أجل حمايتهم.
استمع يينغ لو في عجب إلى كلام الجني، وعندما انتهى، كان وجه الصبي يتوهج بالحب الذي تحدث عنه الجني بكى الفتى ثمّ قال: أبي وأمي الفقراء المساكين! إنهم لا يعرفون شيئًا عن هذه الأشياء الجميلة التي تخبرني بها، لقد عاشوا في فقر. كما تعرضوا للسوء في الطفولة من قبل من حولهم، لذلك تعلموا ضرب الآخرين الذين توسلوا إليهم للمساعدة، وليس من الغريب أنهم لم يشفقوا عليك عندما كنت متسولًا؟
قال الجني: ولكن ماذا عنك يا ولدي؟ لم تكن أصم عندما سألتك، ألم تتعرض للجلد والعقاب طوال حياتك؟ فكيف تعلمت أن تنظر بحب إلى أولئك الذين يتسولون؟ لم يستطع الطفل الإجابة على هذه الأسئلة، لكنه نظر بحزن إلى الجني وقال: ألا يمكنك أيها الجني الطيب أن تعيد والدي وإخوتي، وتعطيهم فرصة أخرى ليكونوا أشخاصًا صالحين ومفيدين؟
أجاب: اسمع، يينغ-لو، هذا مستحيل، ما لم تفعل شيئين، فقال الصبي: ما هم؟ ماذا علي أن أفعل لإنقاذ عائلتي؟ أي شيء تطلبه مني لن يكون كثيرًا، قال الجني: أولاً، يجب أن تخبرني عن بعض الأعمال الصالحة التي قام بها هؤلاء الأشخاص الذين تسأل عن حياتهم، شيء واحد فقط، لأن ذلك سيكون كافياً، ولكن من المخالف لقواعدنا مساعدة أولئك الذين لم يفعلوا شيئًا.
كان يينغ لو صامتًا، ولحظة كان وجهه شاحبًا، فقال: نعم، أعرف، لقد أحرقوا البخور مرة واحدة في الهيكل، كان هذا بالتأكيد عمل فضيلة، فقال الجني: ولكن متى، أيها الطفل الصغير، فعلوا هذا؟ عندما مرض أخي الكبير، وكانوا يصلون من أجله أن يشفى، لم يتمكن الأطباء من توفيره بعصير اللفت المسلوق أو بأي من الأدوية الأخرى التي استخدموها، لذلك توسل والداي إلى الآلهة.
تمتم الجني: أناني، أناني! لو لم يكن ابنهم الأكبر يحتضر لما أنفقوا أي نقود في المعبد، لقد حاولوا بهذه الطريقة إعادة شراء صحته، لأنهم كانوا يتوقعون منه أن يدعمهم في شيخوختهم، ثمّ قال الجني: هل يمكنك التفكير في أي شيء آخر؟ قال الصبي: نعم، في العام الماضي عندما سافر غريب عبر قريتنا ومرض أمام منزلنا، أخذوه واعتنوا به.
سأل الجني بحدة: حتى متى؟ قال الفتى: حتى وفاته الأسبوع المقبل، فقال الجني: وماذا فعلوا بالبغل الذي كان يركبه وسريره والمال الموجود في حقيبته؟ هل حاولوا إعادتها إلى قومه؟ تحول وجه يينغ لو إلى اللون الشاحب وقال: لا، قالوا إنهم سيبقونهم لدفع ثمن المتاعب، فقال الجني: لكن حاول مرة أخرى، أيها الفتى العزيز! ألا يوجد عمل واحد صغير للخير لم يكن أنانيًا؟ فكر مرة أخرى.
لفترة طويلة لم يرد يينغ لو، ثمّ تكلم بصوت منخفض، أفكر في واحدة، لكنني أخشى أن لا أجد شيء، ثمّ قال: الربيع الماضي كانت الطيور تأكل في حديقة والدي، أرادت والدتي شراء السم من المتجر لتدميرها، لكن والدي قال لا، إن الأشياء الصغيرة يجب أن تعيش، ولم يقبل قتلهم.
قال الجني: أخيرًا، يا يينغ لو ، لقد سميت عملًا حقيقيًا للرحمة، وبينما نجت الطيور الصغيرة من السم ، ستتم استعادة حياته وحياة والدتك وإخوتك من الطاعون المميت، لكن تذكر أن هناك شيئًا آخر يعتمد عليك، فقال الجني: حسنًا، ما أطلبه هو أن تنفذ تعليماتي حرفياً، حان الوقت الآن لكي أفي بوعدي لك.
لذلك، طلب الجني من يينغ لو الإشارة إلى أفراد عائلته، واقترب منهم واحدًا تلو الآخر وبنهاية عصاه الحديدية ، لمس جباههم، وفي لحظة، قام كل منهم بدون كلمة، ونظروا حولهم وتراجعوا للوراء، خائفين من رؤية ابنهم مع الجنية، ولكن وقف الجني وقال: أصدقائي، لم يخطر ببالكم عندما طردتوني من بابكم قبل أقل من عام أنكم ستكون قريبًا بحاجة إلى الرحمة.
واليوم لديكم الطاعون في أرض فظيعة، ولقد رأيتم فظاعة تعذيبه، وسمعتم صراخ من حولكم، هل يمكنكم التفكير في أي سبب يجعلكم تستحقون هذا الإنقاذ؟ لا، لا توجد ذاكرة طيبة في قلوبكم السوداء، حسنًا، سأخبركم: أن هذا الصبي الصغير، يينغ لو الذي مرات عديدة شعر بثقل يديكم الشريرة واختبأ في رعب من قدومكم لمعاقبته عندما ساعدني، أنتم الآن مدينون لي.
كان الأب والأم والإخوة يحدقون بدورهم، أولاً في الجنية ثم إلى الطفل الخجول الذي سقطت عيناه قبل نظرات الامتنان، ثمّ قال الجني: بسبب طيبته، لقد جئت في هذا اليوم بالذات لقيادته إلى أرض الخيال هذه، ومع ذلك، فقد رغب في تقديم تضحيات، وبسسب حزني عليه أستسلمت لرغباته، ستكون تضحيته هي التخلي عن مكانه في العيش بين الجنيات واختياره الحياة بينكم.
ثمّ سلم الجني الفتى العصا السحرية وقال: مرة أخرى بالقرع على الصاري واطلب ما تريد، فأراد الطفل أن تأخذ السفينة الكبيرة مسارها إلى المنزل، ولم يكد يحرك العصا حتى بدأت السفينة مثل طائر يتحرك في السماء، وبدأت في رحلة العودة، كانت أسرع من وميض البرق، ولأن السفينة أصبحت سفينة سحرية، شاهد الجميع الأرض ورأوا أنهم يدخلون الميناء بالفعل.
تمامًا كما كانت السفينة تندفع نحو الشاطئ، تحول الجني فجأة، بكلمة فراق إلى كرة نارية مشتعلة تدحرجت على طول السطح وصعدت للأعلى، ثم شاهده الجميع الذين كانوا صامتين بدهشة حتى اختفى، وبصرخة الشكر ألقى يينغ لو ذراعيه حول والديه ونزل معهم إلى الشاطئ.