قصة الشاب الذي فتح عينيه

اقرأ في هذا المقال


قصة الشاب الذي فتح عينيه أو (The Young Man Who Would Have His Eyes Opened) قصة خيالية أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنيات الأزرق.

الشخصيات:

  • الشاب.
  • الساحر.

قصة الشاب الذي فتح عينيه:


كان هناك شابًا لم يكن سعيدًا أبدًا إلّا إذا كان يتطفل على معرفة كل شيء عن الآخرون ويكتشف مالا يعرفه الآخرون، وبعد أن تعلم فهم لغة الطيور والوحوش، اكتشف بالصدفة أن الكثير قد حدث تحت جنح الليل الذي لم تره عيون البشر أبدًا، ومنذ تلك اللحظة شعر أنّه لا يستطيع أن يرتاح حتى تكشف له هذه الأسرار الخفية.
وقضى كل وقته يتجول من ساحر إلى آخر متوسلاً إياهم أن يفتحوا عينيه على معرفة الأشياء المخفية، لكنّه لم يجد أحدًا يساعده ومطولاً وصل إلى ساحر عجوز اسمه مانا، كان تعلمه للسحرأكبر من تعلم البقية، ويمكنه أن يخبره بكل ما يريد أن يعرفه.
فلمّا استمع له الساحر بانتباه قال محذرًا: يا بني، لا تتبع المعرفة الفارغة التي لن تجلب لك السعادة بل بالشر، لقد خُفي الكثير عن أعين الناس، لأنّهم إذا عرفوا كل شيء لن تعيش قلوبهم بعد الآن في سلام، فبعض المعرفة تقتل الفرح، لذلك فكر جيدًا في ما تفعله، أو ستندم يومًا ما، لكن إذا لم تأخذ نصيحتي، فيمكنني حقًا أن أريك أسرار الليل، أنت فقط ستحتاج إلى أكثر من شجاعة الرجل لتتحمل هذه الرؤية.
ثمّ توقف ونظر إلى الشاب الذي أومأ برأسه، ثم تابع الساحر: في ليلة الغد، يجب أن تذهب إلى المكان الذي كل سبع سنوات يقيم به الملك الثعبان وليمة رائعة لمملكته بأكملها، وهناك يضع أمامه وعاء ذهبي مليء بحليب الماعز، وإذا تمكنت من غمس قطعة خبز في هذا الحليب وتناولتها قبل أن يراك أحد وهربت بعد ذلك، فسوف تفهم كل أسرار الليل التي هي مخفية عن الرجال الآخرين.
إنّه لمن حسن حظك أن عيد الملك الثعبان يصادف أن يقع هذا العام، وإلا لكان قد طال انتظاره، لكن احرص على أن تكون سريعًا وجريئًا، وإلا سيكون الأمر أسوأ بالنسبة لك، ثمّ شكر الشاب الساحرعلى مشورته، وذهب في طريقه بحزم لتنفيذ غرضه حتى لو دفع حياته مقابل ذلك، ولما جاء الليل انطلق إلى مستنقع منعزل واسع حيث أقام الملك الثعبان وليمته.
وبعيون حادة، نظر حوله بفارغ الصبر، لكنه لم يستطع أن يرى سوى عدد كبير من التلال الصغيرة التي ترقد بلا حراك تحت ضوء القمر، ثمّ جثم خلف شجيرة لبعض الوقت، حتى شعر أن منتصف الليل لا يمكن أن يكون بعيدًا عندما ظهر فجأة في وسط المستنقع وهج لامع، كما لو كان نجمًا يسطع فوق أحد التلال، وفي نفس اللحظة بدأت جميع الثعابين تتلوى وتزحف، ومن كل جهة جائت مئات من الثعابين واستعدت للتوهج، حيث علموا أنّه يجب عليهم العثور على ملكهم.
وعندما وصلوا إلى التل حيث كان يسكن ملكهم والذي كان أعلى وأوسع من البقية، وكان هناك ضوء ساطع معلق فوق القمّة، لفوا أنفسهم وانتظروا، كان الأزيز والارتباك من كل بيوت الثعبان عظيمين لدرجة أن الشاب لم يجرؤ على التقدم خطوة واحدة بل ظل في مكانه يراقب باهتمام كل ما يجري، لكنّه بدأ أخيرًا في التحلي بالشجاعة ومضى بهدوء خطوة بخطوة.
ما رآه كان مخيفًا وتجاوز كل ما كان يحلم به حيث الآلاف من الثعابين كانت كبيرة وصغيرة ومن كل لون حيث اجتمعت معًا في مجموعة كبيرة واحدة حول ثعبان ضخم، كان جسمه سميكًا وكبيرًا وعلى رأسه تاج ذهبي، حيث انطلق منه الضوء، وأرعبت ألسنتهم المتقدة الشاب لدرجة أنّ قلبه غرق، وشعر أنّه لا ينبغي أن يكون لديه الشجاعة للمضي قدمًا نحو الموت المؤكد، عندما رأى فجأة الوعاء الذهبي أمام الملك الثعبان، وعرف ذلك إذا فقد هذه الفرصة فلن يعود أبدا.
لذلك، تجمد دمه في عروقه وتسلل إلى الأمام! ويا له من ضجيج وأزيز من جديد بين الثعابين حيث رُفعت آلاف الرؤوس، وامتدت الألسنة للسع الدخيل حتى الموت، ولكن لحسن الحظ كانت أجسادهم متشابكة بشكل وثيق مع بعضها البعض لدرجة أنهم لم يتمكنوا من فك الارتباط بسرعة، ومثل البرق أمسك بقليل من الخبز وغمسها في الوعاء ووضعها في فمه، ثم اندفع بعيدًا كما لو أنّ النار تلاحقه.
طار كما لو كان جيشًا كاملاً من الأعداء في أعقابه، وبدا أنه يسمع ضجيج اقترابهم يقترب أكثر فأكثر، ثمّ أخذ أنفاسه مطولاً وألقى بنفسه على العشب، بينما كان يرقد هناك كانت تطارده أحلام مروعة، لقد ظنّ أنّ الملك الثعبان ذو التاج الناري قد لفّ نفسه حوله وكان يدمر حياته، وبصرخة مدوية نهض ليخوض معركة مع عدوه، عندما رأى أنّ أشعة الشمس هي التي أيقظته.
فرك عينيه ونظر حوله، لكن لا شيء يمكن أن يراه من أعداء الليلة الماضية، ويجب أن يكون المستنقع الذي تعرض فيه لمثل هذا الخطر على بعد ميل واحد على الأقل، لكن لم يكن حلمًا أنّه قد ركض كثيرًا وبعيدًا، أو أنّه شرب من حليب الماعز السحري، وعندما شعر بأطرافه ووجدها كاملة، كان فرحه عظيمًا لأنّه واجه مثل هذه المخاطر بجلد سليم.
بعد الإرهاق والرعب في الليل، ظل مستلقيًا حتى منتصف النهار، لكنه قرر أنّه سيذهب في ذلك المساء بالذات إلى الغابة ليجرب ما يمكن أن يفعله حليب الماعز له حقًا، وإذا كان الآن يكون قادرًا على فهم كل ما كان لغزا بالنسبة له. وعندما مر في الغابة تلاشت شكوكه، لأنّه رأى ما لم تره عيون بشر من قبل، تحت الأشجار كانت هناك أجنحة ذهبية، مع أعلام من الفضة مضاءة بألوان زاهية.
كان لا يزال يتسائل عن سبب وجود الأجنحة هناك، وعندما سمع ضجيج بين الأشجار كما لو أنّ الرياح قد ارتفعت فجأة، ومن جميع الجوانب صعدت جنيات جميلات من الأشجار إلى ضوء القمر الساطع، هؤلاء هن الحوريات الخشبية، بنات أم الأرض اللواتي يأتون كل ليلة لعقد رقصاتهم في الغابة، كان الشاب الذي كان يراقب من مخبأه يتمنى لو كانت في رأسه مائة عين، لأنّ اثنتين لم تكن تكفيان للرؤية التي أمامه، فالرقصات كانت مستمرة حتى بداية الفجر.
ثم رأى حجاب فضي مغطى على السيدات، واختفين عن الأنظار بعد ذلك، ولكنّ الشاب بقي في مكانه حتى طلعت الشمس في السماء، ثم عاد إلى بيته، شعر أن ذلك اليوم لا نهاية له، وأحصى الدقائق حتى يأتي الليل لكي يعود إلى الغابة، لكن عندما وصل أخيرًا إلى هناك، لم يجد سرادق ولا حوريات، وعلى الرّغم من أنّه عاد عدّة ليالٍ بعد أن لم يرهم مرّة أخرى.
ومع ذلك، كان يفكر فيهم ليلًا ونهارًا، ولم يعد يهتم بأي شيء آخر في العالم وكان مريضًا حتى نهاية حياته بشوق لتلك الرؤية الجميلة، وهذه هي الطريقة التي تعلم بها أنّ الساحر قد تحدث بصدق عندما قال: العمى عن رؤية بعض الأشياء الخفية هو خير للإنسان.


شارك المقالة: