قصة الطفل السفاح جيسي بومروي

اقرأ في هذا المقال


من المعروف عالمياً أنه أي شخص قام بارتكاب جرائم بشعة هو من الأشخاص الذين يتجاوزون السن القانوني، إنما هل من المعقول أن يقوم فتى في سن الرابعة عشر بأعمال إجرامية بشعة وفظيعة للغاية، لدرجة أن يتم وصفة بسفاح؟ تابع معنا عزيزي القارئ هذه القصة لترى ذلك.

قصة الطفل السفاح جيسي بومروي

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الفتية الذي يدعى جيسي، وقد كان ذلك الفتى من الأشخاص الذي تسمع عنهم ما لا يمكن أن تصدقه على الإطلاق، حيث أنّه لطالما سمعنا عن السفاحين والمجرمين والقتلة الذين يُقدمون على القيام بأعمال جرمية عنيفة إلى حد كبير، وعلى وجه الخصوص تلك الجرائم التي تكون قد تم القيام بها دون أي رأفة أو رحمة أو شفقة، بالإضافة إلى حالة غير المبالاة بأي قيمة للإنسانية أو اعتبار أخلاقي، ومع تقدم العصر أصبحت جرائم القتل من الأمور التي تتصدر العناوين في الغالبية العظمى من أخبار المجلات والجرائد، حتى أنه أصبحت من الأمور الروتينية وشبه اليومية على نشرات الأخبار.

ولكن ما يتم البحث حوله لدى العديد من الباحثين والأطباء النفسيين هو أنه هل من المعقول أن يقوم أي شخص على وجه الكرة الأرضية أن يقوم هكذا بشكل مفاجئ بارتكاب جريمة قتل أو تعذيب شنيع بالأطفال، وقد تم التوصل إلى العديد من الأجوبة المحتملة في ذلك الأمر، وأول ما تم التصريح به حول ذلك هو أنه هناك أنواع متعددة من السفاحين، بحيث أنه أكثر شيوعاً بين تلك الأنواع هم من تعرضوا إلى التعذيب والعنف في مرحلة طفولتهم، ولجأوا إلى القيام بالجرائم من أجل أن يتمكنوا من تفريغ ذلك الكبت والغل من خلال ذبح ونحر ضحاياهم.

وهناك نوع من السفاحين مصابين بأحد الأمراض والذي يعرف بمرض الجنون السادي، وهو ما يعرف بالتلذذ والاستمتاع بتعذيب الضحية، وهناك ممن يكونوا بالأصل لصوص وحينما يتم الإمساك بهم متلبسين يحاولوا حماية أنفسهم من خلال قتلهم من أمسك بهم، وبعد تلك الدراسات التي أجريت على السفاحين أشار الباحثون إلى أن جميع من تم إلقاء القبض عليهم من سفاحين كانوا يتجاوزن عمر العشرين عاماً، ولكن ما أثار اهتمامات الباحثين هو أنه تم السماع عن وجود سفاح لم يتجاوز عمره الرابعة عشر عاماً، وقد كان ذلك الأمر ما أثار الحيرة والاستغراب والدهشة لديهم.

وأول ما ظهر ذلك السفاح كان من خلال واقعة حدثت في السبعينات من القرن الثامن عشر، حيث أنه في تلك الفترة ظهرت العديد من التقارير في إحدى المدن التابعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعرف باسم مدينة بوسطن، وقد تمت الإشارة من خلال تلك التقارير هو أنه هناك مجموعة من الأولاد الصغار في السن تم استدراجهم إلى مجموعة من المناطق النائية المختلفة في تلك المدينة، كما أوضحت تلك التقارير أن هؤلاء الصغار قد تعرضوا إلى هجوم متسلط وعنيف إلى حد كبير، وقد كانوا في كل مرة يتم أخذهم إلى واحدة من تلك المناطق يخبرون مركز الشرطة ويقدمون بلاغ بذلك، إلا أنه لم تتوصل عناصر الشرطة إلى أي مشتبه به.

وقد استمر تلك الوقائع تحدث لفترة لا بأس بها، وعلى الرغم من أن تلك الهجمات التي تتم عليهم لم تسفر عن قتل أياً منهم، إلا أنها كانت يتم استخدام طرق وحشية للغاية في تعذيبهم، إذ كان يتم تهشيم وجوه الصغار من خلال استخدام قبضة يد الجاني، ثم بعد ذلك يتم استخدام حزام مصنوع من الجلد السميك والقيام بجلدهم به لفترة من الوقت، وفي بعض الأحيان كان ذلك الشخص الغامض يلجأ إلى استخدام أداة حادة كالسكين، وفي الكثير من الأحيان حينما يتم الحديث عن تلك الحوادث التي تحصل مع الفتية يجمعوا الفتية كافة على أن من يقوم بمهاجمتهم هو فتى في مرحلة المراهقة ويكبرهم بسنوات قليلة، ولم يكن شخص شاب أو متقدم في العمر، ولكن عناصر الشرطة في كل مرة لم تتمكن من العثور على ذلك الفتى.

وقد مر العديد من السنوات والحال في تلك القضية على ما هي عليه، حيث أن بقي الفتى المعتدي حراً طليقاً، وهو من يدعى جيسي، وقد كان ذلك الفتى ابن لإحدى السيدات والتي تعرف باسم السيدة روز، ولم يكن جيسي هو ابنها الأكبر، بل كان الفتى الثاني لديها، وقد كان فارق السن بينه وبين شقيقه ما يقارب العامين، وفي بداية السبعينات من القرن الثامن عشر كان قد انتقلت السيدة روز مع ابنيها إلى المناطق الجنوبية من مدينة بوسطن، وعلى الرغم من أنه كان قد تقدم في العمر، إلا أنه كان قد واصل هجماته الوحشية على الفتية حتى جاء ذلك اليوم التي تم تتبعه وإلقاء القبض عليه وهو في حالة تلبس.

وهنا أول ما قامت عناصر الشرطة بالقبض عليه قامت بتقديمه للامتثال أمام القاضي في المحكمة، ومن أول جلسة في المحكمة أصدر القاضي بحقه حكم بتحويله إلى واحدة من الإصلاحيات التي تُعنى بالبنين والتي تعرف باسم إصلاحية ليمن؛ وذلك حتى يتم الانتظار لحين يبلغ عمر السن القانوني، ولم يكن يتبقى على ذلك سوى فترة بسيطة، وبعد مرور أشهر بسيطة تم الحكم عليه بالسجن لمدة عامين، ومن ثم تم إطلاق سراحه وعاد إلى منزله، وأول ما وصل إلى منزل والدته رأى أن والدته افتتحت متجر خياطة خاص بها، كما أن شقيقه أصبح يعمل في مجال بيع الصحف والمجلات.

وبعد مرور عدة أشهر على خروج جيسي من السجن حدث وأن اختفت فتاة تبلغ العاشرة من عمرها، كما أنه تم العثور على طفلة مشوهة، وبعد ذلك حدث وأن تعرض أحد الأطفال ممن يبلغون الأربعة أعوام إلى العنف، حينها قامت عناصر الشرطة بمراقبة جيسي على الرغم من أنه لم يكن هناك أي أدلة حوله، وفي وقت لاحق تم العثور على جثة تعود لفتاة في متجر الخياطة الخاص بوالدته.

وهنا سرعان ما تم إلقاء القبض على جيسي ووضعوه أمام الجثة، ولكنه نكر أنه قام بقتلها، وبعد أن تم ممارسة الضغوطات والتهديدات اعترف جيسي بتلك الجريمة النكراء وبدأت المحاكمات، وحينما تم طلب محامي خاص لجيسي رفض السفاح بأن يتم تعيين محامي له، وفي تلك الأثناء امتثل أمام القضاء وتم توجيه له التهمة الأولى وهي القتل العمد، وتم إعلانه من أخطر المذنبين، ولكن مع كل ذلك تم التوصية له بالرحمة؛ وذلك من أجل صغر سنة.

ولكن لم تمضي فترة قصيرة حتى تم استثناء الحكم بحكم آخر وهو الإعدام شنقًا، وحينها اعترض حاكم الولاية على إصدار ذلك الحكم كما رفض التوقيع على قرار الحكم، وهنا لجأت السلطة القضائية إلى نظام التصويت بمجلس الولاية؛ وذلك من أجل التصديق على الحكم، لكنه فشل في الحصول على توقيع الأغلبية، كما تم رفض التوقيع على الحكم وصوت المجلس للمرة الثانية بعد مرور عامين.

ولكن في المرة الثالثة كان قد حصل على تخفيف الحكم للسجن المؤبد، وفي السجن كان يتحدث جيسي عن حياته به في النهاية، وأوضح أنه من خلال مكوثه في السجن تعلم عدة لغات، كما أنه في إحدى المرات زاره طبيب نفسي من أصول ألمانية، والذي بدوره اندهش من تحدث جيسي باللغة الألمانية بطلاقة، وطوال فترة قضائه في السجن أخذ بكتابة الأشعار والقصائد، كما درس كتب القانون وقضى سنوات يكتب عرائض قانونية للحصول على عفو بحق نفسه، وقد حاول الهروب كثيرًا، وفي العشرين من القرن التاسع عشر تم السماح له بالخروج والاختلاط مع بقية السجناء، ولكن لم يُطلق صراحة على الاطلاق.


شارك المقالة: