قصة العصفور مقطوع اللسان أو (The tongue-cut sparrow) هي حكاية فولكلورية يابانية، للمؤلف، ياي ثيودورا أوزاكي، نشرت عام 1908، نشرها (Grosset & Dunlap Publishers)
الشخصيّات:
- العصفور.
- العجوز الطيب.
- زوجة العجوز الشرّيرة.
قصة العصفور مقطوع اللسان :
منذ زمن بعيد عاش في اليابان رجل عجوز وزوجته، كان الرجل العجوز رجلًا عجوزًا طيبًا ويعمل بجد، لكنّ زوجته كانت قد أفسدت سعادة منزلها من خلال لسانها السليط، وكانت دائمًا تتذمر بشأن كل شيء من الصباح إلى المساء، كان الرجل العجوز يقضي معظم اليوم في العمل في الحقول، ولأنّه لم يكن لديه طفل من أجل تسليتة عندما يعود إلى المنزل، كان يحتفظ بعصفور، ولقد أحب الطائر الصغير كما لو كان طفلة.
وعندما يعود ليلاً بعد يوم شاق من العمل، كان من دواعي سروره الوحيد أن يداعب العصفور، ويتحدث معه ويعلمه الحيّل الصغيرة التي تعلمها بسرعة كبيرة منه، كان الرجل العجوز يفتح قفصه ويتركه يطير في أرجاء الغرفة ويلعبان معًا، ثمّ عندما يحين وقت العشاء، كان دائمًا يحتفظ ببعض الأشياء الصغيرة من وجبته لإطعام طائره الصغير، وذات يوم خرج الرجل العجوز ليقطع الخشب في الغابة، وبقيت المرأة العجوز في المنزل لغسل الملابس.
في اليوم السابق، كانت قد صنعت بعض النشا، وعندما أتت للبحث عنه، لم تجده، ووجدت الوعاء الذي ملأته بالأمس كان فارغًا تمامًا، وبينما كانت تتساءل من الذي كان بإمكانه استخدام النشا أو سرقته، طار العصفور الأليف إلى أسفل، وأحنى رأسه الصغير امامها، وغرد الطائر الجميل وقال: أنا من تناولت النشا، اعتقدت أنه كان هناك بعض الطعام الذي وضع لي في ذلك الحوض، وأكلت كل شيء.
لم تحب المرأة العجوز العصفور أبدًا، وغالبًا ما تشاجرت مع زوجها للحفاظ على ما وصفته بالعصفور القذر حول المنزل، قائلة إن هذا لا يؤدي إلا إلى عمل إضافي لها، والآن كانت سعيدة للغاية لوجود سبب للشكوى ضد الحيوان الأليف، وقد لعنت الطائر الصغير المسكين لسلوكه السيء، ولم تكتف باستخدام هذه الكلمات القاسية فقط، وفي نوبة من الغضب، أمسكت بالعصفور وجلبت المقص وقطعت لسان الطائر الصغير المسكين.
ثمّ قالت: أفترض أنك أخذت النشا بهذا اللسان! الآن قد ترى كيف يبدو الأمر بدونه! وبهذه الكلمات المروعة أبعدت الطائر بعيدًا، ولم تهتم بما قد يحدث له ودون أدنى شفقة على معاناته، وبعد أن طردت العصفور بعيدًا، صنعت المزيد من عجينة الأرز وهي تتذمر طوال الوقت بسبب المشاكل، وفي المساء عاد الرجل العجوز إلى المنزل وكعادته، كان يتطلع إلى الوقت الذي يجب أن يصل فيه إلى بوابته ويرى حيوانه الأليف وهو يطير ويزقزق لمقابلته.
لكنّ هذه الليلة أصيب الرجل العجوز بخيبة أمل كبيرة، لأنّه لم يرى حتى ظلّ عصفوره العزيز، سارع بخطواته، ونزع على عجل حذاءه، وصعد إلى الشرفة، ولم يكن هناك عصفور يمكن رؤيته، لقد شعر الآن بالتأكد من أنّ زوجته في أحد نوباتها الغاضبة، قد أغلقت على العصفور في قفصه، فنادى وقال بقلق: أين عصفوري اليوم؟ تظاهرت المرأة العجوز في البداية بأنها لا تعرف.
وأجابت: أنا متأكد من أنني لا أعرف، لم أره طوال فترة بعد الظهر، لا ينبغي أن أتساءل عما إذا كان الطائر الناكر قد طار بعيدًا وتركك بعد كل مداعبتك له! لكن أخيرًا، وعندما لم يقتنع الرجل العجوز بكلامها، وسألها مرارًا وتكرارًا، اعترفت بكل شيء، وأخبرته بشكل عرضي كيف أكل العصفور عجينة الأرز التي صنعتها، وكيف عندما اعترف العصفور بما فعل، وفي غضب شديد، أخذت مقصها وقطعت لسانه، ومنعته من العودة إلى المنزل مرة أخرى.
ثم أظهرت العجوز لسان العصفور لزوجها قائلة: ها هو اللسان الذي قطعته! فقال الرجل العجوز: كيف يمكنك أن تكون بهذه القسوة؟ ولقد كان طيب القلب للغاية بحيث لم يعاقب زوجته، لكنّه كان حزينًا للغاية مما حدث لعصفوره الصغير المسكين، وقال لنفسه: لن يكون قادراً على التغريد بعد الآن، وبالتأكيد الألم الناجم عن قطع لسانه بهذه الطريقة القاسية لا بد أنه أصابه بالمرض! ألا يوجد شيء يمكن القيام به؟
ذرف الرجل العجوز الكثير من الدموع بعد أن نامت زوجته، بينما كان يمسح الدموع بكُم رداءه القطني، خطرت له فكرة ساطعة وهي أن يذهب ويبحث عن العصفور في الغد، وبعد أن قرر هذا كان قادرًا على النوم أخيرًا، وفي صباح اليوم التالي قام مبكرًا، وبدأ البحث فوق التلال وعبر الغابة، وتوقف عند كل مجموعة من الخيزران ليبكي ويقول: أين يكون عصفوري مقطوع اللسان؟ وفي فترة ما بعد الظهر عندما وجد نفسه بالقرب من خشب الخيزران الكبير حيث بساتين الخيزران هي الأماكن المفضلة للعصافير.
وهناك بالتأكيد على حافة الغابة رأى عصفوره العزيز في انتظار الترحيب به، لم يصدّق عينيه من الفرح، وركض إلى الأمام بسرعة ليحييه، حنى العصفور رأسه الصغير ليُظهر سعادته لرؤية صديقته مرة أخرى، وأخبره الرجل العجوز كم هو آسف لكل ما حدث، واستفسر عن لسانه، متسائلاً كيف يمكنه التحدث بشكل جيد بدونه، ثمّ فتح العصفور منقاره وأظهر له أن لسانًا جديدًا قد نما مكان القديم، وتوسّل إليه ألا يفكر أكثر في الماضي، لأنّه بخير الآن.
ثمّ عرف الرجل العجوز أن عصفوره كان جنيّاً وليس طائرًا عاديًا، وابتهج الرجل العجوز الآن، لقد نسي كل متاعبه حتى أنه نسي كم كان متعبًا، فقد وجد عصفوره الضائع، وبدلاً من أن يكون مريضًا وبلا لسان كما كان يخشى ويتوقع أن يجده، كان بصحة جيدة، وبدون علامة على سوء المعاملة التي تلقّاها من زوجته، طلب منه العصفور أن يتبعه، وحلّق أمامه حيث قاده إلى منزل جميل في قلب بستان الخيزران، كان الرجل العجوز مندهشًا تمامًا عندما دخل المنزل ليجد مكانًا جميلًا.
تمّ بناؤه من الخشب الأكثر بياضًا، وكانت هناك الحصائر الناعمة التي حلّت محل السجاد ، وكانت الوسائد التي أحضرها العصفور ليجلس عليها مصنوعة من أجود أنواع الحرير، وهناك مزهريات جميلة وصناديق في كل غرفة، ثمّ شكر العصفور العجوز بعبارات كثيرة مهذبة على كل اللطف الذي أظهره له لسنوات طويلة، ثمّ قدم العصفور عائلته للرجل العجوز، وبناته اللواتي يرتدين ثيابًا أنيقة، وقد جلبن على صواني جميلة قديمة الطراز وليمة من جميع أنواع الأطعمة اللذيذة.
حتى بدأ الرجل العجوز يعتقد أنه لا بد أنه يحلم، وفي منتصف العشاء، قامت بعض بنات العصفور بأداء رقصة رائعة، لتسلية الضيف، وبعد كلّ هذا شكر العجوز العصفور على الترفيه الرائع الذي قدمه له، وتوسّل إليه من أجل أن ينسى كل ما عاناه على يد زوجته العجوز، وطلب الأذن للمغادرة، فتوسّل إليه العصفور للبقاء والراحة لعدة أيام، لكنّ الرجل العجوز قال أنّه يجب أن يعود إلى زوجته العجوز التي من المحتمل أن تكون غاضبة عند عدم عودته للمنزل في الوقت المعتاد.
ولم يستطع قبول دعوته الكريمة، ولكن بعد أن عرف المكان الذي يعيش فيه العصفور، كان سيأتي لرؤيته متى كان لديه الوقت، وعندما رأى العصفور أنه لا يستطيع إقناع الرجل العجوز بالبقاء لفترة أطول، أعطى أمرًا لبعض خدمه، وأحضروا على الفور صندوقين، أحدهما كبير والآخر صغير، وتم وضع هذه أمام الرجل العجوز، وطلب منه العصفور أن يختار أيهما يحب أن يأخذه،لم يستطع العجوز رفض هذه الهدية اللطيفة.
واختار الصندوق الأصغر قائلاً: سيكون من الأسهل بالنسبة لي حمله، وعندما وصل الرجل العجوز إلى المنزل، وجد زوجته غاضبة أكثر من المعتاد، لأنّه تأخر، وسألته بصوت عال: لماذا انت متأخرًا جدًا؟ حاول الرجل العجوز تهدئتها من خلال عرض علبة الهدايا التي أحضرها معه، ثم أخبرها بكل ما حدث له، وقال الرجل العجوز: لنرى الآن ما بداخل الصندوق، وجلس كلاهما أمام الصندوق وفتحاه حيث وجدوا الصندوق ممتلئًا بالعملات الذهبية والفضية والعديد من الأشياء الثمينة الأخرى.
شعر العجوز بسعادة غامرة لرؤية الثروات التي أصبحت ملكه الآن والتي ستمكّنه من التخلي عن العمل والعيش براحة وراحة بقية أيامه، لكنّ المرأة العجوز بعد أن انتهت من المفاجأة عند رؤية الذهب والفضة، لم تستطع قمع جشعها، وبدأت الآن في لوم الرجل العجوز على عدم إحضاره صندوق الهدايا الكبير إلى المنزل، لأنّه أخبرها ببراءة من قلبه كيف رفض صندوق الهدايا الكبير الذي قدمته له العصافير، مفضلاً الصندوق الأصغر، لأنّه كان خفيفًا وسهل الحمل.
قالت: أيها العجوز السخيف، لماذا لم تحضر الصندوق الكبير؟ فقط فكر فيما فقدناه، ربما كان لدينا ضعف الفضة والذهب مثل هذا، وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي نهضت وجعلت الرجل العجوز يصف لها الطريق إلى منزل العصفور، عندما رأى ما كان في ذهنها حاول منعها من الذهاب، لكن ذلك لم يكن مجديًا، وبعدما اخبرها زوجها، مشت لبضع ساعات، ووجدت المرأة العجوز أخيرًا بستان الخيزران الذي وصفه زوجها لها، ووقفت الآن قبل أن تصرخ: أين بيت العصفور المقطوع اللسان؟
أخيرًا رأت حواف المنزل تتسرب من بين أوراق الخيزران، أسرعت إلى الباب وقرعت بصوت عالٍ، وعندما أخبر الخدم العصفور أنّ العجوز عند الباب تطلب رؤيته، فخرج لتحية المرأة العجوز، فقالت العجوز بوقاحة: لقد أتيت بنفسي لأحصل على الصندوق الذي تركه زوجي بغباء، أعطني الصندوق الكبير، هذا كل ما أريده! وافق العصفور على الفور، وطلب من خدمه إخراج الصندوق الكبير، واستولت المرأة العجوز عليه بشغف، ودون أن تتوقف حتى لشكر العصفور بدأت في الإسراع للمنزل.
وبينما كانت العجوز تتأرجح تحت الحمل الثقيل، أصبحت رغبتها في فتح الصندوق أكبر من أن تقاوم، ولم تعد قادرة على الانتظار، لأنّها افترضت أن يكون هذا الصندوق الكبير مليئًا بالذهب والفضة والمجوهرات الثمينة، وعندما وضعت المرأة العجوز الجشعة والأنانية الصندوق على جانب الطريق وفتحته بعناية، لكنّ ما رأته أخافها لدرجة أنها كادت أن تفقد حواسها حيث وجدت عدد من الوحوش الرهيبة والمخيفة من الصندوق وأحاطوا بها كما لو كانوا ينوون قتلها.
بدت الوحوش ذات الأفواه المتفتحة وكأنها ستلتهمها، كان هناك ثعبان ضخم ملفوف حولها، وقفز نحوها ضفدع كبير، فركضت من المكان بالسرعة التي تحملها بها ساقاها المرتعشتان، سعيدة للهروب على قيد الحياة، وعندما وصلت إلى المنزل، سقطت على الأرض وأخبرت زوجها بالدموع بكل ما حدث لها، ومنذ ذلك اليوم باتت امرأة عجوز جيدة، وقضيا أيامهما الأخيرة معًا في سعادة، ينفقان بعناية الكنز الذي تلقاه الرجل العجوز من العصفور مقطوع اللسان.