تُعتبر هذه القصة من روائع الأديب الياباني ياسوناري كواباتا، وقد تناول من خلال مضمونها الحديث حول اعتداء من قِبل مجموعة أشخاص على فتاة، وقد تسبب ذلك الأمر بحملها، ولكنها لم تكن تعرف أي منهم هو والد الطفل، وبعد أن توفي الطفل قامت بإرسال جزء من رماد عظامه إلى كل واحد منهم.
قصة العظام
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول رسالة تم إرسالها من قِبل سيدة تدعى يوميكو تعمل كنادلة في أحد المقاهي الذي يعرف باسم مقهى البلشون الأزرق إلى العديد من الأشخاص، وهم كل من سيد يدعى كاساها، يعمل كمدير إداري إلى إحدى الشركات المختصة في السيارات، وسيد آخر يدعى تاكوما، وهو ما كان يعمل في مجال التمثيل، وأكثر ما كان يبرز به هو الأفلام التاريخية، والشخص الثالث هو رجل يدعى تسوجا يعمل طالب في كلية الطب في إحدى الجامعات الخاصة، والشخص الرابع هو سيد يدعى ساكورا بنجي يعمل كمالك لأحد المطاعم المشهورة والذي يحمل اسم مطعم كانتون، وقد كانت كافة الرسائل التي وصلت إليها هي ذات الشيء تنص على ذات الكلمات.
وقد كانت تلك الرسالة الموحدة تقول بها السيدة: إنني أرسل لك تلك الرسالة المحتوية على العظام، وتلك العظام هي تعود لطفلي حديث الولادة، حيث أن ذلك الطفل قد عاش يوماً ونصف اليوم فقط لا أكثر من ذلك، ولم يتسنى له أن يمتد بالقوة بعد، ففي يوم ولادته لم أتجرأ على التطلع إليه حينما كانت الممرضة تمسك به من جهة قدميه، إذ أخذت تقلب به رأسًا على عقب وتهزه هنا وهناك، وفي اليوم الذي انتهت به حياته فجأة انفجر بالبكاء عند الظهيرة، وقد تم إبلاغي من قِبل الممرضات بأنه تثاءب لمرتين على التوالي ومن ثم توفي على الفور.
وقد كان طفلي لم يشبه أحد أبداً، حتى أنه لم يكن يشبهني على الإطلاق، وأكثر ما كان يشبه دمية صغيرة جميلة فقط، وله أجمل محيا في العالم، ولم يكن هناك أي علامات واضحة يتم حفظها به ولا حتى عيوب يتم ذكرها، فوجنتاه ممتلئتان ولديه شفتان مطبقتان، ويعلوهما خيط رفيع من الدم ظهر بعد أن توفي، ولا يمكن أن يتم ذكر من ملامحه سوى ذلك، وعندما تحدثن عنه الممرضات أشدن وقلن: إنه طفل لطيف ومحبوب للغاية وأكثر ما يميزه تلك البشرة الرقيقة الناعمة.
وبالرغم من كل تلك الملامح اللطيفة والناعمة، إلا أنه كان مقدر له أن يكون طفل تعيس، وقد كان ذلك بسبب أنه لو قدرت له الحياة كان سيغدو طفل ضعيف القوة، وفي الكثير من الأحيان أرى أنه من الأفضل أنه توفي قبل أن أقوم برضاعة، إذ حينها سوف يكون ألمي وحزني عليه أكبر، يا له من طفل مسكين، حيث أنه من قبل أن ترتسم على شفتاه ضحكة واحدة بكيت حزناً على هذا الطفل الذي ولد من غير أن يكون له شبيه استذكره به، ومما يبدو أن هذا الطفل قرر بنفسه منذ أن كان برحمي أن لا يأتي إلى هذه الحياة البائسة، وقد عزم على الرحيل من الحياة قبل حتى أن يقترب من شبه أحد أستذكره به طوال حياتي.
وما جعل السيدة يوميكو في حيرة من أمرها هو أنها كانت قد تم الاعتداء عليها من قِبل جميع هؤلاء الأشخاص الذين أرسلت لهم الرسالة ولا تعرف في الحقيقة هو ابن من منهم، وقد رأت أنه من الأفضل لها أن تخاطبهم باستنادها على بعض الصفات التي ظهرت على ذلك الطفل في تلك الفترة القصيرة جداً التي عاشها إليهم جميعاً، فقد كان طفلي أقرب إلى طبائعكم جميعكم، ومنذ أن عرفت أنني حامل للمرة الأولى.
وقد أشارت في لحظة من اللحظات السيدة إلى أنه كان هناك راهب يدعى هاكوين ذات يوم في قديم الزمان احتضن بين ذراعيه طفل كان قد ولدته فتاة ما زالت عزباء، حينها قال لتلك الفتاة: لا تحزني سوف أتبنى هذا الطفل وسوف أعامله كما لو أنه طفلي في الحقيقة، فلقد أنقذ الله هذا الطفل، وفعل الخير هذا قد انغرس في طفلي، حيث أنه حينما مضى وهو في رحمي في حزن يفكر في من يتعين أن يكون شبيها له، فمنحه الله أن يكون شبيه بالخير الذي انغرس في البشر وفي ولاء العباد له.
وعلى إثر ذلك التفكير الذي كان يشغل بال الطفل جعل قلبه ينفطر، أما عني فأنا لا يمكنني التصريح في أي منكم أرغب في أن يشبهه طفلي، وهذا الأمر ما دفع بي إلى أن أقوم بإرسال تلك الرسالة الموحدة لكم جميعاً، ومن أجل ذلك الأمر فقد كان كل ما أرغب منه هو أن أقوم بإرسال لكل شخص منكم جزء من رماد العظام الذي يعود للطفل، وبعد أن أتم الجميع من قراءة الرسالة قام من يعمل كمدير إداري بطريقة الاختلاس وغير ملفتة لأي شخص بدس العلبة الورقية الصغيرة التي يوجد بها رماد عظام الطفل بشكل سريع في جيبه، وسرعان ما هم بالخروج إلى خارج منزله ووصل إلى السيارة وقام بفتحها هناك.
وأول ما وصل إلى مكتبه الخاص قام باستدعاء إحدى الفتيات العاملات في المكتب وعلى وجه التحديد من تعمل على الآلة الكاتبة؛ وقد كان السبب خلف ذلك هو أنه رغب في أن يملي عليها بعض الرسائل المهمة، لكنه حينها أدخل يده في جيبه من أجل أن يخرج علبة السجائر ما حدث حينها هو أنه عندما دس يده في جيبه خرجت علبة رماد العظام مع علبة السجائر وشاهدتها الفتاة وفضح أمره.
وأما بالنسبة إلى ما حدث مع صاحب المطعم، فهو أول ما قام به هو أنه اشتم رائحة الرماد، ومن ثم قام بفتح إحدى خزائنه وهمّ بإيداعها هناك ومن ثم قام باستخراج إيصالات الأمن؛ وذلك من أجل أن يقوم بإرسالها إلى المصرف، بينما طالب الطب والذي كان حينما وصلت إليه الرسالة في رحلة على خط السكك الحديدية الحكومي، سرعان ما قام برمي علبة العظام من نافذة القطار وتوجه بنظرة نحو فتاة حازت على إعجابه في تلك الرحلة وحاول أن يطلب يدها للزواج.
وفي النهاية حينما وصلت العلبة التي تحتوي رماد العظام إلى الممثل، سرعان ما قام بوضعها في إحدى الحقائب السرية الخاصة به، وقد كانت تلك الحقيبة من الحقائب المخصصة للاحتفاظ بجلود أسماك القرن ومادة الذبابة الإسبانية المهيجة، ومن ثم انطلق بشكل سريع من أجل اللحاق بموعد لتصوير مجموعة من المشاهد في أحد الأفلام المشارك بها، وأخيراً وبعد مضي ما يقارب شهر على استلامهم للرسائل حضر المدير الإداري إلى ذلك المقهى الذي تعمل به، وأول ما التقى بها قال لها: من الأفضل أن تقومي بدفن ذلك الرماد في أحد المعابد، وهنا أردف حديثه بسؤال وهو تعتريه حالة من الدهشة وقال: لماذا تتمسكين به؟ وهنا ردت عله وقالت: من! أنا؟ ولكنني وزعت الرماد عليكم جميعاً ولم يبقَ لدي منه شيء.