قصة العملاق والقزم العضمي

اقرأ في هذا المقال


قصة العملاق والقزم العضمي أو ( Weendigoes and the Bone-Dwarf) قصة خيالية من الأساطير الأصلية وهي حكاية فولكلورية أمريكية أصلية للمؤلف كورنيليوس ماثيوز، تاريخ نشرها عام 1869 بواسطة الأخوين ألين.

الشخصيات:

  • العملاق.
  • الصياد.
  • زوجة الصياد.
  • ابن الصياد.
  • الطفل الغريب.

قصة العملاق والقزم العضمي:

في غابة منعزلة، عاش هناك مرة رجل وزوجته ولديهما ابن، وكان الأب يخرج كل يوم حسب تقاليد الهنود للبحث عن الطعام لإمداد أسرته، وفي أحد الأيام بينما كان غائبًا، نظرت زوجته أثناء خروجها من المنزل نحو البحيرة القريبة، فرأت رجلاً كبيرًا جدًا يمشي على الماء ويقترب سريعًا نحو الكوخ، لقد كان بالفعل قريبًا جدًا لدرجة أنّها لم تستطع الهروب لو كانت ترغب في ذلك.
فكرت في نفسها وقالت: ماذا أقول للوحش؟ وبينما كان يتقدم بسرعة، ركضت وأخذت يد ابنها وهو صبي يبلغ من العمر ثلاث أو أربع سنوات، وأخرجته، ثمّ قالت بصوت عالٍ: انظر يا بني، لا تخف مهما حدث، الدعاء إلى الله سوف يرحمنا، اقترب العملاق وقال بصوت عال: أها! وأضاف مخاطباً المرأة: هل يوجد لديكم طعام للأكل؟
لحسن الحظ، كان البيت مزودًا جيدًا باللحوم من مختلف الأنواع، فكرت المرأة في إرضائه من خلال تسليمها له، والتي كانت لذيذة ومحفوضة بعناية، لكنّه دفعهم بعيدًا في اشمئزاز قائلاً: أشم رائحة النار، ولم ينتظر أن تتكلم المرأة، أمسك بجثة غزال ملقاة بجانب الباب، وتناولها بسرعة دون أن يتوقف لالتقاط أنفاسه.
وعندما عاد الصياد إلى المنزل تفاجأ برؤية الوحش، كان مرعوبًا جدًا، لقد أحضر معه مرّة أخرى غزالًا، لم يسبق أن أن اصطاد مثله، فأكله العملاق ومزقه أشلاء، وأكله كما لو كان صائمًا لمدّة أسبوع، نظر الصياد في خوف ودهشة، وهمس لزوجته أنّه خائف على حياتهم، لأنّ هذا الوحش كان من الهنود يسمونه وينديجوس.
لم يجرؤ حتى على التحدث إليه، ولم ينطق الوحش بكلمة واحدة، ولكن بمجرد أن انتهى من وجبته، تمدد ونام، وفي المساء قال العملاق للعائلة أنه يجب أن يذهب للصيد، وخطى نحو الشمال، وفي الصباح عاد، ملطخ بالدماء، ولكنّهم لم يعرفوا أين كان ولا نوع الفعل الذي قام به على الرّغم من أنّ الصياد وزوجته كانت لديهما شكوك مروعة بشأن الأعمال التي كان يمارسها.
ثمّ أخذ الغزلان التي أحضرها الصياد وأكلها بشغف، تاركًا الأسرة لتحضير وجبتها من اللحوم المجففة التي كانت محفوظة في المنزل، وبهذه الطريقة عاش العملاق وعائلة الصياد لبعض الوقت، وقد فاجأهم أنّ الوحش لم يحاول الاعتداء على حياتهم أبدًا، على الرّغم من أنّه لم ينم أبدًا في الليل، لكنّه كان دائمًا يخرج ويعود في الصباح، ملطخًا بالدماء، وكان يبدو جامحًا وجائعًا عندما لم يكن هناك أي غزال ليأكله، وكانت تمر الأيام دون أن يقل شيئًا.
في الحقيقة كان دائمًا ساكنًا وكئيبًا، ونادرًا ما تحدث إلى أيٍّ منهم وعندما كان يفعل، كان خطابه موجهًا بشكل أساسي إلى الصبي، وفي إحدى الأمسيات، بعد أن أقام معهم لعدّة أسابيع أخبر العملاق الصياد أن الوقت قد حان ليغادر منزلهم، ولكن قبل القيام بذلك كان قد منحهم سحرًا يجلب لهم الحظ السعيد، وقدم لهم سهمين، وشكر الصياد وزوجته على لطفهما، وغادر العملاق وينديجوس قائلاً ، عندما تركهم أنّه كان لديه كل العالم للسفر.
كان الصياد وزوجته سعداء عندما رحل، لأنّهما كانا قلقين أن يلتهمهما في أي لحظة، وبعد سفره جرّب السهام ولم يفشلوا في إسقاط كل ما كانوا يستهدفونه من صيد، لقد عاشوا أغنياء وفرحون لمدّة عام عندما غاب الصياد في يوم من الأيام، فرأت زوجته عندما خرجت من المنزل شيئًا مثل سحابة سوداء تقترب حيث أنتظرت حتى اقترب، عندها أدركت أنّه كان العملاق وينديجوس، فتذكرت حسن سلوكه ولم تخاف منه، وطلبت منه أن ينتظر في الكوخ.
لقد فعل ذلك، ولمّا رأى أنّه لا يوجد طعام في متناول اليد، استشاط غضبًا شديدًا، وأصيب بخيبة أمل شديدة واقتلع المنزل وألقى به في مهب الريح، وبدا في البداية بالكاد يلاحظ المرأة في غضبه، ثمّ ألقى عليها نظرة شرسة وأمسكها من خصرها، رغم صراخها وتضرعاتها وحملها والتهمها بينما كان ابنها الصغير الذي ركض جيئة وذهابًا وهو يبكي منتحبًا، ولكنّ العملاق لم يأبه له.
في الخريف، عندما عاد الصياد من الغابة اندهش وذهب للبحث عن منزله الذي لم يكن بمكانه، ورأى ابنه جالسًا بالقرب من المكان الذي كان يوجد فيه وهو يذرف الدموع، فأشار الابن إلى الاتجاه الذي سلكه العملاق وينديجوس، وبينما سار الأب على طول الطريق وجد بقايا زوجته متناثرة على الأرض.
طمس الصياد وجهه، وأقسم في قلبه أنّه سينتقم، ثمّ قام ببناء منزل آخر وجمع عظام زوجته، ووضعها في الجزء المجوف من شجرة جافة، وترك ابنه ليهتم بالمنزل وهو غائب يصطاد ويتجول من مكان إلى آخر يسعى جاهداً لنسيان محنته، ويبحث عن وينديغوس الشرير، كان قد رحل قليلاً في صباح أحد الأيام، عندما أطلق ابنه سهامه من أعلى المنزل، وركض للبحث عنها ولم يجدها في أي مكان.
كان الصبي يجرب حظّه، وكان محيرًا لأنّه أطلق السهم بعيدًا عن الأنظار ولم يجده، بعد ذلك صنع له والده المزيد من السهام، وعندما تُرك وحيدا مرة أخرى، أطلق أحد السهام، لكن على الرغم من أنّه نظر بحدة قدر استطاعته نحو المكان الذي سقطت فيه وركض إلى هناك في الحال، لم يتمكن من العثور عليه.
وعندما نفذت سهامه وعاد إلى المنزل ليأخذ المزيد، وصادف أن رأى أحد سهام الحظ التي أعطاها وينديجو لوالده معلقة على جانب الكوخ، فأخذه ثمّ خرج وأطلقه وعلى الفور ركض ليجد مكان سقوطه، فتفاجأ برؤية فتى جميل حمله في الحال، وهرع به إلى شجرة كبيرة حيث اختفى، ثمّ تبعه ابن الصياد وبعد أن جاء إلى الشجرة، رأى وجه الصبي ينظر من خلال فتحة في الجزء المجوف.
فقال الصبي: ها! يا صديقي، اخرج والعب معي، وحث الصبي حتى وافق، ثمّ لعبوا وأطلقوا سهامهم بالتناوب، وفجأة قال الولد الصغير: أباك قادم، يجب أن نتوقف وعدني ألّا تخبره، فوعده ابن الصياد، واختفى الآخر في الشجرة، وعندما عاد الصياد جلس ابنه بهدوء بجوار النار، وفي المساء طلب من والده أن يصنع له قوسًا جديدًا وعندما سأله والده عن سبب كثرة استخدامه للسهام، أجاب الولد أنّها تنكسر أو تضيع.
كان الأب مسرور من اجتهاد ابنه للصيد بالسهام، وصنع له المزيد، وفي اليوم التالي، بمجرد أن ذهب والده بعيدًا ، ركض الصبي إلى الشجرة المجوفة ودعا صديقه الصغير للخروج واللعب، ثمّ ذهبوا ولعبوا في المنزل معًا، وأثناء لعبهم قاموا بنثر الرماد في المنزل، وعندما جاء الصياد تفاجأ برؤية الرماد متناثراً في المنزل، فقال: لماذا يا بني، لابد أنّك لعبت بجد اليوم لنثر مثل هذا الغبار بمفردك، فأجاب الصبي: نعم ، كنت وحيدًا جدًا، فركضت وهذا هو سبب ذلك.
في اليوم التالي، استعد الصياد للمطاردة كالمعتاد، ولم يكد ينطلق حتى أحضر الصبي صديقه، ولعبوا مع بعضهم البعض حول الكوخ، ولكن عندما عاد الصياد مرّة أخرى ووصل إلى مكان قريب من المنزل حيث هبّت فيه الرياح أثناء مروره بقوة، سمع ابنه يضحك ويحدث ضوضاء، ولكن تلك الأصوات عندما وصلت إليه، بدت وكأنّها نشأت من شخصين يلعبان، ولكن عند اقترابه أحسّ الطفل بحضوره فاختبأ بجوف الشجرة كالمعتاد.
بدأ الصياد يشك في تصرفات ابنه الغريبة، فقال الصياد: أخبرني يا بني، لقد سمعت صوتين، أنا متأكد، ثمّ نظر عن كثب إلى آثار الخطى في الرماد، وتابع: صحيح هنا بصمة قدم أصغر من بصمة ابني وهو الآن مقتنع بأن شكوكه لها ما يبررها، وأنّ شابًا صغيرًا كان رفيقًا لابنه، ولم يستطع الصبي الآن رفض إخبار والده بما حدث، فقال: أبي، وجدت ولدًا في جوف تلك الشجرة، بالقرب من الكوخ حيث وضعت عضام أمي.
خطرت على ذهن الصياد أفكار غريبة، هل عاشت زوجته مرّة أخرى في جسد هذا الطفل الجميل؟ وخوفاً من إزعاج الموتى، لم يجرؤ على زيارة المكان الذي أودع فيه رفاتها، ومع ذلك، ثمّ طلب من ابنه الذهاب إلى حافة الغابة، حيث يمكنهم قتل العديد من السناجب الطائرة بإشعال النار في الشجر الميت، وطلب منه أن يأخذ صديقه الصبي معهم.
في اليوم التالي، ذهب الصياد وفقًا لذلك إلى الغابة مع ابنه الذي دعا الصبي من الشجرة على الذهاب معه لقتل السناجب، ولكن اعترض الولد على أنّ والده كان قريبًا، لكنّه استطاع مطولًا أن يقنعه بعدم الخوف من والده، وبينما كانوا مشغولين بقتل أو أخذ السناجب، ظهر الصياد فجأة، واحتضن الصبي الغريب بين ذراعيه و طمأنه الأب بكل ما في وسعه.
وباللطف الدائم والكلام اللطيف اقنع الصبي ليبقى معهم، لأنّ ابن الصياد كان مرتبطًا به بشدة، ولم يفصل الأطفال عن بعضهم البعض أبدًا، وعندما نظر الصياد إلى الصبي الغريب، بدا وكأنَّه يرى فيه الروح الأفضل لزوجته الضّالة، لقد كان ممتنًا لوجود هذا الطفل معهم، وفي قلبه شعر بالاطمئنان إلَّا أنّ الصبي سيظهر فضيلة عظيمة في الوقت المناسب، وبطريقة ما ينتقم منه من وينديجو الشرير الذي دمر زوجته.
أصبحت روح الصياد مرتاحة، وأعطى كل الوقت الذي يمكنه توفيره إلى الطفلين، ولكن ما أشغل تفكيره هو أنّ الطفلين كانا يكبران كل يوم وهما يشبهان بعضهما البعض أكثر فأكثر، ولم يتوقفا عن ممارسة الرياضة والقيام بألعاب الطفولة البريئة، وفي أحد الأيام، ذهب الصياد إلى الخارج للصيد تاركًا الصبيين خلفه في المنزل مع سهم الحظ الذي أعطاه إياه العملاق.
وعندما عاد، كانت دهشته وفرحه كبير برؤيته العملاق الأسود الذي قتل زوجته ممدودًا بجوار باب كوخه، لقد صدمه السهم السحري في يدي الطفل الغريب من الشجرة ؛ وبعد ذلك، كان الصبي أو القزم العضمي كما يُدعى، هو الوصي على المنزل، ولم تجرؤ أي روح شريرة أو عملاق على الاقتراب منه لإفساد سلامهم.


شارك المقالة: