قصة الفأر الرمادي الصغير، الشجرة في القاعة المستديرة أو (The Tree in the Rotunda, Little grey mouse) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب الفأر الرمادي الصغير، يحتوي هذا الكتاب على خمس حكايات شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر (Penn Publishing Company).
الشخصيّات:
- روزالي.
- الأمير كريس.
- الفأر الرمادي.
قصة الفأر الرمادي الصغير – الشجرة في القاعة المستديرة:
أعجبت روزالي بكل الزهور كثيرًا، لكنّها انتظرت بفارغ الصبر أن يزيل الأمير القماش الذي كان يلف هذه الشجرة الغامضة، ومع ذلك فقد غادر البيت الأخضر دون أن يتحدث عن ذلك، فقالت: إذاً، يا أميري، ما أمر هذه الشجرة التي تمّ إخفاؤها بعناية؟ قال الأمير وهو يبتسم: إنّها هدية الزفاف التي حددتها لك لكن لا يمكنك رؤيتها حتى عيد ميلادك الخامس عشر.
فقالت روزالي: ولكن ما الذي يضيء بسطوع تحت القماش؟ فقال الأمير: لحسن الحظ، ستعرفين كل شيء في غضون أيام قليلة، فقالت: وهل يمكنني رؤيتها قبل عيد ميلادي؟ فقال الأمير: لا، روزالي لقد منعتني ملكة الجنيّات، ووعدت بعقوبات شديدة من إظهارها لك، إلا بعد أن تصبحي زوجتي، أتمنى أن تحبيني بما يكفي للسيطرة على فضولك حتى ذلك الوقت.
هذه الكلمات الأخيرة جعلتها ترتجف، لأنّها تذكرت الفأر الرمادي الصغير، والمصائب التي كانت تهددها وكذلك والدها، إذا سمحت لنفسها بالوقوع تحت إغراء الفضول الذي بلا شك سيعيد سيطرة عدوها الجنيّة المقيتة عليها، ولم تعد تتحدث عن الشجرة الغامضة، وواصلت سيرها مع الأمير، ومرّ اليوم بشكل مقبول، وقدّمها الأمير إلى سيدات بلاطه، وأمرهنّ بتكريم واحترام الأميرة روزالي التي اختارتها ملكة الجنيّات كعروس له، وكانت ودودة للغاية مع الجميع وقد ابتهجوا جميعًا بفكرة استقبال ملكة ساحرة وجميلة.
مرّت الأيام التالية في كل أنواع الاحتفالات التي أقامها الأمير بحضور روزالي، انتظر كل من الأمير وروزالي بقلوب فرحة اقتراب يوم ميلادها الذي كان من المفترض أن يكون يوم زواجهما، وأحبّها الأمير بإخلاص، لقد أحبت الأمير بشدة أيضاً، لأنّها كانت ترغب بشدة في رؤية والدها مرة أخرى، وأيضًا لأنّها كانت تأمل في رؤية ما تحتويه الشجرة في القاعة المستديرة، وقد فكرت في هذا باستمرار.
كانت تحلم بذلك أثناء الليل، وكلما كانت بمفردها كان بإمكانها بصعوبة أن تمنع نفسها من الاندفاع إلى البيت الأخضر لمحاولة اكتشاف السر وراء الشجرة، أخيرًا، وصل آخر يوم من الترقب والقلق حيث في الصباح ستكون روزالي في الخامسة عشرة من عمرها، وكان الأمير منشغلاً كثيرًا بالتحضيرات لزواجه، وكان من المقرر أن يكون حفلاً كبيراً ورائعاً.
كان من المقرر أن تكون جميع الجنيّات الطيبة من معارفه حاضرة بالإضافة إلى ملكة الجنيّات، وعندما وجدت روزالي نفسها وحيدة في الصباح وقررت أن تمشي، وبينما كانت تتأمل سعادة الغد، اقتربت من البيت الأخضر، ودخلت مبتسمة متأملة، ووجدت نفسها وجهاً لوجه مع القماش الذي غطى الشجرة، قالت: غدًا سأعرف أخيرًا ما يخفيه هذا القماش السميك عني.
ثمّ وقفت في صراع بين فضولها وخوفها محدثة نفسها كالآتي: إذا كنت أرغب فقد أراها اليوم، لأننّي أدرك بوضوح بعض الفتحات الصغيرة التي قد أدخل فيها أصابعي ومن خلال النظر قليلاً سأعرف شيئاً، وفي الحقيقة، من سيعرف ذلك؟ كنت سأخيط القماش بعد أن ألقي نظرة عليه، ونظرًا لأنّ الغد قريب جدًا، عندها أتمكن من رؤية كل شيء، وقد ألقي نظرة عليها اليوم أيضًا، نظرت روزالي حولها ولم تر أحداً.
وفي رغبتها الشديدة في إرضاء فضولها، نسيت الأمير الذي أحبها بشدة، والمخاطر التي كانت تهددهم جميعًا إذا استسلمت لهذا الإغراء، وقامت بتمرير أصابعها من خلال الفتحات الصغيرة برفق ولكنّها كانت متوترة، ثمّ تمزّق القماش من أعلى إلى أسفل مع ضوضاء مثل الرعد، ورأت روزالي أمام عينيها شجرة ذات جمال رائع، مع جذع مرجاني وأوراق من الزمرد.
كانت الثمار الظاهرة التي غطت الشجرة من الأحجار الكريمة من جميع الألوان ومن الماس، والياقوت الأزرق، واللؤلؤ، وكلها كبيرة مثل الثمار التي كان من المفترض أن تمثلها والتي كانت رائعة لدرجة أن روزالي انبهرت بها تمامًا، حيث نادراً ما رأت مثل هذه الشجرة التي لا مثيل لها، وفجأة جذبها صوت ضوضاء أعلى من الصوت الأول، فاستيقظت من نومها.
وشعرت بنفسها ترتفع للأعلى وتنتقل إلى سهل شاسع حيث رأت قصر الملك يتساقط في حالة خراب، وسمعت صرخات الرعب والمعاناة الأكثر رعباً من جدرانه، سرعان ما رأت روزالي الأمير نفسه يزحف من تحت الأنقاض، وكان ينزف وقد تمزّقت ملابسه تقريبًا، تقدّم إليها، وقال بحزن: روزالي الجاحدة للجميل! انظر إلى ما فعلته بي، ليس فقط بي، بل بمملكتي بأكملها.
ثمّ قال لها: بعد ما فعلته، لا أشك في أنك قد قادك فضولك مرة ثالثة، وأنّك ستكملين مصائبي إلى جانب مصائب والدك التعيس، لا أعرف هل ستكفّر التوبة الصادقة عن جحودك تجاه أمير غير سعيد أحبك، وسعى فقط إلى إسعادك! وبعد أن قال هذه الكلمات، انسحب ببطء، وغادر تاركاً إياها خلفه، فألقت روزالي بنفسها على ركبتيها، وغرقت بالدموع، ونادته بحنان لكنّه اختفى دون أن ينظر أبدًا إلى التفكير في يأسها.
كانت روزالي على وشك الإغماء من شدة حزنها ويأسها، عندما سمعت الضحكة الصغيرة المتنافرة من الفأر الرمادي، ورأته أمامها مرة أخرى، فقال بسخرية: شكراً لك، عزيزتي على مساعدتك بشكل جيد، لقد أرسلت لك تلك الأحلام الساحرة للشجرة الغامضة أثناء الليل، وكنت أنا من قضم القماش، لمساعدتك في رغبتك للنظر فيها حيث بدون هذه الأداة الأخيرة لي، أعتقد أنني كان يجب أن أفقدك، وكذلك أبيك وأميرك كريشوس.
ثمّ قال لها: زلّة أخرى يا حيواني الأليف، وستكونني عبدي إلى الأبد! وبدأ الفأر القاسي في فرحته الخبيثة، يرقص حول روزالي، وكانت كلماته كما هي شريرة، ولكنها لم تثير غضب الفتاة المذنبة، قالت إنّ هذا كله خطأي لولا فضولي القاتل ونكران الجميل الأساسي، لما نجح الفأر الرمادي في جعلي أستسلم للإغراء بسهولة، لا بد لي من التكفير عن كل هذا من خلال حزني وصبري، والحزم الذي سأقاوم به الدليل الثالث الذي أتعرض له، مهما كان الأمر صعبًا.
علاوة على ذلك، ليس لدي سوى بضع ساعات للانتظار، وقد أخبرني الأمير العزيز أنّ سعادته وسعادة والدي المحبوب وعائلتي تعتمد على نفسي، وجلست وكان أمامها أنقاض قصر الأمير كريس المحترق، لقد كان تدميره كاملاً لدرجة أنّ سحابة من الغبار والدخان علقت فوقه، وبالكاد بقي حجر على حجر آخر، وكانت صرخات الذين يتألمون، تدخل في أذنيها وتزيد من مرارة الشعور بالذنب.
بقيت روزالي مستلقية على الأرض، واستخدم الفأر الرمادي كل الوسائل الممكنة لحثها على التحرك من المكان، ولكنّ المسكينة، وغير السعيدة والمذنبة، استمرت في البقاء على مرأى من الدمار الذي تسببت فيه.