قصة الفأر الرمادي الصغير، النعش أو (The Casket, Little grey mouse) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب الفأر الرمادي الصغير، يحتوي هذا الكتاب على خمس حكايات شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر (Penn Publishing Company).
الشخصيّات:
- روزالي.
- والد روزالي.
- السيدة صاحبة النعش.
- الفأر الرمادي الصغير.
- الأمير.
- الجنيّة الطيبة.
قصة الفأر الرمادي الصغير – النعش:
هكذا مرّ اليوم بأكمله، عانت روزالي بقسوة من العطش والحزن وتأنيب الضمير، وقالت لنفسها: يا ألهي، هل يجب أن أعاني أكثر مما أعاني؟ لكي أعاقب نفسي على كل ما جعلت والدي والأمير المخلص يتحملان من مصائب حلّت عليهما بسببي؟ سأنتظر في هذا المكان الرهيب حتّى بزوغ فجر عيد ميلادي الخامس عشر، وكان الليل يحل عندما اقتربت امرأة عجوز كانت تمرّ من أمامها.
توقفت المرأة وقالت: طفلتي الجميلة، هل من الممكن أن تعتني بهذا النعش من أجلي، وهو ثقيل جدًا للحمل، بينما أقوم بمسافة قصيرة لرؤية إحدى قريباتي؟ أجابت روزالي: بالتأكيد سيدتي سأخدمك عن طيب خاطر، وكانت مُقنعة للغاية في إجابتها، ووضعت العجوز النعش في يديها قائلة: شكرًا جزيلاً يا طفلتي الجميلة، لن أتغيب طويلاً.
لكنني سأطلب منك قبل مغادرتي أن تعديني على عدم النظر في هذا النعش، لأنّه يحتوي على أشياء لم تريها من قبل، ولن تتاح لك الفرصة لرؤيتها مرة أخرى، وأرجو منك الالتزام بما سأقوله، بحيث لا تفتحي النعش أبداً، فهناك بداخله أدوات هشة للغاية، ويمكن كسرها بسهولة شديدة، ولا ينبغي لأحد أن يرى ما هو مخفي، لذلك يجب أن تمنعي أي أحد من الاقتراب منه أيضاً.
وبعد قول هذا ذهبت المرأة العجوز، ووضعت روزالي النعش بالقرب منها، وبدأت بالتفكير في جميع الأحداث التي مرّت بها للتو، وكان الليل قد حلّ الآن ولم تعد المرأة العجوز، ألقت روزالي الآن عينيها على النعش ورأت بدهشة أنه أضاء الأرض من حولها، فقالت في نفسها: ما الذي يمكن أن يوجد في هذا النعش الرائع جدًا؟ قلبته و دوّرته ونظرت إليه من كل جانب، ولكن لا شيء يفسر هذا الضوء الخارق.
ثمّ وضعته بعناية على الأرض قائلة: ما أهمية ما يحتويه هذا النعش بالنسبة لي؟ إنّه ليس ملكي، ولكنّه يخص السيدة العجوز التي أسرتني به، لن أفكر فيه مرة أخرى خوفًا من أن أُغرى بفتحه، في الواقع، لم تعد تنظر إليه وسعت لعدم التفكير فيه، وأغمضت عينيها الآن عازمة على الانتظار بصبر حتى الفجر، وقالت في نفسها: في الصباح سأكون في الخامسة عشرة من عمري، سأرى والدي والأمير، ولن يكون لدي ما أخافه من الجنيّة الشريرة.
وفجأة سمعت صوت الفأر يتحدث لها ويقول: روزالي! روزالي! أنا بجانبك مرة أخرى، لم أعد عدوك، ولأثبت أنني لست كذلك، إذا كنت ترغبين في ذلك، سأريك ما يحتويه هذا النعش، ولكن روزالي لم ترد بأي كلمة، فقال الفأر بغضب: روزالي، ألا تسمعين ما أقترحه عليك؟ أنا صديقك، صدقني، وبقيت روزالي صامتة دون رد، ثمّ قفز الفأر الرمادي الصغير الذي لم يكن لديه وقت يضيعه، على النعش وبدأ يقضم الغطاء.
فصرخت روزالي: أيها الوحش الشرير، وأخذت النعش وضغطت عليه على صدرها، إذا لمست هذا النعش مرة أخرى فسوف أفرك رقبتك، فألقى الفأر نظرة شيطانية على روزالي، لكنّه لم يجرؤ على شجاعة غضبها، وبينما كان يتأمل بعض الوسائل الأخرى لإثارة فضول روزالي، دقّت الساعة اثنتي عشرة بعد منتصف الليل، وفي نفس اللحظة أطلق الفأر صرخة غضب وخيبة أمل وقال لروزالي: روزالي، لقد بدت للتو ساعة ولادتك.
أنت الآن في الخامسة عشرة من العمر، ليس لديك ما تخشيه منّي، أنت الآن خارج قوتي وإغراءاتي كما هو الحال أيضًا مع والدك البغيض وأميرك المكروه، أنا مضطر للاحتفاظ بهذا الشكل القبيح للفأر حتى أتمكن من إغراء فتاة صغيرة جميلة ولدت جيدًا مثلك لتقع في أفخاخي روزالي، الآن يمكنك فتح هذا النعش، وبعد قول هذه الكلمات، اختفى الفأر إلى الأبد.
لم تثق روزالي بحكمة في كلمات عدوها هذه، ولم تتبع مشورته الأخيرة في فتح الصندوق، وعقدت العزم على حراسة النعش بعناية حتى الفجر، وبالكاد اتخذت هذا القرار، عندما قامت بومة تحلّق فوق رأسها بإسقاط حجرًا على النعش الذي تحطم إلى ألف قطعة، فأطلقت روزالي صرخة رعب وفي نفس اللحظة رأت أمامها ملكة الجنيّات.
نظرت ملكة الجنيّات إليها وقالت: عاش والد روزالي مع طفله فضولية وشقيّة، وقد شفيت تمامًا الآن من فضولها، وكانت محبوبة بحنان من قبل الأمير كريس الذي أحبته بشدة طوال حياتها، وكان لديهم أطفال جميلين، اختاروا من أجلهم الجنيّات القوية كعرّابات من أجل حمايتهم من الجنيّات الشريرات، ثمّ ضحكت وقالت: تعالي يا روزالي، لقد انتصرت أخيرًا على العدو القاسي لعائلتك.
لذلك سأعيدك الآن إلى والدك، لكن عليك أولاً أن تأكلي وتشربي، لأنك مرهقة جدًا ومتعبة، ثمّ قدمت لها الجنيّة الآن ثمرة نادرة، أكلتها بشهية، ثمّ ظهرت عربة رائعة كان يقودها تنانين أمام الجنيّة، فدخلت الجنيّة العربة وأمرت روزالي أن تفعل الشيء نفسه، وبمجرد أن تعافت روزالي من دهشتها، شكرت ملكة الجنيّات من كل قلبها على حمايتها، وسألت عمّا إذا كانت ستقابل والدها والأمير كريس.
فقالت الجنيّة: والدك ينتظرك في قصر الأمير، فقالت روزالي بدهشة: لكن، سيدتي كنت أظن أنّ قصر الأمير قد دُمِّر وهو نفسه أصيب بجروح بالغة؟ كما أعتقد أنّ الأمير غاضب منّي ولا يريد رؤيتي بعد ما جلبت عليه تلك المصائب، فقالت الجنيّة: كان ذلك يا عزيزتي روزالي مجرد وهم لملء قلبك وعقلك بالرعب والندم بسبب فضولك، ولمنعك من السقوط أمام الإغراء الثالث.
سترين الآن قصر الأمير كما كان قبل أن تمزّقي القماش الذي غطى الشجرة الكريمة التي سيقدّمها لك كهدية عيد ميلادك، وبعد دقائق توقفّت العربة أمام باب قصر الأمير، وعندما نزلت روزالي كان والدها والأمير ينتظرها مع كل من في البلاط الملكي، ألقت روزالي بنفسها في البداية بين ذراعي والدها، ثمّ اقتربت من الأمير لتقديم اعتذارها له، ولكن بدا أنّه لا يتذكر الخطأ الذي ارتكبته في اليوم السابق.
وطلب منها أن تنسى كل ما مضى، وتفكر الآن فقط في الأيام القدمة والتي ستحمل السعادة لكليهما، وكان الأمير قام بترتيب كل شيء من أجل حفل الزواج الذي كان من المقرر الاحتفال به على الفور، وساعدت جميع الجنيّات الطيبة في هذا المهرجان الذي استمر عدة أيام، وعاشت روزالي بسعادة مع الأمير بجانب والدها، بعد أن تخلّت عن الفضول الذي لازم طفولتها، ولم تعد تهتم إلا بما يخصّ حياتها.