قصة القفاز أو (The Glover) هي قصة خيالية من الحكايات الخيالية والفولكلور المحبوبين في فرنسا التي قدمت الشخصيات العالمية التي ما زلنا نحبها حتى اليوم، كانت الحكايات الخيالية والحكايات الشعبية الفرنسية من أوائل القصص الشفوية التي تم جمعها وتدوينها للكاتب تشارلز بيرولت الذي كان يستخدم الحكايات كقصص أخلاقية للصغار والكبار.
الشخصيات:
- القفاز.
- الشبح.
- الكاهن.
قصة القفاز:
عاش هناك في منطقة فان منذ سنوات عديدة رجل صادق ومخلص يُدعى القفاز كان أقرب أصدقائه خياطًا يعيش في المكان يُدعى هنري كواتر، لكنّه كان يحتضر وبقي صديقه القفاز معه حتّى ساعة متأخرة من الوقت يفعل كل ما في وسعه من أجله، وفي وقت متأخر من الليل بينما كان يمر بالكاتدرائية، كانت الأبواب لا تزال مفتوحة واستدار إلى الكنيسة وركع أمام مذبح إحدى المصليات الجانبية.
لم يكن هناك أي ضوء وغادر جميع المصلين تقريبًا، وكان المكان ملفوفًا في صمت عميق وسرعان ما بدأ القفاز المسكين المنهك من حزنه وسهره لليالي عديدة من الجلوس بجانب صديقه المريض فوق رأسه يحاول أن يستيقظ لكنّه سرعان ما سقط لينام مرة أخرى في مثل هذا النوم العميق الذي لم يوقظه لحن المفاتيح ولا صوت الأقفال ولا حتّى جرس الكنيسة.
دقّت الساعة الثانية عشرة دفعة واحدة، ثمّ نهض القفاز وفرك عينيه حيث كان الجو شديد البرودة، ولم يتذكر مكانه ولم يعد الظلام حالكاً وعندما فتح عينيه كان مستيقظًا الآن، ورأى كاهنًا واقفا أمام المذبح يرتدي صليبًا أسود مطرزًا بصليب أبيض كبير، والمذبح مكسو بالسواد وعليه شمعتان تضيئان بشكل خافت، وبضوئهم الشاحب رأى على كل شمعة رأسًا وعظمتين متقاطعتين للموت.
كان القفاز متفاجئًا ومتأثرًا يشكل عميق بما بدا له مشهدًا جنائزيًا، ولكن نظرًا لأنه كان أكثر استعدادًا لمساعدة الآخرين من التفكير في نفسه، سرعان ما لاحظ أنه لا يوجد مساعد حاضر وذهب وركع على ركبتيه وقبّل الكاهن ليكون بمثابة الخادم له، وبينما جثا على ركبتيه نظر إلى وجه الكاهن وعندها صرخ وقال: أوه يا للرعب! كان الكاهن هيكلًا عظميًا ذو تجاويف جوفاء وخدين بلا لحم وسقط القفاز المرعوب بلا معنى على الأرض.
وبقي هناك حتّى الصباح الذي أيقظه جرس الكنيسة وعاد إلى المنزل لعائلته ومنذ ذلك الوقت أصبح رجلاً مختلفاً حيث اختفى كل المرح الهادئ الذي كان يميزه في يوم من الأيام، وأصبح كئيبًا وصامتًا حتى تجاه زوجته، وبالكاد لاحظ وجود أطفاله حوله، وفوق كل شيء كان يخشى النوم وبمجرد تفكيره فيه، كان مليئًا بالخوف والأحلام الرهيبة والكابوس المخيف، وسرعان ما كان يلغي فكرة النوم من عقله.
ولم يمل من التفكير في وقت النوم وما سيحدث له لو نام، وأخيرًا خوفاً من أن يحدث له مكروه، قرر أن يذهب للكاهن مرشده الروحي وطلب من الكاهن الصالح أن يخبره بشيء يجلب بعض السلام في روحه، قال الكاهن بعد سماع قصته: يا بني، لماذا يجب أن تقلق وتزعج روحك في مثل هذا التفكير وحول شيء ربما يكون مجرد وهم؟ وإذا كان حقيقيًا فمن الأفضل أن يكون موضوع تحقيق جاد.
لا يوجد سوى طريق واحد يا بني لخروجك من مشكلتك، عد إلى نفس المكان وفي نفس الساعة وراقب لترى ما سيحدث بعد ذلك، صاح القفاز: أوه لا، إذا عدت مرة خرى هناك الخوف منه سيدمرني، فقال الكاهن: ولكن بما أنّك جئت إلى الكنيسة ثق بي، وإذا ظهر الشبح من جديد فقط اطلب منه أن يخبرك لماذا يأتي إليك، وفي ذلك المساء ذهب القفاز إلى الكاتدرائية وجثا على ركبتيه أمام المذبح في نفس الكنيسة ولكنه لم ينام.
وفي منتصف الليل سمع أقفال الأبواب تتحرك، لكنّه لم يفكر في النظر نحوها وبدلاً من ذلك بقي مكانه دون حراك وانتظر ليرى ماذا سيحدث لاحقاً، ثمّ بدأت أول ضربة في منتصف الليل، وفي الحال أضاءت الشمعتان على المذبح من أنفسهما وكان المذبح مكسوًا باللون الأسود، وظهر الكاهن الهيكل العظمي في كرسيه الأسود على عتبة الكنيسة كما حدث معه تماماً في السابق.
فصرخ القفاز: قف لماذا أنت هنا وما الذي تريده؟ قال الشبح بصوت مكبوت: حسنًا، لا تخف فأنا محكوم علي أن أنتظر وأعاني كل ليلة في هذا المذبح لسنوات طويلة حتى يخدم شخص ما في قداس الموتى حيث يمكنه الآن إنقاذ وروحي، وجثا على ركبتيه امام المذبح وركع القفاز بجانبه وقالا قداس الموتى، ولكن لما نطق الكاهن بعبارة: ارحل بسلام اختفى الشبح على الفور وعندما نظر القفاز لأعلى.
رأى من خلال النافذة شعاعين عريضين من الضوء يتصاعدان إلى الأعلى، فمسح القفاز جبهته، ثم انتظر حتّى دق جرس الكنيسة ثمّ عاد إلى أهله بابتسامته السعيدة المعتادة، فقد استعاد توازن عقله، وكانت قد عادت لروحه السلام وتخلص من خوفه.