قصة الكنز المفقود

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأدب الإنجليزي، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول الكنز الحقيقي الذي يحصل عليه الإنسان والذي هو أهم من المال والثروة، يعتقد البعض أن الكنز يعني المال.

قصة الكنز المفقود

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك أحد الأشخاص الذين يعملون في مجال الزراعة وهو ما يعرف باسم السيد جو، وقد كان السيد جو من الأشخاص اللطيفين والودودين ولا يملك في هذه الحياة سوى الحب والخير للجميع، كما كان المزارع جو متزوج من سيدة لطيفة وودودة كذلك ولديه من الأبناء ثلاثة، وكل ما لديه حتى يعول تلك العائلة به هو قطعة من الأرض، وتلك القطعة من الأرض تعني له الكثير فهي مصدر رزقه وقوت عائلته.

وفي كل يوم كان يذهب إليها ويمضي طوال النهار يتفقد مزروعات المزرعة ويقوم بالتنكيش عليها وريها، وفي أوقات المواسم كان يحصد ما يزرعه، وفي نهاية كل موسم بعد أن ينتهي من حصاد الموسم يقوم بالتوجه إلى السوق ويقوم يبيعه مقابل المال، وبتلك الأموال التي يحصل عليها يقوم بشراء كافة احتياجات منزله وعائلته، وفي يوم من الأيام وجد المزارع جو أنه قد وصل إلى مرحلة متقدمة بالعمر وأنه يقوم بتلك الأعمال بمفرده ولا يقوم أي من عائلته بمساعدته.

وفي كل مرة كان يشير إلى أنه ينفق كل ما يجنيه من المزرعة على أبنائه الثلاث، ولكن لم يكن أياً منهم يفكر في أن يقدم له أي مساعدة أو عون في العمل بالمزرعة، وفي كل مرة كان يشير إلى أنهم كسالى للغاية، ولم يقتصر كسلهم وتقاعسهم على العمل بالمزرعة، بل أنهم لا يقومون بأي عمل مفيد على الإطلاق في حياتهم، وهنا بدأ يفكر في أنه طوال الفترة الماضية كان هو من يقوم بتأمين احتياجاتهم وتأمين متطلباتهم، ولكن مع مرور الوقت كيف لهؤلاء الشبان أن يقوموا بتأسيس حياتهم الخاصة ويصبحوا مسؤولين عن عائلاتهم، فكل ما يهتمون به في هذه الحياة هو أن يتم تأمين الأكل واللعب والنوم فقط.

وفي ذلك الوقت وجد المزارع جو أنه حان الوقت من أجل أن يضع حد لتلك الحياة التي يعيشونها، وأنه من الأفضل له أن يقوم بتلقينهم درس لن ينسوه طوال حياتهم، وفي يوم من الأيام طلب منهم أن يقوموا ويجهزوا أنفسهم من أجل الانخراط بالعمل ومساعدتهم له في عمل المزرعة، وفي لحظة من اللحظات طلب منهم أن يجتمعوا ثلاثتهم وأشار إلى أنه يرغب في الحديث معهم في أمر مهم، وأول ما جلسوا إلى جانبه تحدث إليهم وقال: يا أبنائي الأعزاء ينبغي عليكم أن تتعلموا كيف تزرعوا الأرض، فلماذا لا تأتوا معي اليوم إلى الحقل، إذ أنه في يوم من الأيام لن أستمر في العمل في تلك المزرعة ومن المؤكد جراء تقدمي في العمر أن قواي سوف تخونني، فمن سوف يكون معينكم في ذلك الوقت.

ولكن ما حدث وتفاجأ به المزارع أن أبناءه رفضوا طلبه جميعهم، وقد برر ابنه الأكبر رفضه بقوله لوالده: لا يمكننا ذلك يا والدي، فإنني اليوم لدي الكثير من الأعمال المهمة، ثم بعد ذلك برر الابن الثاني رفضه لطلب والده بقوله: يا والدي العزيز كيف لك أن ترضى لنا الخروج إلى المزرعة في هذا  اليوم الحار جداً، فمن المؤكد أننا سوف نتعرض لضربة شمس، بينما الابن الثالث فقد برر رفضه لطلب والده بقوله: يا والدي أنت تعلم أنني أصغر أبنائك فكيف لي أن أخرج للعمل في المزرعة وشقيقاي الأكبر مني جالسين في المنزل.

وفي تلك الأثناء حينما سمع المزارع رد أبنائه الثلاث عليه دخل في حالة من الإحباط واليأس، وبدأ يفكر أنه لمتى سوف يبقى أبناءه على هذا الحال، ولكن فجأة قرر أنه لا ينبغي عليه أن يقف هنا وأنه يتوجب عليه أن يفكر في طريقة ينهض بها بأبنائه، إذ شعر أنه قد كبر وتعب ولم يعد بمقدوره تحمل العناء والمشقة في العمل بالحقل، وهنا أخذ يفكر في طريقة وقال في نفسه: إن الأولاد لا يمكن أن يظلوا كسالى ومتقاعسين بدون عمل طوال حياتهم، وأنه يجب عليه أن يفعل شيء قبل فوات الأوان.

وفي صباح اليوم التالي استدعى المزارع جو أبنائه الثلاثة، وقال لهم: يا أبنائي إنني أشعر بتعب وإرهاق كبيرين، ولم يعد بمقدوري أن أذهب للعمل في المزرعة، كما أنني لم أعد أملك أي نقود، لكني سوف أقوم بإخباركم عن سر كم لي وأنا أكتمه بداخلي، وقد حان الوقت حتى أبوح لكم به، في تلك المزرعة يوجد كنز مدفون منذ قديم الزمان، ولكنني قد خانتني ذاكرتي ولم أعد أذكر مكانه، وإذا كنتم ترغبون في الوصول إلى ذلك الكنز ينبغي عليهم أن تقوموا بالحفر كامل أرض المزرعة من أجل الوصول إلى مكانه واستخراجه، وبعد أن تصلوا إلى ذلك سوف تصبحوا أغنياء وأثرياء طوال حياتكم.

وفي ذلك الوقت حينما سمعوا الأبناء الثلاثة بذلك السر تجهزوا وذهبوا على الفور إلى تلك المزرعة، وأول ما وصلوا إلى هناك بدأوا في حفر الأرض من أجل الوصول إلى الكنز المفقود، وفي ذلك اليوم بقوا طوال النهار يعملوا في حفر الأرض، لكنهم لم يعثروا على أي كنز، وهنا أشار الابن الأوسط وقال إلى أشقائه: لا بد أن والدي أصبح رجل كبير في السن وأصبح يتراوح على ذهنه بعض الأفكار الخيالية التي لا أصل لها في الحقيقة.

لكن الشقيق الأكبر صرح لأشقائه وقال: لدي فكرة جيدة ما دمنا قد حفرنا كامل الأرض، لماذا لا نقوم بإلقاء بعض البذور في داخلها؛ وذلك حتى لا يذهب كل جهودنا في مهب الريح، وبالفعل هموا البناء الثلاثة في زراعة بعض البذور التي تركها والدهم، ثم بعد ذلك توجهوا إلى المنزل، وبعد مرور عدة أيام لاحظ الأبناء أن البذور التي قاموا بزراعتها في الحقل بدأت تنمو وتخرج محاصيل، وحينما جاء موعد الحصاد بدأ الأبناء الثلاثة في العمل لجني المحاصيل التي نبتت في الأرض.

وبعد أن انتهوا من حصاد الأرض قاموا الأبناء الثلاثة بأخذ المحاصيل وتوجهوا للسوق من أجل بيعها، كما كان يفعل والدهم تماماً، وهناك حصلوا على مبلغ كبير من المال مقابل المحاصيل، وأول ما وقعت النقود في أيدي الأبناء الثلاثة شعروا بفرح وسعادة كبيرة، وقالوا في أنفسهم ثلاثتهم: لقد أصبحنا أشخاص أثرياء، ثم قرروا بعد ذلك أن يذهبوا من أجل إخبار والدهم أنهم قد حصلوا على المال الوفير، وحينما أخبروا والدهم بذلك الأمر قال لهم: حسنًا يا أبنائي الآن لقد حصلتم على الكنز المفقود.

وهنا اندهش الأبناء من رد والدهم عليهم والذي أشار إليهم إلى أن الكنز الحقيقي ليس المال، بل هو في الحقيقة العمل والتعاون فيما بينهم من أجل الحصول على المال، وفي النهاية تقدم الأب بالشكر إلى أبنائه؛ وذلك لأنهم أدركوا أنه أراد أن في الحقيقة أن يهم بتعليمهم بطريقة ذكية أن من يعمل لا بد أن يلقى جزاء عمله في النهاية، كما أدركوا الأبناء الثلاثة أن العمل والتعاون هو كنزهم المفقود.


شارك المقالة: