تناولت القصة في مضمونها الحديث حول لعنة كانت تحدث للذكر السابع في العائلة، إذ لغاية سن الخامسة عشر من عمره يكون إنسان طبيعي، وبعد ذلك يتحول إلى مخلوق مظلم نصف إنسان ونصف ذئب.
الشخصيات
- الفتى فيليب
- والدة فيليب
- الحيوانات المظلمة
قصة المخلوقات المظلمة
في يوم من الأيام في إحدى القرى صغيرة على حافة واحدة من الغابات الكبيرة كان القرويين يعيشون في خوف ورعب من لعنة لوبيزون، وتلك اللعنة كانت تتجسد بأن يولد الإنسان بنصف إنسان ونصف ذئب، وأول ما يولدون يسيرون للعيش في أعماق الغابة، ويطلق عليها في الكثير من الأحيان اسم المخلوقات المظلمة، وأكثر وقت يدب الرعب بين سكان القرية كان حينما يكتمل القمر، إذ أن تلك المخلوقات تزحف من الغابة للبحث عن اللحوم البشرية.
وما كان مثير للدهشة أن تلك اللعنة تصيب الذكور فقط ولا تصيب الإناث، وليس كامل الذكور، وإنما حينما تلد الأم ستة أبناء يكون السابع مصاب بتلك اللعنة، وبعد أن كان ذلك الأمر شائع في تلك القرية، كانت هناك إحدى السيدات لديها ستة أبناء وهي في الحمل السابع، وكان يقطنها الخوف من أن يكون المولد ولد ويصاب بتلك اللعنة، ولكن تلك السيدة كانت لطيفة ومحبة وعلى الدوام تشير أنه مهما حصل لن تدير ظهرها لطفلها، بغض النظر عما قاله القرويون عن اللعنة.
ولكن ما حدث مع تلك السيدة أنها وضعت ذكر مصاب بتلك اللعنة، وأطلقت عليه اسم فيليب، ومنذ ولادته حتى سنوات عديدة كان كل شيء يسير على ما يرام، إذ نما فيليب وأصبح فتى قوي ومحبوب جدًا من قبل والدته ووالده إخوته الست، وكانت تتم معاملته بشكل مختلف عن إخوته، ولكن ما أثار انزعاج فيليب أنه لم يتم السماح له بالالتحاق في المدرسة؛ وذلك لأن المعلم لم يسمح بذلك، وهذا الأمر لم يكن هذا عادلاً لأن الصبي الصغير أحب تعلم أشياء جديدة وأراد بشدة تكوين صداقات مع الأطفال الآخرين.
وحينما اشتد عود فيليب وأصبح قادر على الذهاب وشراء احتياجات العائلة، كانوا أهل القرية لا يعبرون الطريق التي يسير بها، وباستمرار ينظرون إليه وهو يعتريهم الخوف والاستياء، وهذا الأمر يثير قلق الفتى الصغير، كما أن لم يكن الأطفال الآخرون يلعبون معه ولم يسمح له على الاطلاق الخروج إلى الحديقة حينما يكتمل القمر ويصبح بدراً، ولكن اكتمال القمر كان له مكانة خاصة داخل فيليب، وباستمرار يشعر أن هناك شيء يتعلق به ويوقظ رغبته في الغناء والرقص.
وعلى الرغم من أن الحياة كانت تسير بدون أي مشاكل كبرى، إلا أنها كانت بعيدة كل البعد عن السعادة، إذ وجد فيليب نفسه في عزلة متزايدة مع مرور كل عام، فلم يكون علاقات صداقة مع أي فتى، ولم تتم دعوته ولو لمرة واحدة للعب مع الأطفال الآخرين، وفي الكثير من الأحيان كان يسمع ضحكاتهم ويتخيل الألعاب التي كانوا يلعبونها ومدى المتعة التي كانوا يتمتعون بها جميعًا، ومع مرور الوقت لاحظ فيليب أنه حتى والدته وإخوته أصبحوا ينظرون إليه بغرابة.
وفي كل لحظة كان يتساءل ويقول في نفسه: ما السر خلف ذلك؟ فأنا لست مثل الأبناء الشريرين! وأقوم بالأعمال المنزلية على أكمل وجه ولا أسئ التصرف مع أي شخص، فلماذا تتم معاملتي بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين؟
وفي يوم من الأيام حينما اقترب عيد ميلاده الخامس عشر، كان فيليب في حالة حزن شديدة أكثر من أي وقت مضى، إذ أصبح من النادر أن يتم السماح له بالخروج من المنزل، وفي أغلب الأوقات كانت والدته تبدو مضطربة في رفقته، وحينما يخرج للعب في حديقة المنزل كان الأطفال يرشقونه بالحجارة، وأول ما يستدير لتحديهم كانوا يهربون وهم يصرخون بأنه وحش، ومع تكرار ذلك الأمر أصبح فيليب يفكر في الهروب إلى الغابة ويتخلص من هذا المجتمع للأبد.
وفي يوم يوم من الأيام شعرت والدته بمدى حالة اليأس التي تقطن بداخله بسبب تلك الحياة التي يعيشها، فجلست معه والدته وشرحت له سبب متاعبه، وقالت: أنت ابني السابع، وفيك لعنة يا ولدي، وهنا شعر فيليب بالارتباك وقال: أي نوع من اللعنة؟ فأجابته: في عيد ميلادك الخامس عشر، سوف تتحول إلى لوبيزون، وهو مخلوق نصف رجل ونصف ذئب.
وفي ذلك الوقت كان يعرف فيليب كل شيء عن تلك المخلوقات المظلمة من الكتب والقصص التي كان يقرأها إخوته في الليل كلما اعتقدوا أنه نائم في سريره، وعشية عيد ميلاده الخامس عشر، كان فيليب في حالة خوف ورعب أكثر مما كان عليه من قبل طوال حياته، وفي لحظة ما بينما كان يجلس على سريره أخذ بالبكاء وهو يقول: لقد كنت وحدي دائماً، لطالما كنت أتعامل بشكل مختلف، والآن أنا ملعون لأنني سوف أصبح مخلوق مظلم، ماذا بوسعي أن أفعل؟ كل ما أردته هو أن تتم معاملتي مثل أي شخص آخر، كل ما أردته هو اللعب في الغابة مع الأصدقاء والاستمتاع بالقمر الجميل بالليل.
وفي لحظة من اللحظات نظر فيليب من نافذة غرفة نومه ولاحظ أن القمر يرتفع إلى سماء زرقاء داكنة مليئة بالنجوم، لقد كان قمرًا كبيرًا وجميلًا وملأ قلبه بالبهجة، ثم حدث شيء غريب للغاية، إذ شعر فيليب بإثارة في معدته وحكة في جميع أنحاء جلده، ارتفع من صدره صوت عويل ورفع رأسه إلى القمر وعوى كما لم يفعل من قبل، انتشر الفرو بكافة جسده فجأة وتحولت أظافر يديه وقدميه إلى مخالب طويلة باللون العاجي، كانت ملابسه ممزقة إلى أشلاء وسقطت على الأرض عند قدميه، وعندما نظر فيليب في المرآة، رأى انعكاسًا لطفل ذئب طويل يحدق في وجهه بفراء كثيف في جميع أنحاء جسده وعيناه ذو لون أحمر في الظلام.
وفي تلك الأثناء صرخ فيليب بأعلى صوته وقال: أنا مخلوق مظلم، وفي لحظة ما شعر فيليب بدعوة القمر والغابة وعرف أن الوقت قد حان لإدارة ظهره لحياته القديمة واحتضان مصيره، فقام بفتح نافذة غرفة نومه وقبل أن يقفز في الليل بقليل توقف وألقى نظرة أخيرة حول غرفة نومه القديمة وفكر في والدته وأبيه وإخوته الست، وقال في نفسه: يجب أن أتذكرك دائمًا عائلتي المحبة، لكن الآن يجب أن أقبل من أنا وأبدأ حياتي الجديدة، ثم قفز من نافذة الغرفة واندفع نحو الغابة، طوال الوقت كان يسمع هناك عويل على سطح القمر، وكان قلبه مليئًا بأمل جديد غريب للمستقبل.
وأول ما وصل فيليب إلى داخل الغابة الكبيرة، توقف في مكان جميل ونظر إلى تلك الأشجار القديمة والقمر الجميل في السماء وأخذ يعوي ويعوي ويقفز ويرقص ويضحك، وعندما توقف عن العواء والرقص، نظر حوله ولاحظ أن المخلوقات المظلمة الأخرى متجمعين في المقاصة، كان بعضهم صغار مثل فيليب، وبعضهم أكبر سنًا، فاقتربوا من فيليب ورحبوا به.
وفي تلك الأثناء قال أحدهم بصوت لطيف: أنت في منزلك الآن في الغابة الرائعة بين أصدقائك، وهنا أدرك فيليب أنه لم يكن ملعونًا على الإطلاق، فقال فيليب وهو تعتري ملامحة الابتسامة: أنا بين أصدقائي وفي منزلي! ورفع رأسه إلى البدر وبدأ بالعواء بكل قوته، وسرعان ما انضم إليه عدد من المخلوقات المظلمة وأخذوا بالعواء في سماء الليل.
وفي النهاية وعلى بعد أميال عديدة وقفت والدة فيليب في حديقتها تستمع إلى عواء المخلوقات المظلمة وانجرفت مع النسيم اللطيف إلى داخل الغابة الكبيرة، وحينما وصلت والدة فيليب إلى مكان الصوت شعرت بالسعادة؛ لأنها عرفت أن ابنها السابع وجد نفسه أخيرًا في منزل يرحب به، حيث سيكون لديه العديد من الأصدقاء ويعيش حياة طويلة وسعيدة.
العبرة من القصة أنه حينما لا يجد الإنسان الراحة في مكان ما، فإنه يسعى للهروب وإيجاد المجتمع الذي يحتويه ويشعره بأن له قيمة عظيمة بينهم.