قصة المخلوقة العجيبة والساحرة

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر القصة من روائع الأدب الأمريكي، وقد تناولت في مضمونها حول سيدة عجوز كانت تلم أحفادها في كل ليلة إلى جانبها وتسرد لهم إحدى القصص من التراث الشعبي الأمريكي.

قصة المخلوقة العجيبة والساحرة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في إحدى قرى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه كانت هناك سيدة عجوز تقص على أحفادها بعض القصص القديمة، وأول ما بدأت به هو قولها: في قديم الزمان يا صغاري كانت هناك سيدة تعيش هي وزوجها الذي يعمل كحطاب في كوخ بإحدى الغابات، وقد كانت تلك السيدة لم ترزق بأطفال على الإطلاق منذ زواجها، وفي كل يوم كان يمر كانت تطلب من الله أن يرزقها بصبي أو فتاة مهما كان حتى ولو كان بحجم راحة اليد.

كان كوخ الزوجان صغير جداً، وفي كل يوم تنتهي من ترتيبه الزوجة تقوم بالابتهال والدعاء من أجل أن يلبي الله طلبها، وجراء هذا الأمر كانت على الدوام السيدة تبدو حزينة للغاية، وبعد مرور عدة سنوات أخيراً جاء اليوم الذي تحقق أمنيتها ورزقها الله بطفلة صغيرة جداً، وقد كان حجمها تماماً بحجم راحة اليد، وهنا طغت السعادة على حياة الزوجين وقد اتفقا على تسميتها قوسيب؛ وذلك الاسم يعني صاحبة الحجم الصغير.

ومنذ ذلك اليوم الذي ولدت به الطفلة وتلك العائلة لا يفارق الفرح منزلهم، وفي يوم من الأيام كانت الأم مضطرة من أجل أن تقوم بإرسال الطعام إلى زوجها في مكان عمله في الغابة، ولكنها في تلك الأثناء كانت تشعر بجهد وتعب كبير، ولا يمكنها المسير كل تلك المسافة حتى تصل إلى زوجها، وهنا كانت تتمنى لو أن لها ابن كان بإمكانه أن يأخذ الطعام لوالده في الغابة، وحينما سمعتها ابنتها قالت لها: أن يا والدتي بإمكاني أخذ الطعام لوالدي في الغابة، وهنا سألتها والدتها كيف ذلك، فأشارت غليها بأن تقوم بوضع الطعام على ظهر الحصان، ومن ثم تقوم بوضعها بين أذني الحصان، وأكملت حديثها لوالدتها بقولها: لا تقلقي يا والدتي إنني كما تعرفين فتاة ذكية وأمتلك الشجاعة ولا أعرف طريق الخوف.

في بداية الأمر كانت الأم يعتريها الخوف من أن تخطو ذلك الطريق ابنتها، ولكنها جراء إصرار ابنتها وافقت، وحينها قامت بوضع الطعام داخل قطعة من القماش وربطته بشكل جيد على ظهر الحصان ومن ثم حملت ابنتها ووضعتها بين أذني الحصان وقامت بوداعها.

وفي تلك الأثناء بدأ يسير الحصان باتجاه الغابة وقوسيب بين أذنيه ترشده إلى الطريق، وقد كانت نبرة صوتها عالية جداً، وفي ذات الوقت كانت هناك ساحرة عجوز تسير في الغابة وتلتقط ثمر التوت البري؛ وقد كانت تبحث عنه هناك وهناك في أرجاء الغابة من أجل أن تُعد إحدى وصفاتها السحرية، وفجأة سمعت العجوز الشريرة صوت مرتفع قادم من بعيد، وسرعان ما قامت بإخفاء نفسها خلف الأشجار، وبعد لحظات بدأت تسمع أن ذلك الصوت يقترب شيئاً فشيئاً، وهنا ظهر أمامها الحصان فقط، وأخذت تتساءل من أين ذلك الصوت العالي.

وهنا أصبحت الساحرة العجوز في حيرة من أمرها وتتساءل في أنه هل من المعقول أن الحصان يتكلم، وأشارت أنه من أجل أن تكتشف مصدر الصوت، فإنه ينبغي عليها أن تقوم بتتبع الحصان، وحينما وصل الحصان إلى المكان الذي به الحطاب شاهدت أن الحطاب يقوم بإنزال الفتاة من بين أذني الحصان، وهنا رقصت الساحرة من شدة الفرح، حيث أشارت إلى أنها منذ زمن طويل وهي تبحث عن تلك فتاة صغيرة؛ وذلك لأنها أرادت أن تُعدها ضمن وصفاتها السحرية.

وهنا سارت الساحرة نحو الحطاب وطلبت منه أن يقدم لها تلك الفتاة مقابل جوهرة نفيسة، وقامت بإخراج الجوهرة من أجل أن تريها له، ولكن الحطاب رفض ذلك الأمر رفضاً قطعياً، وأشار إلى أن تلك الفتاة أغلى ما يملك ولا يمكنه أن يبدلها بكنوز العالم بأكملها، وحينما شاهدت الساحرة مدى إصراره، قامت بضربه على رأسه حتى أفقدته الوعي وأغمي عليه وخطفت الفتاة وهربت بها، وهنا صاحت الفتاة لوالدها قائلة: لا تقلق يا والدي فإنني أحسن التصرف وأعرف ما يمكنني فعله.

وفي تلك الأثناء على الفور ركبت الساحرة على مكنستها الطائرة وهمت بالفتاة بعيداً، وأول ما وصلت إلى بيتها وضعت الفتاة داخل صندوق مصنوع من الزجاج، وأخذت بالقهقهة بأعلى صوتها، وسرعان ما بدأت بتجهيز قدر كبير على النار مليء بالكثير من الأشياء، وحينما رأت الفتاة كل ذلك دب بها الرعب والخوف الشديد، وبدأت تفكر في أنه من المحتمل أن تقوم الساحرة الشريرة بوضعها داخل القدر فوق النار، وفي حال قامت بذلك فسوف تموت، وهنا أخذت الفتاة بالتفكير في طريقة تخلص نفسها بها، وفي تلك اللحظة شاهدت قوسيب فأر صغير كان مختفي خلف أغراض الساحرة قامت بمناداته، وحينما شاهدتها الفأر تعجب من حجمها، إذ أنه لم يرى بشر بهذا الحجم من قبل، وهنا طلبت منه المساعدة.

وفي ذلك الوقت كان الفأر يعلم بمدى كمية الشر التي تكمن داخل الساحرة؛ وهذا ما دفعه إلى الشفقة على الفتاة ومساعدتها، وأول ما قام به هو أنه دفع الصندوق الزجاجي من على الطاولة حتى سقط على  الأرض وتحطم بالكامل، وهنا سرعان ما تمكنت قوسيب من الاختفاء عن أنظار العجوز الشريرة، وأول ما وجدته أمامها واختبأت به هو المكنسة الطائرة، وحينما شاهدت الساحرة ما حدث بدأت تبحث عن الفتاة في كل مكان في المنزل، ولكنها لم تجد لها أثر، وقد بدأت تفكر الفتاة أنه من الأفضل لها أن تخرج من المكنسة بعد أن تخلد الساحرة إلى النوم، ولكنها قررت قبل أن تهرب من منزل الساحرة أن تقوم بتدمير كل ما يحتويه منزلها جزاء لها على ما قامت به معها.

وأول ما حل الظلام قامت الفتاة بربط كل شيء من أغراض المنزل مع بعضهم البعض بخيط رفيع من تلك الخيوط السحرية، ثم بعد ذلك قامت بربط ذلك الخيط في رقبة القط النائم على الأرض، وبعدها سرعان ما همت بالفرار من ثقب البال وقبل أن تدخل بالثقب صرخت بأعلى صوتها من أجل إيقاظ القط، وبالفعل تمكنت من إيقاظه وفرت، وأول ما فزع القط من نومه جفل وبدأ يركض هنا وهناك إلى أن دمر وكسر كل شيء في المنزل، وحينما أفاقت الساحرة من نومها ورأت حال المنزل جن جنونها وثار الغضب بداخلها وهمت بضرب القط.

بينما الفتاة توجهت مسرعة نحو الغابة، ولكنها في تلك اللحظات لم تعرف كيف لها أن تعود إلى منزلها، ولهذا فكرت أن تبقى هذه الليلة في مكان آمن خوفاً من أن تتعرض للخطر بسبب الظلام الدامس، وأول ما وقعت عينها على بيت ذلك الفأر الذي أنقذها من يد الساحرة وتوجهت إليه وطلبت منه أن تبقى تلك الليلة في ضيافته، وافق الفأر الطيب وهي بدورها ساعدته في تنظيف المنزل؛ وذلك لأنه كان متسخ للغاية، وفي صباح اليوم التالي ساعدها الفأر بالعودة إلى منزلها، وقبل وداعه لها قدم لها جوهرة ثمينة جداً، وأول ما دخلت إلى المنزل فرح والداها جداً بعودتها، وفي النهاية قام والدها ببيع الجوهرة وشراء منزل بعيد عن تلك الغابة المشؤومة.

المصدر: كتاب في القصص القصيرة من الأدب الأمريكي - عباس محمود العقاد - 1963


شارك المقالة: