قصة المرآة السحرية - The Magic Mirror Story

اقرأ في هذا المقال


لقد انحدر إلينا عبر العصور الكثير من القصص والروايات، فهناك من كان منها حقيقية وحصلت على أرض الواقع، وهناك من كان منها من نسج خيال الكاتب.

 قصة المرآة السحرية

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الأيام في شوارع مدينة غرناطة الجميلة، حيث حدث نقاش بين مجموعة من الأشخاص حول الملك، وأول من بدأ بالنقاش كان رجل فقال: يا له من أمر محزن للغاية إنه رجل مهيب ووسيم، ولكنه لم يتزوج حتى الآن، وقالت إحدى النساء: لا بد أنه سوف يختار زوجة فلم تنفذ نساء غرناطة، وقال رجل آخر: هل من المعقول أنه سوف يبقى هكذا وحيدًا؟ وقال آخر: لا تقولي هكذا إنه يستحق زوجة عظيمة حتى تكون ملكة علينا كذلك.

وقال آخر: ما رأيكم في أن ندعو جميعًا لهذا الملك المحبوب أن يجد في يوم قريب زوجته الجميلة؟ فقالت أخرى: الملك رجل كريم ومعطاء وربما ينتظر إلى أن يجد السيدة المناسبة له، وتساءل آخر: ترى من تكون تلك السيدة؟ وقد كان هذا السؤال هو الأمر المحير في كل عقول رجال ونساء غرناطة حتى وقت طويل.

وقد كان الملك يصرح على الدوام أنه من يحظى بالزواج منها سوف تكون ملكة على مدينة غرناطة، وأنه ينبغي أن تمتلك شخصية قوية وجذابة، كما يجب أن تحب ذاتها ومملكتها كذلك، وأن تكون إنسانه متسامحة وطيبة القلب، وهنا كان الخادم على الدوام يسأله: ولكن كيف سوف نعرف ما بداخلها؟ فرد الملك: هذه هي المشكلة، لكنني مصر على أنني أتزوج فقط سيدة تمتلك قلب أبيض، فرد الخادم أنه لا بد أن نحتاج إلى شيء سحري يساعدنها في هذا الأمر.

وفي فترة من الفترات أخذ الملك يفكر ملياً وبشكل كثير في قول خادمه، مما جعله يتخذ قرار بأن يستدعي الحلاق الذي يثق فيه إلى درجة كبيرة، وفي اليوم التالي قابل الملك الحلاق طلب منه أن يقوم بمساعدته في ذلك الأمر، فقد عزم الملك على استعمال المرآة السحرية التي كان يمتلكها الحلاق، إذ كان لدى الحلاق مرآة سحرية وجدها الملك في أحد الأيام القديمة في كهف قديم أثري، وقد كان الملك منذ زمن أتم الحلاق عليها التي احتفظ بها لسنوات طويلة.

وفي هذا اليوم قرر الملك استخدام تلك المرآة من أجل أن يجد العروس المناسبة له، والتي تتوفر بها كافة الصفات التي يرغب بها، إذ تظهر تلك المرآة المعدن الحقيقي والأصلي للشخص حينما ينظر فيها، ولا يوجد مستوى لمن يمكنه النظر للمرآة، إذ كان الشرط الوحيد فقد هو النظر إلى المرآة بشكل مباشر، وهنا انتشر الخبر كالنار في الهشيم وفي كل يوم تسمع النساء أن الحلاق يريد معرفة من التي لديها الجرأة في النظر تلك المرآة السحرية.

ومع مرور الوقت لم تجرؤ واحدة من النساء على الوقوف أمام المرآة، وهذا ما تسبب في إطالة شعرهن بشكل أكبر، كما تسبب في امتناعهن عن الذهاب إلى مكان الحلاقة، كما أنه غضب الآباء من بناتهم اللواتي يفكرن في ذلك الأمر، كما أن جموع كبيرة من نساء غرناطة فضلن عدم الزواج على الإطلاق على أن يتزوجن بهذه الطريقة ودخول هذا الاختبار ويعرضن أنفسهن للزواج من الملك.

حتى وصل الأمر إلى أن بعضهن كان يعتريهن الخوف الشديد من النظر في المرآة العادية، وبعد أن توقفت السيدات على الذهاب إلى الحلاق أصبح عمله مقتصر على التعامل مع الرجال فقط، فقال الملك: هذا أمر فظيع!! فقال له الحلاق: يا سيدي هناك امرأة أعرفها جيداً وأنا واثق تمام الثقة من أنها لن تخجل من النظر إلى المرآة، ولكنها تعمل كراعية غنم، فقال الملك: كونها من أسرة متواضعة وفقيرة هذا الأمر لم يمنع، فمعظم القادة الحقيقيين من أصول متواضعة وعائلات فقيرة.

وسرعان ما طلب الملك من الحلاق التوجه إليها وإحضارها إلى القصر، وبالفعل جاء الحلاق بالراعية في اليوم التالي للقصر، وقد كان هذا اليوم أهم يوم في غرناطة، إذ حينها سرعان ما انتشر الخبر واجتمعت الحشود من الناس حول القصر وبدأت الثرثرة بين الناس والقلق في كل مكان، وكما دخلت الفتاة كانت في حالة من الخجل الشديد كما أنها كانت خائفة ومتوترة بسبب رؤيتها هذا الكم من الجموع من الناس، وأول ما التقت الراعية بالملك أشارت إليه إلى أنها تعرف كل عيوبها وكل إنسان معرض للخطأ وأنها متأكدة من أنها قد أخطأت واتخذت قرارات فظيعة في يوم ما، ولكنها تعلمت من أخطائها ولا زالت تتعلم على الدوام، وأنها لا تخجل من عيوبها بل تقبلها فإنها مصدر قوتها، وبعدها انحنت الراعية للملك ووقفت أمام المرآة.

وهنا اندهش الجميع من ملامحها فقد كانت عيناها الزرقاوات وبشرتها الناعمة بدت في منتهى الروعة والجمال في المرآة، وتوجهت نحو الملك فوجدته ينظر إليها مع كامل مشاعر الحب، وقال الملك: اليوم قد وجدت غرناطة ملكتها، فعمت الفرحة في القصر، ثم جاء صوت غاضب من إحدى النساء وقالت: أنا أطلب النظر في المرآة وسوف اثبت للجميع عدم وجود أي سحر وأنها مجرد خدعة، فرد الملك: لقد حسم الأمر لقد منحنا الجميع فرصة عادلة من أجل النظر في المرآة، ولم يمتلك أحد الشجاعة لفعل هذا، وهكذا وجود السحر في المرآة من عدمه لن يفيد الآن بشيء كان عليك النظر فيها عندما منحت لكِ الفرصة، وكان الملك في تلك اللحظة سعيدًا جداً؛ لأنه وجد العروس المثالية التي كان يرغب بها، وكان حفل الزفاف من أكبر ما رأت غرناطة.


شارك المقالة: