قصة النجوم وطريق النجوم أو (The Stars and the Stars’ Road) هي قصة من الحكايات الشعبية الأفريقية حيث رويت هذه القصص بعد يوم طويل من العمل ليلاً على النار، وهي وسيلة للتواصل ونقل مختلف العادات والتقاليد والحقائق الأفريقية شفهيًا، لذلك كان على هذه القصص أن تعيش عبر الأجيال دون أن يتم تدوينها.
الشخصيات:
- الأولاد الثلاثة.
- الخادم أوتا.
قصة النجوم وطريق النجوم:
كان يتدلى قوس السماء باللون الأزرق الداكن وغير المحدود فوق مدينة كارو العظيمة مثل مظلة من المخمل الناعم، مما أدى إلى تكون لوحة فنية جميلة وعميقة وغامضة للنجوم التي لا تعد ولا تحصى والتي تتلألأ في أعلى السماء، في تلك الأثناء أشار الأولاد الثلاثة المجتمعين عند النافذة لبعضهم البعض إلى الأبراج التي جعلهم ابن عمهم ميني يرونها من قبل وشرح لهم أسماءها.
وكانوا في نقاش عميق حول طبيعة وعدد النجوم التي تتكون منها درب التبانة عندما دخل خادم بيتهم العجوز أوتا فسأله الأخ الأصغر فيليم: أوتا هل تعتقد أنّ هناك مليار نجم في مجرة درب التبانة؟ ثمّ قال الأخ الأكبر بييتي أنّ المليار كما تعلمون هو ألف مليون وسيستغرق الأمر شهورًا حتى تصل إلى مليون، فقال الرجل العجوز أوتا على الفور: آه من الممكن هذا عندها سيكون هناك بالتأكيد مليار نجم هناك.
وأضاف معتبراً الأمر منتهياً على أنّه حقيقية ربما مليارين، لكن لا أحد يعلم، لأنّه لا يمكن لأحد أن يحصيها وهم كثيرون جداً ولا يسعني سوى التفكير في أنّ هذا الطريق المشرق في السماء مصنوع من رماد الخشب، ثمّ بعد هذا الحديث جلس على كرسيه ولفت انتباه جمهوره الصغير من الأطفال الثلاثة واستطرد قائلاً: نعم، فمنذ زمن بعيد كانت السماء مظلمة في الليل عندما استلقى الرجل العجوز ذو الإبطين اللامعين للنوم وكان يقصد الشمس.
لكنّ الناس تعلموا في الوقت المناسب إشعال النيران لإضاءة الظلام وفي إحدى الليالي كانت فتاة جلست تدفئ نفسها بنار مليئة بالحطب وكانت تلعب بالرماد، وأخذت الرماد في يديها ورمتهما لترى كم كان جميلاً عندما تطاير في الهواء، وعندما طار بعيدًا وضعت شجيرات خضراء على النار وقلبتها بعصا وتطايرت الشرارات الساطعة وذهبت عالياً مختلطة بالرماد الفضي، وكلها كانت معلقة في الهواء وشكلت طريقًا مشرقًا عبر السماء.
وما زال هناك حتّى يومنا هذا حيث يسمونها درب التبانة، لكنني أسميها طريق النجوم، ثمّ أكمل وقال: لكنّ الفتاة كانت مسرورة وصفقت يديها ورقصت وهي تهز نفسها كما يفعل أهل قريتها عندما يكونون سعداء، وكانت تغني: النجوم الصغيرة! يصنعون طريقًا للنجوم الأخرى ورماد نار الخشب وغبار الشمس يرون الفجر عندما ينتهي الليل، ثمّ أخذت بعض الجذور التي كانت تأكلها وألقتها في السماء.
وهناك علقوا وتحولوا إلى نجوم كبيرة وتحولت الجذور القديمة إلى نجوم تعطي ضوء أحمر، وتحولت الجذور الفتية إلى نجوم تعطي ضوءًا ذهبيًا، وهناك علقوا جميعًا وهم يغمزون ويومضون ويغنون: نحن أبناء الشمس ونحن نخرج عند انتهاء الليل بشكل مشرق ونبحر عبر السماء، وهناك طريق النجوم مرتفع، مرتفع جدًا ونحن نصدر الوميض ونبتسم لك، ونحن نبحر عبر الفضاء الأزرق!
وأصبح جميع أفراد قبيلتها عندما تلمع النجوم هناك في السماء يكونون مثل أطفال صغار يهزون رؤوسهم ويقولون: إنّه كذلك! إنّه كذلك! وفي كل تكرار لنفس الكلمات التي كان الخادم العجوز يكررها أمام الأطفال وهو يومأ برأسه ويغمز، وكان الأطفال يقلدون حركاته بقبول غريب وكانوا يبدون بكامل انسجامهم وكأنّهم ثلاثة رؤوس صغيرة في حفلة موسيقية.
قال الرجل العجوز بشكل مثير للإعجاب: عندما يسقط نجم يخبرنا أن أحدهم قد مات فالنجم يعرف متى يسقط قلب الإنسان ويموت، ويسقط من السماء ليخبر من هم على مسافة أنّ شخصًا يعرفونه قد مات، ولكن نما أحد النجوم وكبر حتى أصبح أكبر بكثير من النجوم الأخرى، لقد كان النجم العظيم وفي أثناء الغناء قام بتسمية النجوم الأخرى ودعا كل واحد بالاسم حتّى حصلوا جميعًا على أسمائهم.
وبهذه الطريقة عرفوا أنّه النجم العظيم، ثمّ عندما انتهى من تسمية كلّ النجوم بأغنيته، غنوا جميعًا معًا وأشادوا بالنجم العظيم الذي أطلق عليهم اسمًا وعندما كان ينتهي اليوم يمشون عبر السماء على كل جانب من طريق النجوم، وهو يظهر لهم الطريق وعندما ينتهي الليل، يستديرون ويبحرون مرة أخرى على طريق النجوم لاستدعاء الفجر الذي يمر قبل الشمس.
حيث كان النجم الذي يقود الطريق هو نجم كبير ساطع يُدعى نجم قلب الفجر، وفي الساعة المظلمة قبل أن تنادي النجوم الفجر ليضيء، ويكون من الجميل جداً أن تراه، كما أنّ زوجة وطفل نجم قلب الفجر جميلان أيضًا، لكنّهما ليسا ضخمين ومشرقين مثله وهما يبحران في المقدمة، ثمّ ينتظران عودة النجوم الأخرى والإبحار على طول طريق النجوم وهم ينادون الفجر، وأن تشرق الشمس من تحت العالم حيث كانت ترقد نائمة.
وكانوا ينادون ويغنون وهم يتلألؤون أثناء غناءهم ويقولون: ننادي عبر السماء أيها الفجر! ليأتي الفجر! أنت مثل خادمة شابة قامت حديثًا وطردت النوم من عينيها، أنت الذي تمد يديك إلى السماء مشيراً الطريق للشمس! وقبل ابتسامتها خافت النجوم وشحبت، حيث أذابت طريق النجوم، ثمّ كانوا يقولون: ليأتي الفجر نحن ننادي عبر السماء، ونجم قلب الفجر ينتظر، إنّه كذلك! إنّه كذلك لذلك فهم يغنون باستمرار ، لأنّهم يعرفون أنّ الفجر سيخرج قريبًا.
ثمّ يأتي الفجر ببطء يفرك عينيه ويبتسم، ويمد أصابعه الساطعة ويطارد الظلام وعندها تضعف النجوم ويختفي طريق النجوم بينما يصنع الفجر مسارًا مشرقًا للشمس وأخيرًا تأتي الشمس الساطعة المتوهجة مع رفع ذراعيه عالياً، والسطوع الذي يتدفق من تحتها يصنع يومًا جديداً للعالم ويوقظ الناس للانطلاق إلى أعمالهم ولكن النجوم الصغيرة تنتظر حتى ينام مرة أخرى قبل أن يبدأوا في الغناء.
كان الصيف هو الوقت الذي يغنون فيه بشكل أفضل، ولكن حتّى الآن إذا نظرنا جميعاً من النافذة فسوف نرى النجوم المتلألئة ونسمع الغناء الرائع لها في السماء، وبعد سماع تلك الكلمات ركض الأطفال إلى النافذة وحدقوا في السماء المضاءة بالنجوم، وكان آخر مشهد رأوه للخادم أوتا وهو يفرغ كأس الشراب الذي كان في يد الأخ الأكبر بيتي وفي الوقت المناسب يقوم بتسليمه له.
بينما بقيت الثلاثة رؤوس الصغيرة تتمايل صعودًا وهبوطًا في الوقت المناسب لموسيقى النجوم القديمة في حين رنّ صوت أصواتهم الثلاثة المتحمسة: نعم هذا صحيح تمامًا، أوتا إنّه كذلك! إنّه كذلك! إنّ صوت غناءهم يصلنا، هل تسمعهم؟ يجب أن تسمعهم.