قصة النسور أو (The eagles) حكاية فولكلورية بولندية، للمؤلف: A. J. Glinski، وترجمها مود أشورست بيغز، ونشرت عام 1920، للناشر (John Lane، The Bodley Head، London) شركة جون لين.
الشخصيّات:
- الأميرة.
- الأخوة الاثني عشر.
- الملكة الشريرة.
- الملك.
- الرجل ذو اللحية البيضاء.
قصة النسور:
كان هناك ملك ذات مرة فقد زوجته، كان لديهم عائلة مكونة من ثلاثة عشر فرداً، اثني عشر ولداً شجاعًا، وابنة واحدة كانت جميلة بشكل رائع، حزن الملك كثيراً بعد وفاة زوجته اثنتي عشرة سنة، وكان يذهب كل يوم إلى قبرها، وهناك يبكي ويصلي ويعطي الصدقاتللفقراء، كان يعتقد أنّه لن يتزوج مرة أخرى، لأنّه وعد زوجته المحتضرة ألا يمنح أطفالها زوجة أب محلّها، وفي أحد الأيام، عندما كان يزور قبر زوجته المتوفاة كالمعتاد، رأى بجانبه فتاة رائعة الجمال.
لدرجة أنّه وقع في حبها، وسرعان ما جعلها ملكته الثانية، ولكن سرعان ما اكتشف أنه ارتكب خطأً فادحًا، على الرغم من أنّها كانت جميلة جدًا، فقد تبين أنها مشعوذة شريرة، ولم يقتصر الأمر على جعل الملك نفسه غير سعيد، بل أثبتت قسوتها تجاه أطفاله الذين كانت ترغب في إبعادهم عن طريقها حتّى يرث ابنها الصغير المملكة، وذات يوم، عندما كان الملك بعيدًا، في حالة حرب ضد أعدائه، ذهبت الملكة إلى غرف أولاد زوجها، ونطقت ببعض الكلمات السحرية.
والتي حوّلت كل من الأمراء الاثني عشر في أشكال نسور، والأميرة تم تغييرها إلى حمامة، ونظرت الملكة من النافذة لترى في أي اتجاه سيطيرون، وعندها رأت تحت النافذة رجلاً عجوزًا، لحيته بيضاء كالثلج، فسألت العجوز: لماذا أنت هنا أيها الرجل العجوز؟ أجاب: لأكون شاهدًا على فعلك، فسألته: هل رأيت ذلك؟ فقال الرجل: رأيت ذلك، فهمست ببعض الكلمات السحرية، واختفى الرجل العجوز في وهج الشمس.
أمّا الملكة وهي واقفة هناك تحولت إلى حيوان زاحف غريب الشكل، وركضت الملكة الحيوان في خوف حيث كانت تحاول إخفاء نفسها تحت الأرض، لكنّ نظرتها كانت مميتة لدرجة أنها قتلت كل شخص تنظر إليه، حتّى مات جميع الناس في القصر قريبًا، بمن فيهم ابنها الذي قتلته بمجرد النظر إليه، وسرعان ما تحول القصر الملكي الذي كان مكتظًا بالسكان السعداء إلى خراب غير مأهول، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منه، خوفًا من الحيوان الكامن تحت الأرض.
في هذه الأثناء، حلّقت الأميرة التي تحولت إلى حمامة خلف إخوتها النسور، لكنها لم تكن قادرة على تجاوزهم، استراحت على جانب الطريق، وبدأت في البكاء بحزن، جاء بعد ذلك رجل عجوز بلحية بيضاء، وسألها: ما الذي تحزنين عليه، أيتها الحمامة الجميلة؟ فقالت: أنا حزينة على والدي العزيز المسكين الذي يقاتل في حروب بعيدة، وعلى إخوتي المحبوبين الذين طاروا بعيدًا عني إلى السحاب.
أنا أيضًا حزينة على نفسي، منذ وقت ليس ببعيد كنت أميرة سعيدة، والآن يجب أن أتجول في العالم كحمامة، لأختبئ من الطيور الجارحة، وأن أفترق إلى الأبد عن أبي وإخوتي الأعزاء! قال الرجل العجوز: لا تفقدي الأمل أيتها الحمامة، وسيأتي كل شيء جيد في النهاية، ثمّ ضرب الحمامة الصغيرة، واستعادت شكلها الطبيعي في الحال، وقبّلت يد الشيخ وشكرته قائلة: كيف لي أن أشكرك بما فيه الكفاية! ولكن بما أنك طيب للغاية، ألا تخبرني كيف تنقذ إخوتي؟
أعطاها العجوز رغيفاً ينمو، وقال: هذا الرغيف يكفي لعائلة، وليس لك فقط ، ولألف شخص ولألف عام دون أن يتضاءل أبدًا، ثمّ قال: اذهبي نحو غروب الشمس، وابكي دموعك في هذه الزجاجة الصغيرة، وأخبرها الرجل العجوز ماذا تفعل عندما تمتلئ وباركها، واختفى، سارت الأميرة نحو غروب الشمس، وفي حوالي عام وصلت إلى حدود العالم التالي، ووقفت أمام باب حديدي حيث كان هناك الموت واقفاً يحرس، وقال: توقفي يا أميرة! لا يمكنك المضي قدمًا، لأنّك لم تفصل بعد بالموت عن عالمك.
فسألت: ولكن ماذا علي أن أفعل؟ هل يجب أن أعود بدون إخوتي المساكين؟ قال الموت: إخوانك، يطيرون هنا كل يوم تحت ستار النسور، ويريدون الوصول إلى الجانب الآخر من هذا الباب الذي يؤدي إلى العالم الآخر، لأنّهم يكرهون الوضع الذي يعيشون فيه، ومع ذلك يجب أن يبقوا هناك وأنت كذلك أبقي خارج حدودي حتّى يحين وقتك، لذلك يجب أن أجبرهم كل يوم على العودة، وهو ما يمكنهم فعله، لأنّهم نسور.
ولكن كيف ستعودين أنت بنفسك؟ انظري هناك! نظرت الأميرة حولها وبكت بمرارة، فقد رأت الآن أنّها كانت في هاوية عميقة، مغلقة من جميع الجوانب بمثل هذه المنحدرات العالية، لدرجة أنها تساءلت كيف يمكن لأشقائها حتّى مع أجنحة النسور التي تطير إلى الأعلى أن يصلوا لها، لكنّها تذكرت ما قاله الرجل العجوز الغامض، فتشجعت ، وبدأت تصلي وتبكي حتّى ملأت الزجاجة الصغيرة بدموعها.
وسرعان ما سمعت صوت الأجنحة فوق رأسها، فرأت اثني عشر نسرًا يطير، تحطّمت النسور على البوابة الحديدية، وضربت أجنحتها عليها متوسلة الموت ليفتحها لهم، لكن الموت فقط هددهم بمنجله قائلاً: أيها الأمراء المسحورون! يجب أن تكملوا كفارتكم على الأرض، حتّى آتي لكم بنفسي، كانت النسور على وشك الالتفاف والطيران ، عندما شاهدوا أختهم في الحال، جاؤوا حولها وداعبوا يديها بمناقيرهم.
بدأت على الفور في رشهم بدموعها، وفي لحظة واحدة، تمّ تغيير النسور الاثني عشر إلى الأمراء الاثني عشر، واحتضنوا أختهم بفرح، ثمّ قامت الأميرة بإطعامهم جميعًا من رغيفها المتزايد باستمرار، ولكن عندما خمد جوعهم بدأوا في القلق في كيفية صعودهم من الهاوية حيث لم يعد لديهم أجنحة النسور ليطيروا، لكن الأميرة ركعت وصلت: يا ألهي ساعدنا في هذه الساعة!
وفي الحال سقط شعاع من أشعة الشمس من السماء إلى أعماق الهاوية، نزل عليه طائر عملاق بأجنحة قوس قزح، وذيل ذهبي، وسأل الطائر: ما هي أوامرك يا أميرة؟ انقلنا من عتبة الأبدية إلى عالمنا، فقال الطائر: سأفعل، لكن يجب أن تعرفي أيتها الأميرة أنّه قبل أن أتمكن من الوصول إلى قمة هذا الهاوية معك على ظهري، أحتاج ثلاثة أيام وليالٍ، ويجب أن يكون لدي طعام في الطريق، وإلا سأفقد قوتي، وقد اسقط معك الى الاسفل فنهلك كلنا.
أجابت الأميرة: لدي رغيف يزداد باستمرار، وهو ما يكفي لك ولأنفسنا، كان الطائر كبيرًا جدًا لدرجة أن جميع الأمراء، والأميرة في وسطهم، يمكن أن يجدوا بسهولة مكانًا على ظهره، وبدأ يطير إلى أعلى، فذهبوا بثبات ليلتين ونهاراً، وكانت الأميرة تطعم الطائر كلما جاع، واستأنفت الأميرة وإخوتها رحلتهم، هذه المرة نحو شروق الشمس، ووصلوا أخيرًا إلى بلدهم حيث التقوا بوالدهم الذي عاد من الحروب.
كان الملك قد عاد منتصرًا على أعدائه، وفي طريقه إلى المنزل سمع لأول مرة باختفاء مفاجئ لأطفاله والملكة، وكيف أن قصره كان مليئاً بالموت، لذلك شعر بالدهشة والسعادة الشديدة لمقابلة أطفاله الأعزاء مرة أخرى، وفي الطريق أخبرته ابنته بكل ما حدث، وعندما عادوا إلى القصر، أرسل الملك أحد نبلاءه مع نظارة زجاجية إلى أسفل الخزائن تحت الأرض للبحث عن الملكة التي تحولّت لحيوان قاتل بنظراته.
وعندما رأت نفسها منعكسة في هذه المرآة، وبنظرتها الخاصة قتلتها على الفور، ثمّ أحرقوها في نار كبيرة في الفناء، وبعد ذلك نثروا الرماد في الرياح الأربع، وعاد الملك وأبناؤه وابنته للعيش في منزلهم السابق وكانوا جميعًا سعداء بقدر ما يمكن أن يكون بعد ذلك.