قصة الوزير الغادر أو (The Perfidious Vizier) هي حكاية من الحكايات الشعبية الشرقية للمؤلف تشارلز جون تيبيتس، تم نشرها عام 1889.
الشخصيات:
- الوزير.
- الملك والد الأمير.
- الأمير الشاب.
- الملك والد الأميرة.
- الجني.
قصة الوزير الغادر:
كان لملك العصور السابقة ابن وحيد، تزوج من ابنة ملك آخر ولكن الفتاة التي كانت تتمتع بجمال كبير، كان لها قريب طلبها للزواج، ولكنها قامت برفضه، لذلك قرر القريب الشرير تدمير ابن الملك الذي وافقت على الزواج منه، ففكر في التقرب من وزير الملك والد الأمير، فأرسل هدايا عظيمة له، طالبًا منه أن يستخدم حيلة ما لتدمير ابن سيده، أو لحمله على التخلي عن الفتاة فوافق الوزير على ذلك.
ثم أرسل والد الفتاة إلى ابن الملك يدعوه للحضور وتقديم نفسه لابنته، واتخاذها زوجة له، فقرر الملك والد الأمير أن يرسل مع الأمير وزيره الذي كان يثق به، فذهب الوزير الغادر بصحبة الأمير ومعه ألف فارس وأعطاهم هدايا غالية، وعندما كانوا يسيرون في الصحراء، تذكر الوزير أن هناك بالقرب منهم عين ماء تسمى عز الزهراء، وأن من شربها، إذا كان رجلاً سيصبح امرأة، فوجدها فرصة جيدة لتنفيذ مخططه الشرير ضد الأمير.
لذلك أمر القوات بالنزول بالقرب منها، وحث الأمير على الذهاب معه ولما وصلوا إلى النبع نزل ابن الملك عن حصانه وغسل يديه وشرب، وعلى الفور أصبح امرأة، فصرخ وبكى حتى أغمي عليه، وبدأ الوزير يتساءل ماذا حل به، ثمّ حزن عليه وبكى وأظهر حزنه الشديد على الأمير، وأخبره الأمير بضرورة عودته إلى والده الملك لإبلاغه بهذا الحادث، وقرر عدم المضي في أمر الزواج والعودة عنه حتى يُرفع عنه بلائه أو حتى يموت.
ومكث عند النبع ثلاثة أيام وليال لا يأكل ولا يشرب، وفي الليلة الرابعة جاء إليه فارس له تاج على رأسه في صورة أحد أبناء الملوك، فقال له هذا الفارس: من أتى بك أيها الشاب إلى هذا المكان؟ فقصه الشاب قصته، فلما سمع الفارس أشفق عليه وقال له: وزير أبيك هو الذي أوقعك في هذا البلاء، لأنه لا يعلم احد من الناس عن هذا النبع إلا رجل واحد. ثم أمره الفارس بالركوب معه، فقال له الفارس: تعال معي إلى مسكني لأنك انت ضيفي هذه الليلة.
أجاب الشاب: أخبرني من أنت قبل أن أذهب معك، فقال الفارس أنا ابن ملك الجن وأعلم أنك ابن ملك بشر، والآن، كن متفائلاً بقلبك الطيب وعينك المرحة لأن لدي ما سيبدد قلقك وحزنك، لأنه بالنسبة لي عمل سهل، فقام الشاب معه من أول النهار، تاركًا قواته وجنوده الذين تركهم الوزير في مكان توقفهم، وبعدما توقف عن السفر مع قائده ملك الجن حتى منتصف الليل، ثمّ قال له الجن: أتعلم أي مساحة اجتازناها في هذه الفترة؟
فأجابه الشاب: لا أعرف، قال ابن ملك الجن: قد قطعنا مسافة سنة إلى الذي يسافر باجتهاد، فتساءل الشاب بدهشة عن ذلك وسأل: كيف أعود إلى عائلتي؟ أجاب ابن ملك الجن: هذا ليس من شأنك، إنها شأني وعندما تتعافى من سوء حظك وتتخلص من مشكلتك ستعود إلى عائلتك في وقت أقل من وميض عين، لأن تحقيق ذلك سيكون سهلاً بالنسبة لي.
وعندما سمع الشاب هذه الكلمات من الجن، كاد أن يطير من فرحة حيث كان قد ظن أن ما حدث معه كان نتيجة أحلام مشوشة، وقال: يا الله أنت وحدك من يقدر أن يعيد البائس، ويجعله سعيداً، أرجوك يالله أن تخلصني مما أنا فيه! ثمّ توقفوا عن السير حتى الصباح، وعندما وصلوا إلى أرض خضراء ناصعة بها أشجار عالية وطيور طائشة، وحدائق ذات جمال فائق وقصور عظيمة.
نزل ابن ملك الجن عن حصانه وأمر الشاب أن ينزل، فترجل الأمير وأمسكه الجنّي بيده، ودخلوا أحد القصور حيث رأى الشاب ملكًا عظيمًا وسلطانًا عظيم الكرامة الذي قام باستضافتهم في قصره، وبقي معهم في ذلك اليوم يأكل ويشرب حتى اقتراب الليل، فقام ابن ملك الجن وركب معه، وخرجوا ومضوا في الليل باجتهاد لإكمال طريقهم إلى الصباح، ثمّ أتوا إلى أرض سوداء غير مأهولة، وكانت مليئة بالصخور والحجارة السوداء وكأنها جزء من جهنم.
فقال ابن الملك للجني: ما اسم هذه الأرض؟ فقال: تسمى أرض الغسق، وهي ملك لأحد ملوك الجن اسمه زُلَّ جَنَهِين. لا يستطيع أي من الملوك مهاجمته وهو قوي وعظيم وقد فاقت قوته جميع الملوك، ولا أحد يدخل أراضيه إلا بإذنه، لذا توقف في مكانك بينما أطلب إذنه للسماح لنا بالعبور من أرضه، فتوقف الشاب وغاب عنه الجن فترة، ثم عاد إليه وأخبره بموافقة الملك لهم بالعبور وإكمال رحلتهم، ولم يكفوا عن السير حتى وصلوا إلى ينبوع من الجبال السوداء.
فقال الجني للشاب: هيا، أنزل وتعال معي لذلك نزل عن حصانه وتبع الجني حتى وصلا نبع ماء فقال له الجني: اشرب من هذا النبع، فنظر الشاب إليه وهو متردد، فأخبره الجني أن لا يخاف وأن يشرب دون تردد، لأن هذا الماء سيكون علاجه ومخلصه، فشرب منها الأمير الشاب من الماء على الفور، وأصبح على الفور رجلاً، كما كان في البداية، حيث ابتهج بفرح عظيم وشكر الله على هذه النعمة كما شكر الجني بشدة، وأخبره عن عظيم امتنانه لمساعدته له.
فقال للجن: يا أخي ما اسم هذا النبع؟ أجاب الجيني: يسمى نبع النساء: لا تشرب منه امرأة إلا وتصبح رجلاً ولا أحد من البشر يستطيع الوصول إليه سوانا نحن عالم الجن، لذلك سبح الله، واشكره على نعمته عليك بردك إلى حالك الأولى، وامتطي حصانك، فسجد ابن الملك شاكراً لله تعالى وهو يبكي من فرحه، ثم صعد حصانه ورحلوا باجتهاد بقية النهار حتى عادوا إلى أرض الجني، وأمضى الشاب الليل في مسكنه على أكمل وجه.
وبعد ذلك أكلوا وشربوا واحتفلوا بشفاء الأمير حتى الليلة التالية، فقال له ابن ملك الجن: أتريد أن ترجع إلى أهلك هذه الليلة؟ أجاب الشاب: نعم، هذا ما أتمناه مع خالص شكري لك، فدعا ابن ملك الجن أحد عبيد أبيه، اسمه راجيز، وقال له: خذ هذا الشاب من هنا، وأحمله على كتفيك، ولا تدع الفجر يدركه قبل أن يكون مع والد زوجته وزوجته، فأجاب العبد: أسمع وأطيع يا مولاي وبمشاعر الحب والشرف سأفعل ذلك.
ثم غاب العبد لفترة، وعاد على هيئة عفريت فلما رآه الشاب هرب عقله فذهل من مظهره، فقال له ابن ملك الجن: لا يصيبك شر ولا تخف منه فهو خادمك بأمري لحين أن يوصلك بأمان لذلك اصعد على كتفيه، ثم صعد الشاب وهو مبتسم على كتفي العبد، فقال له ابن ملك الجن: أغمض عينيك، فودعه الأمير ثمّ أغمض عينيه، وطار العبد معه بين السماء والأرض، ثمّ توقف عن الطيران معه بينما كان الشاب فاقدًا للوعي.
ولم يأت الثلث الأخير من الليل قبل أن يكون على رأس القصر الذي كان لوالد زوجته، فقال له العفريت: انزل، لقد أنهيت مهمتي معك وأوصلتك بأمان لذلك نزل، فقال له العفريت افتح عينيك، لأن هذا هو قصر حماك وابنته، أتمنى لك الحظ السعيد ثم تركه وذهب، ولما أشرق النهار وشعرالشاب بالراحة، نزل من سطح القصر.
وعندما نظر إليه الملك والد زوجته، وقف إليه والتقى به متسائلًا من رؤيته ينزل من أعلى القصر، ثمّ قال له بابتسام: نرى رجالًا آخرين يأتون عبر الأبواب، لكنك تأتي من السماء، فقال الشاب: هذا ما أراد الله بكَمَالِهِ وَاسْمُهُ العَظِيمٌ قد حدث، وعندما أشرقت الشمس، أمر والد زوجته وزيره بإعداد مآدب كبيرة، وتم الاحتفال بالزفاف، ومكث الشاب هناك شهرين ثم انصرف مع زوجته إلى مدينة أبيه.
أما ابن عم الفتاة فقد مات بسبب غيرته وحسده، ثمّ أخبر الأمير والده بخيانة الوزير وقص عليه ما حدث معه منذ رحيله إلى وصوله إليه، مما أثار غضب الملك وسخطه حيث أمر جنوده بإحضار الوزير مقيداً أمامه، وبعد التحقيق معه واعترافه بما فعل مع الأمير، أمر الملك بأخذه إلى الساحة العامه وقتله أمام الجميع، عقاباً له على خيانته وليكون عبرة لغيره، وبهذا تم دفن سر النبع معه.