قصة الوسادة العجيبة

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي خرجت من حكايات شعبية حقيقية وواقعية حدثت في دولة كوريا، لقد تناولت القصة في مضمونها الحديث عن الرضا بما قسمه الله تعالى للإنسان، كما تميزت بتقديم بعض القيم الأخلاقية من خلال السرد البسيط الهادف.

قصة الوسادة العجيبة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول الشخصية الرئيسية فيها وهو رجل عجوز كبير في السن يعمل ككاهن، حيث أن ذلك الرجل في يوم من الأيام توقف على جانب الطريق في إحدى الاستراحات المتواجدات في الطريق العامة وقد كانت بيده قطعة من الحصير، وأول ما حط بتلك الاستراحة قام بفرد تلك قطعة من الحصير وهمّ بالجلوس عليها، وفي تلك الأثناء قام بإخراج مجموعة من الحواجز المعدنية التي كانت بحوزته وفردها بجانبه، بعد مرور وقت قصير جاء إلى جانب الرجل العجوز أحد الفتية، وقد كان ذلك الفتى في مقتبل العمر ويعمل في مجال الزراعة.

وقد تبين ذلك من خلال الملابس التي كان يرتديها الفتى، إذ ظهر وهو مرتدي بدلة قصيرة رثة ومليئة بالتراب والرمال، كما تم وصف السترة التي كان يرتديها الفتى أنها ليست سترة ثمينة وذات خامة جيدة كتلك التي يرتديها الكهنة والقسيسين أو الأشخاص الذين يتوجهون لتلقي التعليم، وأول ما وصل ذلك الشاب إلى الاستراحة جلس على بعد مسافة قصيرة من الكاهن، وتلك المسافة القصيرة هي ما سمحت بتداول الحديث والحوار، وبعد حوارهم بفترة قصير أصبحوا يتمازحون مع بعضهم البعض وكأنهم يعرفون بعضهم منذ فترة طويلة، وبدت عليهم ملامح السعادة والسرور.

وفي تلك الأثناء قاما كلاهما من أجل إكمال سيرهما، وأول ما وقف الشاب نظر إلى تلك السترة المُعدمة التي يرتديها، ومن ثم توجه للسير إلى جانب الرجل العجوز وأثناء سيرهما كان الشاب يتنهد ويتعجب من تلك الحياة البائسة التي يعيشها وقال موجهاً كلامه للعجوز: انظر كم أنا شاب مسكين، وبدأ بالحديث بلهجة حزينة غير أن الرجل العجوز رد عليه بكل حكمة قائلًا: ولكن مما يبدو لي أنك شاب تمتلك صحة جيدة وتتناول أغذية مفيدة وجيدة كذلك، فلماذا تقطع حديثنا الممتع والمشوق وتشكو من الفقر وحالتك المسكينة؟

فرد عليه الفتى قائلًا: لك أن تتخيل الحياة التي أعيشها كما تريد، ولكن في الحقيقة إن تلك الحياة لا يوجد الكثير من محطات الفرح والسعادة، حيث أنني لا أتوقف عن العمل ولا في يوم من الأيام، فكل يوم منذ أن تشرق الشمس وحتى غروبها وأنا منخرط في العمل، كم كنت في الكثير من الأحيان أتمنى لو أني كنت جنرالًا عظيمًا ينتصر في كافة المعارك التي يخوضها، وفي أحيان أخرى كم أتمنى لو أنني ولدت رجلًا غنياً وأمتلك الكثير من القصور والأموال والممتلكات، وفي أحيان أخرى كنت أتمنى لو أنني أمتلك رغد العيش من الطعام والشراب اللذيذين واستمع إلى الموسيقى العذبة، وفي أحيان أخرى كنت أتمنى لو أنني كنت حاكم عظيم داخل قبيلته، فأقوم بتقديم المساعدة إلى كل محتاج وفقير ومسكين في هذه الحياة.

ومن المؤكد أنني لا أنسى عائلتي في ذلك الوقت، لكنت متعتها بكافة سبل الرخاء والرفاهية، ومن بين تلك الأشياء كلها كنت سوف أعيش رجلًا محترم وسعيد في حياتي، لطالما كنت أحلم بأن أحقق طموحاتي وأحلامي بأن أكون من أعظم المنجزين في هذا العالم ويدون اسمي في كتب التاريخ بماء من ذهب، ولكنني كما تراني مجرد عامل فقير مسكين لست أكثر، وأنت أيا الرجل العجوز بعد كل ما سردته عليه ألا ترى أنني أعيش حياة بائسة، قل لي ما هو اللقب الذي تستحقه تلك الحياة.

وفي تلك اللحظة لم يرد الرجل العجوز على حديث الفتى بأي كلمة تنطق، إذ التزم الصمت وتوقف الحوار بينهما، بينما الفتى فقد واصل الحديث عن أحلامه وطموحاته التي يحلم في أن تتحقق ولو واحد منها، ثم بعد طول الحديث قام الرجل العجوز بسحب وسادة كان يحملها معه من بين أغراضه ونظر إلى الفتى وقال: اسند رأسك على هذه الوسادة، وسوف تشعر بتحقيق كل أمر تتمنى أن تحصل عليه على الفور، بالإضافة إلى أنه سوف تغمرك حالة من الرضا والاطمئنان.

كانت تلك الوسادة مصنوعة من مادة البورسلين، كما أنها كانت ملفوفة بالبورسلين ولكنها من جهة الجانبين كانت مفتوحة وقد كانت تبدو وكأنها أنبوبة، وهنا دنا منها الفتى وقام بوضع رأسه فوقها، وما إن حط رأسه حتى أطلق العنان للتفكير في أحلامه وغاياته، وبدأ له أحد الجوانب وكأن شكله أكبر من الآخر، كما تبين أنه مضيء من الداخل، وفي ذلك الضوء المنير شاهد منزله الخاص.

ثم بعد ذلك انتقل الفتى إلى زمن آخر، إذ أصبح في ذلك الزمن متزوج فيه من فتاة شابة جميلة للغاية، وكما أنه في ذلك الزمن يكسب الأموال الطائلة كل يوم، وبهذه الأموال تمكن من شراء كل البدل الجميلة التي يرغب بها؛ واستطاع أن يتلقى التعليم في أي مجال من مختلف المجالات، وفي الزمن الذي تليه اجتاز كامل الاختبارات وأصبح يعمل قاضيًا.

وبعد مرور ما يقارب عامين من أحلامه كان قد حقق الكثير من الإنجازات والأهداف، وقد وصل إلى أنه استلم عدة المناصب وأصبح رئيس وزراء الملك، وبعد فترة زمنية طويلة قام الملك بمنحه الثقة بأن يتولى الحكم بدلاً منه، ولكنه في أحد الأيام وُضع في موقف بشع للغاية، حيث أنه تم اتهامه بالخيانة، وعلى إثر ذلك تم تقديمه للمحاكمة والحكم عليه بالإعدام شنقاً.

وفي النهاية رأى الفتى على مخدة الأحلام أنه تم اصطحابه مع بعض المجرمين الآخرين من أجل تنفيذ حكم الإعدام عليه في أحد الأماكن النائية والمقطوعة، وفي تلك اللحظة قد جثا على ركبتيه أمام مُنفذ الحكم حتى يقوم بإعدامه، وقد كان يشعر بالرعب والفزع من انتظاره لضربة الموت تلك، ولكنه فجأة فتح عيناه، وإذ به يجد نفسه في الاستراحة إلى جانب الرجل العجوز.

وحين أفاق الفتى من حلمه لم ينطق الشاب بأي كلمة لعدة لحظات، ثم بعد ذلك اعتدل في جلوسه وأعلن أنه يكن الاحترام والتقدير إلى كافة فئات المجتمع، ثم بعد ذلك قد تشكره للرجل العجوز وقال له: لقد علمتني درسًا مهمًا لن أنساه طوال حياتي، والآن أدركت ما هو المقصود بأن أكون رجل عظيم، وفي اليوم التالي عاد الشاب إلى عمله وهو راضي تمام الرضا عن حالة وحياته، ومنذ ذلك الوقت لم يعد يشكو حاله أو يشعر بالبؤس واليأس كما كان في السابق.


شارك المقالة: