يُعتبر الكاتب والأديب أوتكير خاشيموف وهو من مواليد دولة أوزبكستان من أبرز المؤلفين الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، وقد ترجمت العديد من أعماله الأدبية إلى اللغة الأوزبكية وإلى العديد من اللغات العالمية، ومن أكثر القصص التي اشتهر بها هي قصة الوليمة.
قصة الوليمة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الرجال وزوجته الذي كان قد قدم جديداً إلى إحدى المدن، وهذا الرجل يعمل بروفيسور ويدعى عابد، وبينما كان البروفيسور قد مضي على مكوثه في الحي ما يقارب الشهر وإذ بأحد الأيام جاء أحد الجيران ودق باب البروفيسور تم فتح الباب وإذ بأحد الجيران يدعى حسن، وهنا طلب من البروفسور أن يرتدي ملابسه ويذهب معه، كان البروفسور عابد يعمل طوال فترة الليل وهذا ما كان يجعله ينزعج من الاستقاظ باكراً، وهنا سأل عابد: إلى أين تريدنا نذهب؟ فأجاب خالق وهو مستغرب من سؤال عابد وأخذ يلوح بيده ويقول: ألا تعلم هناك وليمة وأرز بخاري، بمناسبة حفلة طهور لابن أخ نسيب شاكر وغوغ، هيا اجهز بسرعة الباص ينتظر.
وهنا سأل البروفسور نفسه: من هو شاكر وغوغ؟ ومن هو نسيبه؟ أنا لم أسمع بهذا الاسم من قبل ولا أعرف من هو نسيبه، وقد خجل أن يسأل جاره عنه، وهنا بالفعل تجهز وذهب مع جاره للحفلة، وأثناء سيرهم في الطريق كان شكلهم لكل من يراهم، إذ بدا أحدهم طويل القامة والآخر قصير القامة، وأخذ خالق بالدق على البيوت التي لم يستيقظ أصحابها ويدعوهم إلى الحفلة، فقد كان هناك باص موجود حتى يلم أهل الحي ويوصلهم إلى الحفلة، وبعد وصولهم إلى الحي التي تقام به الحفلة تناولوا أرز بخاري وشربوا الشاي وتوجهوا نحو الشارع.
وهنا بدأ حسن يمدح الطريقة التي عمل بها الطباخ الأرز وتوجه إلى شكره من صميم قلبه، ثم بعد ذلك توجه إلى البروفيسور وسأله: ربما أنك تتوجه إلى العمل الآن؟ فإنني أريد أن أودعك بيدك التي تناولت بها الأرز، وهنا أشار إلى البروفسور وقال: ما رأيك إن تمت دعوتنا إلى أكلة شعبية أخرى مثل المضغوط، وهنا على الفور وقبل أن يكمل خالق كلامه رد البروفسور: لا لا كل الشكر لك، استمتعوا بأنفسكم.
كان الجار يعمل كحارس ليلي في إحدى الأسواق الكبيرة، حيث كان نظام دوامه يداوم يوم ويرتاح يومين، وبهذا فإنه يقضي معظم في راحة، فلا يهمه من حضور جميع المناسبات، وعند وداع حسن للبروفيسور طلب منه يتمنى أن يراه مرة أخرى في مقهى الحي، وهنا رد البروفسور: طبعًا طبعًا، إذ كان يخجل من جاره، وهنا كان البروفسور يؤلمه رأسه لأنه بقى مستيقظ طوال النهار فهو لم يعتاد على النهوض باكراً.
وفي مساء اليوم ذاته كان لدى البروفسور اجتماع مهم، ألا وهو اجتماع المجلس العالمي وقد طال الاجتماع، بسبب كثرة المسائل التي طرحت به، وهذا ما جعله يستمر حتى منتصف الليل، وما إن عاد البروفيسور إلى منزله تناول كوب من الشاي فقط ثم سرعان ما خلد إلى النوم.
وفي صباح اليوم التالي لم يكن يعرف البروفسور كم استغرق نومه، لكن الباب طرق بطريقة أقوى من يوم أمس، وفي تلك اللحظة نظر البروفيسور في هرع من صوت الدق إلى ساعته إذ كانت ما زالت الساعة الخامسة والنصف فجراً، فأسرع البروفسور وزوجته إلى الباب وإذ بالجار حسن يقف أمام الباب.
وهنا بدأ خالق يمزح مع البروفسور ويقول: يا سيد هل أنت مولود في سنة النوم؟ وتحت برج الوسادة ما كل هذا النوم؟ ينبغي عليك أن تشارك الناس في مناسباتهم وهذا أفضل من أن تنام مثل قطة بجانب الفرن الهولندي إذ أشار بالفرن الهولندي موقد النار، وهنا تساءل البروفيسور: هل هناك وليمة أيضًا اليوم؟ فأجاب خالق: نعم يوجد اليوم وليمة جديدة، إذ أن حسين باي والذي يسكن في حي يونس آباد له ابن يدعى نار طاي.
وهذا النار طاي على الرغم من أنه يوجد في عينه عيب، إلا أنه رجل يعرف يرتب أموره جيدًا، وهو يقيم حفلة واحدة كل ثلاث مناسبات تحدث عنده، فقد تم معرفتي أن هناك ثلاثة مناسبات أراد أن يقيم حفلة للاحتفال بهما سوياً، وأشار إلى البروفسور أن يستعد سريعاً للذهاب إلى الحفلة وحضور الوليمة الكبيرة.
وهنا اضطر البروفسور أن يذهب برفقة الجار حسن إلى الوليمة، لكنه لم يأكل من أرز الوليمة على الاطلاق في ذلك اليوم، كما كانت في اليوم ذاته مناقشة لمجموعة من رسائل الدكتوراه لدى البروفيسور، إذ كان هو المحكم الرئيسي فيها، وكان يقرأ في إحدى الرسائل طول اليوم، وعند عودته إلى منزله تصفح بعض الكتب إلى وقت متأخر في الليل، ونام ما يقارب الساعة الثانية صباحًا.
ومع بزوغ فجر اليوم التالي حدث ما يحدث كل يوم إذ طرق حسن الباب بشدة و أيقظ البروفسور من نومه، إذ لم يكن يعرف كم من الوقت نام، فتح البروفسور الباب لكنه لم يكن مستعجل في هذه المرة؛ لأنه كان يعلم أن من يدق الباب هو حسن، وهنا قال البروفسور: وماذا أيضاً يا حسن هذه المرة، قال حسن: يا سيدي هل أنجبتك والدتك مع الوسادة، ارتدي ملابسك فوراً، إذ إنّ الجزار قوجقار يقيم وليمة بمناسبة الذكرى عشرينية لزوجته المتوفية، فقد كانت امرأة لطيفة حشرت عظمة في حلقها وتوفيت.
وهنا ثار الغضب داخل البروفسور وقال: اسمع أنا لا أعلم من هو قوجقار، فرد حسن: إذا كنت أنت لا تعرفه فنحن بالطبع نعرفه ونشارك معه وليمته منذ عشرين عام، وعلى الرغم من أنه انتقل إلى حي آخر إلا أنه جاء إلينا ودعانا إلى الوليمة، وأنت ينبغي عليك أن تشارك مع أهالي الحي.
في هذا اليوم بالذات كان الوضع محرج للغاية إذ كان البروفيسور قد حدد اجتماع في الساعة الثانية مع زملائه، وقد كان ذلك الوقت يتعارض مع وقت الوليمة، وما لبث البروفسور أن تناول قليلًا من الوليمة وسرعان ما توجه نحو الاجتماع، وما إن وصل إلا وضع رأسه على الطاولة ولا يعلم كيف غرق في النوم واستيقظ على أصوات هادئة لسعال زملائه الموجه نحوه.
وعند عودته إلى منزله وقال لزوجته بإصرار: غدًا إن طرق حسن الباب أخبريه أنني غير موجود في المنزل وأنني ذهبت في مأمورية، إذ أراد أن ينام وأن يغرق في النوم، لكن لم يحصل ما أصر عليه فقد صحي على الضجة التي يحدثها حسن كل صباح، وقد كان في تلك اللحظة حسن يتعارك مع زوجة البروفسور ويقول لها: هذا عيب عليه ينبغي عليه أن يشارك مع أهل الحي، ولقد شاهدته بنفسي لقد كان يجلس ويعمل في غرفته في الليل هيا ادعيه.
وهنا لم يقوى البروفسور على تحمل الوضع فخرج إليه وأول ما شاهده قال له: نعم، سرّ حسن وقال: ها هو، أنا أرى كافة البيوت من داخل منزلي، إن لم يكن هناك جدار يمنع المشاهدة، وهنا توجهت الزوجة إلى داخل البيت وقد ثار بداخلها الغضب من تصرفات حسن، وكانت تقول لزوجها: لماذا جعلتني أكذب، وبينما حسن تحدث إلى البروفسور وقال: أما الحلاق فهو رجل طيب، وهو قدم إلينا على وجه الخصوص من أجل دعوتنا إلى وليمة عرس، على الرغم من أنه أنتقل من هنا إلى محافظة أخرى.
وهنا كانت قد وصلت الأمور حدها لدى البروفسور وقال: شكراً لك لقد كفاني وأرجو منك أن لا تزعجني بتصرفاتك، قال حسن: يا أخي إن كنت أنت بروفيسور فهذا الأمر لنفسك، نحن ممن يحملون تابوتك عند الوفاة، أغلق البروفسور الباب في وجهه ورجع إلى البيت بخطوات سريعة تعتريها الغضب والانزعاج منه، بدأ حسن يدور بالحي ويثرثر على البروفسور وما فعله معه، بينما كان البروفسور في ذلك الوقت يدرس اختراعه الجديد والفائدة التي يعود بها على الشعب بأكمله.