تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية التي صدرت عن الأديب إيجور سترافينسكي، وقد تناول من خلال محتوى القصة الحديث حول الجبروت والغطرسة والتحكم بالآخرين، إذ أشار إلى أنه لا يمكن أن يستمر الظلم والتحكم في الآخرين حتى النهاية، إذ لا بد أن يبزغ فجر الحق ويرتفع الظلم وينال الظالم جزاءه.
قصة بالية الطائر الناري
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في أحد الأيام حول غول متوحش يصول ويجول هنا وهناك في البلاد، وما كان يميزه أنه ذو لون أخضر ويطلق عليه اسم كاتشاي، وهذا الغول مختلف عن غيره من الوحوش، إذ أن روحه ليست موجودة في جسمه، بل كانت محفوظة في مكان غريب ولا يمكن أن يخطر على بال بشر، فقد كان موجودة داخل بيضة، وقد كانت تلك البيضة ثمينة ومحصنة بحيث أنه لا يصيبها أي ضرر أو أذى مهما حدث حولها وقائع وحوادث؛ وذلك لأنه تم الاحتفاظ بها في مكان لا يمكن لأي شخص الوصول إليه على الإطلاق، وهذا ما جعلها مصانة من الموت كذلك.
بالإضافة إلى ذلك كان الوحش يمتلك قوة خارقة مختلف عن بقية الحيوانات، إذ تفوق قوة عدد كبير وهائل من الحيوانات، وهذا الأمر قد جعله مستبد ومتمرد إلى حد كبير، وقد كان ذلك الوحش الغائر في يوم من الأيام قد احتجز عدد من الأميرات، وتلك الأميرات كنّ على مستوى فائق من الجمال ولا يمكن أي شخص يراهن، إلا وقد انبهر من بلوغ ملامحهن تلك الدرجة من الحسن والجمال، وقد تم احتجازهن من قِبل الوحش في داخل القصر الذي تعود ملكيته إلى والدهن الملك، وكلما كان أحد العاملين من حاشية أو خدم أو حتى أي شخص من الخارج حاول تقديم المساعدة لهن وفكهن من تحت حصار ذلك الوحش، كان الوحش يقوم بتحول ذلك الشخص إلى حجر من أشد أنواع الصخور صلابة.
وفي ذلك الوقت كان الوحش جراء تغطرسه اللامحدود وجبروته العنيف نسى أن المصدر الرئيسي لتلك القوة اللامتناهية التي يتمتع بها في الحقيقة تعود إلى تلك الروح الموجودة في تلك البيضة، وأنه في حالة حاول أي شخص المساس بها، فإن ذلك الأمر يؤدي إلى تدميره وطعنه طعنة قاتله في روحه واختفاءه عن وجه الأرض إلى الأبد.
وفي يوم من الأيام كان هناك أحد الأمراء يقوم برحلة صيد في الغابة، وأثناء بحثه عن أهم ما يتم اصطياده شاهد أحد أنواع الطيور الغريبة، إذ لم يكن يشاهد مثلها من قبل، حيث كان ذلك ريش ذلك الطائر يخرج منه لهب، وفي تلك الأثناء حاول الأمير أن يتبعه، وبالفعل اعتلى ظهر جواده وبدأ بتتبعه، وقد طال الطريق وهو يلحق به إلى أن وصل إلى تلك الجهة الخلفية للقصر الذي يتم احتجار الأميرات به، ومن تلك الجهة الخلفية كانت هناك حديقة يقيم بها الوحش، وهناك تمكن الأمير من الإمساك بالطائر والسيطرة عليه، ولكن ما حدث أن الطائر توسل إلى الأمير حتى يطلق سراحه ويتركه يطير بكامل حريته، وهنا شعر الأمير نحوه بالشفقة وقام بإطلاق سراحه.
وفي تلك اللحظة قام الطائر جراء رجمة الأمير وعطفه عليه وإطلاق سراحه قام بتقديم ريشة من الريش الذي يغطي جسده للأمير، وقد كانت تلك الريشة تتميز بلون أحمر براق ملتهب، وهنا تحدث الطائر إلى الأمير: لست أملك ما هو أكثر من ذلك حتى أقدمه لك يا سيدي جزاء معروفك ومعي وإعطائي حريتي، ولكن تلك الريشة من أبلغ الهدايا التي من الممكن أن تراها في حياتك، حيث أنها في حالة وقعت في مأزق أو مشكلة، فإنه من خلالها بإمكانك أن تنقذ نفسك وتخرج من مأزقك بسلام.
وفي تلك الأثناء بدأ الأمير يتمعن بالمناظر الطبيعية من حوله وحينما شاهد الأمير جمال الحديقة المحيطة به قرر أن يمكث بها بعض الوقت من أجل الاستراحة، ومن ثم يعاود ويستأنف رحلته، وعند بزوغ فجر اليوم التالي قامن الأميرات بالخروج إلى تلك الحديقة من أجل الترفيه عن أنفسهن واستنشاق بعض الهواء النظيف، وحينما بدأن يتجولن في الحديقة شاهدهن الأمير وفي تلك اللحظة، وقد انبهر الأمير مما شاهد بأعينه من شدة حسن الخلق والجمال الذي يتمتعن به، وقد فكر في أن ينظم إليهن، إلا أنه في البداية كان قد تردد بذلك، وبعد لحظات قليلة بدأن الأميرات باللعب مع بعضهن البعض، وقد كان ذلك الأمر قد شجع الأمير في الانضمام واللعب معهن.
وبالفعل قام الأمير باللقاء بهن وبعد إلقاء التحية فيما بينهم عرف كل منهم على الآخر، وقد هموا جميعهم في اللعب سوياً، وبعد الانتهاء من اللعب جلسوا لبعض الوقت ودار بينهم حديث وفي تلك اللحظة بدأت المشاعر داخل الأمير لإحدى الأميرات تتحرك بشغف، وقد قابلته الأميرة كذلك بذات المشاعر، ونشأت بينهم علاقة حب، إلا أن ما حدث وقطع عليهم تلك اللحظات الجميلة هو أن الوحش كان قد أفاق من نومه، وأول ما شاهدنه الأميرات أصيبن بحالة رعب وذعر وسرعان ما هممن بالهروب والعودة إلى داخل القصر؛ وذلك خشية من أن يراهن الوحش برفقة الأمير ويقوم بقوته وجبروته بالفتك بهن وبالأمير.
وبينما كن يركضن الأميرات إلى داخل القصر كان الأمير يسير إلى جانبهن وسؤالهن ما سبب حالة الخوف والرعب التي سيطرت عليهن فجأة، وهنا أشرن أن الوحش قد أفاق من نومه، وهو من يحتجزهن في هذا القصر، كما حذرن الأمير من الوحش، وأخبرنه أن الوحش يحول كل شخص يحاول مساعدتهن إلى حجارة صلبة، ولكن على الرغم من كل ما سمعه الأمير من تحذيرات إلا أنه لم يكف عن اللحاق بالأميرات، فالحب الذي يكنه إلى الأميرة الجميلة دفعه إلى أن يقتحم القصر حتى يعرف أي من الحجرات تلك التي تقيم بها.
فالقصر كان ذو مساحة كبيرة جداً وكل من يدخله يتوه بداخله، وهنا حدثت المفاجأة، إذ دقت الأجراس السحرية التي تعود للوحش وبدأت المعركة بين الأمير ومجموعة من الضحايا التي قام الوحش بإحداث تشوهات فيها، وفي تلك الأثناء دخل الوحش وحينما شاهده الأمير شعر أن الأمر أصبح يفوق طاقته ودخل في لحظة يأس، ولكن سرعان ما تذكر تلك الريشة التي قدمها له الطائر.
وفي تلك الأثناء قام الأمير بإخراج تلك الريشة والتي من خلالها تم استدعاء ذلك الطائر الناري، وأول ما وصل إلى القصر دارت بين كل من الطائر والوحش المعركة، أدرك الطائر حينها السر الذي يكمن خلف خلود الوحش وقصة البيضة، وعلى الفور توجه نحو المكان مخبأ البيضة وقام بتحطيمها، وأخيراً مات الوحش وقد أفسد سحره، وعاد جميع الأمراء إلى حياتهم الطبيعية، ثم بعد ذلك تزوج الأمير من الأميرة الجميلة وعاشا حياة سعيدة.