تُعد القصة من روائع الأعمال الأدبية التي لاقت انتشار واسع في المجتمع الروسي والتي صدرت عن الكاتب والموسيقار إيغور سترافينسكي ويعد من أهم وأكثر الموسيقيين تأثيرًا في القرن العشرين، قدم الكاتب القصة في عدة صور والتي جسدها من خلال الدمى، إذ رغب الكاتب من خلال القصة التطرق إلى العديد من القضايا التي تدور في المجتمعات الروسية المحلية، بالإضافة إلى تجسيده العديد من المشاعر التي تعتري الإنسان من أكثر الناس المقربين إليه.
قصة باليه الدمية بتروشكا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول إحدى العروض المسرحية التي يتم تقديمها في إحدى المواسم، حيث بدأ العرض في موسم التسوق في إحدى الأسواق التجارية المحلية، وقد كان يقف في ذلك المكان رجل يتميز بأسلوب ساحر، وقد كان بحوزة ذلك الساحر مجموعة من دمى، إذ كل ما يقوم به هو العمل على إحياء تلك الدمى وإضافة حشد من المشاعر لها، وأول ما قام به الساحر هو الحركة بثلاثة فقط من مجموعة الدمى الموجودة معه، وقد كانت الدمية الأولى يطلق عليها اسم آراب والدمية الثانية يطلق عليها اسم بتروشكا والدمية الثالثة كان يعرف عنها بأنها راقصة البالية.
ولكن من ضمن تلك الدمى كانت الدمية بتروشكا قد حصلت على أكبر قدر من المشاعر؛ وذلك لأنها كانت من الدمى التي تتميز بالذكاء والفطنة، كما أن شكلها كان يساعدها في انجذاب الجمهور لها؛ وذلك لأنه كان يبدو أنها ذات شكل مضحك وقبيح، وقد كانت تلك الدمية على شكل فتى، وكان على الدوام يشعر أنه ليس حر وطليق، كما كان يشعر بمدى سوء إحياء الساحر له، وكان كل هدفه هو أن تقع دمية راقصة البالية في حبة وعشقه.
وكان يبدي الدمى العديد من المحاولات من أجل جذب انتباه الدمية الراقصة، إلا أن الراقصة بالرغم من كونه يكن لها الكثير من مشاعر الحب والعشق ويعبر عن تلك المشاعر لها، إلا أنها كانت تخاف من مظهره الخارجي القبيح والغريب، كما كانت تلاحظ عليه أنه شخصية غريبة الأطوار، وفي ذات الوقت كانت راقصة البالية كل ميولها تتوجه إلى آراب، والذي بدوره كان متناقض من ناحية المشاعر تمامًا عن بتروشكا، إذ كان شخصية تتميز بالغباء وما يكن بداخله سوى الشر والحقد والكراهية.
بالإضافة إلى أنه كل ما يعرف عنه أنه شخص سيء جدًا، ولكن على الرغم من كل ذلك فإنه يتميز بمظهر خارجي لائق، وكانت الراقصة باستمرار تنجح في التقرب منه، وفي لحظة ما حينما شعر بتروشكا أن الراقصة تميل بمشاعرها إلى آراب، ثارت بداخله الغيرة الشديدة اتجاه آراب، كما بدأ في إزعاج من وجوده إلى جانب راقصة البالية.
وحين لاحظ آراب العديد من المضايقات التي بدرت من بتروشكا اتجاهه شعر بالغضب وعزم على طرده أمام جموع من الجمهور وعلى مرى أعينهم، وهذا ما جعل بتروشكا يدخل في حالة من الخجل الشديد، ولذلك عزم على الهروب من المكان بأكمله، ولكن هنا شعر آراب بأنه لم يحصل على حقه بالكامل، وهذا ما جعله يقوم بملاحقته والقيام بطعنه باستخدام سيف، وهنا تدخل الساحر وقام في البداية بتهدئة الجمهور الذي كان شاهد على موت بتروشكا، وقام بحمله في صندوق الدمى، وفي النهاية ظهر بين الجموع خيال يتنقل بينهم بكل حرية، وقد كان ذلك الخيال يعود إلى بتروشكا، وأكثر ما كان يقوم به ذلك الخيال هو التحديق إلى الساحر وإلى العالم بنظرة حزن وازدراء وألم.
وفي النهاية وبعد انتهاء العرض حققت مسرحية الساحر نجاحًا كبيرًا بين الجموع، والتي تخللها إدراج موسيقى تعود إلى الكاتب والتي تمثلت في العزف على آلة البيانو، ولكن كانت موسيقى الأوركسترا في كثير من الأحيان تطغى على صوت آلة البيانو، وقد كانت تلك الموسيقى المدرجة في المسرحية تتميز بالخفة والبساطة والتقنية العالية، حيث بنى من خلالها الكاتب جميع الألحان على الفلكلور الشعبي الذي يعود إلى دولة روسيا، والذي كان متأثر بالمدرسة الانطباعية.
كما همّ بطرح رقص البالية بأسلوبه الخاص بروح روسية بحته، وقد عمل على تقسيم العرض المسرحي إلى أربعة لوحات، اللوحة الأولى التي توحي إلى الكرنفال الروسي وحشود احتفالية، واللوحة الثانية حول الدمية بتروشكا والأحداث التي عاشتها، أما اللوحة الثالثة كانت حول آراب، وقد تميز العرض المسرحي بالبساطة؛ وذلك من أجل أن يتناسب مع فكرته حول الدمى الطفولية.