قصة الطائر الأسود

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول فتاة كانت متعلقة إلى حد كبير بصديقها الغراب وانزعجت كثيراً حينما انتقلت من موطنها، ولكن من حسن حظها أن صديقها الوفي لحق بها.

الشخصيات

  • الغراب
  • الفتاة مينا
  • والد مينا
  • والدة مينا
  • الغراب الجديد

قصة الطائر الأسود

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة سيرلانكا، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك فتاة تدعى مينا تبلغ من العمر خمس سنوات، تعيش الفتاة مع والدتها في أحد الأحياء، كانت تلك الفتاة باستمرار تطلب من والدتها أن تلعب في الحي مع الأطفال، ومن أجل أن تلهيها والدتها عن ذلك الأمر عرضت عليها أن تقوم بمساعدتها في المطبخ، كان ذلك الأمر مدهش للفتاة؛ وذلك لأن هذا لم يحدث من قبل، ولم يُسمح لها حتى بالاقتراب من موقد الغاز.

بالنسبة إلى مينا كان المطبخ مكان ساحر، حيث تمتلئ بالألوان الزاهية التي تشع من الخضروات والفواكه، وأكثر ما كانت مينا مفتونة بالأرز الأبيض، إذ تتعجب من أنه يكون صلب وحاد ثم بعد ذلك يصبح طري ورقيق عند الطهي، ولو لمرة أرادت أن تشعر به على أصابعها لمرة واحدة بدلاً من أن تطعمها أمها، فقالت لوالدتها: هل يمكنني إطعام نفسي اليوم؟ لقد أصبح عمري خمس سنوات وأريد أن أكون فتاة كبيرة.

قالت الأم: بإمكانك المحاولة، ولكن دون التسبب بفوضى، وبعد أن اعتمدت على نفسها في تناولها للطعام سقط منها فتات أرز، وحينما فكرت أين تخفيه عن والدتها تذكرت أن والدتها تضعه بالقرب من إحدى الأشجار التي تعرف باسم شجرة بانيان وتوجد في الفناء من أجل الغربان.

وفي تلك الأثناء تسللت مينا إلى هناك بهدوء وقبل أن تتمكن من التوقف تحققت مما إذا كانت والدتها تشاهدها، وبعد أن تأكدت من عدم رؤية والدتها لها خرج غراب صغير من داخل الشجرة، فتحت مينا يدها وقفز الغراب وأكل الأرز المهروس قليلاً، وقالت للغراب اعتدت أن آكل من أيدي والدتي وأنت الآن تأكل من يداي.

ومنذ ذلك اليوم استغرق الأمر وقت حتى تتعلم مينا الاعتماد على نفسها في تناول الطعام دون إحداث فوضى، وخلال تلك الفترة تناول الغراب العديد من الوجبات من يد مينا، وفي كل مرة تطعم مينا الطائر كانت تخبره عن يومها، كما أن الغراب كان يقدم لها هدايا جلبها من رحلاته.

وذات ليلة كانت عائلة مينا وعدد من الأقارب يجلسون في شرفة المنزل، بينما كل من مينا والغراب في الحديقة ينظران إلى النجوم، وفي تلك اللحظة قدم الغراب لمينا ترتر فضي لامع كان يتلألأ مثل نجمة في يدها، وبقيت الحياة على هذا الحال حتى أصبحت مينا في السابعة من عمرها، حيث أنه في ذلك الوقت بدأت الحياة تتغير كثيراً، فالجميع هاجر المدينة، كما أن القصص التي كان يقصها الغراب على مينا أكثر حزناً بسبب أوضاع المدينة السائدة آنذاك.

وفي إحدى الأمسيات تلقى والد مينا مكالمة هاتفية طويلة وقد سمعت مينا بعض تمتمات منخفضة وهي تنجرف إلى النوم، وفي الصباح الباكر أيقظها والدها وأخبرها أنه ينبغي عليها الذهاب مع والدتها إلى مدينة لندن والإقامة هناك مع أقاربها؛ وذلك من أجل تلقي تعليم جيد وتعلم كيفية التحدث بشكل أفضل باللغة التاميلية، وهنا سألت مينا والدها، وأنت يا أبي؟ فأشار إليها إلى أنه سوف يبقى في هذه القرية لبعض الوقت.

وفي تلك الأثناء حزمت حقيبتها هي ووالدتها وتوجهتا نحو القطار، والذي كان ممتلئًا جدًا لدرجة أن الناس كانوا معلقين من الأبواب، والناس يندفعون في أماكن بالكاد كانت موجودة، وفي تلك اللحظات كانت مينا حزينة جداً؛ وذلك لأنها لم تسمح لها الفرصة لتوديع الغراب وتغادر موطنها سيريلانكا، وحينما ودعها والدها توسلت إليه بالبقاء معه، ولكنه أشاد بها وأخبرها أنه يجب أن تكون شجاعة.

وعند حلول الظلام كانت مينا مستلقية في منزل عمها بلندن، وعندما نظرت إلى الحديقة رأت شجرة صغيرة ينعكس عليها ضوء المطبخ، وهنا تذكرت الغراب وأخذت بالبكاء وهي تنادي عليه بهدوء، وفي لحظة ما لفت مينا نفسها في بطانيتها وتسللت خارج المنزل باتجاه الشجرة الصغيرة، وفجأة اهتزت الأغصان وانقض طائر أسود على قدميها، وهنا قال الطائر باستخدام لغة التأميل لمينا: سمعتك تنادي، فشكت مينا بأنها تحلم ألقت نظرة على المنزل، وإذ به موجود مما جعلها تتأكد من أن هذا ليس بحلم.

وفي تلك اللحظة لم تكن مينا قادرة على منع دموعها من السقوط، وقال باعتراف: أريد العودة إلى المنزل، وأريد أن أكون تحت سماء الليل مع النجوم مرة أخرى، لم أقل وداعًا أبدًا لصديقي هناك وهو غراب مثلك، من المؤكد أنه يعتقد أنني تركه لوحده، ربما يشعر بالقلق، فرد عليها الغراب الصغير سوف يعرف أنك لم تقصد تركه؛ وذلك لأن الأصدقاء لا يتخلون عن بعضهم البعض، وأخذ بسرد قصة عليها فقال: كنت أعرف غراب ذات مرة كان من الأصدقاء المفضلين لغزال، وفي كل يوم كان يذهب الغراب مع الغزال إلى ذات الحقل في القرية، وهناك يتحدثوا ويضحكوا طوال النهار، وفي ساعات الليل يشيرون إلى أنماط في النجوم.

في يوم من الأيام لاحظ صاحب الحقل أن الغزلان تأكل محاصيله وقرر وضع شباك حول حقله؛ وذلك حتى لا تتمكن الغزلان من العودة إليه، وفي المرة التالية التي ذهب بها الغزال والغراب إلى الحقل، وقع الغزال في شباك وصدر عنه صرخة مدوية وهي تسقط على الأرض، وفي تلك اللحظة رأى الغراب أن ساق صديقه الغزال اشتبكت مع الخيوط ولا يمكنها الوقوف.

وفي تلك الأثناء قال الغزال للغراب: حلق بعيداً، لا تقع في المشاكل من أجلي، من المؤكد أن صاحب الحقل سوف يأتي من أجلي، ولكن الغراب لم يقبل بذلك وقام بالتفكير من أجل التوصل إلى طريقة ينقذ بها صديقه الغزال، ولم يستغرق الطائر الذكي وقتًا طويلاً لمعرفة كيفية إنقاذ صديقه.

حيث أنه عندما رأى الغراب المزارع قادمًا نحو الحقل ببندقيته، قال للغزال: استلقِ بهدوء شديد وحين اصرخ بأعلى صوتي لا تتحرك على الاطلاق، لكن في المرة الثانية التي تسمع فيها صوتي عليك النهوض والركض كما لو كان يطاردك أسد، وأنا بدوري سوف أسرع وأطير فوقك حتى نكون بأمان.

وبالفعل بقي الغزال ساكناً لدرجة أنه حينما اقترب صاحب الحقل كان متأكداً من أنه قد مات بالفعل، وألقى بندقيته على الأرض وبدأ في إزالة الشبكة، ثم بعد ذلك بمجرد إزالة آخر قطعة من الشباك، صرخ الغراب بأعلى صوت ممكن وأخاف المزارع حتى سقط إلى الوراء واندفع الغزال إلى الحياة وركض بسرعة كما لو كان يطارده أسد!، ولما سمعت مينا بتلك القصة ابتسمت وتأكدت من أن الغراب صديقها سوف يعلم أنها لم ترغب أبدًا في المغادرة دون أن تودعه، وأشارت وكلها أمل من الممكن أن يحلق الغراب فوقي حين انتقلت إلى هنا.

وحينما التحقت بالمدرسة في لندن ، كونت علاقات عديدة مع أصدقاء جدد، كما أنها حسنت لغتها الإنجليزية ويمكنها سرد القصص من منزلها ومشاركة مغامراتها مع كافة أصدقائها من الحيوانات، ولكنها لم تخبر أحد عن صديقها الغراب باستثناء واحدة من الفتيات المقربة منها جداً وتدعى ليزا، والتي ضحكت جداً؛ وذلك حسب خبرتها في اللغة التأملية أن اسم مينا يعني الشحرور.

وذات يوم وصل والد مينا إلى المدينة، وأول ما سألته مينا عن غرابها، فأجابها أنه لم يشاهده منذ انتقالهما إلى هنا، وطلبت منه أن يعيدها إلى موطنها ولكنه رفض، كما أوضح الأب أنهم سوف يستقرون هنا مدى حياتهم، وفي تلك الليلة لم تستطع مينا النوم جراء قرار والدها بالبقاء في تلك المدينة، فامتلأت عيناها بالدموع.

وفي لحظة ما سمعت نقرة على النافذة، وعندما فتحتها كان الغراب جالسًا على الشجرة ومخالبة تتدلى وبها عدة أشياء، مدت مينا يدها فألقى ثلاثة أشياء في راحة يدها، وهم ذات الهدايا التي قدمها لها في السابق غرابها القديم، وهنا شهقت مينا وقالت: لقد كنت أنت طوال الوقت؟ هل جئت هنا معي؟ هل تركت منزلك من أجلي؟، فأجابها الغراب اللطيف: الوطن يتعلق بالناس والشعور بالانتماء والمحبة.

العبرة من القصة هي أنه حينما يرحل الأحبة لا يبقى أي نكهة للمكان، فالكثير من الأشخاص تكون العلاقة بهم أهم من المكان الذي تتواجد به.


شارك المقالة: