تاريخ الخليفة طائر القلق أو (The History of Caliph Stork) من كتاب القصة الشرقية الذي يحتوي على سبع حكايات فلكلورية شرقية طويلة، للمؤلف ويلهلم هوف، نُشرت عام 1855، عن طريق الناشر:
(D.Appleton and Company، 346 & 348 Broadway، New York).
الشخصيات:
- الخليفة.
- الوزير.
- الأميرة.
قصة تاريخ الخليفة طائر اللقلق – الجزء الثاني:
كان الخليفة والوزير المسحورين يتجولون بحزن في الحقول، غير مدركين في مصيبتهم ما يجب أن يشرعوا فيه أولاً، ولم يتمكنوا من العودة إلى المدينة بغرض اكتشاف أنفسهم، فمن كان سيصدق أن اللقلق هو الخليفة؟ وكان يفكر، هل كان سكان بغداد يرغبون في الحصول على مثل هذا الطائر أن يكون سيدهم؟ وهكذا لعدة أيام، كانوا يتجولون ويعيلون أنفسهم على إنتاج الحقول.
وبسبب أقدامهم الطويلة لم يتمكنوا من تحصيل طعامهم بسهولة، ولم تكن لديهم شهية، لأنهم كانوا يخشون أن تدمر بطونهم مثل هذه الأطعمة التي لم يعتادوا عليها، وفي هذا الوضع المثير للشفقة، كان عزائهم الوحيد هو أنهم تمكنوا من الطيران وبالتالي كانوا في كثير من الأحيان يشقون طريقهم إلى أسطح بغداد، ليروا ما يجري فيها.
في اليوم الأول، لاحظوا ضجة كبيرة وحدادًا في الشوارع، لكن في اليوم الرابع بعد عودتهم، أضاؤوا بالصدفة القصر الملكي الذي رأوا منه في الشارع تحته موكبًا رائعًا حيث دقت الطبول والخمس، وكان يجلس رجل على فرس يرتدي ملابس غنية، مرتديًا عبائة قرمزية مطرّزة بالذهب، وكان محاطًا بمجموعة من الحاضرين الذين يرتدون ملابس رائعة، وكان نصف بغداد يركض وراءه ويصرخ: حائل يا مزرا، خليفة بغداد، كل هذا رآه اللقلقان من سطح القصر.
فصاح الخليفة تشاسيد: هل تدرك الآن لماذا أنا مسحور، أيها الوزير الأعظم؟ هذا الميزرا هو ابن عدوي القاتل، الساحر الجبار كاشنور الذي أقسم علي في ساعة شريرة بالانتقام مني وما زلت لا أتخلى عن كل أمل، تعال معي يا رفيق بؤسي المخلص نذهب الى قبر النبي، ربما في تلك البقعة المقدسة قد يتلاشى السحر، ورفعوا أنفسهم من على سطح القصر وطاروا باتجاه المدينة المنورة.
ومع ذلك، فقد واجهوا بعض الصعوبة في استخدام أجنحتهم، لأنهما كانا حتى الآن لم يعتادا ممارسة الطيران، فقال الوزير الأعظم وهو يتأوه بعد ساعتين: يا مولاي! بإذن منك، لم يعد بإمكاني الصمود، أنت تطير بسرعة! علاوة على ذلك، لقد حان المساء بالفعل، ونحسن صنعاً أن نبحث عن مأوى لهذه الليلة.
استجاب تشاسيد لطلب خادمه، وعندئذ رأى في الوادي الذي يقع تحته حطامًا بدا وكأنه يعد بمسكن آمن، وإلى هناك طاروا على هذا الأساس، كان المكان الذي نزلوا فيه ليلاً بدا في السابق أنه كان قلعة حيث به أعمدة رائعة، والعديد من الغرف التي كانت لا تزال في حالة حفظ مقبول، وكانت تشهد على روعة القصر السابقة، تجول تشاسيد ورفيقه في الممر، ليجدوا لأنفسهم مكانًا جافًا للراحة و فجأة توقف اللقلق منصور.
همس بهدوء: يا مولاي إنّ عقلي غير مرتاح للغاية هنا، هل يمكنك سماع التنهدات والآهات التي أسمعها؟ وقف الخليفة الآن في مكانه، وسمع بوضوح أنينًا منخفضًا، بدا أنه ينتمي إلى إنسان أكثر من كونه وحشًا، كان مليئًا بالآمال وطلب أن ينتقل إلى المكان الذي صدرت منه الأصوات الحزينة، لكن الوزير الذي أمسكه من الجناح بمنقاره، ناشده بشدة ألا يغرقهم في مخاطر جديدة وغير معروفة، ولكن بلا فائدة!
الخليفة الذي كان قلبه شجاعًا ينبض تحت جناح اللقلق، سارع إلى رواق كئيب وفي لحظة وصل إلى باب كان مغلق بالمزلاج، وسمع منه تنهدات مصحوبة بأنين منخفض ففتح الباب، ولكنه وقف على العتبة مقيدًا بالدهشة حيث رأى بومة ضخمة جالسة على الأرض، وتدحرجت دموع كبيرة من عينيها المستديرتين الكبيرتين، وبصوت متحمس أرسلت صيحاتها من منقارها الملتوي، لكن ما إن رأت الخليفة ووزيره اللذين تسللا في هذه الأثناء بهدوء خلفها، أطلقت صرخة فرح عالية.
لقد مسحت بدقة الدموع بجناحها ذي اللون البني مما أثار دهشة كليهما، وصاحت بلغة إنسانية جيدة: مرحبًا بكم أيها اللقالق! أنتم بالنسبة لي خير من أجل الخلاص، وعندما صحي الخليفة من دهشته، أحنى رقبته الطويلة، وأخذ قدميه النحيفتين في وضع أنيق، وقال: أيتها البومة، بعد كلامك أجرؤ على تصديق أنني أرى فيك رفيقًا في سوء الحظ، فناشدته البومة أن يخبرها بقصته فرواها لها.
عندما أخبر الخليفة البومة عن قصته، شكرته وقالت: اسمع قصتي أيضًا واسمع كيف أنني لست أقل سوءًا منك: والدي ملك الهند، وأنا ابنته الوحيدة المؤسفة، اسمي لوسا، وهذا الساحر كاشنور الذي غيرك، أغرقني أيضًا في هذا البلاء، حيث جاء ذات يوم إلى أبي وطلب مني الزواج من ابنه ميزرا، لكن والدي وهو رجل عاطفي ألقى به على الدرج.
تمكن البائس من التسلل إلي مرة أخرى تحت شكل آخر، وبينما كنت في حديقتي ظهر مرتديًا زي الخدم، قدم لي جرعة حوّلتني إلى هذا الشخص البغيض، لقد أحضرني إلى هنا وصرخ في أذني بصوت فظيع، وقال لي: ستبقين شخصًا مخيفًا، محتقرًا حتى من قبل الوحوش حتى موتك، وسأنتقم بنفسي منك ومن أبيك المتكبر.
ومنذ ذلك الحين مرت شهور عديدة وحدي أعيش بهذا الحزن مثل الناسك في هذه الجدران التي يمقتها العالم، مكروهًة حتى للحيوانات والطبيعة الجميلة محصورة عني، لأنني عمياء في النهار، وفقط عندما يسلط القمر ضوءه الواسع على هذا الخراب، يسقط الحجاب من عيني وعندما انتهت البومة انغمس الخليفة في تأمل عميق في قصة الأميرة. قال: إذا لم أكن مخدوعًا تمامًا، فستجد أنه بين مصائبنا توجد علاقة سرية، ولكن أين يمكنني أن أجد مفتاح هذا اللغز؟
أجابته البومة: مولاي! هذا أيضاً واضح لي في شبابي أنبأتني امرأة حكيمة، أنّ اللقلق سيجلب لي سعادة كبيرة، وربما أعرف كيف يمكننا إنقاذ أنفسنا، فاندهش الخليفة كثيراً واستفسر عن خطتها، فقالت: الساحر الذي جعلنا كلانا بائسين يأتي مرة كل شهر إلى هذه الأنقاض، مع العديد من الحلفاء الذين يتصلون ببعضهم البعض ويتحدثون عن أفعالهم المخزية، ربما قد يذكر بعد ذلك الكلمة السحرية التي نسيتها.
صاح الخليفة: قولي لنا، متى يأتي؟ سكتت البومة لحظة، ثم قالت: لا تأخذ الأمر بقسوة، ولكن بشرط واحد فقط يمكنني أن أمنحك أمنيتك، سأكون حراً معكما في نفس الوقت، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا قدم لي أحدكم طلب الزواج، كان اللقالق مندهشين إلى حد ما، واستمروا في التشاور معًا لفترة طويلة، ولكن أخيرًا عندما رأى الخليفة أن منصور يفضل أن يظل طائر اللقلق على الزواج من البومة، قرر عاجلاً قبول هذا الشرط.
فرحت البومة، وأخبرتهما أنه على الأرجح، في تلك الليلة بالذات سوف يجتمع السحرة معًا، ثمّ نصحتهم البومة بالتوقف بهدوء شديد، من الفتحة التي كانوا يقفون بالقرب منها حيث يمكن أن ينظروا إلى أسفل على صالون كبير، في وسط الصالون وقفت مائدة مستديرة محملة بمختلف أنواع اللحوم حول الطاولة، وكانت هناك أريكة كان يجلس عليها ثمانية رجال، وبين هؤلاء الرجال تعرّف اللقالق على التاجر نفسه الذي باعهم المسحوق السحري.
فطلب منه أحدهم أن يخبره بآخر مآثره، ومن ثم روى لهم من بين أمور أخرى، قصته مع الخليفة ووزيره، فسأل أحدهم: ماذا أعطيتهم ؟ فقال: مطور لاتيني، مقابل كلمة موتابور، عندما سمعت طيور اللقلق هذا من خلال فجوة في الجدار، ركضوا بسرعة بأقدامهم الطويلة إلى الخارج بفرح كبير لدرجة أن البومة بالكاد تستطيع مواكبة ذلك، عندئذ تحدث لها الخليفة وقال: لقد أعدتي لي حياتي وحياة صديقي، وعربون شكرنا الأبدي على ما فعلته من أجلنا اعتبريني زوجك.
ثم التفت إلى الشرق ثلاث مرات وحنوا أعناقهم الطويلة نحو الشمس التي كانت تشرق الآن فوق الجبال، وفي نفس اللحظة هتفوا: موتابور وفي طرفة عين تم استعادة شكلهم السابق، وبدأوا مرة في الضحك والبكاء، ولكن كانت دهشتهم عظيمة عندما نظروا حولهم حيث وقفت أمامهم امرأة جميلة بزي الملكة، مبتسمة وأعطت يدها للخليفة، وكان الخليفة مندهشاً لجمالها ولطفها، حتى صرخ بأنها كانت أكثر اللحظات حظًا في حياته عندما أصبح اللقلق.
انتقل الثلاثة الآن معًا إلى بغداد، ولم يجد الخليفة في ثوبه علبة البودرة السحرية فحسب، بل حقيبة النقود أيضًا. فاشترى من أقرب قرية ما كان ضروريًا لرحلتهم، وسرعان ما ظهروا أمام أبواب المدينة، وهناك مع وصول الخليفة أثار دهشة كبيرة، لقد أعلنوا أنه مات، لذلك كان الناس سعداء للغاية لوجود سيدهم الحبيب مرة أخرى، وتقدموا إلى القصر وأمسكوا بالساحر العجوز وابنه.
وأرسل الخليفة العجوز إلى نفس الغرفة التي كانت تسكنها الأميرة كالبومة وهناك علقه، أما بالنسبة للابن الذي لم يفهم شيئًا من سحر أبيه، فقد اختار أن يموت أو يشم بعض المسحوق، فقدم له الصدر الأعظم الصندوق وكلمة الخليفة السحرية التي حولته إلى طائر اللقلق، ثمّ قام تشاسيد بحبسه في قفص حديدي وتعليقه في حديقته.
عاش الخليفة شاسيد طويلاً وسعيدًا مع زوجته الأميرة، وكانت أجمل الأوقات التي قضاها هي تلك التي يطلبها الوزير في فترة ما بعد الظهر، وكلما كان الخليفة يتمتع بروح الدعابة، ليُظهر لمنصور كيف كان يبدو، عندما كان طائر اللقلق، وكان يسير بخطى أقدام جامدة، صعودًا وهبوطًا في الغرفة، ويصدر صوتًا قعقعة، ويلوح بذراعيه مثل الأجنحة وبالنسبة للأميرة وأطفالها كان هذا التقليد دائمًا يوفر متعة كبيرة.