قصة تاريخ سفينة سبكتر - الجزء الأول

اقرأ في هذا المقال


تاريخ سفينة سبكتر أو (The History of the Spectre Ship) من كتاب القصة الشرقية الذي يحتوي على سبع حكايات فلكلورية شرقية طويلة للمؤلف، ويلهلم هوف، وقام بترجمتها (G. P. Quackenbos) نشرت عام 1855، قام بنشرها (D. Appleton and Compan )( 346 & 348 Broadway، New York)

الشخصيات:

  • الشاب المغامر.
  • الخادم العجوز إبراهيم.

قصة تاريخ سفينة سبكتر – الجزء الأول :

تحدث شاب من بالصورا حول رحلته الغريبة مع سفينة سبكتر وقال: كان لوالدي دكان صغير في بلصورة، لم يكن غنيًا، وكان من أولئك الذين لا يحبون المخاطرة بأي شيء، خوفًا من فقدان القليل الذي لديهم، وسرعان ما تمكنت من تقديم اقتراحات قيمة له في عمله، وعندما بلغت من عمري الثامنة عشرة، مات والدي، وفي غضون أسابيع قليلة وصلت إلينا المعلومات الاستخباراتية بأنّ السفينة التي كان والدي قد نقل إليها بضائعه، قد تحطمت.
لكنّ هذه المحنة لم تستطع أن تثبط معنوياتي الشابة، لقد حولت كل ما تركه والدي من بضائع إلى نقود من خلال بيعها، وشرعت في تجربة البحث عن ثروتي في بلاد أجنبية، برفقة خادم عجوز من العائلة والذي بسبب ارتباطه القديم بوالدي، وافق على مرافقتي، ثمّ انطلقنا من ميناء بالسورا مع ريح مواتية، كانت السفينة التي مررت بها متجهة إلى الهند، لقد أبحرنا الآن لمدة خمسة عشر يومًا في المسار المعتاد، ولكن في أثناء رحلتنا توقع القبطان لنا عاصفة.
كان للقبطان نظرة مدروسة، لأنّه بدا أنّه يعرف هذا المكان جيداً، كان عمق المياه كافٍ لإغراقنا ومنعنا من مواجهة العاصفة بأمان، ثمّ أمر طاقمه بأخذ كل شراع، وتحركنا ببطء شديد، وعندما حلّ الليل وكان صافياً وبارداً، وبدأ القبطان يعتقد أنه كان مخطئا في توقعه حول العاصفة، ولكن رأينا حولنا فجأة سفينة قد طافت هناك مرة واحدة بالقرب من سفينتنا، ولم يرها أحد من قبل.
كان هناك صراخ جامح يخرج من على سطح تلك السفينة، والذي أحدث بين ركاب السفينة القلق، لم أتساءل عمّا يحدث، لكن القبطان بجانبي كان شاحبًا للغاية وكان يقول: ضاعت سفينتي، ثمّ صرخ: هناك بحر الموت! وقبل أن أتمكن من سؤاله عن شرح لهذه الكلمات، اندفع البحارة وهم يبكون وينوحون، وقد صاحوا: انتهى كل شيء معنا! لكنّ القبطان قرأ عليهم كلمات من القرآن، وجلس على ركبتيه، ولكن عبثًا! ثمّ بدأت العاصفة ترتفع بشكل واضح مع ضوضاء مدوية، وقبل مرور ساعة، ارتطمت السفينة بصخرة كبيرة وظلت جانحة.
تم إنزال القوارب، وبالكاد أنقذ آخر البحارة أنفسهم، وعندما سقطت السفينة أمام أعيننا، انطلقت أنا وخادمي العجوز، في قاربنا بالبحر، لكن سوء حظنا لا يزال بلا نهاية حيث بسبب هدير العاصفة بشكل مخيف، لم يعد من الممكن السيطرة على القارب، لقد ربطت نفسي بخادمي العجوز بقوة، ووعدنا بشكل متبادل بعدم الانفصال عن بعضنا البعض، و أخيرًا انتهى اليوم، ولكن مع النظرة الأولى للصباح الأحمر، ضربت الرياح القارب الذي كنا نجلس فيه.
بعد ذلك لم أرَ زملائي في السفينة بعد الآن، وكانت الصدمة قد حرمتني من الوعي، وعندما عدت إلى صوابي وجدت نفسي في أحضان خادمي العجوز المخلص الذي أنقذ نفسه على متن القارب الذي انقلب، وكان يبحث عني، وعندما خفت حدة العاصفة، لم يعد هناك شيء يمكن رؤيته من سفينتنا، لكننا رأينا بوضوح على مسافة ليست بعيدة منا، سفينة أخرى كانت الأمواج تقودنا نحوها.
وعندما اقتربنا، تعرفت على السفينة على أنها نفس السفينة التي مرت بنا في الليل والتي أوقعت القبطان في مثل هذا الرعب، شعرت برعب غريب من هذه السفينة حيث أثارت تنبيهات القبطان التي تم تأكيدها بشكل مخيف، كان المظهر المقفر للسفينة يثير الرعب،ولكن على الرغم منذلك اقتربنا منها ثمّ أطلقنا صرخات عالية، ولكن لم نجد أي أحد مرئيًا ويمكن أن يجيبنا.
كان الجزء الأمامي من السفينة معلقاً أسفل كابل طويل حيث تمسكنا به، وجدفنا بأيدينا وأقدامنا وفي النهاية نجحنا، ثمّ رفعت صوتي بصوت عالٍ، لكن لا أحد كان يجيب على متن السفينة، ثم صعدنا بالحبل، وأنا بصفتي الأصغر سناً، أخذت زمام المبادرة للتقدم للأمام، ولكن يا له من منظر كان هناك أمام عيني، وأنا أتقدم على سطح السفينة! كانت الأرضية حمراء من الدم.
كان هناك عليها عشرين أو ثلاثين جثة بالزي التركي، وعند منتصف الصاري وقف رجل بملابس غنية، و بيده سيف، لكن وجهه كان شاحبًا ومشوهًا، ولقد مات! لقد قيد الرعب قدمي، ثمّ تجرأت بصعوبة على التنفس، وأخيرًا وقف رفيقي بجانبي، و بعد أن توسلنا إلى الله في فك كرب أرواحنا، غامرنا بالمضي قدمًا، و في كل خطوة كنا ننظر حولنا لنرى ما إذا كان هناك شيء جديد، شيء أكثر فظاعة، لكن كل شيء بقي كما هو، لا شيء حي سوى أنفسنا وعالم المحيطات.
لم نجرؤ مرة على التحدث بصوت عالٍ، خوفًا من أن يحني القبطان الميت الذي كان مسمرًا على الصاري عينيه الجامدة نحونا، أو لئلا تدير إحدى الجثث رأسها، وصلنا أخيرًا إلى درج يؤدي للطابق الأرضي في السفينة، وهناك توقفنا بشكل لا إرادي ونظرنا إلى بعضنا البعض، فلم يجرؤ أي منا على التعبير عن أفكاره، قال خادمي الأمين: سيدي، حدث شيء مروع هنا.
ومع ذلك، حتى لو كانت السفينة الموجودة بالأسفل مليئة بالقتلة، فما زلت أفضل الخضوع لرحمتهم أو قسوتهم، بدلاً من قضاء وقت أطول بين هذه الجثث، ثمّ اتفقت معه، لذلك تشجّعنا ونزلنا مليئين بالخوف، لكن سكون الموت ساد هناك أيضًا، ولم يكن هناك صوت سوى صوت خطواتنا على الدرج، وقفنا أمام باب الكابينة، ثمّ وضعت أذني واستمعت، و لم يكن هناك شيء يمكن سماعه.
فتحت الباب، و كانت الغرفة تبدو مشوشة حيث الملابس والأسلحة وغيرها من الأشياء مجتمعة، حيث افترضنا أنّه يجب أن يكون الطاقم، أو على الأقل القبطان قد كان يتسكع قبل فترة وجيزة، لأنّه كان هناك بقايا مأدبة منتشرة حولها، كنا ننتقل من غرفة إلى أخرى ونكتشف في المجمل المخازن الملكية للحرير واللؤلؤ والأشياء المكلفة الأخرى، كنت فرحًا برؤية هذه الكنوز، لأنه لم يكن هناك أحد على متن السفينة، اعتقدت أنني أستطيع أن أحصل على كل شيء لنفسي، لكن خادمي إبراهيم عندئذ أبلغني بأننا ما زلنا بعيدين عن الأرض، ولم نتمكن من الوصول إليها وحدنا وبدون مساعدة بشرية.
انعشنا أنفسنا باللحوم والمشروبات التي وجدناها بوفرة، وفي النهاية صعدنا على سطح السفينة، لكن هنا مرّة أخرى ارتجفنا من المشهد المروع للأجساد، ولقد عقدنا العزم على تحرير أنفسنا منها، بإلقائها في البحر، ولكن ما أذهلنا أن لا أحد يستطيع نقلهم من أماكنهم! لقد تم تثبيتهم بقوة على الأرض، ولا يمكن فك القبطان من الصاري، ولا يمكننا حتى انتزاع السيف من يده الجامدة.
قضينا اليوم في تأمل حزين على حالتنا، وعندما بدأ الليل يقترب، سمحت لإبراهيم العجوز بالاستلقاء للنوم، بينما كنت أراقب على سطح السفينة بحثًا عن وسائل النجاة، ومع ذلك، عندما أشرق القمر، وبحست النجوم توقعت أن الوقت كان حوالي الساعة الحادية عشرة، تغلب عليّ النوم بشكل لا يقاوم لدرجة أنّني سقطت لا إراديًا خلف برميل يقف على سطح السفينة.
كان الخمول يسيطر علي بدلاً من النوم، لأنني سمعت بوضوح صوت البحر يضرب على جانب السفينة، والأشرعة تصرخ وتصفر في الريح، وظننت أنّني سمعت أصواتًا وخطوات رجال على سطح السفينة، تمنيت أن أقوم وأرى ما هو، لكن قوة غريبة قيدت أطرافي، ولم أتمكن من فتح عيني مرّة واحدة، لكن الأصوات أصبحت أكثر تميزًا، و بدا لي كما لو كان طاقم مرح يتحرك على سطح السفينة.
في خضم ذلك، اعتقدت أنني ميزت الصوت القوي لقائد، تلاه ضجيج الحبال والأشرعة، ثمّ تدريجيًا تركتني حواسي. وسقطت في سبات عميق حيث بدا لي أنني ما زلت أسمع ضجيج الأسلحة، ولم أستيقظ إلّا عندما كانت الشمس عالية في السماء، وأرسلت أشعتها المحترقة على وجهي، وعندما نظرت حولي، وجدت كل شيء كما كان في اليوم السابق كانت الجثث غير قابلة للحركة، وكان القبطان مثبتًا بشكل ثابت على الصاري، ثمّ نهضت شرعت في البحث عن رفيقي.
كان العجوز يجلس في تأمل حزين في المقصورة، وقال لي عندما دخلت يا سيدي : أفضل أن أستلقي في أعماق البحار، على أن أمضي ليلة أخرى في هذه السفينة المسحورة، فسألته عن سبب حزنه، فأجابني: عندما نمت لمدّة ساعة، استيقظت، وسمعت ضجيج المشي جيئة وذهاباً فوق رأسي، ظننت في البداية أنك أنت، لكن كان هناك ما لا يقل عن عشرين شخصاً يجري، كما سمعت محادثة وبكاء، ومطولاً جائت خطوات ثقيلة على الدرج، بعد ذلك لم أعد واعيا.
لكن في بعض الأحيان عادت ذكرياتي للحظة ، ثم رأيت نفس الرجل الذي تم تسميره على الصاري، كان يجلس على تلك الطاولة يغني ويشرب، و جلس بالقرب منه رجل آخر كان يساعده على الشرب، أدركت حينها أنّ كل شيء كان صحيحًا في رأيي، لأنّه لم يكن هناك وهم وقد كنت قد سمعت الموتى بوضوح.
كان الإبحار في مثل هذه السفينة مروعًا بالنسبة لي، مع ذلك انغمس إبراهيم في التفكير العميق مرة أخرى، ثمّ صرخ وقال: إنّها لدي الآن، وكان يقصد آية صغيرة تذكرها، وكان قد علمه إياه جده صاحب الخبرة والسفر والتي يمكن أن تعينه على كل شبح، كما أكد لي أنه يمكننا في الليلة التالية، النوم بشكل طبيعي من خلال تكرار هذه الآية بحرارة من القرآن.
لقد أسعدني اقتراح الرجل العجوز جيدًا، في ظل توقعي الوقوع بالقلق وعدم النوم، كانت الليلة قد بدأت، وبالقرب من المقصورة كانت هناك غرفة صغيرة، قررنا الجلوس فيها، لقد ملأنا العديد من الثقوب في الباب، وكانت كبيرة بما يكفي لتتيح لنا رؤية المقصورة بأكملها، ثم أغلقناه بإحكام قدر المستطاع من الداخل، وكتب إبراهيم اسم النبي عليه السلام في جميع أركان الغرفة الأربعة، وهكذا انتظرنا أهوال الليل.



شارك المقالة: