قصة تاريخ سفينة سبكتر - الجزء الثاني

اقرأ في هذا المقال


تاريخ سفينة سبكتر أو (The History of the Spectre Ship) من كتاب القصة الشرقية الذي يحتوي على سبع حكايات فلكلورية شرقية طويلة للمؤلف، ويلهلم هوف، وقام بترجمتها (G. P. Quackenbos) نشرت عام 1855، قام بنشرها (D. Appleton and Compan )( 346 & 348 Broadway، New York)
|

الشخصيات:

  • الشاب المغامر.

  • الخادم العجوز.

  • الساحر مولي.

قصة تاريخ سفينة سبكتر – الجزء الثاني :

ربما كانت الساعة الحادية عشرة مرة أخرى، عندما بدأ ميلي القوي للنوم يغلب عليّ، وبناءً على ذلك نصحني رفيقي بتكرار بعض الجمل من القرآن والتي ساعدتني على الاحتفاظ بوعيي، وبعد كل ذلك سمعنا صوتاً بدا وكأنّه أصبح حيًا في السماء حيث صرير الحبال، وكانت هناك درجات على سطح السفينة، وعدة أصوات يمكن تمييزها بوضوح، ثمّ بقينا بضع لحظات في قلق شديد، ثم سمعنا شيئًا ما ينزل سلم الكابينة، ولما علم الرجل العجوز بذلك، بدأ يردد الكلمات التي علمه إياه جده أن يستخدمها ضد الأرواح والسحر.
ووقف شعري عندما انفتح الباب حين دخل نفس الرجل الكبير الفخم الذي رأيته مسمرًا على الصاري، حيث كانت لا تزال سنبلة السهم الذي قتله تمر في منتصف دماغه، لكنه غمد سيفه، وخلفه دخل شخص آخر بملابس أقل روعة، وقد رأيته أيضًا ملقى على سطح السفينة، وكان القبطان، لأنه كان من هذه الرتبة بلا شك، وكان شاحب الوجه، وله لحية سوداء كبيرة، وعيناه متدحرجة بشدة حيث كان يعاين الشقة بأكملها.
كان بإمكاني رؤيته بوضوح، لأنّه تحرك مقابلنا، لكنّه ظهر أنّه لا يلاحظ الباب الذي أخفينا أنفسنا خلفه، جلس الاثنان على الطاولة التي وقفت في منتصف الكابينة وتحدثا بصوت عالٍ وبسرعة، وكانا يصرخان معًا بلغة غير معروفة وأصبحوا باستمرار أكثر صخبًا وجدية، حتى مطولًا وبقبضة مزدوجة، وجه القبطان ضربة على الطاولة هزت السفينة بأكملها، وبضحك جامح، قفز الآخر وأمر القبطان ليتبعه.
وقام القبطان بسحب سيفه، ثم غادر كلاهما الشقة، كنا نتنفس بحرية أكبر عندما كانوا بعيدين، لكن قلقنا ظل لفترة طويلة بلا نهاية حين أصبح الصوت أعلى وأعلى على سطح السفينة، وسمعنا سرعة الركض جيئة وذهاباً والصراخ والضحك والعواء، وأخيرًا، كان هناك صوت جهنمي بالفعل بحيث اعتقدنا أن سطح السفينة وجميع الأشرعة ستسقط علينا، وبعد تصادم الأسلحة والصراخ، كان فجأة كل شيء صمت صمتًا عميقًا، وعندما غامرنا بالخروج بعد ساعات عديدة، وجدنا كل شيء كما كان من قبل، لم يكن أحد يرقد بشكل مختلف، كلهم ​​كانوا متصلبين مثل الأشكال الخشبية.

هكذا قضينا عدّة أيام على السفينة، كانت تتحرك باستمرار نحو الشرق، وفي هذا الاتجاه حسب حساباتي، تقع الأرض ولكن إذا قطع عدة أميال في النهار، يبدو أنه يعود مرة أخرى في الليل، لأنّنا وجدنا أنفسنا دائمًا في نفس المكان عندما غابت الشمس، ولا يمكننا أن نفسر ذلك بأي طريقة أخرى، غير أن الموتى كانوا يبحرون مرة أخرى كل ليلة بعكس اتجاهنا.
و من أجل منع هذا، أخذنا كل الأشرعة قبل حلول الليل، واستخدمنا نفس الوسائل المستخدمة عند الباب في المقصورة، كتبنا على المخطوطة اسم الله، وقمنا بتقييدهما على الشراع ذي الفراء، وبقلق انتظرنا النتيجة في غرفتنا حيث ظهرت الأشباح هذه المرة وهي لا تغضب بشدة، وفي صباح اليوم التالي، كانت الأشرعة لا تزال ملفوفة كما تركناها، ومن خلال النهار، ابحرنا فقط بقدر ما كان ضروريًا لتحمل السفينة برفق، وهكذا في خمسة أيام حققنا تقدمًا كبيرًا.
أخيرًا في صباح اليوم السادس جلسنا على مسافة قصيرة من الأرض، وشكرنا الله ورسوله على خلاصنا الرائع، وفي هذا اليوم والليلة التالية، أبحرنا على طول الساحل، وفي الصباح السابع ظننا أننا اكتشفنا مدينة على مسافة ليست بعيدة مع قدر كبير من المتاعب، ألقينا المرساة في البحر والتي سرعان ما وصلت إلى القاع، ثم أطلقنا القارب الذي وقف على سطح السفينة، وجدفنا بكل قوتنا نحو المدينة.
بعد نصف ساعة ركضنا في نهر كان يصب في البحر وصعدنا إلى الشاطئ، وعند البوابة استفسرنا عن اسم المكان، وعلمنا أنّها مدينة هندية ليست بعيدة عن المنطقة التي كنت أنوي الإبحار إليها في البداية، وصلنا إلى كارافانسيري وقمنا بإنعاش أنفسنا بعد إبحارنا، وسألت هناك عن رجل حكيم وذكي، وفي نفس الوقت أعطيت المال للمرشد ليفهم أنّني أود أن يكون لدي شخص ملم بالسحر.
لقد أوصلني إلى منزل قبيح في شارع بعيد، وطرقه وسمح لي أحدهم بالدخول بأمر قضائي بأنني يجب أن أطلب شخصاً اسمه مولي فقط في المنزل، وجاء لي رجل مع لحية وأنف طويل، للسؤال عن سبب مجيئي، أخبرته أنّني أبحث عن الحكيم مولي، فأجابني أنّه هو هذا الرجل، ثم طلبت نصيحته فيما يتعلق بما يجب أن أفعله بالجثث، وكيف يجب أن أتعامل معها من أجل إخراجها من السفينة.
أجابني أن الناس على الأرجح قد سُحِروا بسبب جريمة في مكان ما على البحر، لقد اعتقد أن التعويذة ستختفي عن طريق إحضارهم إلى الأرض، لكن هذا لا يمكن القيام به إلا من خلال رفع الألواح الخشبية التي وضعوا عليها، وقال الي أنّه من العدل أنّ السفينة مع كل البضائع التي عليها، تخصني حيث أنّني وجدتها كما هي، كما أخبرني أنّه إذا احتفظت له بالقليل من كنوزها، فسيساعدني مع خدمه في إزالة الجثث.
لقد وعدته بمكافأته بسخاء، وانطلقنا في رحلتنا مع خمسة من العبيد الذين تم تزويدهم بالمناشير والفؤوس، وفي الطريق، لم يستطع الساحر مولي الثناء بشكل كافٍ على منفعتنا السعيدة في ربط الأشرعة بجمل من القرآن، قال إنّ هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن ننقذ بها أنفسنا، وعندما وصلنا إلى السفينة، بدأنا العمل على الفور، وفي غضون ساعة وضعنا أربعة في القارب.
ثم اضطر بعض العبيد إلى التجديف على الأرض لدفنهم هناك، و قالوا لنا عندما عادوا، أنّ الجثث قد وفرت لهم عناء الدفن، لأنّهم لحظة وضعهم على الأرض، سقطوا وتحولوا لغبارعلى الفور، ثمّ شرعنا في العمل بجد لتسليم الجثث، وقبل المساء تم إحضار الجميع إلى الأرض، وأخيرًا، لم يكن هناك على متن السفينة أكثر من تلك التي تم تثبيتها على الصاري، سعينا دون جدوى إلى سحب ظفر الجثة من الخشب، ولم تكن هناك قوة قادرة على نزعه.
لم أكن أعرف ماذا أفعل بعد ذلك، لأنّنا لم نتمكن من قطع الصاري لإحضاره إلى الأرض، ولكن في هذه المعضلة جاء مولي لمساعدتي، وسرعان ما أمر أحد العبد بالتجديف على الأرض وإحضار الجثة مع الصاري على الأرض، ولما وصل، نطق الساحر عليها بعض الكلمات الغامضة وألقى بها على رأس الميت، وعلى الفور فتح القبطان عينيه، ونفخ بعمق، وبدأ جرح الظفر في جبهته ينزف، ثمّ سحبناه برفق، وسقط الجريح في أحضان أحد العبيد.
ثمّ قال: شكرًا لك أيّها الغريب المجهول، حررتني من عذاب طويل على مدى خمسين عامًا، كان جسدي يبحر عبر هذه الأمواج، وحُكم على روحي بالعودة إليها كل ليلة، لكن الآن أصبح رأسي على اتصال بالأرض، وكُفرت جريمتي، يمكنني أن أذهب إلى عائلتي! فتوسلت إليه، بناء على ذلك، أن يخبرنا كيف وصل إلى هذه الحالة الرهيبة.
فقال: منذ خمسين عامًا، كنت رجلًا مؤثرًا ومميزًا، وأقمت في الجزائر العاصمة، وكان شغفي لتحقيق الكسب شجعني على تجهيز سفينة، والتحول لعمل القراصنة، كنت قد تابعت هذا العمل بالفعل بعض الوقت، عندما كنت مرّة في مدينة زانتي، أخذت على متن سفينتي درويش الذي كان يرغب في السفر بدون مقابل، وكنت أنا ورفاقي من الرجال الأشرار لم نحترم قداسة الرجل، وأنا على وجه الخصوص، جعلت منه أضحوكة.
ومع ذلك، عندما قام في إحدى المرات باستفزازي، وقمت بحماسة مقدسة لمسار حياتي الشرير في ذلك المساء نفسه، بعد أن كنت أفرط في الشرب مع قبطان في المقصورة، وقد تغلب علي الغضب عندما تأملت في ما قاله لي الدرويش، والذي لم أكن لأحمل مثل هذا الكلام من السلطان نفسه، فهرعت إلى ظهر السفينة، وأغرقت خنجري في صدره، وعند موته، شتمني أنا وطاقمي، وحكم علينا ألا نموت ولا نعيش حتى نضع رؤوسنا على الأرض.
وألقينا به في البحرضاحكين منه، ولكن في تلك الليلة نفسها تمت كلماته حيث ثار جزء من طاقمي ضدي بشجاعة رهيبة واستمر القتال، حتى سقط المؤيدين لي، وسُمّرت أنا نفسي على الصاري، ومع ذلك غرق المتمردون أيضًا تحت جراحهم، وسرعان ما أصبحت سفينتي مجرد قبر واحد واسع.
أغمضت عيني أيضًا، وتوقفت أنفاسي واعتقدت أنني أموت، لكن سباتي كان فقط هو الذي قيدني بالسلاسل وفي الليلة التالية، في نفس الساعة التي ألقينا فيها بالدرويش في البحر، استيقظت مع جميع رفاقي حيث عادت الحياة لنا، لكنّنا لم نستطع أن نقول شيئًا سوى ما حدث وقيل في تلك الليلة القاتلة، وهكذا أبحرنا خمسين سنة، لا أحياء ولا نحتضر، فكيف نصل إلى الأرض؟
وبفرح جنوني، انطلقنا على طول البحر بأشرعة كاملة قبل العاصفة، لأننا كنا نأمل في النهاية أن نتحطم على جرف ما، وأن ترقد رؤوسنا المرهقة للراحة على قاع البحر، لكنّنا لم ننجح في هذا، مرة أخرى، أيها الرجل المجهول، أقبل شكري وإذا كان بإمكان الكنوز أن تكافئك، فخذ سفينتي عربونًا عن امتناني.
وبهذه الكلمات ترك القبطان رأسه يسقط، وانتهت حياته مثل رفاقه، سقط على الفور وكان كالغبار حيث جمعنا هذا في إناء صغير ودفنّاه على الشاطئ، وأخذت عمالاً من المدينة لإصلاح السفينة، بعد أن استبدلت البضائع التي كانت لدي على متن السفينة مع آخرين بالمال، ثمّ قمت بتعيين طاقم وكافأت صديقي مولي بسخاء، وأبحرت إلى وطني الأم وسلكت طريقًا ملتويًا، هبطت خلاله في العديد من الجزر والبلدان، لتقديم بضاعتي إلى السوق، وقد بارك الله بها.
بعد عدّة سنوات، عدت بلصورة حيث كانت ثرواتي ضعف ثراء القبطان المحتضر، لقد اندهش رفاقي المواطنون من ثروتي وحظي الطيب، ولم يصدِّقوا أي شيء آخر غير أنني وجدت وادي الماس الخاص بالرحالة المشهور سندباد، فتركتهم لأفكارهم، لكنّي أعيش في سلام وطمأنينة، وكل خمس سنوات أقوم برحلة إلى مكة، لأشكر الله على حمايته لي في ذلك المكان المقدس، وأرجوه أن يدخل القبطان وطاقمه الجنة.


شارك المقالة: