تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول نحلة تم طردها من خليتها وتكاتفت على طردها كافة النحل في الخلية، ولكنها لم تسكت عن حقها، فلجأت للملكة وتمكنت من استعادة حقها، وعلى إثر ما تم فعله معها جعلتها الملكة رئيسة على كافة الخلية.
قصة تنمر النحلة الحلوة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول نحلة، حيث أنه في يوم من الأيام كانت هناك نحلة تعيش حياتها في إحدى الخلايا الخاصة بالنحل، ولكنها كانت منفردة بشكلها وهيئتها الخارجية عن باقي النحل، فهي تبدو أصغر منهن في الحجم وألوانها مختلفة بعض الشيء، وعلى الدوام كان النحل في تلك الخلية يقوم بالسخرية والاستهزاء بها، عوضاً عن التنمر عليها بين الحين والآخر، كما أنهن لم يكن يعاملنها كما يتعاملن مع بعضهن البعض، إذ يصرخنّ بها عند وقت الجلوس من أجل الطعام وفي كل مكان يتواجدن به معها يقمن بمضايقتها لفظياً وجسدياً.
وذات يوم اجتمع كافة النحل في الخلية وقررن أن يقمن بحبك خطة من أجل طرد تلك النحلة واستبعادها من الخلية بشكل كامل، وخلال ذلك الاجتماع اقترحت أكثر نحلة تكن الكره والحقد لتلك النحلة أنه يجب على كامل النحل في الخلية أن يقمن بالتصريح إلى أنها ليست ممن ولدن داخل تلك الخلية وأنهن لا يعرفن من أين جاءت، وبالفعل هذا ما حصل حيث أنه بعد انتهاء الاجتماع صِحن بأعلى صوتهن وبدين وكأنهن في حالة استنفار وأوضحن أن تلك النحلة هي لاجئة إلى خليتهن، وأنهن لا يمكنهن الاستمرار في العيش داخل خلية واحدة مع تلك النحلة، وأخذن يقذفنها بأبشع الألفاظ وحاوطنها وأخذن يدفعن بها تجاه باب الخلية وهناك رمينها إلى الخارج.
وقد كانت تلك اللحظات هن من أسوء لحظات حياة النحلة الجميلة المسكينة، فقد تم طردها خارج الخلية وبقيت بمفردها وحيدة، وبدأ يعتريها الحزن والقلق من التحليق بمفردها في ذلك العالم المخيف والمرعب بالنسبة لها، وبعد أن هدأت قليلاً أدركت أن هذا الحال أصبح لا مفر منه، ولكنه قبل أن تقوم بشق طريقها بمفردها، صممت أن تقوم وتأخذ حقها من كافة النحلات اللواتي تسببن لها بذلك الوضع، وأشارت إلى أنها حينما تحصل على حقها سوف تستعيد ثقتها بنفسها وتقوى على إكمال مشوارها بمفردها، كما أوضحت أنه مهما كلفها الأمر سوف تقوم بالحصول على حقها.
وبعد أن جلست لفترة من الوقت تفكر في طريقة تخرج بها من تلك المشكلة التي وقعت بها، توصلت إلى أنه من الأفضل أن تجد طريقة تتمكن من دخول قصر الملكة والتحدث إليها حول ما آلت إليه حالها، وتشكو إليها استعباد بقية النحلات لها، وبالفعل منذ تلك اللحظة وقد أخذت النحلة تسعى بكل جد واجتهاد حتى تمكنت من الوصول إلى قصر الملكة، وأول ما وصلت إلى ذلك القصر انبهرت النحلة بما رأته عيناها من جمال وإبداع القصر، وبعد لحظات جاء إليها أحد الخدم وسألها حول طلبها وغايتها من القدوم إلى هذا القصر، وقد أشارت إليه إلى أنها ترغب في مقابلة الملكة والحديث إليها للحظات قليلة.
كانت النحلة لطيفة ومهذبة في طلبها، وهذا ما جعل الخادم يقوم بإيصال طلبها إلى الملكة، وأول ما علمت الملكة بذلك طلبت من الخادم أن يسمح لتلك النحلة بالحضور إلى غرفتها الخاصة، وأول ما عاد الخادم إلى النحلة وأخبرها بسماح الملكة بالحضور إلى غرفتها، شعرت بالرهبة بعض الشيء، إذ لم تكن في يوم من الأيام قد التقت مع الملكة، وأول ما وصلت إلى غرفة الملكة وشاهدتها أصيبت بالصدمة من حجم الملكة العملاق في البداية شعرت بالخوف، ولكن حينما تحدث إليها الملكة اطمئن قلبها بعض الشيء، وأول سؤال وجهته الملكة لها هو: من أنت؟ وكيف تمكنت من الوصول إلى مملكتي؟
في البداية كانت النحلة الجميلة ملتزمة الصمت ومترددة في الكلام، ولكن بعد أن نطقت بأول كلمة بدأت الكلمات تنساب منها وتحدثت للملكة وشكت إليها ما حدث معها بقولها: أيها الملكة كما سمعت عنك من قبل أنك لا ترضين الظلم لأي نحلة من النحلات، واليوم ها أنا قد جئت إليك حتى أخبرك بما تعرضت له من ظلم من قِبل النحلات اللواتي يقمن معي في ذات الخلية، فقد تعرضت إلى النبذ والذم.
وبعد العديد من المضايقات اجتمعن النحلات وطردنني من الخلية بأكملها، وباستمرار يدعن أنني لست منهن، إن الله خلقني بشكل مختلف عنهن بعض الشيء، فماذا بوسعي أن أفعل، وهن لا يعترفن بذلك الأمر، فهل من الممكن أن يتهكم ويعترض أحدهم على شاكلته التي خلقه الله وفطره عليها؟!.
وبعد أن أكملت النحلة شكوتها من النحلات، هدأت من روعها الملكة وتعاطفت معها كثيراً، وقالت للنحلة الحلوة: لا عليك أيتها النحلة الحلوة، دعك مما تفوهن به، وإنني لا أقبل الظلم على أي نحلة من النحلات، ولذلك سوف أقوم بتقديم المساعدة لك في العودة إلى تلك الخلية والعيش فيها، ولكن في البداية دعينا نفكر في طريقة نثبت بها أنك في الحقيقة نحلة كبقية النحل، فإن تم إثبات ذلك الأمر، فأنا أقطع على نفسي وعداً أن تكون لك السيادة الكاملة على بقية النحل الموجود في تلك الخلية.
ومن هنا كانت بين الحين والأخر تقوم الملكة بالإيعاز ببعض الأعمال للنحلة وطلبت منها أن تقوم بتنفيذ كامل ما طلب منها بكل تقنية، وبالفعل كانت النحلة تقوم بتنفيذ كافة الأوامر التي طلبت منها وتتمها على أكمل وجه، وأول تلك الأوامر هو القيام إلى حديقة الأزهار والقيام بمص رحيقها ومن ثم العودة للملكة وأن تستمر في ذلك العمل لعدة أيام حتى تتأكد الملكة من صدق كلامها.
وبالفعل كانت النحلة في كل يوم تقوم بمص رحيق الأزهار والعود إلى قصر الملكة وهي تغمرها فرحة كبيرة في انتظار ذلك اليوم وتحصل بها على السيادة على الخلية، وكانت تقوم بعملها بمنتهى الدقة، إذ أرادت أن تثبت للملكة أنها قدر المسؤولية، والأهم من ذلك هو أن تثبت لجميع النحل الموجود في الخلية أنها تشبههم تماماً وخلقت من فصيلتهم، ولا علاقة لها بشكلها ولا حجمها الصغير الذي يرفضونه.
وبعد مرور عدة أيام من العمل الدؤوب وإطلاع الملكة على عمل النحلة الجميلة تأكدت من صدق كلامها، وعلى الفور قامت بعقد اجتماع طارئ ودعت كامل النحل في مختلف الخلايا، وفي ذلك الاجتماع أعلنت أن النحلة الحلوة حالها كحال باقي النحل وأنها نحلة ذكية ودؤوبة في عملها، وأن لها السيادة عليهم جميعًا، وأشارت إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يقوم بنبذ غيره جراء اختلاف في الشكل والهيئة الخارجية، لأن الله يخلقنا كما يشاء ويحسن في تصويرنا، ولا يجب علينا أن نعيب في غيرنا أو نذمه مهما كان، وختمت اجتماعها وخطابها للنحل بقولها: أيها النحل افعلوا الخير وانشروه، وتعاملوا على أساسه، وإياكم أن تنخدعوا بالمظاهر المزيفة، فكلكم سواء.
العبرة من القصة هو أنه لا يمكن للظلم أن يستمر فترة طويلة، إذ لا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي يظهر به الحق وتنطفئ به نار الظلم.