مَن منا لم يسمع عن جحا؟ ومَن منا لم يقرأ بعض طرائفه؟ فلجحا الكثير من القصص والطرائف الأدبية التي تثلج القلب بمحتواها الكوميدي المضحك، فالأدب العربي أشتهر بالقصص والطرائف الأدبية التي تحمل في طياتها الحكم والعبر وتنقل لنا الخبرات بطريقة مضحكة ومسلية جداً، ومن إحدى القصص الظريفة التي كان بطلها جحا، قصة تكذبني وتصدق الحمار؟
قصة جحا أتكذبني وتصدق الحمار
في يوم من تلك الأيام أتى رجل غريب الدار والديار على بيت جحا، وإذ قام بطرق باب جحا بحرارة شديدة، فتح جحا الباب وإذ بالرجل الغريب يلقي السلام ويجلس إلى جانب جحا كأن بينهم معرفة وطيدة، فشعر جحا بثقل ذلك الرجل، فهو غريب الديار ولا يعرف جحا وتصرف كأنه من أهل ذلك البيت! قال الرجل لجحا: أريد منك يا جحا أن تعيرني حمارك لبعض ساعات قليلة؛ لكي أقضي بعض حاجاتي فأرجو منك أن لا تردني خائب الظن بك.
وكما يعلم الجميع أن حمار جحا عزيز جداً عليه ولا أستطيع أن أتخلى عنه ولو لدقائق، وبالتالي أنا لا أعرف ذلك الرجل لعله يكن لصاً مخادعاً وماكراً، ولعله أيضاً يكون صادق، فيأخذ الحمار ويقضي بعض حوائجه ثم يعامله معاملة سيئة إذ قصّر أو توقف خطوة واحدة، فلِما كل هذه الدوشة؟ أيعقل لأجل أن يقول عني صاحب نخوة ومروءة؟ بعد أن حسب جحا الأمور من جميع الاتجاهات قرر أن لا يعطي الحمار لهذا الرجل الغريب، وقال له: كنت أرجو أيها الضيف العزيز بأن أخدمك وأقوم بتحقيق أمرك ولكن للأسف الشديد أتى عندي صاحبي في الصباح الباكر؛ ليستعير الحمار مني، ولقد أعطيته إياه لكي يقضي عليه بعض حوائجه.
كادت المسألة أن تنتهي ويذهب الرجل في طريقه دون أن يعرّض جحا حماره إلى الخطر، ولكن شاءت الأقدار أن تحرج جحا وتكذبه أمام الرجل الغريب، وإذ بالحمار ينهق داخل البيت وكادت جدران المنزل أن ترتجف من شدة نهيقه، نظر الرجل الغريب إلى جحا نظرة تعجب وقال له: ألم تقل لي إن حمارك قد أخذه منك أحد أصدقائك لكي يقضي بعض حوائجه؟ قال جحا: أيها الرجل لقد قلت لك قولي وقال لك الحمار قوله ومن العيب أن تكذبني وتصدق ذلك الحمار!
ومن هنا نقص عليكم قصة من قصص ونوادر جحا المسلية، فقد أتى عليه رجل غريب الدار؛ ليستأجر منه حماره، فيريد أن يقضي عليه بعض حاجاته، فتحجج جحا وقال له بأن أحد أصدقائه قد سبقه وأخذ الحمار، ولكن الحمار أبى إلّا أن يفضح أمر جحا أمام هذا الرجل الغريب.