قصة جحا الذي يعطي الكثير لا يبخل بالقليل

اقرأ في هذا المقال


جحا الشخصية الأسطورية التي لها الكثير من القصص والحكايات الشيّقة، فكان الناس ولا زالوا يجلسون بتشوّق لسماع قصصه، وفي هذه القصة يواجه جحا رجلاً لديه صفة التطفّل فيقوم جحا كعادته بتلقينه درساً باستخدام الحيلة الذكية بأسلوب فكاهي وطريف.

جحا الذي يعطي الكثير لا يبخل بالقليل:

كان جحا يصلي وفي كل صلاة كان من عادته أن يدعو الله بدعاء غريب، وهو أنّه يسأل الله أن يرزقه بألف درهم من الذهب، ومن الشيّق أنّه كان يقول أنّه لن يقبلها إن كانت تسعمائة وتسع وتسعون درهم، ولجحا جار غني كان دائماً يسمعه وهو يقول هذا الدعاء وتحديداً وقت العصر.

وفي مرة من المرات قرّر أن يقوم باختباره، فأحضر كيس ووضع به 999 درهم وأراد أن يرميه على الشجرة التي يصلي جحا أمامها كي يرى ما ردة فعله، بدأ جحا بالصلاة والدعاء كعادته وكان جاره يختبئ وفجأة لما رمى الكيس ركض جحا للكيس وأخذه، ولما وجد الدراهم به فرح كثيراً وسجد شكراً لربّه، وبدأ بعد الدراهم فوجدها ناقصة درهماً واحداً ولكنّه لم يهتم وقال في نفسه: الذي سخي علي بهذا المبلغ لن يبخل علي بدرهم واحد وأخذ الكيس.

في اليوم التالي جاء جار جحا الغني لجحا وضحك وقال له: هيا أعطني دراهمي الذهبية فأنا كنت أسمع دعائك وأنت لم تلتزم بما قلته، وأردت أنا أداعبك بها، رد عليه جحا وقال: أي دراهم تقصد فأنا لم أتداين منك أي دراهم، قال له جاره الغني: هذه الدراهم الذهبية دراهمي أنا من رميتها لك، فقال له جحا: الذي تقوله ليس معقولاً ولن يصدقّه أحد، هل هنالك من يرمي مبلغاً كهذا ويجازف به بهذه السهولة، بل هي إجابة دعاء ربي لي فالله كريم وخزائنه واسعة.

طال الجدال بين هذا الرجل الغني وجحا ولكن لم يستطيعا الوصول لحل؛ لذلك قرّر الرجل الغني أن يذهبا للقاضي لحل هذا النزاع، ولكن جحا رفض بحجة أنّه لا يمتلك ثياب وأن الجو بارداً، فقرّر جاره الغني أن يعيره عباءة وبغلة لكي يركبها أيضاً.

ركب جحا بغلة جاره ولبس عباءته وسار عليها، وكان جاره بجانبه يسير مشياً على الأقدام للذهاب إلى المحكمة، وعند وصولهما بدأ الرجل الغني بقص الحكاية على القاضي، فسأل القاضي جحا ما رأيك بذلك، قال له: يا سيدي القاضي تستطيع أن تسأله هذا الرجل لم يعطني درهماً واحداً طوال حياته، وإنما هذا رزق من الله فأنا دعوته وهو استجاب لي، فقوله لك ادعاء كاذب.

وأضاف جحا قائلاً: هو يستطيع أيضاً أن يدّعي بأن هذه البغلة له وليست لي، نظر له جاره الغني بدهشة وقال له: وهل تريد أن تنكر علي بغلتي أيضاً، أنا أعطيتها لك لتركبها بدلاً مني، فنظر جحا إلى القاضي وقال له: أترى يا سيد القاضي هو يريد أيضاً أن يدّعي بأن لباسي الذي أرتديه لك، استغرب الرجل الغني من حيلة جحا ونظر له وقال: هذه عباءتي أنا أعرتك إياها لتحميك من البرد.

نظر القاضي للرجل وقال له: الآن ظهر لي بطلان حكايتك وقولك، أنت تريد أن تسلب جحا جميع أملاكه، خرج الرجل الغني وهو في قمة أسفه على حاله، وعاد جحا ومعه الدراهم والعباءة والبغلة وهو مطمئناً وفرحاً، وفي اليوم التالي أرسل جحا لهذا الرجل، وجاءه في اليوم التالي يهرع مستغيثاً، فأعاد جحا له جميع دراهمه وقال له: إياك في المرات القادمة أن تتدخل بين الخالق والمخلوق، وإياك أن تحشر أنفك في العبد الذي يدعو لربه الذي لا تنفذ عنده الخزائن.


شارك المقالة: