قصص جحا وحديثه المتواصل عن نفسه جعل كل الناس ترى أن جحا رجل شجاع ومقدام، ورجل نشيط ويحب العمل ولا ننسى أن الكثير من القصص التي كان يقصّها جحا هي من باب المزاح وليست حقيقية، سنحكي في هذه القصة عن إحدى روايات جحا التي تحكي عن شجاعته الوهمية مع إحدى التجار.
قصة جحا شجاع جداً:
كان جحا جالساً مع أصدقائه يحدثّهم عن بطولاته الوهمية كعادته، وكان جحا كلّما كان خالياً من عمله يجلس ويتجمّع الناس حوله لسماع قصصه وأحاديثه الشيّقة، وفي يوم من الأيام قدم إلى القرية رجل تاجر عجوز، وكان هذا الرجل يبحث عن أي شخص يعمل لديه، فدلّه النّاس على جحا وأخبروه بأنّه أفضل وأنسب شخص لهذا الطلب، فهو يمتلك صيتاً ممتازاً عندهم.
جاء هذا الرجل لجحا وقال له: لقد سمعت عن حبّك الكبير للعمل وعن شجاعتك وأنا أريدك أن تقوم بعوني في عملي، وإن قمت بذلك فسوف أعطيك أجراً مناسباً، فرح جحا بذلك ووافق أن يعمل لديه، أخبر هذا التاجر جحا أنّه ينوي نقل البضائع وقال لجحا: يجب أن تجهّز نفسك للسفر، وأعطاه بعض النقود لكي يتدبّر بها من أمره مع أهل بيته.
جاء اليوم التالي وسافر جحا مع الرجل، وبدأ جحا بحديثه الذي لا ينتهي عن قصصه وبطولاته الوهمية، حتّى شعر هذا الرجل بالملل الشديد، وفجأة شعر هذا التاجر بالتعب الشديد وأراد أن يجلس بجانب شجرة ليستظل بها بجانب نبع الماء، فطلب من جحا أن يقوم بتنزيل الأحمال عن ظهر الحمار فأجابه جحا: أنا لا أستطيع ذلك فذراعي تؤلمني.
انزعج الرجل من جحا ثم قال له: قم يا جحا واصنع لنا الطعام فأنا جائع، فقال جحا له: أنا لا أستطيع الطهي ولا أجيده، ضاق الأمر بهذا الرجل فقام هو بصنع الطعام وطلب من جحا أن يحضر له البعض من الماء من النبع، فقال جحا له: أنا لا أستطيع ذلك يا سيدي، فأخاف أن تبتل ملابسي وأصاب بالبرد.
ذهب الرجل التاجر وأحضر الماء من النبع بنفسه وقال لجحا: هيا يا جحا تعال واجلس معي للأكل، قال له جحا: سآتي يا سيدي كي لا تظن انني لا أستطيع عمل شيء، وبينما كانا جالسين إذ خرج فجأة عليهما دب كبير، قال الرجل لجحا وهو خائفاً: هيا يا جحا أنقذنا من هذا الدب وأظهر لنا شجاعتك التي تروي لنا عنها.
ارتجف جحا من الخوف وقال للرجل: أنا لا أستطيع قتل فأر صغير، فقال له الرجل: إذاً ماذا نفعل، قال له جحا: افعل كما أفعل واركض هرباً منه، بقي الرجل بمكانه فهو لا يستطيع الهرب، وظن جحا أنّه نجا من الدب ولكنّه عندما نظر وراءه وجد الدب لا يزال خلفه، وكان الرجل التاجر قد أخذ حماره وهرب.
ظل جحا يركض حتّى وصل القرية، وهو لا يستطيع أن يلتقط أنفاسه فتجمّع النّاس حوله وقالوا له: ماذا حصل يا جحا لماذا تلوذ بالفرار؟ قال لهم جحا: لقد أنقذت الرجل التاجر من الدب الكبير، ولكن هذا الدب جعلني أدفع الثمن وجعلني أركض فزعاً.