تتنوّع الأحداث في قصص جحا المشهورة والكثيرة، وتتنوّع أماكنها أيضاً، سنتحدث في هذا المقال عن قصة لجحا حدثت معه وهو بالمطعم، تحكي هذه القصة عن الحيل التي كان يقوم بها جحا للحصول على طعام من دون أن يدفع ثمنه.
قصة جحا في المطعم:
تحكي أحداث هذه القصة عن جحا وهو بعمر كبير، وفي هذا العمر تعرّض جحا لحادثة كبيرة جعلته يفقد كل ما يملك، وأصبح يحصل على قوت يومه من خلال الحيل التي يقوم بها، علم أصحابه بحاله وكانوا دوماً يقومون بتتبّع جحا من أجل أن يتعلّموا منه ما هي الطرق والحيل التي يستطيع من خلالها الحصول على النقود والطعام، فقد كان أصحابه فقراء معدومين وكان جحا معروفاً بذكائه ودهائه في المكر والنصب والحيل.
وفي يوم من الأيام شعر جحا بجوع شديد، وكالعادة بدأ بالتفكير بحيلة جديدة لكي يصل من خلالها على طعام، ذهب يمشي بالسوق ويبحث من حوله ويلتفت يميناً ويساراً، حتّى استوقفه مطعم له واجهة كبيرة ومميّزة مرسوم عليها أصناف الطعام اللذيذة والشهية، وقف جحا عندها مطوّلاً ينظر حتى أن لعابه كاد يسيل من شدة ما وجد من أطعمة شهية، وأصبح يفكّر ما الحيلة المناسبة لأدخل هذا المطعم باهظ الثمن، وكان أصحابه يتبعونه كالعادة، فقرّر جحا الدخول للمطعم وطلب الطعام، وأصبح أصحاب جحا ينتظرون ماذا سيفعل وكيف سيستطيع دفع ثمن الطعام.
دخل المطعم وجلس على طاولة وجاءه النادل ليسأله ماذا يريد أن يأكل من الطعام، وأعطاه قائمة من الخيارات، فرح جحا وأصبح يصفّق يديه وطلب دجاجة محمّرة وطبق من الفاكهة، ذهب النادل وأحضر لجحا ما طلبه، ولما رءاه جحا كاد يطير من شدة الفرح لأنه أحضر له ما طلب، أكل جحا وعندما أكمل صفق من أجل أن يأتي النادل له، وعندما جاء النادل طلب منه جحا طبق من الحساء الساخن، وقال له: أنا أحب الطعام الساخن، قال له النادل: حاضر، وذهب النادل متعجبّاً من جحا كيف أنّه أكل الفاكهة قبل الشوربة، ولكنّه ذهب وأحضر الشوربة التي طلبها جحا على الفور.
وعندما أكمل جحا طعامه وشرابه أخرج من جيبه منديلاً، وكان هذا المنديل مليء بالذباب، وكان جحا قد جهز هذا المنديل من قبل كحيلة لدخوله المطعم، وأصبح يصيح في المطعم ويقول: أنظروا أيها الناس كيف يقدمون الطعام لنا مليئاً بالذباب، جاء صاحب المطعم وعندما رأى جحا ماذا يقول خاف وطلب منه أن يصمت مقابل أن يعفيه من دفع ثمن الطعام المقدم له، وتوسل له فتظاهر جحا أنّه غاضب جدّاً وخرج من المطعم وكان أصحابه بانتظاره، وسألوه عن الحيلة التي استخدمها جحا فأخبرهم.
قرّر أصحاب جحا أن يقوموا بنفس الحيلة التي قام بها جحا، ودخلوا إلى المطعم وطلبوا كل ما لذ وطاب من الطعام، وعندما انتهوا طلبوا طبقاً من الشوربة فقال لهم النادل أنه لم يبقى منها أي شيء، وكان صاحب المطعم قد تخلّص منها ظناً منه أنها مليئة بالذباب، فأصبح أصحاب جحا ينظرون إلى بعضهم البعض، وصاح أحدهم: أين سنضع الذباب إذاً، سمعهم صاحب المطعم وغضب وطلب منهم ثمن الطعام، وقال أحدهم: سامحك الله يا جحا فأنت السبب في هذا، وقال له صاحب المطعم عندما سمعه: إذاً جحا هو السبب.
فقال صاحب المطعم لأصحاب جحا: لقد كان جحا أذكى منهم أيها المغفلون، وكان في هذه القصة عبرة وحكمة أنه ليست كل حيلة بالضرورة أن تنجح في كل مرة، وأن الإنسان يجب أن يتعب ويبذل جهده للحصول على لقمة العيش.