تقمّص جحا في قصصه شخصية القاضي لأكثر من مرة، وتقمّص كذلك الشخصيات الأخرى مثل المحامي والبائع والتاجر والصديق والجار وغيره، وفي هذه القصة التي كان عنوانها قاضي الفئران، كان جحا قد تعرّض لمأزق كبير مع تاجر قام بخداعه، وكان لا يريد اللجوء للقاضي فكان هو القاضي وحكم لنفسه وقام باسترداد حقّه ورد الإساءة بحيلة ذكية وطريفة، لذلك سميت هذه القصة بجحا قاضي الفئران.
جحا قاضي الفئران:
في يوم من الأيام أراد جحا أن يتاجر بالحديد؛ لذلك قام بشراء كمية كبيرة من الحديد ووضعها عند أحد التجّار أمانة، وكان بانتظار أن يرتفع ثمنه حتّى يقوم ببيعه بثمن جيد من جديد، فهو يريد العمل بالتجارة وجمع الكثير من المال، وبالفعل جاء يوم وسمع جحا بأن ثمن الحديد ارتفع كثيراً، فما كان منه إلا أن ذهب للتاجر الذي استأمنه على الحديد وطلبه منه.
نظر له التاجر وأجابه بغضب شديد: عن أي حديد تتحدّث ألا تعلم بأن الفئران تأكل الحديد، فهي أكلت الحديد الذي وضعته عندي ولم يتبقى منه شيء، فنظر له جحا بدهشة وأراد أن يتكلّم، ولكن التاجر قام بمسك جحا بشدة قبل أن ينطق بكلمة، وطرده من متجره، عاد جحا لمنزله حزيناً لما حدث وفكّر كيف يمكنه استعادة الحديد من غير أن يلجأ للقاضي، سار باليوم التالي وهو في طريقه وجد ابن التاجر الذي أخذ منه الحديد وعمره خمسة أعوام، فأخذه جحا وخبأه عنده في المنزل، وفي صباح اليوم التالي صرخ التاجر لفقدانه لابنه وعندما رأى جحا مسك به وسأله عن ابنه وهو في حالة من الذعر.
أجابه جحا باستهزاء: لقد كنت أسير في طريقي وسمعت صوت زقزقة العصافير، وعندما استكشفت الأمر وجدت أن العصافير تحمل ولداً صغيراً وتأخذه معها وأظنه ابنك، قال له التاجر: وهل تستطيع العصافير أن تحمل ولداً صغيراً؟، قال له جحا: أنا أستطيع تصديق أن البلد الذي تستطيع به الفئران أن تأكل الحديد فتستطيع العصافير أن تحمل به ولداً صغيراً، فنظر له التاجر وفهم مقصده بسرعة وقال له: أعد لي ابني وأنا سأعيد لك الحديد كله.
