كان لجحا مع الباعة الكثير من القصص مثل باعة اللحم وباعة الطيور والسمك وغيرهم، ولكن في هذه القصة كانت حكاية جحا مع زوجته صاحبة الحيلة التي قامت بأكل السمك لوحدها ولم يستطيع جحا أن يكشفها، ولكن استطاع ذلك أخيراً بعد اعترافها له فقام جحا بفعل ظريف مع زوجته جزاء حيلتها هذه.
جحا وأكلة السمك:
كان جحا عائداً من عمله متعباً وهو يمشي بالسوق إذ مر بمحل يبيع السمك، وقام بشم الرائحة فأعجبته فقام بشراء رطلين من السمك، وكان يمشي في الطريق لمنزله وهو يفكّر كيف ستكون وجبة السمك بعد طهيها، وعندما عاد إلى منزله دخل على زوجته وألقى عليها التحية وقال لها: خمني ماذا أحمل في الكيس؟، فقالت له: هل هو صنف من الفاكهة؟، فأعطاها الكيس وقامت بشم الرائحة فعرفت أن بداخله سمك.
حملت الكيس وقالت لجحا: وهل تخفى عني رائحة السمك، فقال لها جحا: لقد دفعت ثمن هذا السمك كل ما أملك من نقود فقومي وأعدّي لي الطعام، ولكن قبل أن تبدأين بتجهيز الطعام قومي بتسخين الماء لي فأنا أريد الاستحمام، فقالت له زوجته: عندما تكون انتهيت من الاستحمام سأكون قد انتهيت من إعداد الطعام إن شاء الله.
وعندما بدأت الزوجة بطهي السمك وتنظيفه سال لعابها من شدة الرائحة اللذيذة، وبدأت تتخيّل كيف ستكون أكلة السمك، وأصبحت كذلك تفكّر حيلة لكي تستطيع أكل السمك لوحدها، وعندما انتهى جحا من الحمام قال لزوجته: هيا أحضري لي الطعام فأنا أشعر بجوع كبير، قالت له زوجته بحيلة: أراك تشعر بالتعب الشديد يا جحا، فقال لها جحا: أنا لا أشعر بالتعب إلّا أنني جائع، هل ترين أنّه يبدو علي التعب؟، قالت له زوجته: أريد بعضاً من الوقت للانتهاء من طهي السمك، قال لها جحا: أريد ان أنتظر حتى تنتهين من صنع السمك، قالت له زوجته: ولماذا تتعب نفسك خذ قيلولة لكي تستريح فهذا أفضل.
قامت زوجة جحا بإقناعه أن يستريح ويأخذ القيلولة لحين الانتهاء من عمل السمك، وعندما استغرق جحا بنومه انتهت الزوجة من عمل الطعام وبدأت تأكل بالسمك حتى لم يبق منه إلّا القليل، فكرت بحيلة لكي تخفي ما قامت به من أكل السمك لوحدها، فأخذت ما بقي من السمك وقامت بتلطيخ لحية جحا ويديه بالسمك وهو نائم، ووضعت المائدة بجواره ووضعت البعض من قطع الخبز.
عندما استيقظ جحا من النوم كان جائعاً جدّاً فنادى زوجته وقال لها: هيا أحضري لي الطعام فأنا جائع جدّاً، قالت له زوجته: وهل أحضر لك طعاماً مرة ثانية لقد أكلت طعامك، قال لها جحا: أنا لم أكل طعاماً قط، قالت له زوجته: كيف تنكر ذلك انظر إلى يديك ووجهك وانظر بجانبك فهذا الصحن قد أكلته كله، فنظر جحا لنفسه واندهش وصدّق حيلة زوجته وظن أنّه قد أكل السمك ونام فسأل زوجته: وهل نمت من غير أن أغسل يدي؟، قالت له زوجته: بالفعل فهذا السمك طعمه رائع فربما من روعة طعمه أكلت كثيراً وقد ذهبت بالنوم من شدة التخمة ونسيت أن تغسل يديك.
عاد جحا للنوم مرة أخرى، وجلست زوجته وشعرت بالندم لسوء فعلها وكذبها، فامت بصنع الحساء لجحا، وعندما استيقظ جحا من النوم كان يتضور جوعاً فأخذ بأكل الحساء كله، وقالت له زوجته واعترفت بفعلتها، فقال لها جحا وهو يضحك: وهل تحتالين على جحا، إذاً غداً سيكون غدائنا السمك والحساء ولكن السمك لي والحساء لكي.