هنالك قصص كثير لجحا مع أكثر من شخصية، فنرى سلسلة من قصصه مع زوجته أو مع القاضي أو مع حميره أو مع جيرانه، وكانت أغلب الشخصيات التي يقابلها جحا في قصصه تحمل صفات البخل أو الطمع أو الحماقة وغيرها من الصفات السيئة، وهي من الصفات التي لا يحبها جحا والناس، وفي كل مرة يغتاظ جحا من هؤلاء الأشخاص ويقوم بفعل لكي يعاقبهم على سوء أخلافهم، وسنحكي في هذه القصة عن جحا مع جار له.
جحا وجاره الطماع:
كان لجحا مزرعة، وكان بجانب مزرعته مزرعة لجاره وهذه المزرعة مليئة بأنواع مختلفة من الفاكهة، وكانت هذه المزرعتين متجاورتين ولا يفصل بينهما إلّا كومة من الحجار، وكان جار جحا شخص يتصّف بالطمع الكبير؛ فعلى الرغم من امتلاكه لمزرعة كبيرة ومليئة بالفاكهة إلّا أنّه كان دائماً يتمنّى أن يكون لديه مزرعة ذات مساحة أكبر، وكان يفكّر دائماً كيف يستطيع أن يزيد مساحتها حتّى لو كان ذلك على حساب مزرعة جحا.
تعب من كثرة التفكير حتّى قرّر بليلة مظلمة أن يتسلسل إلى كومة الحجارة التي تفصل بين مزرعته ومزرعة جحا ويقوم بإزالتها حجراً حجراً، وضعها كلها في مزرعة جحا وكان يشعر بأنّه مسرور بما فعل وعاد مسرعاً إلى بيته بعد ما أكمل ما قام به، ولكن عندما حضر جحا لمزرعته لم ينتبه لصنيع جاره الطمّاع، وأكمل عمله وقام جاره بزراعة أشجار الفواكه بالمساحة التي سلبها من مزرعة جحا.
وعندما كبرت ونمت أشجار هذا الرجل الطماع أراد أن سندها كي لا تقع، وذهب وأحضر سلالم لكي تتكئ عليها أشجاره وتمتد عليها الثمار، وعندما صعد السلم نظر إلى مزرعته فوجدها مليئة بالثمار والفواكه وأصبح يحدّث نفسه: الآن أصبحت أمتلك مزرعةً كبيرةً مليئة بالثمار، وصرنا أنا وجاري جحا متساويين، ولم يعد يمتلك مزرعة أكبر من مزرعتي! والآن سأقوم بإثبات مليكتي لمزرعتي من خلال حاجز الأحجار الذي وضعته، وبينما هو يحدّث نفسه مسروراً بما فعل وقع هذا الرجل الطماع أرضاً وتكسّرت ضلوعه وسالت منه الدماء بغزارة.
أصبح هذا الجار يصيح من شدة الألم الذي كان يشعر به، وبينما هو كذلك جاء جحا لزيارة مزرعته على غير عادته، وسمع صوت جاره وهو يئن، أسرع لإنقاذه وقام بنقله إلى منزله وصار يواسيه ويخفف عنه ويحاول أن يضمد جروحه، عندما رأى هذا الرجل الطمّاع صنيع جحا ومعروفه تجاهه قرّر أن يعترف له بجرمه، فأخبره أن قد سرق من أرضه مساحة وأنّه قام بإزالة كومة الأحجار بالليل وهو لا يعرف.
فأجابه جحا وهو يبتسم: هل تظن أنّني أترك مزرعتي من دون حراسة، وهل تظن أنّني لا أعرف، تفاجأ جاره الطماع بهذا الكلام وقال له: إذاً كيف تعرف، ولماذا لم تتعرض، فأجابه جحا: الله من يراك حتى لو لم يكن هنالك أحد، فهو يعلم السر وأخفى، شعر هذا الرجل بالخجل من صنيعه وقام باليوم التالي بإعادة كومة الأحجار حيث كانت وشكر جحا أنّه ساعده على معرفة خطأه وإزالة الغشاوة التي كانت على عينيه من شدة طمعه.