مَن منا لا يعرف جحا؟ ومَن منا لا يسمع عن طرائفه؟ فلجحا الكثير من الحكايات والطرائف منها المسلية ومنها المضحكة ومنها ما نأخذ منها العبر والحكم، فقصص جحا تجذب الصغير والكبير منا، ومن إحدى القصص الظريفة لجحا والتي تنتهي بطرفة جميلة ترسم الابتسامة على وجوهنا هي قصة جحا والعلم بالشيء.
قصة جحا والعلم بالشيء
في يوم من الأيام، خرج جحا من بيته ليشتري بعض الطعام لعائلته، وهو في طريقه التقى جحا بجاره الذي كان يبحث عن شخص ليقرأ له رسالة كانت في يده، قال الجار: الحمد لله قد أرسلك إليّ؛ لأني بحاجة لشخص يقرأ لي تلك الرسالة التي وصلت لي من صديق عزيز جداً، أخذ جحا تلك الرسالة لكي يقرأها له، بدأ جحا بتقليب الرسالة بين يديه فلم تكن الرسالة باللغة التي يتحدث بها جحا، أرجع جحا الرسالة إلى ذلك الجار.
قال جحا: ليقرأها لك أحدا غيري، ولكن الجار أصر على جحا بأن يقرأ له الخطاب، قال جحا: يا جاري العزيز إنّ فكري مضطرب جداً حيث أن اللغة المكتوبة ليست لغتي، وحتى لو كانت بلغتي لما استطعت أن أقرأها وأنا في هذا الحال يا جار! غضب الجار من جحا وقال له بغضب: إن كنت لا تستطيع أن تقرأ رسالة واحدة فلماذا تضع تلك العمامة على رأسك وتلبس تلك الجبة كالشيوخ وأصحاب العلم؟!
غضب جحا من كلام الجار وخلع العمامة والجبة التي على رأسه ثم أعطاها للجار وقال: إذا كانت القراءة والعلم بالعمامة والجبة فخذها والبسها ثم اقرأ لي سطرين من تلك الرسالة، استمر جحا في طريقه لشراء الطعام، وهو في طريقه التقى جحا بصديق له وقال: أين عمامتك يا جحا؟! قال جحا أهديتها لرجل لا يعلم شيئا! سأله صديقه: وإلى أين أنت ذاهب يا جحا؟ قال جحا: لأشتري بعض المعلاق للغداء.
قال صديق جحا: معلاق! ألا أخبرك بطريقة طبخ له ليست بالطريقة المعتادة، وإنما طريقة شهية جداً؟ قال جحا بكل سرور: نعم، ولكن دوّن لي تلك الطريقة على ورقة حتى لا أنساها، أخذ جحا الورقة من صديقه شاكراً له، وذهب إلى بائع اللحوم واشترى المعلاق، قال بائع اللحوم لجحا: أين عمامتك؟ لم نعتد على رؤيتك بدونها، قال جحا: وأنت أيضا لا تعلم شيء، أخذ جحا المعلاق وقرر العودة إلى المنزل، وهو في طريق العودة وغارق في بحر أفكاره وإذ بكلب ضال يخطف المعلاق من يد جحا ويهرب مسرع.
لم يحزن جحا لما حدث له، بل مد يده التي يوجد فيها الورقة باتجاه الكلب، وقال له مستهزئ: لا فائدة لك بالمعلاق أيها الكلب الأحمق فالطريقة معي، عاد جحا إلى بيته وسألته زوجته: أين ملابسك؟ قال جحا: أعطيتها لرجل لا يعلم شيئا، قالت زوجته: وأين المعلاق يا جحا؟ قال جحا: أخذه الكلب ولكنه أيضا لا يعلم شيء.
ومن هنا نقول أن جحا كان ظريفاً جداً مع جاره، فأخذ الرسالة ليقرأها، فكانت الرسالة بلغة غير لغة جحا، فلم يستطع جحا قراءتها، ولكن جاره رد جميل جحا بسخط اللسان عليه فقد استهزأ به وبعلمه وقارن علم الشخص بعمامة توضع فوق الرأس لتشير تلك العمامة على الهيبة والوقار والعلم.