من أكثر قصص جحا المعروفة هي قصصه التي يكون فيها الحمار أحد شخصيات القصة، سنتحدث في هذا المقال عن قصة جحا وحمار الوالي، وهي إحدى القصص التي تحكي عن بعض من حيل جحا التي جعلته يكسب المال الوفير في ويقدّم المساعدة لأهل بلدته أيضاً.
جحا وحمار الوالي:
في مرة من المرات كان جحا يسير إلى أحد أصدقائه، وكان صديق جحا هذا يعمل معاوناً لدى الوالي، وكان هذا الوالي يتصّف بالجهل الكبير؛ حيث أنّه في أغلب الأحيان لا يميّز بين الحق والباطل، وفي يوم من الأيام قرّر هذا الوالي شيئاً غريباً وهو أن يعلّم حماره الكلام، فقام باستدعاء كبير الحكماء لديه وطلب منه أن يقوم بتعليم حماره حروف الهجاء أوّلاً، استنكر هذا الحكيم قول الوالي وقال لنفسه: لم أسمع من قبل أن هنالك حماراً يتعلّم.
بدت ملامح الاستغراب والاستنكار على وجه هذا الحكيم، وعندما رآه الوالي كذلك غضب جدّاً، وأمر بإبعاده ونفيه إلى بلاد بعيدة، وأرسل أحد أعوانه ليقدم بلاغاً لأهل القرية بأنّه سيقدّم مكافأة كبيرة لمن يقوم بتعليم حماره حروف الهجاء التي كان الوالي بنفسه لا يعرفها!.
وصل هذا الخبر حيث منزل جحا وسمع به، وجحا معروف بدهائه وحيله ومكره، فقرّر أن يذهب للوالي ويدّعي بأنه قادر على تعليم الحمار حروف الهجاء، وقرّر الذهاب للوالي وعندما علم الناس بذلك حاولوا منع جحا من فعله خوفاً عليه من أن يبطش به الوالي إذا كشف أمره، ولكن جحا لم يكترث بقولهم واتجه مسرعاً إلى قصر الوالي.
وصل جحا لقصر الوالي وطلب من الجنود أن يسمحوا له بالدخول فهو المعلّم الوحيد، وعندما حضر جحا عند الوالي ألقى عليه تحية السلام ثم قال له: أنا يا سيدي الوالي مغرم بتعليم الحمير وأمتلك خبرة بهذا الأمر، عندما سمع الوالي ذلك فرح جدّاً، وأمر لجحا بكيس من الدراهم الذهبية إكراماً له، وأمر كذلك بأن يعطيه غرفة خاصّة لتعليم الحمار الحروف، طلب جحا من الوالي غرفة بها معدّات خاصّة لذلك، وطلب كذلك أن يحضر الدروس التي سيعطيها جحا للحمار بنفسه ويقوم بمراقبة عمله، وطلب مهلة لإنجاز هذا الشيء مدة ثلاث سنوات.
وافق الوالي على كل طلبات جحا، وقرّر أيضاً أن يصرف له راتباً شهرياً طوال مدة عمله بتعليم حماره الحروف، ووعد جحا أيضاً أنّه إذا تمكّن من تعليم حماره الحروف فسوف يعطيه جائزة كبيرة تضمن له أن يعيش بثراء طوال حياته، ولكن بنفس الوقت حذر الوالي جحا من أن يفشل بذلك لأنه سوف يعاقبه بشدة، قبل جحا بشروط الوالي، وتعهّد بذلك أمام حاشيته وعند خروجه من القصر استوقفه صديقه وزير الوالي ومعاونه وقال له: أيها الأحمق كيف تقبل بشروط الوالي، سوف يبطش بك ويقتلك.
ضحك جحا وأجابه موضحا له حيلته: أنا قلت له أريد ثلاث سنوات، وبهذه المدّة لن يتعلّم الحمار ولكن الوالي سيتعلّم، وبذلك سوف يصبح يميّز الصواب من الخطأ، وأنا بذلك عملت معروفاً للوالي ولأهل البلدة، وحتّى إن لم يتعلّم الوالي فسأطلب تجديد المهلة بحجة أن الحمار بدأ يتعلّم ولكنّ ذاكرته ضعيفة ويحتاج المدّة الأطول ليتعلّم، وبذلك من المؤكّد أن الوالي سيتعلّم ويتغلب على جهله، ومن الممكن كذلك أن خلال هذه الفترة أن أُصاب أنا بالجنون أو أن الوالي قد يصاب به ويموت، ضحك المعاون لحيلة جحا وقال له: قلي الآن من الأحمق أنا أم أنت؟
