كان جحا في قصصه كثيراً ما يخوض التحديات مع السلاطين وغيرهم، وكان يمتاز بالذكاء والحيلة؛ حتى عندما كان يتعرّض لسؤال صعب ولا يعرف إجابته كان يقوم بأذكى الحيل حتى يستطيع التهرّب من الإجابة، حتّى يظنّ من حوله أنّه قد أصاب واختار الإجابة الصحيحة، وفي هذه القصة سنتحدّث عن تحدي آخر مع جحا والسلطان وهو من التحديات المشهورة في قصص جحا، كان في كل تحدي أو سؤال ينتصر بحيلته الظريفة وينجو من عقاب السلطان.
جحا وتحدي السلطان:
في مرة من المرات قام سلطان البلدة باستدعاء جحا؛ وكان ذلك من أجل اختباره في عدّة أسئلة، فهو طالما سمع من الناس عن ذكائه ودهائه، فلما جاء جحا للسلطان كان قد جمع أربعين عالم، وطلب من كل واحد منهم أن يسأل جحا سؤال واحد، وطلب منه أن يجيب وأن تكون إجابته كلمتين فقط، فقال له: حسناً يا مولاي أعدك أن تكون إجابتي كلمتان فقط.
بدأ العلماء بسؤال جحا وكان كل واحد من العلماء قد وجه سؤالاً صعباً له، وعندما انتهوا من الأسئلة قال السلطان له: هيا أجب على هذه الأسئلة بكلمتين فقط، فقال له جحا: لا أدري، هذه إجابتي على الأربعين سؤال، ضحك السلطان على إجابته وقال له: هذه إجابتك على أربعين سؤال، حسناً يا جحا أريد أن أسألك سؤال آخر، عندما يريدون بيعي في سوق العبيد فكم سيكون ثمني باعتقادك، أجابه جحا: سيكون ثمنك ألف درهم فقط.
غضب السلطان وقال له: أنا ألبس ثياباً تساوي ألف درهم فكيف تقول أن ثمني ألف درهم فقط، فقال له جحا: هذا صحيح يا سيدي فأنت لا تسوى شيء من دون ثيابك، فغضب السلطان وأمر بقتله، ولكن جحا قال له: لقد تذكرت قصة بكلامك هذا وهي قصة الأسد والفأر واسمح لي أن أرويها لك، فقال له السلطان: وما هي قصة الأسد والفأر؟
قال له جحا: كان هنالك أسد كبير يمسك فأراً صغير وقال الفأر للأسد سأقتلك وأمزّقك تعال وتحدّاني وقام بشتمه، فقال الأسد في نفسه: لن أعطي الفأر شرف مصارعتي ومبارزتي ليذكر الناس شجاعة الفأر، فأصبح الأسد يضحك حتى مات الفأر من غيظه، وكان جحا يقصد بتلك القصة نفسه والسلطان فقال له: أنت سلطان كبير ولا يجوز أن تضع نفسك بمنزلة جحا، فكر السلطان في نفسه وقرّر أن يسامحه وقال له: لقد أعجبتني القصة وأنا لن أقتلك بل سأقوم بتحدي آخر معك.
