تتنوّع قصص جحا مع البخلاء، وأكثر قصصه مع البخلاء من وحي الواقع، أو قصص حقيقية حدثت معه، وفي كل مرة يقابل بها جحا شخص بخيل يقوم بتلقينه درساً، وفي هذه القصة سنحكي عن جحا مع رجل بخيل يمتلك مطعم وقام صاحب المطعم هذا بتصرّف يدل على شدّة بخله، ولكن كالعادة قام جحا بتلقينه درساً بقيامه بحيلة من إحدى الحيل المعروف بها.
جحا وصاحب المطعم البخيل:
ذات مرة كان جحا يسير في الطريق وفي أثناء سيره اقترب من محل شواء، فأعجبته الرائحة لأنه كان يشعر بجوع شديد، وأصبح يقترب وهو ينظر لمنظر اللحم الشهي ذو الرائحة اللذيذة فقرّر جحا أن يشتري رغيفاً من الخبز وأصبح يمرّر هذا الرغيف فوق رائحة شواء اللحم يميناً وشمالاً حتّى أن علقت به رائحة الشواء، وكان جحا يقصد هذا التصرّف فهو لا يملك ثمن اللحم المشوي، بل أراد فقط أن يحظى برائحته داخل رغيف الخبز الذي اشتراه.
وعندما رآه صاحب المطعم غضب كثيراً وخرج عليه وطلب منه طلباً غريباً، وقال له: أعطني ثمن رائحة الشواء التي أخذتها من مطعمي! ولكن جحا رفض بالتأكيد أن يعطيه ثمن شيء لا يستحقه، غضب صاحب المطعم وقرّر أن يأخذ جحا للقاضي، وبدأ صاحب المطعم يقص حكايته على القاضي وقال له: لقد طلبت من جحا ثمن الشواء خمس دراهم ولكنّه رفض أن يأخذ، فبدأ القاضي يفكّر بأمره، ثم طلب من جحا أن يدافع عن نفسه، وكان القاضي عنده علم بدهاء جحا وحيله وقدرته على إخراج نفسه من المآزق.
بدأ القاضي ينظر لجحا بانتظار ما سيفعله، قام جحا بفعل غريب فأخرج من جيبه درهم، ثم رماه على الأرض وجعله يرتطم بها ويخرج صوته، كرّر ذلك لمدّة خمس مرات، ثم سأل صاحب المطعم: هل سمعت صوت هذه الدراهم، أجابه صاحب المطعم: نعم لقد سمعت الصوت، فالتفت جحا إلى القاضي وقال له، يا سيدي القاضي أنا حكمت لصاحب المطعم أنه قد أخذ ثمن رائحة الشواء من خلال صوت الدرهم لخمس مرات وهو يرتطم بالأرض فقد سمع الصوت لخمس مرات وهذا بمقدار خمس دراهم.
ضحك القاضي من صنع جحا وتعجب من ذكائه، وقال لصاحب المطعم: لقد أخذ منك جحا حقّه بأنفه، وأنت أخذت حقك بأذنك إذاً أنت أخذت حقك منه، فخرج صاحب المطعم وهو يشعر بالخجل من فعل جحا به، فقد لقّنه بذلك درساً لشدة بخله لن ينساه أبداً.