جحا له الكثير من الحكايات مع أهل السوق والجيران والأصدقاء من حوله، وفي كل قصة عبرة وحكمة، وفي هذه القصة يواجه جحا صديق له قام بخداعه ولم يرد له ماله، فرد عليه جحا الإساءة كعادته بحيلة ظريفة.
جحا يصنع المعروف:
كان جحا ينزل للسوق كثيراً، وفي مرة من المرات وهو بطريقه للسوق إذ رأى جمعاً من الناس أمام محل الجزارة، فدفعه فضوله ليذهب ويرى الأمر ويعرف ما هو سبب تجمعهم، عنما اقترب تفاجأ بأن الجزار يمسك بأحد أصدقائه الذي يعرفهم، فغضب وسأل الجزار: لماذا تفعل هذا؟، قال له الجزار: هذا الرجل اشترى مني ثلاثة كيلوجرامات من اللحم ولم يدفع لي ثمنهم، وكلمّا طلبت منه حقي قام بمماطلتي.
وقف جحا وفكّر ثم قام بإخراج كيس من جيبه وسأل الجزار: ما ثمن اللحم الذي اشتراه صديقي منك؟، قال له الجزار: أنا أريد منه ثلاثة دنانير، فأعطاه جحا المبلغ وقال له: خذ يا سيدي هذا حقك، نظر الموجودين وقال أحدهم: جحا صديق مخلص لقد أنقذ صديقه من الورطة، وقال شخص آخر: لقد كان الجزار والرجل سيذهبان للقاضي.
وعندما دفع جحا الدين سار هو وصديقه وقال له صديقه: شكراً لك يا صديقي جحا العزيز لقد أنقذتني من ذلك الرجل اللعين، قال له جحا: أنا أشكر الله أن جعلني في طريقك كي أساعدك، وقام صديقه بدعوته لمنزله وقال له: تفضل يا جحا بزيارتي فبيتي قريب من هنا، قال له جحا: أعذرني يا صديقي دع ذلك ليوم آخر فأنا لدي بعض الأعمال أريد إتمامها.
عاد جحا لمنزله وعندما رأته زوجته نظرت له باستغراب وقالت: ما بك يا جحا عدت ولم تحضر للمنزل أي شيء من الحاجات، قال لها جحا: لقد قمت بتأجيل شراء الحاجات لأنني دفعت ما معي لإنقاذ صديقي فقد كان في ورطة، وبعد مرور الأيام صادف جحا صديقه الذي قام بإنقاذه وقال لجحا: أين أنت يا جحا أنا كنت بانتظارك طيلة هذه الأيام كي تزورني لأرد لك مالك، ها أنا الآن أدعوك لزيارتي، ولكن جحا اعتذر وقال له: أنا أعتذر منك فليس لدي أي وقت لزيارتك لدي الكثير من العمل فليكن ذلك لوقت آخر.
ذهب جحا ومضت الأيام وعاد صديق جحا وقابله في مكان آخر فقال له صديقه: ما بك يا جحا لقد كلفت نفسي في انتظارك وجهزت لك ما علي وأنت لم تأتِ، قال له جحا في غضب: أنت تعرف مكان داري فلماذا لم تأتِ وتحضر الدين الذي لي عليك؟.
مرت الأيام وكان جحا بانتظار صديقه ليأتي ولكنّه لم يأتِ، فقرّر الذهاب لداره لكي يطلب منه الدين، وعندما اقترب جحا من منزل صديقه وجده ينظر له من النافذة، وعندما وصل جحا أغلق الشباك والباب ودخل سريعاً، طرق جحا الباب فسألت زوجة صديقه: من الطارق؟، قال لها جحا: إذا لم يكن لدى صديقي مانع فأنا قادم لزيارته، فأجابت زوجته: صديقك خرج من المنزل قبل قليل وهو سيتأسف عند علمه بزيارتك وهو غائب عن المنزل، فأجابها جحا: حسناً ولكن قولي له إذا أراد الذهاب خارجاً المرة القادمة فلا ينسى رأسه في النافذة كي لا يظنّه النّاس أنّه في البيت ويقوموا باتهامه بسوء الخلق وأكل حقوق الناس.